فى 18 إبريل الحالى تعقد الانتخابات التمهيدية فى ولاية نيويورك والتى تعول عليها هيلارى كلينتون الكثير على طريق الفوز بترشيح الحزب الديمقراطى الأمريكى لانتخابات الرئاسة الأمريكية، إلا أن منافسها الدءوب بيرنى ساندرز أصبح يقترب منها كثيراً، وربما تحدد نتيجة نيويورك اتجاهات الكفة التى ستربح بترشيح الحزب الديمقراطي. هناك الكثير يمكن أن يقال عن عملية الانتخابات الأمريكية التمهيدية التى تجرى الآن فى أمريكا أهمها أن السموات المفتوحة تمكن العالم من متابعتها لحظة بلحظة وساعة بساعة. فى الماضى كنا نتابعها فقط بعد إعلان الحزبين الجمهورى والديمقراطى عن مرشحيهما لخوض انتخابات الرئاسة أما الآن فالوضع رائع، متابعة مستمرة لكل من يهوى هذه الانتخابات. والمتابع يجد أن (المذهلة) هيلارى كلينتون قد تربعت على عرش الديمقراطيين وعلى وشك أن تحصد عدد المندوبين الضرورى لتأمين حصولها على ترشيح الحزب الديمقراطى للرئاسة. فقد حصدت حتى الآن على أكثر من دعم 1700 من المندوبين السوبر فى مقابل أكثر من ألف ومائة يؤيدون بيرنى ساندرز. والرقم المطلوب لتحقيق ترشحها رسمياً فى مؤتمر الحزب الديمقراطى العام المزمع عقده فى فيلادلفيا فى اغسطس القادم هو 2240 مندوبا ومندوبة. هناك نوعان من المندوبين : العاديون ويختارهم الناخبون فى هذه المرحلة والمراحل الأولى من الانتخابات الأولية، أما المندوبون فوق العادة- أو ما يسمى «بالمندوب السوبر» فيتم اختياره مسبقا وهم معروفون وهم من الشخصيات العامة والتى لها ادوار مهمة فى كل مستويات الحياة فى أمريكا. قال بعض المعلقين المخضرمين إن خطابها فجر الأربعاء 16 مارس بتوقيت القاهرة يمثل (خطاب النصر) ودعمت خطابها بقولها أن من يفوز بالرئاسة الأمريكية ويدخل المكتب البيضاوى بالبيت الأبيض رئيساً يؤثر على حياة الناس جميعاً على طول وعرض الكرة الأرضية، وليس فقط فى أمريكا. وعلا صوتها ضد المرشح الجمهورى الأوفر حظاً دونالد ترامب والذى حصل حتى الان على دعم أكثر من 700 من المندوبين والمندوبات، وتصادف مع هجوم الرئيس الأمريكى أوباما عليه، وكذلك كبيرة المهندسين سابقا فى احد أبراج ترامب العملاقة بنيويورك فى برنامج أمانبور على ال«سى أن أن« معلنة أنها ستصوت فى صالح كلينتون. للفوز بترشيح الحزب الجمهورى ترامب فى حاجة إلى دعم 1237 من أصوات المندوبين والمندوبات. وقالت عن ترامب لابد أن يتمكن القائد الأعلى من حماية أمريكا وليس إحراجها، التعامل مع الحلفاء وليس إبعادهم، هزيمة أعدائنا وليس تقويتهم. حين نرى مرشحا للرئاسة يطالب باعتقال 12 مليون مهاجر، منع كل المسلمين من دخول الولاياتالمتحدةالامريكية ويدعم التعذيب، هذا لا يجعل منه رجلا قويا بل يجعل منه رجلا مخطئا. فى حال فوز هيلارى كلينتون بالرئاسة، وهو أكثر من وارد، سوف تدخل التاريخ ويسجل لها أنها أول امرأة تتولى رئاسة أكبر دولة فى العالم، ولن تكون رئاسة شكلية تحركها أصابع الماريونات واصحاب المصالح، فهى ليست دمية، لأنها