تكثيف جهود النظافة والتجهيز لاستقبال عيد شم النسيم وأعياد الربيع في المنيا    فيديو.. شعبة بيض المائدة: لا ارتفاع في الأسعار بسبب شم النسيم    ورش عمل مكثفة لمديريات الإسكان حول تطبيق قانون التصالح في بعض مخالفات البناء    إصابات بين المدنيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    حمدي فتحي: استحقينا التتويج بكأس قطر.. ولا أرى صعوبة في المنافسة على الدوري    حسام عاشور: رفضت الانضمام للزمالك.. ورمضان صبحي "نفسه يرجع" الأهلي    البحيرة: ضبط 240 كيلو دهون غير صالحة للاستهلاك و4 مخابز لتصرفهم في 95 شيكارة دقيق بلدي    البحر الأحمر تستعد لأعياد شم النسيم بتجهيز الشواطئ العامة وارتفاع نسبة الإشغال في الفنادق إلى 90%    العثور على جثة عامل ملقاة في مصرف مياه بالقناطر الخيرية.. أمن القليوبية يكشف التفاصيل    إيرادات فيلم السرب تتخطى 9 ملايين جنيه.. وشقو يقترب من 63 مليون    أخبار الأهلي: شوبير يكشف عن تحديد أول الراحلين عن الأهلي في الصيف    استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    تبدأ من 5 جنيهات.. أرخص 10 أماكن «فسح وخروج» في شم النسيم 2024    ضبط سيارة محملة ب8 أطنان دقيق مدعم مهربة للبيع بالسوق السوداء بالغربية    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع اليمين واليسار ..
أزمة البرازيل بين خطايا النظام والمعارضة المتربصة

بمجرد تصويت مجلس النواب البرازيلى بأغلبية كاسحة بالموافقة على عزل ومساءلة الرئيسة ديلما روسيف ندرك على الفور أن هذا القرار جاء تزامنا مع قرار الرئيسة بتطهير القطاعات العامة فى الدولة من الفساد والذى بدأ منذ 2011 وأكدت عليه فى ديسمبر الماضى، ومن هنا يمكننا أن نفهم ما يحدث من إنقلاب أبيض فى البرازيل ،حيث الأغلبية البرلمانية متهمه معظمها بقضايا فساد وإخفاء أموال فى الخارج، وسوء استخدام السلطة.
ولا شك بأن التورط فى الفساد هو بمثابة جريمة جنائية تؤدى ليس فقط إلى الحرمان والعزل من المنصب الرئاسى بل المحاكمة العاجلة ، كما حدث مع فرناندو كولور فى عام 1992. اليوم الأمر مختلف فمن يحاكمون الرئيسة ديلما روسيف لم يستطيعوا أن يقدموا أى سند قانونى لاتهامها بجرائم فساد، بل على العكس، فهى تساعد دائما فى تيسير مسار التحقيقات ، وتفعيل لجنة مكافحة الفساد التى أنشأها الرئيس السابق لولا دا سيلفا إبان فترة ولايته الثانية.
أضف إلى ذلك أن هناك مشكلة تخص شرعية مجلس النواب نفسه حيث تراكم بلاغات الفساد ضد أعضائه، فضلا عن إكتشاف العلاقات بين التمثيل السياسى والآليات الغير قانونية للتمويل السياسى.
بالطبع فإن إتهامات ديلسيديو أمارال سيناتور مجلس الشيوخ السابق للرئيسة روسيف ليس لها اى سند قانونى بل مجرد وشايات وأقوال متناثرة ، ولكن تم استغلال نقطة الخلاف التى استمرت لأعوام بين ديلما روسيف وإدواردو كونيا رئيس مجلس النواب -فى إطار حربها على الفساد - بشكل عام ، ففى عام 2011، انهت الرئيسة ديلما روسيف سيطرتة الفاسدة على ادارة شركة فورناس الأمر الذى أدى الى العداء والرغبة فى الإنتقام. وفقاً لهذا عملت المعارضة اليمينية على البحث عن جريمة تحت مسمى المسئولية ليتم سيناريو العزل .
الجميع فى البرازيل يعلم أن الحليف الرئيسى لميشيل تامر هو إدواردو كونيا وهما من أبناء الحزب الواحد -الحركة الوطنية الديمقراطية -، الذى قام بتبنى اجراءات الإقالة بعد وقت قصير من قرار نواب حزب العمال بالتصويت لصالح عملية فتح قضية ضد -كونيا- بتهمة الفساد من خلال لجنة الأخلاقيات فى مجلس النواب فى 12 ديسمبر 2015، على خلفية قضايا فساد وإخفاء حسابات فى الخارج.
