معرض ألواني.. ارتجالات للفنان محسن عطية أقيم في مارس الماضي بقاعة إكسترا(3 ش النسيم من شارع المنتزه بالزمالك) واستمر حتي3 أبريل الحالي. وفي معرضه يقدم الفنان محسن عطية اضافة جديدة إلي أعماله مغلفة بخبرة الأداء ورصانة الايقاع وقوة التعبير التي تشيد بسحر اللون, هذا السحر الذي يجعل منه نافذة علي الخيال تهمس بروح الأشياء وتبوح بالمشاعر والأحاسيس وهواجس ومخاوف وهموم الإنسان المعاصر وفي جانب آخر تنطق بالحيوية والاشراق وبهجة الحياة والأعمال عموما لا تخلو من بعض الملامح الشخصية التي تعد بمثابة مفاتيح وعلامات واشارات تهمس وتنطق في صمت بحركة الانسان في قلب تلك المشاهد التشكيلية أو الحدائق اللونية. ذكريات الماضي وآفاق الحاضر في مواجهة الخوف من المجهول وأحلام المستقبل, انها سيمفونية بصرية تناسب ألحانها من إيقاع إلي إيقاع في طلاقة تلقائية. والمدقق في أعمال الفنان محسن عطية يلاخط أنه يمزج في أعماله بين الأسلوب التقليدي والأسلوب اللاتقليدي حيث تظهر خصوصية الفنان وشفافيته الحسية ورؤيته العميقة ليحاور عقله مع انفعالاته الوجدانية من خلال حس مرهف مغلف بمسحة سيريالية وهو ما يجدد الايقاع بين التقليدية واللاتقليدية, كما أن العنصر النباتي الذي يسيطر علي تكوين اللوحة يترجم فلسفة الفنان وتقديسه للطبيعة عبر خشوع انساني واضح, وأيضا المزج الذكي بين الدرجات اللونية لتعكس أحيانا سخونتها علي برودة غامضة مختفية في بعض مناطق التكوين الفني ليصبح المشاهد المتلقي صاحب قرار وصاحب موقف بعد رحلة استمتاع داخل هذا العمل الذي قضاه متأملا محاولا التفسير ومجتهدا في المشاركة الذهنية بين العقل والوجدان. ففي لوحات محسن عطية تظهر رغبة عارمة في الانطلاق عبر الحواجز والحدود. يقدم لنا استخداما جديدا للأفكار التشكيلية والرموز والابعاد اللانهائية التي تقفز فوق حدود الزمان والمكان لتقدم لنا عالما جديدا. لكننا مع عالم محسن عطية الرمزي والاسطوري نعيش تحت اسقاطات ضوئية ومثيرة لفردوس افتقدناه, وهذا الحنين يعد أحدي التيمات الخصبة والثرية والعميقة التي تسري في مكونات لوحاته. والتيمة الاخري التي تتبلور في معظم لوحاته هي ذلك الصراع القدري الذي تدور أحداثه بين كتلة كبري طاغية وكتلة صغري تكافح من اجل البقاء. والرموز التي توحي بها هاتان الكتلتان ذات دلالات لا نهائية لدرجة أنها يمكن أن تشمل كل أنواع الصراع والتناقض والاختلاف والتضاد بل والقهر والعنف الذي عاني منه الإنسان منذ بدء الخليقة, وقد استطاع أن يصل الي معادلة جديدة تحل معضلات تشكيلية قديمة, وهو أنه استطاع أن يرسم غموض النفس البشرية من خلال وجوه بلا ملامح, ولكن من يشاهد هذه اللوحات يستطيع أن يستوعب دلالة الغموض الانساني أو الكوني دون أن يدرك مغزاه بطريقة مباشرة لأنه يجسد الغموض بحيث يوجد نوعا من الالفة الحميمية بين الانساني والكوني. ويقول الفنان محسن عطية: أشعر بالألوان وهي تنساب وتندفع علي سطح لوحتي وكأنها تلبي نداء خياليا, وتتجاوب مع حرارة شعوري, فتسعفني حركات إهتزازية من فرشاتي بالتشكيلات نصف للبصرية, تلك التي تدهشني بإحتمالات مجازاتها, وإيحاءاتها, بل وبتشخيصها لأفكاري, وباستحضارها للصور التي سرعان ما تسكن عالمي لتخلد, هكذا استوقف الزمن علي سطح لوحتي, لأعيش لحظة صمت. والفنان محسن عطية من مواليد القاهرة1947 حصل علي بكالوريوس المعهد العالي للتربية الفنية1969, وماجستير التربية الفنية1973, ودكتوراه الفلسفة في النقد والتذوق الفني من أكاديمية ريبين للفنون الجميلة روسيا1979. وشغل عضو اللجنة العليا لمراجعة وإعداد المادة العلمية الخاصة ببنك المعلومات التابع لقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة بين1997 و2004.