هدوء حذر.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة وعيار 21 الآن يسجل هذا الرقم    البيت الأبيض: بايدن سيستخدم الفيتو ضد مشروع قانون يلزمه بإرسال الأسلحة لإسرائيل    بوتين: العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة    سلمان رشدي: محاكمة ترامب في قضية منح أموال لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية قد تفضي لسجنه    بعد توقف مولدات الكهرباء.. خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة    "ديانج خارج الأهلي".. شرط وحيد لرحيل بيرسي تاو هذا الصيف عن القلعة الحمراء    بسام وليد: أتمنى استمرار أحمد عيد عبد الملك في قيادة غزل المحلة    أبو مسلم عن مواجهة الترجي: الأهلي متمرس في الفوز بالنهائيات والجميع يهابه    عاجل - الثانوية العامة 2024 "اعرف جدول امتحاناتك"    ميريل ستريب تحصل على السعفة الذهبية الفخرية في نسخة مهرجان كان لعام 2024    على خطى زاهي حواس، وسيم السيسي: التاريخ لم يثبت أن الله كلم موسى فوق جبل الطور    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    تقسيم الأضحية حسب الشرع.. وسنن الذبح    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    اليوم، الحكم على المتهم بدهس طبيبة التجمع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 مايو في محافظات مصر    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    سمسم شهاب يترك وصيته ل شقيقه في حال وفاته    المالية تزف بشرى سارة للعاملين بالدولة بشأن مرتبات شهر يونيو    عضو بملجس محافظي المركزي الأوروبي يرجح بدء خفض الفائدة في اجتماع الشهر المقبل    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    الأزهر يعلق على رفع مستوطنين العلم الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    مواعيد الخطوط الثلاثة لمترو الأنفاق قبل ساعات من بدء التشغيل التجريبي للمحطات الجديدة    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    محافظ المنوفية يبحث مع رئيس الجامعة تعزيز أطر التعاون لدعم خطط التنمية المستدامة بالقطاعات الخدمية والتنموية    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيادة القانون...بين القتل والإعدام والاغتيال الطائر
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 03 - 2016

من المفارقات التى يعيشها عالم اليوم وتدعو إلى تساؤل العقل وتعجب الفكر ذلك التناقض السائد دوليا فى الموقف من مسألة القتل، والإعدام، «والاغتيال الطائر». يدينون القتل لكنهم يرفضون عقوبة الإعدام ثم يتغاضون تماما عن جرائم الاغتيال الطائر.
القتل جريمة يرتكبها الأفراد ويعاقبون عليها. الإعدام «قتل» تقوم به الدولة تنفيذا لحكم قضائي، أما الاغتيال الطائر فهو قتل تقوم به الدولة دون حكم قضائى وبلا ضمانات محددة. فى الحالات الثلاث يفقد الإنسان حياته وينعدم وجوده لكنها تختلف تماما من النواحى القانونية والإنسانية والأخلاقية وفى العلاقة بين من يقتل ومن يقُتل، وفى نفس الوقت يجمع بينها أنها جميعا لابد أن يحكمها مبدأ واحد هو سيادة القانون وإستقلال القضاء فالقانون، هو الذى يحدد ما يعتبر جريمة ويحدد العقوبة المقررة لكل فعل، كما يحدد أيضا طريقة تنفيذ العقوبات، تصدر الأحكام طبقا لما جاء به القانون ويتساوى أمامه جميع المواطنين. القتل يعنى أن فرد أو جماعة يقومون بوضع نهاية لحياة آخرين وهو جريمة تدينها وتعاقب عليها قوانين الدول تختلف دوافعها وأساليبها ووسائلها وتختلف أيضا العقوبات المقررة لها.
هناك جرائم ترتكب بدافع السرقة أو الانتقام أو الثأر أو دوافع عاطفية أو سياسية.. هناك القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والقتل الخطأ والدفاع عن النفس كلها يعاقب عليها. قد تختلف العقوبة حسب ملابسات الجريمة سن الجانى أو حالته العقلية. وهناك اليوم «القتل الرحيم» الذى تصرح به بعض الدول. وتعتبر الحروب والنزاع المسلح أسوأ أنواع القتل الجماعي. تقوم على القتل والتخريب وإبادة جماعية. أحيانا لا تكون هناك علاقة بين القاتل والقتيل الذى يلقى حتفه على يد من لا يعرفهم، ذنبه الوحيد أنه ينتمى لجماعة مختلفة سياسيا أو عرفيا أو دينيا.. ويعتبر القتل بسبب اختلاف العقيدة الدينية أو المذهب من أسوأ كوارث العصر الحالى وأكثرها عنفا وقسوة وشراسة تتضمن التمثيل بالجثث وحرق الأطفال. هذه الجرائم تلاقى عادة أقسى العقوبات بعضها الأشغال الشاقة المؤبدة وبعضها الإعدام.
الإعدام: عقوبة، تعنى الحكم على شخص بالعدم أى الحرمان من الحياة بناء على حكم قضائى وبسبب ارتكابه جرائم خطيرة ينص عليها القانون. ويحدد عقوبتها وطريقة تنفيذها فى إطار ضمانات محددة.
والعالم الذى يطلق على نفسه المتقدم ذ وهو كذلك فى بعض الأمور يدعو إلى إحترام مبدأ سيادة القانون لكنه يوجه اللوم إلينا عندما نلتزم بذلك المبدأ.. والتهمة الجديدة والحديثة التى يرددها المتربصون الذين يفتشون عن أخطاء أو ما يتصورون أنها كذلك... هى تلك الحملة ضد مصر بسبب الأحكام التى تصدر بتوقيع عقوبة الإعدام على بعض من ارتكبوا جرائم المقرر لها بالقانون هذه العقوبة. من هنا أصبح الأمر يقتضى الإشارة إلى عقوبة الإعدام والضمانات المطلوبة وتوضيح الفروق بين هذه الأحكام وأحكام أخرى مع توضيح موقف مصر منها فيما يتعلق بسيادة القانون والعدالة الجنائية خاصة بالمقارنة بأحكام أخرى بالإعدام تصدر خارج إطار الشرعية والقانون وأصبحت تعرف باسم الحروب الخفية للطائرات القاتلة.
نناقش هذه القضايا فى إطار مبادئ: سيادة القانون، الفصل بين السلطات، استقلال القضاء ثم الشروط والضمانات المطلوبة لضمان عدالة الحكم بهذه الجريمة وأساليب تنفيذها وقبل ذلك نشير إلى لمحة لتطور هذه العقوبة تاريخيا مع توضيح موقف القانون المصرى منها جميعا.
الإعدام هو إزهاق روح المحكوم عليه وهو عقوبة استئصالية إذ يستأصل من يطبق عليه من المجتمع على وجه نهائى لا يمكن تصحيحه أو الرجوع فيه وتعد عقوبة الإعدام من أقدم العقوبات التى عرفتها المجتمعات البشرية وقد اتسم تنفيذها فى بعض الشرائع القديمة بالقسوة والشدة وكثير من ألوان التعذيب والتنكيل بالمحكوم عليه قبل تنفيذ العقوبة وكان القاضى يختار لكل مجرم يستحق الإعدام النوع الذى يلائم جسامة جريمته ودرجة إثمه.