بالتالى كانت خطيئة روسيف، أنها لم تقم بإخفاء وإنهاء التحقيق مع كونيا، والخضوع لابتزازه. فى هذا السياق، أصبح الابتزاز مألوفا فى العلاقات بين الكونجرس والسلطة التنفيذية، حيث أن تلك القضية أصبحت مسألة حياة أو موت بالنسبة لكثير من أعضاء الكونجرس الفاسدين.
كان تفكير اليمين أنه من الصعب أن يتم إتهام ديلما روسيف فى قضية فساد، ولكن فى الوقت نفسة يجب ان يتم إيجاد حجة لإبعادها لكى تتوقف التحقيقات والبحث عن الفساد بأى شكل من الأشكال،وإنهاء التحقيقات فى القضايا المثارة، وعلى طريقة أن " للشر أبوابا كثيرة "كان الاتهام فى قضية العزل بسبب أمور متعلقة بميزانية عام 2015، وليس له أى علاقة بالتنقلات المالية التى حدثت فى عام 2014.
فإذا كان هذا الاتهام إدانة لروسيف ويستوجب العزل فينبغى وفقاً لذلك توجيه الاتهام لأكثر من 16 من الرؤساء السابقين بنفس الجريمة ، وكذلك لنائب رئيس الجمهورية ميشيل تامر. فإذا حدث ذلك لما أستطاع فرناندو انريكى كاردوزو ولولا دا سيلفا استكمال فتراتهم الرئاسية.
فى أحداث ومظاهرات 18 مارس الماضى، كما يقول أساتذة علوم الاتصال والإعلام، انتهت المسرحية الهزلية لأجهزة وسائل الإعلام التى تمثلت فى تقارير واسعة عن حيادية كاذبة لمظاهرات الشوارع ، فقد تم التعتيم على المظاهرات المؤيدة لبقاء الرئيسة ديلما روسيف.
وقد انهت أيضا مهزلة الأخبار التلفزيونية التى اعطت 30 ثانية لكى يتحدث من هو ضد الانقلاب و10 دقائق لكى يتحدث من هو مع الانقلاب. الأن لا يوجد حتى ثانية لمن يدافعون عن مسار الديموقراطية ، مما يؤكد أنه ليس هناك إعلام محايد بل هناك أجندات أولى بالتنفيذ.
كما يبدو أيضا أن تمثيلية إلقاء القبض على كبار الشخصيات المتورطين فى أعمال فساد فى بتروبراس قد أنتهت أيضا، وكل هذا من أجل إظهار الحياد فى مطاردة حزب العمال وزعيمة التاريخى لولا داسيلفا لتشويه سمعته كإجراء احترازى خوفاً من ترشحه فى انتخابات 2018 . بالإضافة إلى كبار الشخصيات الذين قاموا بالاعتراف والمساعدة وإرجاع مبالغ تعتبر قليلة جداً أمام ما سرقوه ليتم التصالح ، ويتمتعون الأن بالحياة فى قصورهم الفخمة،بالإضافة إلى فتح قضايا سابقة قد تم الحكم فيها بعيدة كل البعد عن بتروبراس.
فى هذا السيناريو الذى رسمه تيار اليمين القائم على جماعات المصالح ، تراجعت ميول المقرضين والمستثمرين الأجانب لتمويل العجز البرازيلى ، ونظرا للتغيرات فى مجال التمويل الدولى والتصور الحالى للتجاوزات البرازيلية، ومناخ عدم الثقة فقد انعكس كله على انخفاض قيمة الريال البرازيلى مقابل الدولار.
إن الاقتصاد الوطنى البرازيلى فى تطوره خلق حول نفسه نوعاً من المناعة إلا أن هذا لا ينبغى أن يخلق ايضاً اوهاماً فالاضطرابات الأخيرة التى قادتها المعارضة اليمينية المتربصة خير مثال على أن المستثمرين الأجانب ينظرون للبرازيل على انه بلد يمر بحالة من المخاطر وهذا بحد ذاته قد يجعلهم وبشكل مفاجئ يقللون من ضخ أرصدتهم فى الأسواق البرازيلية.
يقول المفكر البرازيلى البارز فلاديمير بومار، إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للمجتمع البرازيلى والمرهونة بقرار مجلس الشيوخ إما أن يستمر نفس الأسلوب ونفس التخطيط للقضاء على المكاسب الديمقراطية والاجتماعية المتمثلة فى دستور عام 1988 أو ان يتم الإطاحة بحزب العمال وزعيميه لولا دا سيلفا وديلما روسيف من المشهد السياسى ، بالاضافة إلى الآثار السلبية على اليسار البرازيلى بأكمله.
