رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    أحرقه حيًا.. بائع خردة يقتل زميله فى طنطا    هند رستم تتصدر بوستر مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته ال 40    طلاب "أوكسفورد" و"كامبريدج" ينضمون إلى معتصمي "هارفارد" لمساندة غزة    وداع نهائي من أجل الملكي.. رحيل مبابي في عيون الصحف الإسبانية    عمرو أديب: اقتحام إسرائيل لمعبر رفح من الناحية الفلسطينية "غباء وتحدي"    كيشو يخطف بطاقة التأهل لأولمبياد باريس 2024    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2024 في القاهرة والمحافظات    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    هل محمد رمضان نجم عالمي؟.. إجابة مفاجأة للفنان (فيديو)    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    شهية ولذيذة.. طريقة تحضير مشروب «الكاكاو البارد»    مصرع طفل وإصابة آخر فى حادثتين متفرقتين ببورسعيد    مقتل وإصابة 3 أشخاص خلال مشاجرات بالأسلحة البيضاء في بورسعيد    الجيزة: الانتهاء من رصف وإعادة تخطيط وتطوير الشوارع حول محطة مترو "وادي النيل" -(صور)    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    كيشو يتأهل إلى أولمبياد باريس 2024    إقبال من أطفال الإسماعيلية على ورش الرسم والطباعة (صور)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج السبت 11-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    «القاهرة الإخبارية»: أمير الكويت يقرر حل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض بنود الدستور    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    فرص للسفر إلى اليونان.. اتفاق لاستقدام 5000 عامل مصري بمجال الزراعة    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    محافظ الغربية يتابع جهود الوحدات المحلية في زراعة أشجار مثمرة وأخرى للزينة    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    محافظ الغربية يشدد على تكثيف الحملات التفتيشية على الأسواق    بطولة العالم للإسكواش 2024.. تأهل مازن هشام ب 3 أشواط نظيفة    «حماة وطن» يدشن مركز الأمل للأعمال والحرف اليدوية في الإسماعيلية    عاجل.. رضا سليم يتواصل مع الشيبي لحل أزمة حسين الشحات.. ولاعب بيراميدز يحدد شروطه    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    البرلمان العربى: ازدواجية المعايير الدولية تدعم الاحتلال الإسرائيلى فى إبادة الفلسطينيين    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل .. ما بعد الغياب
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 02 - 2016

لا أدرى لماذا اختار الاستاذ هيكل فى وصيته قبر الإمام الحسين رضى الله عنه ليكون آخر لقاء له قبل ان يشد الرحال الى
خالقه .. هل اختار الحسين الرمز ام الحفيد ام الشهيد ام المكان .. كانت اضواء المسجد العتيق تتسابق والحشود تتوافد ما بين أناس عاديين ومسئولين وكتاب وكاميرات تطوف فى انتظار الجنازة .. هذا هو الأستاذ يرقد أخيرا فى رحلة النهاية وخلفه يطل تاريخ طويل من الإنجازات والانتصارات والمعارك .. هذا هو هيكل يلقى قلمه بعيدا ويستسلم للحظة الغياب .. لقد ترك خلفه آلاف الأوراق والقصص والحكايات .. عمر سخى وثرى امتد فوق التسعين .. أمجاد فى سلطة القرار معها حينا وضدها أحيانا .. شهرة تجاوزت كل الحدود وعبرت الى آخر بلاد الدنيا بريقا وحضورا ومجدا .. هذا هو هيكل يرقد وحيدا فى آخر المشوار وهو الذى شغل الدنيا وحرك الأحداث عشرات السنين.. إنه الغياب..
هناك بعض الأشخاص وهم قلة ترتبط بهم حياتنا وسنوات عمرنا ولا أدرى هل هى الصدفة ام الأقدار ام هى رحلة العمر الذى يختارنا ولا نختاره .. كان هيكل اسطورة جيلنا بريقا وتأثيرا ودورا .. منذ قامت ثورة يوليو اصبح هيكل صوتا من اهم اصواتها المؤثرة وارتبط بقائدها جمال عبد الناصر الزعيم والإنسان ولا أدرى من منهما أضاف للآخر هل عبد الناصر هو الذى كتب ملحمة هيكل ام ان هيكل هو الذى سطر بقلمه وفكره اسطورة عبد الناصر وارتبط الاثنان معا فى كل شىء إلا فى العمر ولحظة الغياب..