كان لها كثير من الأساليب القاسية مثل عجلة التكسير والسلق حتى الموت وسلخ الجلد والتشريح البطيء ونزع الأحشاء والصلب والخوزقة والسحق (حيث كان من أشكاله السحق تحت اقدام الفيل والرجم والإعدام بالحرق وتقطيع الأوصال والنشر وقطع الرأس والغرف والتعفن والتقليد بإطارات مشتعلة. كانت أفغانستان تعاقب جريمة قطع الطرق عقابا شديدا. كان يتم سجن اللصوص فى أقفاص معلقة ويتركون حتى يموتوا.
من أشكال تنفيذ حكم الإعدام ما أطلق عليه «لينج تشي» وهو يعنى التقطيع البطيء أو الموت عن طريق جرح الشخص ألف جرح وقد استخدم فى الصين من عام 900 بعد الميلاد حتى تم الغاؤه. كانت هناك وسائل وآليات لتفادى الإعدام منها التعويض المادى أو التحكيم القبلى أو «تبادل العرائس والعرسان» (الزواج) أو دفع دين الدم أو نقل الملكية... الخ وفى عصور معينة كان نظام القتال بالمواجهة والمبارزة معترفا بها خاصة بين النبلاء.
ومن أول وأشهر الوثائق التى نظمت هذه العقوبةشريعة حمورابى الذى وضع العقوبات وأنماط التعويض المختلفة لكن ليس بالتساوى إنما حسب الطبقات والمجموعات المختلفة سواء من أهالى الضحية أو مرتكب الجريمة.
وتنص التوراة على عقوبة الموت جزاء للقتل العمدوخطف الأشخاص طمعا فى فدية،والسحر. ويقر الإسلام بصفة عامة بوجود عقوبة الإعدام والقصاص. كان الخلفاءالعباسيون فى بغداد مثل «المعتضد» يتصفون بالقسوة فى عقوباتهم. مع ذلك عارض بعض الشيوخ تطبيق القتل كعقوبة. قبل ظهور نظام السجن الحديث، كانت عقوبة الموت من أكثر أشكال العقاب. فى بريطانيا عام 1700 م، كانت هناك 222 جريمة يمكن معاقبتها بالإعدام منها جرائم قطع الأشجار وسرقة الحيوانات. فعلى سبيل المثال تم شنق مايكل هاموند وأخته آن فى قرية King,s Lynn يوم الثامن والعشرين من سبتمبر لعام 1708 بسبب السرقة وكانت أعمارهما 7 و11 عاما. وبسبب هذا القانون الدموى المشين، كتب عن بريطانيا فى القرن ال 18 وأوائل القرن ال 19 أنها «مكان لا يمكن العيش فيه».
وكما تعددت وسائل تنفيذ حكم الإعدام اختلف الموقف منه من بلد لآخر ومن زمن لآخر. الصين كانت تطبقه ثم أمرالإمبراطور «تايزونج» فى عام 747 بإلغائه ثم أعيد للضرورة.
فرنسا كانت أكثر الدول تنفيذا لهذه العقوبة. أعدموا الملوك والخصوم السياسيين وقام قادة ثورتهم الشهيرة بالتخلص من بعضهم بعضا، لكنها اليوم رائدة العالم فى الدعوة إلى إلغائها. إنجلترا حيث تعددت الجرائم التى تعاقب بالإعدام تخشى اليوم مجرد محاسبة الذين يحرضون على القتل ويمارسونه أو التصدى لهم!!
لحظة اعدام صدام حسين
وعلى الرغم من تطبيق هذه العقوبة على نطاق واسع وبمنتهى القسوة، فإنه لم تكن هناك سوى مناشدات قليلة تدعو لتطويرها. فى القرن الثانى عشر، كتب دارس القانون «موسى بن ميمون»، وهو يهودى شرق «إنه من الأفضل أن يتم تبرئة ألفٍ من المذنبين على أن يحكم على إنسان بريء بالإعدام».
مع التطورات الحديثة للمجتمعات البشرية والحملة التى قادها المفكرون والفلاسفة منذ منتصف القرن ال 18 ضد هذه الوسائل اللا إنسانية أصبح تنفيذ عقوبة الإعدام بعيدا عن وسائل التعذيب وظهرت المطالبة بوسائل أكثر إنسانية كما أصبح لها ضوابط دولية.. ثم ظهرت الدعوة إلى إلغاء العقوبة.
الإعدام يطبق اليوم على 60% من سكان العالم إذ تطبقه أكثر الدول ازدحاما الصين والهند والولايات المتحدة وإندونسيا. ويطبق لجرائم القتل أو التجسس أو الخيانة أو كجزء من العدالة العسكرية. بعض البلاد، تعاقب بالإعدام الجرائم الجنسية مثل الاغتصاب والزنا وزنا المحارم، وكذلك الجرائم الدينية مثل الردة فى البلاد الإسلامية. كثير من الدول تطبقه على جريمة الاتجار بالمخدرات. وفى الصين، ينفذ لجريمة الاتجار بالبشر وكذلك فى جرائم الفساد الخطيرة. وعرفت جميع جيوش العالم، من خلال المحاكم العسكرية، عقوبة الإعدام ضد جرائم مثل الجُبُن والهروب من الخدمة أو ساحة المعركةوالعصيان والتمرد.
القضايا التى تتعلق بعقوبة الإعدام كثيرة متباينة منها ذلك الجدل حول جدواها والضوابط المقررة لصدور الحكم بها ولتنفيذها، والدعوة المعاصرة إلى إبطال العمل بها وتحريم استعمالها خاصة بالنسبة للأطفال والقصر ثم الموقف الحالى منها فى بعض الدول وقبل تناول هذه القضايا يقتضى الأمر الإشارة إلى موقف مصر بالنسبة لعقوبة الإعدام وتناوله فى إطار مبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء وأحكامه.
سيادة القانون تعنى أن القضاء يطبق كل ما جاء فى القانون الذى تصدره الهيئة التشريعية وأن كل شعب عليه أن يحترم ما جاء فى قوانينه ليس ما جاء فى قوانين دولة أخري. والأحكام القانونية بالنسبة لما يعتبر جريمة والعقاب المقرر لها تختلف من دولة لأخري.. الاختلاف بين قوانين الدول وارد فى مجالات كثيرة الأمثلة كثيرة منها ما يتعلق بالزواج والطلاق أو تعدد الزوجات أو الإرث أو التبنى أو الإجهاض أو إهانة المعتقدات الدينية أو الخيانة العظمى وتعريض الأمن القومى للخطر.
هذه الأمور،وغيرها، بعض الدول تحرمها وتجرمها وبعضها لا يفعل ذلك وتختلف الثقافات وبالتالى النصوص القانونية والأحكام بالنسبة لقضايا كثيرة تثير جدلا واسعا منها زواج المثليين، بعض الدول تسمح به بل تقننه وتحميه ودول أخرى ترفضه تمسكا بالأخلاقيات السائدة وبالتعاليم الدينية التى تحرمه فالمسيحية (رسالة بولس الرسول إلى أهل روما 1:24-28) ترفضه وينهى عنه كذلك الإسلام: ( الشعراء: 165: 166)
بصورة عامة يقرر القانون المقبول والمرفوض من بين أمور كثيرة ويقرر أيضا العقوبات والأحكام المقررة لكل جريمة ومن بينها أحيانا عقوبة الإعدام.