على كل حال أصبح اليسار وبالأخص حزب العمال مضطرا للقيام بجهد كبير، من خلال إجراء مراجعة سياسية حتى يتمكن من تعديل سياساته، والتى تتمثل فى إعادة تحديد استراتيجياتة "الاشتراكية الديمقراطية" ، ووضع أساليب تعطى أولوية للدفاع عن الحقوق الديمقراطية والاجتماعية، وإعادة هيكلة نظامه المؤسسى.
فإذا لم تحدث هذه التعديلات سينتصر اليمين لا محالة. وفى هذه الحالة ربما يحتاج اليسار إلى عقد من الزمن أو أكثر لإعادة تجميع الصفوف مرة أخرى كقوة حقيقية وقوية.
وعلى الرغم من أن تلك التوقعات قد تكون تشاؤمية، ولكن يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ان فوز الديمقراطية ضد فرضية الاقالة هو امر محتمل وممكن، فاليمين المحافظ يمتلك العديد من المقومات، مثل الأموال ، ووسائل الإعلام، والبرلمانيين، لمواصلة تحقيق هدفه الأسمى وهو تصفية حزب العمال ووزعيميه لولا دا سيلفا وديلما روسيف ، وتدمير ما تبقى من اليسار فى أقرب وقت ممكن.
وحتى إذا لم تتم إقالة روسيف ، سيتحتم على الحكومة اليسارية ان تعمل على أن تنال ثقة النظام المالى والعمل على احداث تغيير جذرى فى السياسات الاقتصادية. وهذا هو الطريق الأسلم للقيام بمبادرة سياسية لمواجهة الهجوم اليميني، وإذ لم يحدث ذلك ، فإن سيناريو الاقالة مجرد وقت ليس أكثر.
لإيضاح صورة الأزمة السياسية فى البرازيل فى إطار التفاعلات الدولية يقول الفيلسوف لوناردو بوف أن ما يحدث فى البرازيل هو أزمة جيوسياسية ، ففى السياق العالمى هناك رغبة من الولايات المتحدة نفسها وأوروبا لإنهاء الحكومات التقدمية التى رفعت المستوى الإجتماعى وحاربت الفقر ،وأعادت الطبقة الوسطى، وحققت العدالة الاجتماعية، وحافظت على الديمقراطية وتنتهج سياسة الإستقلال، وهناك الآن موجة اليمين الذى انتصر بالفعل في الانتخابات الرئاسية فى الأرجنتين وفى الانتخابات التشريعية بفنزويلا ومعظم دول أمريكا اللاتينية،والآن يحاول أن يسيطر على البرازيل.
ويضيف" بوف " أن البرازيل أصبحت بالفعل هدفاً لاستراتيجية عالمية ولاسيما الشركات الكبرى والنظام المالى والحكومات المركزية، والضغط المستمر للعودة إلى السياسات الليبرالية الجديدة، والقضاء على هذا النوع من الديمقراطية الاجتماعية التى نفذها لولا دا سيلفا وديلما روسيف.
ويقول "بوف " يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد فرغت من استراتيجية الربيع العربى وتطبيقها فى الشرق الأوسط واستدارت إلى حديقتها الخلفية ، حيث البرازيل بشكل خاص وأمريكا اللاتينية بشكل عام لزعزعة استقرار الحكومات التقدمية ومواءمتها لاستراتيجيات عالمية.
الشاهد .. إن ما يحدث فى البرازيل الآن ليس انقلابا عسكرياً كالمعتاد فى دول أمريكا اللاتينية، ولا هو ثورة شعبية لها مطالب مشروعة، بل هو إنقلاب أبيض (مؤسساتى) أى يمر عبر مؤسسات الدولة، بما فيها مؤسسة الرئاسة من خلال ميشيل تامر نائب الرئيسة، ومؤسسات التشريع مجلسى النواب والشيوخ ، علاوة على المؤسسات المالية ورجال الأعمال ووسائل الإعلام ،للعودة إلى النظم الرأسمالية والليبرالية التى تحقق أهداف جماعات المصالح والتى تخدم سواء بحسن نية أو عن عمد استراتيجية البقاء تحت سيطرة نظام عالمى احادى القطبية يهدف إلى تقويض أنظمة وطنية تعتمد على استقلال القرار الوطنى وتعمل على الخروج إلى عالم متعدد الأقطاب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.