سألت الأستاذ هيكل يوما ألم تختلف مع عبد الناصر ابدا قال اختلفنا كثيرا ولكننى اخلصت للعمر والزمن الذى جمعنا وكنت اقول لنفسى بعد رحيله ماذا سيقول عنى عندما نلتقى فى رحاب خالقنا إذا ما تخليت عنه ولهذا لم أخذله حيا ولا ميتا وبقيت على إخلاصى له حتى القاه فى الآخرة ولن يجد ما يعاتبنى عليه..
اقتربت كثيرا من الأستاذ هيكل الكاتب والسياسى والإنسان .. كانت كتابات هيكل واسلوبه وعبارته الرقيقة والدقيقة فى نفس الوقت تضعه فى صدارة كل كتاب مصر .. كان من الممكن ان يكون روائيا كبيرا فله فى السرد باع طويل ويحب الحكايات ويجيدها ولديه خيال خصب يحلق بين حروفه .. وهو دائما كان ذاكرة حية تحفظ الأحداث والأشخاص والذكريات حين كان يسترجع معى بعض الأحداث وينسى اسم شخص فيها كان يحزن وقبل ان اتركه يكون قد استعاد الاسم من ذاكرته .. كان من عشاق الشعر وكان يؤمن بدوره الى ابعد مدى ويرى فيه ارقى واعلى مراتب الإبداع فى دنيا الكتابة بل كان يرى فيه مصدرا من اهم مصادر القوة فى مسيرة الشعوب وكان يرى ان الشعر خيوط من حرير تقوم عليها الكبارى والمنشآت التى تعبر عليها الدبابات والجيوش وان للشعر قدرة هائلة تمنح الشعوب الإرادة والحياة.
كنت أتعجب وأنا أراه يكتب فى اى مكان كان يحب بيته فى برقاش ويكتب كثيرا فى حديقته الواسعة بين الأشجار وكان يعشق حديقة أشرف عليها بنفسه فيها آلاف الأشجار من الورد البلدى وقد اقامها من اجل زوجته ورفيقة عمره السيدة هدايت تيمور .. من اكثر اللحظات التى مرت به يوم ان احترق بيته فى برقاش وهجمت حشود الغوغاء واقتحمت الحديقة واحرقت البيت بكل ما فيه من كتب واوراق وذكريات يومها كنت اجلس معه فى بيته فى الساحل الشمالى عندما جاءه خبر الحريق واتصل باللواء عباس كامل يستنجد به لإرسال قوات المطافى لإنقاذ بيته .. لم يذهب كثيرا الى هذا البيت رغم تجديده فقد حزن كثيرا على البيت القديم المحترق..
اختلف الكثيرون حول هيكل السياسى رغم ايمانهم بأنه لا خلاف ابدا على هيكل الكاتب والصحفى ولكنه تحمل جزءًا من اعداء ثورة يوليو .. وتحمل جزءًا آخر من خصومات عبد الناصر واحتمل اشياء كثيرة فى خصومته مع انور السادات .. وحين تحدث عن الفساد فى عهد مبارك بما فى ذلك قضية التوريث زادت اعداد معارضيه .. إلا ان الشئ المؤكد انه رغم الخلاف مع فكر هيكل فإنه فرض على الجميع احترام وجهات نظره فقد كان مجادلا وقادرا فى كل الأحيان ان يقنع وان يدافع وان يحلل مع اكثر معارضيه خصومة واختلافا .. كانت السياسة هى أخطر المناطق التى اعطت هيكل البريق والدور وإن دفع ثمن ذلك فى عصور كثيرة خاصة من ابناء المهنة وكل واحد منهم كان يطمع فى مكانه ومكانته.
كان اقتراب هيكل من عبد الناصر كنزا من كنوز المعلومات التى اتاحت له ما لم يتح لغيره فى لحظة تاريخية حاسمة .. كانت كل وثائق الدولة المصرية بكل اسرارها تأخذ طريقها الى هيكل دون اى عناء .. لقد تحول مكتب هيكل فى الاهرام الى جزء مهم من مؤسسات الدولة المصرية بكل ما فيها من الخبايا والأسرار ولاشك ان ذلك آثار الكثير من احقاد وغيرة الوسط الصحفى بل والوسط السياسى..