هذا الإختلاف بين القوانين والقواعد يعنى أنه إذا كان قانون الدولة ينص على عقوبة معينة ومنها الإعدام لبعض الجرائم فلا يلام القضاء للنطق بهذه العقوبة طالما كان ذلك طبقا للقانون وفى إطار الضمانات المطلوبة ولا يجوز توجيه اللوم لذلك الجهاز بسبب أنه حسب قانون دول أخرى فإن الإعدام عقوبة لا يصرح بها.
شخصيا لست من أنصار عقوبة الإعدام إلا فى أضيق الحدود. لكن رأيى لا يهم المهم هو ما ينص عليه القانون وضرورة الإلتزام به ولا يجوز توجيه اللوم لدولة لأنها تطبق قانونها. إن إلغاء حكم الإعدام لا يكون بالهجوم على دولة تطبقها لأن قوانينها تنص على ذلك إنما بوسائل أخرى منها القيام بحملة توعية دولية تشرح وجهة نظر الذين يدعون إلى إلغاء أو العمل على استصدار قرارات من المنظمات الدولية. وأساليب اخرى مثل القرار الذى اتخذته الدول الأوروبية بعدم قبول عضوية الدول إذا كانت تطبق عقوبة الإعدام ولا يجوز أن تكون من بين هذه الوسائل التدخل فى الشئون الداخلية للدول وهو ما تمارسه بتكرار. بعض الدول «المتقدمة» التى تريد فرض قوانينها على غيرها من الدول فى هذه القضية وغيرها.
نضرب هنا مثلا آخر بالنسبة لتنظيم ممارسة الجمعيات الأهلية لمسئولياتها وضرورة الإلتزام بالقانون ونصوص إنشائها. مصر تنبهت إلى الدور السلبى الذى تقوم به بعض هذه المنظمات واتخذت اجراءات لمحاسبتهم وعقابهم حسب القوانين السارية فى مصر لكن بعض الدول وجهت اللوم لمصر لأنها التزمت بسيادة القانون! واليوم فإن الدول التى كانت تدعو لعدم وجود قيود على هذه المنظمات تعانى مما تقوم به هذه المنظمات من أعمال إرهابية تضر بمصالح بلادها وشعوبها. وكان التأخير فى إصدار قوانين تحمى بلادهم منها سببا فى كثير من الكوارث.. نحن التزمنا بتطبيق القانون المصري.. وهم التزموا بتطبيق قوانينهم لا ندعوهم لتطبيق قوانينا ونحترم سيادة قوانينهم وعليهم أيضا احترام سيادة القوانين لدينا.
والقضاء هو ضمان العدالة وسيادة القانون. استقلاله جزء أساسى من إرساء الحكم الديمقراطى الرشيد والفصل بين وظائف الدولة (ولا أقول سلطاتها لأن السلطة تظل دائما للشعب والحكومة تمارس الوظائف وليس السلطات) هو الجهاز المؤهل لبحث ودراسة المشاكل سواء كانت بين الأفراد والدولة أو بين الأفراد والمبادئ الإنسانية الدستورية التى تقوم عليها الدول الديمقراطية وبها تتقدم الشعوب.
والقضاء المصرى من أعرق أنظمة القضاء فى العالم، سجله أكثر اتزانا وعدلا من أنظمة كثيرة وذلك حسب شهادة دولية غير منحازة إذ جاء ترتيبه الثالث بين النظم القضائية فى العالم.
حاول بعض المستعمرين أو حكام الاستبداد على مر العصور، التحكم فى القضاء المصرى وتسييسه وفشلوا. وبالأمس القريب حاولت حكومة الإخوان السيطرة على الجهاز القضائي. فصلت القضاة الذين لا يمكن أن تسخرهم لمصالحه ارادوا تطويعه وإعطاءه الأوامر لكنهم انكشفوا. والشعب المصرى يراقب أداء جهازه القضائى ويتابعه ويتأكد أنه موضوعى خالص لا ينحاز ولا يجامل وهو يرفض تدخل الحكومة فى أدائه وقراراته وهو ما يرفضه ذات العاملين فى الجهاز. ونحن إذ نرفض أى تدخل فى أحكامه وأعماله من الداخل فإننا من باب أولى نرفض تدخل أى جهاز أو أجهزة أو حكومات من الخارج.. خاصة أولئك الذين يريدون أن يلقنوا مصر العريقة درسا فى الحكم الرشيد والمبادئ السياسية والإنسانية التى يدعون إليها لكنهم لا يمارسونها. وارد أن تكون هناك أحكام لا يرضى عنها الشعب المصرى ومؤسساته «مع أنها تصدر حسب القوانين» هذه يكون تصحيحها بتعديل القانون حسب ما يطالب به الشعب ونوابه وليس ما تريده جهات خارجية.
إصلاح القضاء أمر وارد ومطلوب وإحدى المسئوليات الأساسية للمجالس التشريعية والوسيلة الأولى لإصلاح القضاء إلى جانب التنظيم الإدارى للمؤسسات القضائية هو تعديل القانون.. فالقاضى يحكم بما جاء به القانون إن كان حكم القانون عادلا كذلك يكون حكم القضاء.. ومصر تعانى انفجارا قانونيا وتراكم عشرات القوانين التى تتعارض أحيانا وكثير منها يحتاج لمراجعة وتصحيح أو إلغاء وتطوير كى تواكب المبادئ الكونية المعترف بها والنصوص الدستورية والظروف الخاصة لكل مجتمع. وقد قمنا يوما بدراسة ذلك الترهل التشريعى وطالبنا بإصدار موسوعة قانونية جديدة أسوة بما أصدره نابليون وجعل من فرنسا مركزا للقانون ومنارا للتشريع فيما هو معروف باسم Code Napoleon نحن نحتاج اليوم إلى Code Egyptوهو ضرورة سوف تستفيد منها مصر بل وأعلنت الدول التى سارت فى النهج المصرى فى تشريعاتها ودساتيرها التى أسهم أبناء مصر فى اصدارها. أيدنا فى ذلك الراحل العظيم محمد فتحى نجيب مهندس التشريع الحديث لكن فقدته مصر قبل أن يحقق الكثير من خططه لتطوير الإدارة القضائية.
الحاجة للإصلاح القانونى والقضائى لم تغب عن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى الذى طالب الحكومة بتوفير الظروف الملائمة لعمل القضاة وتيسيير اجراءات التقاضى من أجل المواطنين وهناك حوار حول إنشاء مجتمع قضائى وأكاديمية قضائية بل نقرأ أن هناك تعاونا بين مصر واليابان لتطوير آليات التقاضى وعن لقاءات تمت بين رئيس محكمة النقض القاضى أحمد جمال الدين وسفير اليابان.
وسط كل ذلك فإن القضاء المصرى له تقاليد وأعراف ايجابية من المهم الحفاظ عليها ودعم أخلاقيات المهنة النبيلة التى تعرضت للهجوم والاختراق خلال سنة اختفت فيها العدالة وتكررت فيها وسائل تفكيك الدولة.
