"لابد أن تتعاملوا مع الاتفاق على إنه ثمرة لنضالكم وأن تبنوا عليه وإلا فإنكم تعلنون هزيمة مجانية"، كانت هذه رسالة الزميل يحيي قلاش لكاتب هذه السطور - على هاتفي المحمول - وقت أزمة جريدة الدستور الشهيرة وبعد الاتفاق الذي عقدته النقابة مع مالك الصحيفة لحل أزمة 120 صحفيا اعتصموا بالنقابة لمدة تزيدة عن الأربعة أشهر، رسالة قلاش كانت تحمل نصيحة لكيفية تعاملنا مع الاتفاق الذي رفضه أغلب صحفيي الدستور وقتها، فهكذا كان دائما، حاضرا وناصحا وقائدا وموجها في كل المعارك التي خاضتها الصحافة وفي كل الأزمات التي مر بها الصحفيون، يتحاور مع شباب المهنة بخبرة نقابي محنك وقدير وبروح متجددة ومتطورة تدرك كل المتغيرات التي مرت بها المهنة وتحتوي غضب وتمرد الشباب على أوضاع مهنتهم. نقابيا كنا – وما زلنا - نتعامل معه على أنه "مؤرخ المهنة"، فلا سؤال لدينا ليس له رد جاهز عنده مع ملاحظة أن رده مدعم دائما بأدلة من تاريخ المهنة، يحكي لنا طوال الوقت عن مواقف الكبار في بلاط صاحبة الجلالة، لا يتوقف عن حكاوي وقصص الأساتذة، ينقل بها خبراته للشباب، كامل زهيري وجلال عارف ورجائي الميرغني وغيرهم، يضحك من كل تعليق يخرج من فم الشباب، لا يسخر من لغة الشباب بل يتفاعل معها، يبتسم أحيانا، و يرد في أحيان أخرى بطريقة توحي بطلب المزيد من هذه اللغة. النقابة هي كل حياته، مشكلات المهنة شغله الشاغل، تردده على النقابة منتظم بصرف النظر عن كونه عضوا بمجلس النقابة أو مستقيلا احتجاجا على فساد بداخله. أشهد أن يحيى قلاش هو أستاذي في العمل النقابي، وهو الذي تبنى جيلا كاملا من شباب الصحفيين وظل دائما يطالبهم بالاهتمام بشئون النقابة وشئون المهنة "لأن المهنة لن تتقدم بدون مشاركة كل أبنائها في أزماتها" وأشهد أنه لم يخذلني – أو يخذل جيلي – أبدا فقد كان حاضرا معنا دائما بالوقت والجهد والنصيحة والمتابعة، وأشهد أنه يملك حلولا لكل أزمات المهنة ويمتلك برنامجا رائعا لمشكلاتها المعقدة، الأجور وعلاقات العمل والاستقلال المالي للنقابة والخدمات والمعاشات والأجور والحريات الصحفية وغيرها. ليست هذه المقالة سوى شهادة حق لصالح أحد كبار النقابيين وأحد الذين يستحقون موقع نقيب الصحفيين ليس فقط لأنه يمتلك خبرة نقابية كبيرة ورائعة وتاريخ مشرف ومحترم ورؤية مستقبلية ناضجة وواقعية ولكن لأنه أحد الأساتذة الذين تبنوا جيلي – نقابيا – وقد أصبح من العدل أن يصبح قلاش على رأس نقابة الرأي والحرية. صوتي الأربعاء القادم ليحيى قلاش وأظن أن أصوات الغالبية العظمى من جيل الشباب الذي ينتظر بناء المهنة على أسس جديدة ستكون لصالحه.