تمثل توليفة متكاملة من دعم الأقليات وعددا لا بأس به من أصحاب المصالح و رجال المال والأعمال هى باختصار تمثل أمريكا كلها و ليس قطاعاً بعينه. ثم هى نصيرة المرأة وقطاعات مهولة من الأمريكيين الأفارقة والأمريكيين المتحدثين بالإسبانية، والأمريكيين المسلمين الذين اقصاهم ترامب، كما أغضب الأمريكيين من أمريكا اللاتينية حين كرر فى أكثر من مناسبة عزمه على بناء حائط على الحدود مع المكسيك يمنعهم من دخول البلاد. ومن بين القضايا التى عالجتها كلينتون بدقة شديدة قضية التعليم الجامعى للشباب مؤكدة أنهم فى حاجة إلى رئيس لا يدفعهم إلى الاقتراض للذهاب إلى الجامعة مشيرة إلى هذا العبء الكبير على الشباب. ومنحها تقدمها على بيرنى ساندرز زخماً وروحاً جديدة تخطت الخوف من المنافسين ومن أصحاب النفوذ مشيرة إلى أن المرشحين يقدمون وعوداً ولكن عليهم أن يكونوا مباشرين وواضحين حول هذه المشروعات و تكلفتها وكيف يمكن تحقيق ذلك، مؤكدة أن هذا هو الفارق بين أن تكون مرشحاً للرئاسة عكس أن تكون رئيساً. نأتى إلى قضية الشرق الأوسط والأغلبية من المثقفين يعتقدون أن هيلارى ستكون سيئة وستنحاز إلى إسرائيل، أنا أقول ربما تنحاز إلى إسرائيل ولكنها لن تكون سيئة بالدرجة التى يراها المثقفون، لماذا؟ لأن هناك ثوابت فى السياسة الأمريكية أهمها أن المصالح أهم من المبادئ التى هى جوهر الحياة الأمريكية، ومن ثم فإن أى رئيس أمريكى سيتخذ ما تمليه عليه مصالح بلاده. لكن هنا أذكر أنه عندما بدأت عملية الانتخابات الرئاسية سرّب البعض عددا كبيراً من الرسائل الإلكترونية لمعاونى كلينتون وهى وزيرة للخارجية فى محاولة لكسب اللوبى اليهودى على حسابها وتدعيماً لبيرنى ساندرز، لماذا؟ لأن كل هذه الرسائل كانت تحث هيلارى على اتخاذ مواقف موالية للشعب الفلسطيني، ومع ذلك لم يؤثر هذا التسريب على حملة كلينتون الانتخابية فحين تعذرت فى ولاية ميشيجان كان بسبب سياسات اقتصادية داخلية بحتة. ورغم المعانى الإيجابية لهيلارى المذهلة إلا أنها تحمل معها المعانى السلبية لكلمة المذهلة فقد صدمتنا جميعاً وأذهلتنا بحديثها أمام اللجنة الأمريكية-الإسرائيلية للعلاقات العامة (أيباك-اللوبى اليهودي) وبتحيزها لإسرائيل وبضراوة شرسة حين أكدت أنه لا تفاوض فى قضية أمن إسرائيل. لابد أن نسجل أن منافسها ساندرز لم يتحدث أمام أيباك وعندما سئل عن الشرق الأوسط قال إن من يبنى مستوطنات على غير أرضه عليه إعادة الأرض لأصحابها. ورغم ذلك، والتسجيل السلبى لها فى موقفها هذا، فربما كان أكثر ما هو جاذب فى حملتها شعار الحملة «تحارب من أجلنا» و«هيلارى من أجل أمريكا». ورداً على شعار بيرنى ساندرز «مستقبل نؤمن به» اختتمت أول خطاب من خطابات النصر فى فلوريدا بقولها: «إن أفضل أيام أمريكا أمامها، سوف نواجه كافة التحديات معاً، وإذا أكملنا المسيرة وانتصرنا فى نوفمبر، فأنا على يقين من أن المستقبل سيكون أكثر إشراقاً، والغد أفضل من الأمس». لمزيد من مقالات هدايت عبد النبى