وإيمانا بأن الإدارة هى التى تحدد الإخفاق أو النجاح ومداه، فإننا أصبحنا فى مسيرتنا نحو دولة مدنية حديثة نسعى لتحقيق العدالة بأنواعها، نهتم بما يطلق عليه فى علم الإدارة Administration of Justice أى إدارة العدالة (وفى بعض الدول التى يعانى نظامها القضائى من ثغرات وقصور يطلق عليه Administration of In Justice أى «إدارة عدم العدالة» وهو تعبير يستعمله كثيرون من الأمريكيين فى وصف نظامهم القضائي). ولابد أن نسجل أن إدارة العدالة تحظى اليوم باهتمام القائمين على الحكم وأعضاء الحكومة. مما يؤكد إدراك الدولة ضرورة التكامل بين إصلاح القوانين وتطوير النظم القضائية من أجل المواطنين جميعا وتحقيق العدالة بمستوياتها.
مايسمى بالمحاكم الاسلامية فى الصومال تعدم احد الاشخاص
ولن أتناول هنا ملابسات صدور أحكام الإعدام وسخافة هذه الضجة التى أقامها البعض فنحن لسنا فى حاجة لتبرير أحكام قضائنا القدير لكنى أشير إلى بعض الحقائق، ليس دفاعا لكن توضيحا. وهو ما على الملحقيين الإعلاميين والمصريين فى الخارج القيام به.
صحيح أن الاعتراضات لم تصدر من أى حكومة لأنه ليس لأى حكومة الاعتراض على أحكام قضاء حكومة أخرى لكن صدرت من منظمات أو ممثلى الشعوب مما لا يسمح برد رسمى من الحكومة إنما يتطلب أن ترتفع أصوات نواب الشعب والإعلام والمجتمع المدنى لتوضح الأمور سريعا وبوضوح لمن يبحثون عن الأخطاء لمصر حتى عندما نقوم بتحقيق العدالة ونحترم سيادة القانون. الأحكام التى صدرت كلها بناء على نص قانونى واضح يقرر عقوبة الإعدام لمن يرتكبها أيا كان حتى لو كان عميلا أو حليفا أو صديقا لدول أو لإعلامها. تصدر الأحكام فى إطار سيادة القانون ومع مراعاة الضمانات المطلوبة.
نقول هذا ليس دفاعا بقدر ما هو للتوعية والتثقيف فنؤكد أن أحكام الإعدام فى مصر صدرت من محكمة عادية ليست استثنائية ولا عسكرية وليست محكمة درجة واحدة كما صدرت بعد دراسة وتحقيق وفض الأحراز وفرز أدلة وشهادات ووثائق استمر أكثر من سنة كما التزمت بعدد من الضمانات ينص عليها القانون المصرى إلى جانب الضمانات الدولية المقررة دوليا وينص قانون العقوبات على ضمانات متعددة ولأهمية هذه الشروط والضمانات نشير إليها ببعض من التفصيل.
عقوبة الإعدام فى مصر
ابتداء نؤكد أن سجل مصر بالنسبة لعقوبة الإعدام متوازن وتبين منظمة العفو الدولية أنه من 2006 كانت ست دول تتحمل 91% من عمليات الإعدام هى إيران والعراق والسودان، وباكستان، والولايات المتحدة، والصين «وليس من بينها مصر» وفى 2016 نفذت مصر 16 عملية إعدام فقط. ثم داهمها الإرهاب بأشكاله وجماعاته بجرائمه البشعة فأصبح عليها أن تمارس واجبها فى حماية الوطن والمواطنين وتنفيذ القوانين فأصدرت الأحكام فى إطار الضمانات القانونية ونفذتها بمراعاة الضمانات المقررة.
ويحرص القانون المصرى على ضمان عدالة الاحكام والحفاظ على حقوق المتهمين والمحكوم عليهم بوسائل متعددة هي:
أولا: ينص قانون العقوبات المصرى على سبيل الحصر على الجرائم التى يعاقب عليها بالإعدام منها الجنايات المضرة بأمن الحكومة من الخارج (المواد 77 وما بعدها من قانون العقوبات) وبعض الجنايات المضرة بالحكومة من جهة الداخل ( المواد 89 وما بعدها) والتعريض للخطر عمدا سلامة وسائل النقل العامة إذا نشأ عنه موت شخص (المادة 168) والقتل العمد المقترن بسبق الإصرار أو الترصد (المادة 230) والقتل العمد بالسم ( المادة 233) والقتل العمد المقترن بجناية أو المرتبط بجنحة ( المادة 234- 2) والحريق العمد إذا نشأ عنه موت شخص كان موجودا فى الأماكن المحرقة (المادة 257) وشهادة الزور إذا حكم على المتهم بناء عليها بالإعدام ونفذ فيه ( المادة 295) كما يحدد وسيلة واحدة للإعدام.
ثانيا: ينص على شروط لصحة صدور الحكم بالإعدام نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية فى فقرتها الثانية على أنه: لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها«، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية.
ويبين القانون الحكمة من هذين الشرطين كما تنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 على ضرورة عرض الأحكام الصادرة حضوريا على محكمة النقض دون أن يتوقف ذلك على الطعن بها من قبل أطراف الدعوى ويبين اجراءات تنفيذ هذا الشرط.
وهناك ضمانة بإعادة المحاكمة الخاصة بالأحكام الغيابية.
ثالثا: هناك ضمانات تتعلق بتنفيذ الحكم بعد صدوره على المتهم وثبوت التهمة الموجهة إليه يحرص القانون المصرى على مراعاة الاعتبارات القانونية والإنسانية وينص عليها فى المواد من 470 إلى 477 من قانون الإجراءات الجنائية والمواد من 65 إلى 72 من قانون السجون وذلك على النحو التالي:
إعدام معارضين فى إيران
نصت المادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه متى صار الحكم بالإعدام نهائيا وجب رفع أوراق الدعوى فورا إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل. والحكمة من هذا الإجراء إعطاء المحكوم عليه بالإعدام فرصة أخيرة نظرا لخطورة العقوبة، وتهيئة الفرصة فى كل الحالات ليستعمل رئيس الدولة حقه فى عفو أو تخفيف العقوبة.
2- يودع المحكوم عليه بالإعدام فى السجن بناء على أمر تصدره النيابة العامة.
3- إذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف، أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته، ولأقارب المحكوم عليه أن يقابلوه فى اليوم الذى يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيدا عن محل التنفيذ (مادة 472 إجراءات جنائية).
4- تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن أو فى مكان آخر مستور بناء على طلب كتابى من النائب العام يبين فيه استيفاء الإجراءات المطلوبة.
5- يجب أن يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام، ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة
6- يجب أن يتلى الحكم الصادر بالإعدام منطوقه والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه، وذلك فى مكان التنفيذ بمسمع من الحاضرين، وإذا رغب المحكوم عليه إبداء أقوال حرر وكيل النائب العام محضرا لها .
7- يتم تنفيذ عقوبة الإعدام شنقا (مادة 12 عقوبات).
8- عند تمام التنفيذ يحرر وكيل النائب العام محضرا بذلك، ويثبت فيه شهادة الطبيب بالوفاة وساعة حصولها.
