بعد نضال دام أكثرمن خمسين عاما في بلاط صاحبة الجلالة توج الصحفيون جهودهم بإنشاء نقابة لهم تحديدا في عام1941 م, وقد بدأت الفكرة عام1891 م حين طالبت بها أعرق الصحف وهي جريدة الأهرام الغراء, وبعد صدور قانون لإنشاء النقابة بات أمام أصحاب القلم أزمة في إيجاد مقر لهم فقدم الأستاذ محمود أبو الفتح شقة كان يستأجرها لتصبح أول مقر نقابي الا أنها ضاقت بما رحبت من أبناء المهنة الذين لفت نظرهم قطعة أرض فضاء مجاورة لمبني نقابة المحامين وبعد التقصي اتضح انها تحت سيطرة الاحتلال الإنجليزي آنذاك يستخدمها كمخيمات للجرحي, ولم ييأس الصحفيون وقاموا بتوجيه إنذار للقوات البريطانية بالقاهرة لإخلاء تلك الأرض وكانت المفاجأة أن استجاب الإنجليز لمطالب الصحفيين المصريين وقرر النقراشي باشا حينئذ تمويل إنشائها.. وتعد هذه الواقعة أولي المعارك التي خاضتها النقابة ورضخ لهم الإنجليز بجلالة قدرهم وكان هذا أول برهان علي قوة الصحفيين وصمودهم ووحدتهم. ثم توالت المعارك بداية بمجلس النواب الذي اقتد غيظه من مطالب الصحفيين بالموافقة علي ممارسة العمل السياسي لتنتهي تلك المعركة أيضا لصالحهم فتنفرد نقابتهم بشأن لا يتاح لبقية النقابات في مصر, ثم معركة الرقابة وحرية الصحافة.. وانتصرنا أيضا الي أن أصبحت الصحافة السلطة الرابعة في المجتمع لما لها من دور بارز في فضح الفساد ورصد المشاكل وتعبئة الرأي العام وكشف الحقائق.. الخ وسميت مهنة البحث عن المتاعب بعد أن قدم أبناؤها الكثير من التضحيات في الحروب والكوارث فضلا عن الزج بالعديد منهم في المعتقلات والسجون أو التعرض لإصابات أثناء تغطية المظاهرات والثورات مثلا لنقل الأحداث للمواطنين وهم في منازلهم آمنين. وبعد تلك الرحلة السريعة في تاريخ النضال الصحفي تطأ بيادات جنودالداخلية- بلاط صاحبة الجلالة وقلعة الحريات التي اتخذها العديد من فئات الشعب منبرا للتعبير عن آرائهم في يوم الأحد الأسود كسابقة لم تحدث قط, ولا يمكن أن نطلق علي مثل تلك الفعلة الحمقاء الا أنها تهور أهوج يهز مكانة مصر أمام العالم الخارجي الذي اعتبر هذا العمل قمعا سافرا للحريات بعد ثورتين. وبالفعل تناقلت هذا الخبر الفج معظم وكالات الأنباء العالمية بشكل مخز, ولست أدري من المسئول عن تشويه صورة الوطن أمام العالم ؟ بل ومن المسئول عن نزع فتيل الفتن بين جموع الصحفيين ؟ ومن المسئول عن الاحتقان الذي بات يتزايد يوما تلو الآخر إثر تلك الممارسات غير المدروسة من بعض رجال الداخلية ؟ ان هذا الحدث أيقظ اعضاء النقابة وجعلهم علي قلب رجل واحد رغم اختلافاتهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية المغايرة فلماذا تصنعون عداءات مجانية ولصالح من ؟ ونحن جميعا نعلم أن كل مهنة بها الصالح والطالح سواء الإعلام أو الداخلية ولكن مصر تعاني أزمة عصرية تحتاج الي تريث وتمهل قبل القفز الي تحقيق الخطوات حتي ولو كانت صحيحة. بات الأمر خارجا عن أيدينا حين ألحقتم بنا الإهانة بإقتحامكم بيتنا الكبير, في ليلة بكي فيها الصبر واعتل العدل, ولم يكن زئيرنا مجرد عنجهية أو عنطزة فئوية كما رمانا البعض ولكنه غيرة علي هذا البلد وعلي صورته وعلي نخوتنا أزاء مهنتنا التي نحملها علي عاتقنا ليل نهار متشحين بالفخر متحلين بالصبر علي مشاقها, ووضعنا في مأزق كيف نحتفل بماسية النقابة أو بعيد العمال أو بأعياد الربيع وأنتم مصرون علي إيلامنا وضغطنا, نعلم جيدا أنه لا أحد فوق القانون ولكن لكل مقام مقال واجراءت ودساتير وأعراف وهكذا هي الشعوب المتحضرة فالدنيا لا تؤخذ بالهمجية أو البلطجة ولم يتبق أمامنا سبيل الا الصمود لتحقيق وحدة الصف الي أن نسترد كرامتنا المهدرة حينها فقط يمكن لنا أن نتنفس الصعداء وأول الغيث إقالة وزير الداخلية الذي يسيء للحكومة والنظام بأسره نتيجة أفعاله, أقول قولي هذا وأجري علي الله عز وجل. ع الهامش: لا يعني كل ما سبق أنني لا أدين نشطاء السبوبة الذين حولوا مقر النقابة الي مقهي شعبي للتفريج عن النفس ومداولة الأفكار المسمومة ولكن الحساب يبدأ بالكبير وصولا الي الصغير وليس العكس, وأخيرا احذروا غضب الصحفيين فوحدتهم سلاح قاتل في صدر أي معتد مهما كانت حيثياته والتاريخ يشهد. [email protected]