9- تدفن الحكومة جثة المحكوم عليه بالإعدام على نفقتها ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك.
10- لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام فى أيام الأعياد الرسمية، أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه (مادة 475 إجراءات جنائية) ويوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الحبلى إلى ما بعد شهرين من وضعها (مادة 476 إجراءات جنائية). وعلة الإرجاء هى إنقاذ الجنين وهو مخلوق بريء والإرجاء تطبيق لمبدأ شخصية العقوبات.
رابعا: الضمانات الدولية: مصر تحترم جميع الضمانات المكفولة للذين يواجهون عقوبة الإعدام التى اعتمدها المجلس الاقتصادى والاجتماعى بقراره 1984/50 المؤرخ فى 25 مايو 1984 وهي:
فى البلدان التى لم تلغ عقوبة الإعدام، لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا فى أخطر الجرائم على أن يكون مفهوما أن نطاقها ينبغى ألا يتعدى الجرائم المتعمدة التى تسفر نتائج مميتة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة.
لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا فى حالة جريمة ينص القانون، وقت ارتكابها، على عقوبة الموت فيها، على أن يكون مفهوما أنه إذا أصبح حكم القانون يقضى بعد ارتكاب الجريمة بفرض عقوبة أخف، استفاد المجرم من ذلك.
لا يحكم بالموت على الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة ولا ينفذ حكم الإعدام بالحوامل أو بالأمهات الحديثات الولادة ولا بالأشخاص الذين أصبحوا فاقدين لقواهم العقلية.
لا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا حينما يكون ذنب الشخص المتهم قائما على دليل واضح ومقنع لا يدع مجالا لأى تفسير بديل للوقائع.
لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بموجب حكم نهائى صادر عن محكمة مختصة بعد إجراءات قانونية توفر كل الضمانات الممكنة لتأمين محاكمة عادلة، مماثلة على الأقل للضمانات الواردة فى المادة 14 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما فى ذلك حق أى شخص مشتبه فى ارتكابه جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام أو متهم بارتكابها فى الحصول على مساعدة قانونية كافية فى كل مراحل المحاكمة.
لكل من يحكم عليه بالإعدام الحق فى الاستئناف لدى محكمة أعلي، وينبغى اتخاذ الخطوات الكفيلة بجعل هذا الاستئناف إجباريا.
لكل من يحكم عليه بالإعدام الحق فى التماس العفو، أو تخفيف الحكم، ويجوز منح العفو أو تخفيف الحكم فى جميع حالات عقوبة الإعدام.
لا تنفذ عقوبة الإعدام إلى أن يتم الفصل فى إجراءات الاستئناف أو أية إجراءات تتصل بالعفو
من أهم التطورات فى السنوات الأخيرة اعتماد معاهدات دولية تتعلق بعقوبة الإعدام.
- البروتوكول الاختيارى الثانى الملحق بالعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - البروتوكول الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لإلغاء عقوبة الإعدام - البروتوكول رقم 6 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
- البروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
يصل بنا الحديث إلى تناول بعض القضايا التى تتعلق بعقوبة الإعدام منها الجدل حول العقوبة ومحاولات إلغائها والموقف الحالى منها، مع إعطاء مثل لما يحدث فى إحدى الدول التى تعطى العالم درسا فى حقوق الإنسان.
الجدل حول عقوبة الإعدام
عقوبة الإعدام قضية مثيرة للجدل، سجال ممتد من المؤيدين والمعارضين وتتمثل حجة مؤيدى عقوبة الإعدام فى أنها تردع الجريمة وتمنع العود فهم يرونها أقل تكلفة على الحكومات من حياة المجرم داخل السجن وتعتبر صورة مناسبة من صور العقاب لبعض الجرائم. التى يجمع الرأى العام على ضرورة توقيعها وينص القانون على ذلك. على صعيد آخر تتمثل حجة معارضى هذه العقوبة فى أنها تؤدى أحيانا إلى إعدام الأبرياء وتتحيز ضد الأقليات والفقراء كما أنها لا تردع المجرمين بشكل أكبر من السجن مدى الحياة بل أنها تشجع ثقافة العنف وتعتبر مكلفة أكثر من السجن مدى الحياة بالإضافة إلى أنها تنتهك حقوق الإنسان.
ومن أهم حجج معارضة عقوبة الإعدام:
أن المجتمع لم يهب الإنسان حق الحياة فلا يكون له الحق فى سلبه وللنفس البشرية قدسية فى جميع الأديان.
عدم عدالتها لأنها غير متناسبة مع الضرر الناتج عن الجريمة.
عدم إمكان تلافيها إذا ما نفذت خطأ فى المحكوم عليه ثم تثبت براءته.
عدم فعاليتها فى ردع المجرمين بدليل ازدياد نسبة الجرائم الخطيرة التى يعاقب عليها بالإعدام رغم الحكم بهذه العقوبة.
صعوبة تحقيق التناسب بين العقوبة والجريمة فهذا أمر نسبى هذا فضلا عن أن الأفكار الحديثة تؤدى إلى تقرير هذا التناسب مع خطورة المجرم لا مع الجريمة.
وللمعارضين دراسات وحجج ومواقف معلنة منها:
ترى منظمة العفو الدولية بإن زعقوبة الإعدام عقوبة فى منتهى القسوة واللإنسانية والإهانة. وهى تعسفية أثبت عدم جدواها فى تخفيض عدد الجرائم وتديم أجواء العنف التى لا يمكن فيها أبدا إقامة العدل الحقيقي.ويؤكد بحث لرودجر هودب بجامعة أكسفورد بعنوان اعقوبة الإعدام منظور عالمى أن الدراسات العلمية فشلت فى العثور على أدلة مقنعة بأن عقوبة الإعدام تردع الجريمة بفعالية أكثر من العقوبات الأخرى وتبين الدراسة أن أرقام الجريمة المستقاة حديثا من دول ألغت عقوبة الإعدام أنه لم يترتب على الإلغاء آثار ضارة. ففى كندا مثلا، انخفض (ولم يرتفع) معدل القتل لكل 100000 نسمة من ذروة بلغت 3.09 فى عام 1975، وهو العام الذى سبق إلغاء عقوبة الإعدام على جرائم القتل، إلى 2.41 فى عام 1980، ومنذ ذلك الحين ازداد تراجعا. وفى العام 2003، بعد مضى 27 عاما على الإلغاء، بلغ معدل القتل 1.73 لكل 100000 نسمة، أى أدنى بنسبة 44 بالمائة مما كان عليه فى عام 1975، وأدنى معدل فى ثلاثة عقود.
أشارت دراسة أجريت لمصلحة الأمم المتحدة فى عام 1988 حول العلاقة بين عقوبة الاعدام ومعدلات الجريمة وجرى تحديثها فى عام 2002، إلى أن الإحصائيات تشكل دليلا مقنعا على أنه لا حاجة للدول لأن تخشى من التغييرات المفاجئة والخطيرة فى منحنى الجريمة إذا قللت من اعتمادها على عقوبة الإعدام وأنه ليس من الحكمة القبول بالنظرية القائلة إن عقوبة الإعدام وتطبيقها يردعان عن ارتكاب جرائم القتل بقدر أكبر من التهديد بعقوبة السجن المؤبد التى يُفترض أنها أقل قسوة .
ويضيف أنصار إلغاء العقوبة أنه ما دامت عقوبة الإعدام قائمة، لا يمكن أبدا التخلص من خطر إعدام الأبرياء. منذ عام 1973، أُطلق سراح 117 سجينا فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد ظهور أدلة على براءتهم من ارتكاب الجرائم التى حُكم عليهم بسببها بالإعدام. وكان هناك ست حالات كهذه فى عام 2004. وقد كان بعض السجناء على قاب قوسين من إعدامهم بعدما أمضوا سنوات عديدة فى ظل حكم الإعدام الصادر عليهم. وتشمل الشبهات المتكررة فى حالاتهم سوء سلوك النيابة أو الشرطة، واستخدام شهادات لشهود أو أدلة مادية أو اعترافات غير جديرة بالثقة؛ وتمثيل غير كاف للدفاع. وإعدم سجناء أمريكيون آخرون رغم وجود شكوك جدية حول ذنبهم.
فى ولاية إلينوى الأمريكية أعلن جورج ريان وقف تنفيذ عمليات الإعدام فى الولاية فى يناير 2000. وجاء قراره عقب تبرئة ساحة السجين الثالث عشر الذى ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه والذى تبين أنه أدين عن طريق الخطأ فى الولاية منذ أن أعادت الولايات المتحدة الأمريكية العمل بعقوبة الإعدام فى عام 1977. وخلال الفترة ذاتها، أُعدم 12 سجينا آخرون فى إلينوي. وفى يناير 2003، أصدر الحاكم ريان عفوا عن أربعة سجناء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم وخفض جميع أحكام الإعدام الأخرى فى إلينوى البالغ عددها 167.
ويظل الخطر الدائم المتمثل فى إعدام أشخاص أبرياء من الجريمة التى أدينوا بها قائما. ففى عام 2006 أعلنت براءة ثلاثة أشخاص بعد أن أمضوا سنوات ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بهم فى جامايكا وتنزانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
القسوة فى تنفيذ العقوبة:
وتسلط منظمة العفو الدولية الضوء على عدد من الحالات التى تفضح الطبيعة القاسية والتعسفية والجائرة لعقوبة الإعدام والمعاناة الرهيبة التى تسببها كل عملية إعدام منها:
إعدام المواطن السريلانكى سانجايا روان كومارا فى الكويت. فى البداية أُعلنت وفاته فور شنقه، لكن عندما نُقل إلى المشرحة، لاحظ الموظفون الطبيون أنه ما زال يتحرك. وأظهر مزيد من الفحوص أن لديه نبضات قلب ضعيفة. وفى النهاية أُعلنت وفاته بعد مضى خمس ساعات على بداية إعدامه.
فى الولايات المتحدة، أوقف حاكم فلوريدا اثناء رئاسة بوش جميع عمليات الإعدام فى الولاية وعين لجنة اللنظر فى إنسانية الحقن القاتلة. وجاء هذا القرار عقب إعدام أنجل دياز الذى تألم لمدة 34 دقيقة قبل إعلان وفاته. وتبين فيما بعد أن المواد الكيماوية السامة حُقنت فى أنسجته الطرية وليس فى عروقه.
فى إيران، رُجمت امرأتان حتى الموت فى مايو الماضى لأنهما مارستا الجنس خارج إطار الزواج برغم إعلان رئيس السلطة القضائية عن تعليق عمليات الإعدام بالرجم فى عام 2002. وفى إيران، يتم تحديد حجم الحجارة مسبقا بحيث لا تسبب وفاة فورية بل تقتل ببطء.
صدر الحكم بالإعدام على صدام حسين من محكمة خاصة عسكرية يرأسها قاض من الأكراد نفذ علنا وعرض على شاشات التليفزيون العالمية وارتكب أثناء تنفيذ الإعدام أخطاء قاسية وتعذيب غير مسبوق ولم يعترض أحد.. لأنهم لم يكن من إخوانهم الإرهابيين.
وتشير التقديرات إلى أن زهاء 20.000 شخص يقبعون حاليا فى السجون المخصصة للمحكومين بالإعدام حول العالم بانتظار قتلهم على يد الدولة.
فى ضوء كل ذلك أعلنت منظمة العفو الدولية أن عالما خاليا من عقوبة الإعدام ممكن إذا كانت الحكومات مستعدة للتحلى بروح القيادة السياسية. وقالت إن المنظمة تدعو إلى تعليق عالمى لعمليات الإعدام .
مع كل هذه الاعتبارات يقول الواقع إنه رغم الاتجاه العالمى لإلغاء هذه العقوبة يظل الإعدام عقوبة لها ضرورتها ومطلوبة فى كثير من الأحوال والظروف خاصة فى الدول التى تعانى القلائل والنزاع المسلح والإرهاب وجرائمه الوحشية حيث يجب حماية الأمن القومى واحترام الرأى العام وإرادة الشعب ومبدأ القصاص ودم الشهداء واعتبارات تجعل الشعوب تتعاطف مع القتلى والضحايا الأبرياء. وهنا يكون تنفيذها تطبيقا للديمقراطية وإرادة الشعب وليست ضدها.. ولا يجوز توجيه اللوم أو النقد للدولة التى تطبق هذه العقوبة.
وهنا نتساءل لماذا فعل العالم بالنازيين قتلوا جميعا بأحكام من محكمة نوريدج التى كانت محكمة الحلفاء تعاقبهم وقبضوا عليهم للمحاكمة والإعدام وعندما نقول ماذا حدث لمن أعطى الأمر بإلقاء قنابل هيروشيما ونجازاكى التى قتلت آلاف المدنيين ولمن ألقوا القنابل على مدينة ألمانية سبب فى موت 250 ألف شخص!! يأتى الرد كانت حالة حرب فى تجاهل أن مصر اليوم فى حالة حرب.. ومع ذلك لا نقتل بل نحاكم ونصدر أحكاما قضائية حسب القانون.
وهناك تقارير وافية تبين موقف العالم من عقوبة الإعدام بعضها ألغى العقوبة ثم عاد إليها والبعض ألغاها لجميع الجرائم وهناك دول ألغتها باستثناء جرائم معينة وأخرى تصدرها لكن توقف التنفيذ. دول انخفضت فيها نسبة أحكام الإعدام وأخرى ارتفعت كثيرا ومازالت الأوضاع متباينة ومتغيرة بل متناقضة أحيانا. تقارير كثيرة متعدة الجوانب لا يتسع المقام لسردها.
فى النهاية نقول إن الإعدام عقوبة قاسية لكنها مطلوبة وضرورية فى بعض الظروف وبالنسبة لبعض الجرائم مثل الخيانة العظمى أو الجرائم الوحشية التى يرفضها الشعب أو التى تحصد الضحايا المهم أن تكون فى أضيق الحدود وحسب القانون، تتم بدون تعذيب ومع توفير الضمانات المقررة.
الإعدام فى الولايات المتحدة
نقدم هنا أوضاع عقوبة الإعدام فى إحدى الدول التى تقود حملة توعية العالم بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهى الولايات المتحدة لنبين أن كثيرا من هذه الدول فى مرتبة متأخرة جدا بالمقارنة بمصر.
تبين التقارير أنه خلال 2004 أعدم ما لا يقل عن 3797 شخصا وصدرت أحكام بالإعدام على 7395 شخصا فى 64 دولة وكانت نسبة 97% من الحالات فى 4 دول الولايات المتحدة واحدة منها. وهناك تقرير فى 2006 أشرنا إليه يضع الولايات المتحدة ضمن 6 دول مسئولة عن 91% من حالات الإعدام كما تبين أن 8 دول الولايات المتحدة من بينها أعدمت منذ عام 1990 سجناء كانوا دون سن 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة.
الولايات المتحدة بها وضع خاص لا يخلو من الغرابة: تشريع القانون وتحديد العقوبة من اختصاص الولاية أساسا بعض الاستثناءات منها الجرائم الفيدرالية وأحيانا التى ترتكب فى أكثر من ولاية وتطبق 33 جهة أمريكية عقوبة الإعدام من بينها الحكومة الفيدرالية والقوات المسلحة بينما لا تطبق 20 جهة من بينها مقاطعة كولومبيا.
فى سنة 2009 ألغت ولاية نيومكسيى عقوبة الإعدام لكن ليس بأثر رجعى ونفذ على اثنين من المساجين كانا ينتظران تنفيذ الحكم. كذلك بالنسبة لولاية كونتيكت التى الغته سنة 2012 لكن نفذ فى 11 شخصا صدرت الأحكام عليهم قبل الإلغاء.وكانت ولاية روزابلاند تنص على ضرورة إعدام السجين الذى قتل زميلا له لكن المحكمة العليا اعتبرته غير دستوري.
وهناك قائمة طويلة ومعقدة تبين حالات تغليظ العقوبة أو تخفيفها ويشير مكتب الإحصاءات بوزارة الدفاع إلى قائمة بأحكام الإعدام الصادرة من الولايات المتحدة فى 2012 وأغلبها القتل من الدرجة الأولى مضاف إليها عوامل تغليظ العقوبة التى تصل فى بعضها إلى 18 عاملا وفى نيو هامشير نفذت فى جرائم القتل مع الخطف، المخدرات، قتل شرطى أو قاض أو وكيل نيابة وطبقته فى حالات الاعتداء الجنسي، التحرش الجنسى على أقل من 16 سنة.
هذا الاختلاف بين ولاية وأخرى لا يحقق العدل والمساواة بل أسوأ من ذلك استفادت منه الجماعات المنحرفة والمافيا وأصبحت ترتكب جرائمها فى الولايات التى لا تسمح بعقوبة الإعدام ويمكن للمجرم استدراج الضحية من ولاية لولاية لتفادى الإعدام.
خصائص كثيرة بعيدة عن مبادئ العدالة وحقوق الإنسان ومع ذلك لم نسمع أصوات جمعيات حقوق الإنسانية تعترض عليها.
الاغتيال الطائر
تلك كانت نبذة صغيرة عن أحكام الإعدام التى تصدر من المحاكم بالولايات المتحدة لكن هناك نوعا فريدا يبتكر من عمليات الإعدام تستخدمه وتمارسه حكومة الولايات المتحدة يطلق عليه covert drone war الحرب الخفية بالطائرات. ذلك الاغتيال الطائر يتم بالتكنولوجيا الحديثة وهو وسيلة للقتل ترتكبها حكومة الولايات المتحدة لقتل المعارضين السياسيين أو من تقرر أنهم إرهابيون أو أعداء يستحقون الموت فتوقع عليهم عقوبة الإعدام حيث القاضى والمحامى والجلاد هم نفس الشخص. وهى تتم دون محاكمة ودون نص قانونى ودون أى من الضمانات المقررة لحالة الإعدام إنها ابتكار علمى شرير يقوم على فكرة الطائرة بلا طيار التى تم تطويرها بإنتاج طائرات تحمل مفرقعات تتفاوت قدرتها على التدمير والفتك يتم إرسالها الكترونيا إلى من يراد التخلص منه وتنفجر لتقضى عليه وعلى من حوله. ونتوقف لحظة لتوضيح ذلك الاسم: covert معناها اللفظى اللغوى السرية أو فى الخفاء كلمة drone تعنى أزيز الطائرة. لكن المعنى الحقيقى لوضع الكلمتين معا هو الاغتيال فى الخفاء أو السرى عن طريق طائرة بلا طيار وللتوضيح والاختصار نطلق عليه «الإغتيال الطائر».
حسب التقارير الأمريكية تقوم بهذه العمليات جهتان هما جهاز المخابرات فى لانجلى ( CIA ) وكذلك ادارة خاصة فى البنتاجون باسم ادارة العمليات الخاصة السرية المشتركة (JSOC) ويسجل مكتب الحرب الطائر Bureau Covert Drone Warفى تقرير 2015 أن هذه الجرائم ارتكبت فى عدد من الدول كان أكثرها فى باكستان واليمن والصومال والعراق خلال رئاسة بوش ثم تزايدت عددا وعنفا خلال فترة أوباما حيث قتل فى عهده نحو 2500 شخص ويبين التقرير أن من قتلوا منذ تولى أوباما الرئاسة فى يناير 2009 بينهم على الأقل 314 من المدنيين وأن عدد الضربات أو الهجمات بلغ 456 بالمقارنة إلى عهد بوش حيث تم 52 هجوما قتل فيه 416 شخصا بينهم 167 من المدنيين.
لمواجهة هذه الحقائق المخزية القى أوباما خطابا يطالب فيه باتخاذ جميع الوسائل والضمانات لضبط هذه العمليات والتأكد انها لا تصيب المدنيين وقال ان هذه الحرب والضربات لا يقصد بها العقاب لكنها درء للخطر قبل وقوعه وان قتل المدنيين سوف يظل يؤرق ضمائرنا دائما؟ مجرد كلمات اذ تبين التقارير انه خلال ستة اشهر بعد هذا الخطاب ارتفعت الهجمات فى اليمن وباكستان بدرجة كبيرة وانه فى 12 ديسمبر 2013 استهدفت احدى الغارات فى اليمن موكبا يقل عروس إلى حفل زفافها: تحطمت السيارات وقتلت شظايا الموت الطائر 15 مدنيا. أعلنت حكومة اليمن ان الضحايا من منظمة القاعدة ثم عادت وصرفت 140 الف جنيه تعويضا كما قدمت لهم 100 بندقية!
يهمنى فى هذا الخطاب ليس فقط انه لم يأت بنتيجة، إنما لألفت الانتباه الى عبارة أن الهجمات لا يقصد بها العقاب إنما درأ الخطر قبل وقوعه . هذا رأى وموقف رئيس الولايات المتحدة لكن ادارته ومؤسساته تحاسب مصر لأنها تحاول درأ الخطر بالتخلص ممن تثبت المحكمة قيامهم بأعمال ارهابية ليس فقط من قد يمثلون خطرا على الأمن القومي.
وعندما قتل فى هذه الهجمات بعض المواطنين الأمريكيين . أشارت احدى المحطات التليفزيونية الأمريكية إلى أن الهجمات قتل فيها 6 من الامريكيين يعيشون فى الخارج ذكرت منهم بالاسم انور العواقلى الذى مات فى هجوم 30/9/2011 وابنه عبدالرحمن البالغ 16 سنه المولود فى نيويورك الذى قتل فى هجوم آخر بعد ذلك بأسبوعين .وهنا أصدرت وزارة العدل مذكرة مهمة جاء فيها ان الولايات المتحدة لها الحق ان تقتل مواطنيها اذا كانوا يمثلون خطورة وشيكة الوقوع تضر البلاد. ندعو الاعلام العربى والدبلوماسية البرلمانية والشعبية ان تتذكر هذه العبارة؛ وتتذكر تصريح أوباما بأن هذه الهجمات ليست للعقاب لكن لدرأ الخطر قبل وقوعه، أمور مسموحة لهم لكن ليس لغيرهم.هذه التصريحات التى تعكس سياسة واشنطن علينا ان نعرفها ونضعها نصب أعين الذين يعترضون على حق حكومات المنطقه فى التخلص ممن يهددون الأمن القومى للبلاد ويرتكبون جرائم التخريب والاغتيال خاصة ان التخلص منهم الذى لا يتم فى هجمات غير مشروعه لكن بطرق قانونية بعد محاكمة ودفاع وثبوت التهمة ومراعاة الضمانات. كل هذا رغم أننا فى حالة حرب. حرب لا تسعى للاستعمار أو للاحتلال إنما لتحرير وتطهير الأرض وحماية مصر والعالم من الإرهاب الذى يهدد الجميع لكن لا يواجهه إلا البعض وفى مقدمتهم مصر.
هذا الواقع دليل جديد يضاف الى ملايين الأمثلة التى تثبت ازدواجية المعايير والتحاليل على الحقائق وتسييس كل الأمور حتى القتل. قرارات وتصريحات واغتيال تقوم به دول تنادى بحقوق الانسان ثم تقتل المئات الذين تحرمهم من حقهم محاكمة عادلة ومن بينهم المدنيون وهو سلوك لا ترتكبه مصر بل تنأى عنه.
تم تصعيد هذه الحرب فى سرية تامة وبدون شفافية من البيت الأبيض أوباما لم يتحدث عنها أو يعترف بها علنا إلا بعد 3 سنوات من ارتكاب الجرائم وذكر ان تلك الهجمات لا تصيب المدنيين بينما تقارير المكتب المسئول عنها تثبت انه خلال هذه الفترة قتل 236 من المدنيين ؟
انهم يدينون القتل ثم يرفضون اعدام من يرتكبه ويدينون عقوبة الاعدام بقرار من محكمه بينما هم يقومون بها دون محاكمة. يعترضون على الأحكام بالإعدام الصادرة قضائيا من محاكم تحترم الضوابط الدولية والقومية ثم يمارسون القتل والإعدام بلا محاكمة حيث نفس الاشخاص يقومون بالاتهام والتحقيق والادانة واصدار الحكم وتنفيذه فى سرية وبلا ضوابط. ومع ذلك لم تعترض عليها جمعيات حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة أو أوروبا وكان صمت البرلمان الأوروبى عنها صدمة متوقعة!
ان الاعدام كعقوبه للقتل او الخيانة والاغتصاب وتجارة الاعضاء له مبرراته واحيانا يوافق عليه الشعب أو يطالب به أما ذلك الاغتيال الذى يتم فى الحرب الطائرة فهو من أكثر أنواع العمل شرا تقوم به أجهزة رسمية ولا يعرف من الفاعل، تتم بلا قانون ينظمه ولا محاكمة تصدره.الفاعل والجانى والمحقق والقاضى واحد جمع لنفسه كل السلطات بلا رقيب .
هذه الجريمة لا يجوز أن تمر بلا مساءلة أو محاسبة واتمنى ان يتقدم مجلس حقوق الانسان المصرى بشكوى لمجلس حقوق الانسان فى جنيف طالبا التحقيق فى حالات الاغتيال هذه وتطبيق العقوبة المناسبة لمن ارتكبها...وقد تكون الإعدام !!ولعل البرلمان الأوروبى يأخذ منها موقفا.
ولدينا بعض من أمل أن المنظمات الأمريكية والشعب الأمريكى هو الذى سوف يسأل حكومته عن هذه الجرائم خاصة وأن هناك بشائر أنه بدأ يتساءل عن الفساد فى البنوك وفى السجون وعن مافيا السلاح ومن يمولون إرسال السلاح إلى مناطق الصراع فى افريقيا ولعلها يقظة قادمة.. هذا مجرد أمل أو اقتراح وليس تدخلا فى شئون الدول الأخري.
أما بعد ...................
نطرح هذه الحقائق علنا ليس لمجرد الهجوم على الولايات المتحدة بسبب مواقفها من مصر العزيزة انما ايضا من أجل حماية الشعب الأمريكى الذى لا يستحق نتائج ما تفعله حكومته. نبحث اليوم عن امريكا التى كانت..التى أعجبنا بها أثناء الدراسة فى جامعاتها أعجبنا باحترامها كل فرد؛ حقوقه وحريته؛والحرص على السلام بهرنا بتاريخها وكفاح شعبها، وبرؤساء مثل جيفرسون الذى أسس دولة بالدستور، لينكون محرر العبيد، أيزنهاور بطل الحرب الذى دعى للسلام خلال منظمة «الناس للناس» وتصدى للغزو الثلاثى فى السويس، وكيندى الذى دفع حياته ثمنا لمعارضة أصحاب المصالح ولم يعلنوا عن قاتله بعد!! كان لهم مواقف جادة ونبيلة من أجل الحق والسلام والمساواة...
نبحث عنها ولا نجدها.أين ذهبت الولايات المتحدة انها دولة ما زالت قوية وان كانت ليست القوة الوحيدة.. لن تهزمها قوى خارجية انما سوف ينقذها شعبها الذى ننتظر ان يستيقظ ليحاسب حكومته على سياستها التى جعلت أمريكا ورئيسها محلا للرفض بل الكراهية فى أغلب الدول وعرضت مواطنيها ومصالحهم للخطر .. تحولت أرض الأحلام الى أرض الأوهام... وبعد أن كان الشباب يتسابق ليحصل على الجنسية الأمريكية أصبح الكثيرون اليوم يتنازلون عنها. ونحن الذين تعلمنا فى جامعاتهم وبهرنا بمبادئهم أصابتنا خيبة الأمل.. انه شعب طيب القلب أحيانا ساذج، يصدق ما يقال له،أصبح عليه أن يعيد لبلاده مكانة تليق بها وهو يبحث اليوم عن رئيس يمكنه أن يفعل ذلك.. نقول لهم لقد أكرم الله مصر برئيس يسعى لتحقيق آمال الشعب وتطلعاته وبشعب يسعى معه. والشعب الأمريكى وهو يختار رئيسا عليه حسن الاختيار فهو يحتاج رئيسا ينهض ببلادهم من كبوتها .
لقد أثبتت مصر أنه لا الرئيس وحده يمكنه تحقيق آمال الشعب ولا الشعب وحده يمكنه ذلك ولهم فى مصر قدوة... حفظ الله مصر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.