على جانب آخر كانت علاقات هيكل مع الزعماء والرؤساء واهل السياسة مصدرا مهما من مصادره فى الكتابة والمعلومات والتفرد.. ولذلك كانت تجربة هيكل فى مقاله الأشهر "بصراحة" تجمع الخبر والتحقيق والتحليل وكان نموذجا متفردا فى الصحافة العالمية وليس العربية فقط كانت الأخبار المهمة ينتظرها الناس كل يوم جمعة .. وكان التحقيق الصحفى الجرىء والمؤثر فى مقال هيكل وكانت الرؤى التحليلية والقراءة الحية للأحداث فى مقال هيكل .. ومن هنا استطاع هيكل ان يصنع لنفسه امبراطورية خاصة فى المعلومات والوثائق والتحليلات والأخبار وقد ساعده على ذلك مواهب تفرد بها فى الإحساس بالخبر الصحفى والأسلوب الرشيق المتدفق والقدرة على التحليل على اسس موضوعية وقبل هذا كله هذا الكم الرهيب من المعلومات والأحداث والأسرار التى اتيحت له دون غيره حتى اختلط الأمر على الناس بين هيكل الصحفى وهيكل شريك القرار .
اما هيكل الإنسان فقد كان محبا للحياة الى ابعد مدى وتمتع بها فى كل الأشياء .. كان حريصا على ثراء تكوينه الفكرى والثقافى وحتى آخر سنوات عمره كان قارئا متابعا لكل ما يجرى فى العالم خاصة العالم العربى بما فى ذلك صراعات القوى .. كان إنسانا منظما فى كل شىء فى اوقات عمله وكتابته وحياته الأسرية .. وفى اوقات الشدة كنت تجده مجاملا مع الجميع وكم من اللحظات الصعبة التى وقف فيها بنبل وترفع مع كل من لجأ إليه ..
كان يحب السفر حتى عندما تقدمت به سنوات العمر فى آخر رحلاته الخارجية ذهب الى إسبانيا وعندما التقينا بعد عودته حدثنى كثيرا عن بقايا الحضارة الإسلامية فى الأندلس، مبانيها ومساجدها وآثارها المبهرة وكان حزينا لما وصلت إليه احوال العرب والمسلمين من التراجع والتخلف.. فى كل عام كان يقضى وقتا طويلا ما بين ايطاليا والساحل الشمالى فى مصر.. فى ايطاليا كان عاشقا لفينسيا وسردينيا وفى الساحل الشمالى كان يقول ان هذا اللون الأزرق فى مياهنا لا يوجد فى اى مكان فى العالم ..
لقد احب هيكل السلطة وكره المنصب كان يحب دائما ان يكون صاحب نفوذ ولكن بلا سلطة وبعد ان خرج من الأهرام أنشأ مملكة خاصة فى مكتبه وتحول هذا المكتب الى مؤسسة كاملة فى كل شىء ...
كان ايضا يعشق الأضواء ولم يتصور نفسه يوما بعيدا عنها وحين توقف عن الكتابة الصحفية فى الأهرام بدأ مشواره مع الكتاب وحقق فيه انجازات مذهلة عربيا ودوليا ثم كانت رحلته مع الشاشات لغة العصر والزمن .. كان وفيا لمن يحب .. وقد أحب من الصحفيين التابعى وعلى امين وكامل الشناوى وكان يقدر كثيرا كتابات احمد بهاء الدين .. وكانت له مواقف كثيرة مع كل هؤلاء .. كان منبهرا بشعر امير الشعراء احمد شوقى ويحفظ آلاف الأبيات من الشعر وقد كتب الشعر فى بداية حياته كان يقدر كثيرا فكر الشيخ شلتوت ويعتبره مجددا عظيما خاصة فى قضايا التقريب بين المذاهب .. وفى هذا السياق كان يقول «نحن فى حاجة الى الإمام محمد عبده فكرا وتجديدا وتدينا وصلاحا»..
فى آخر لقاءاتنا وكانت قبل مرضه بأيام قليلة كان مهموما بما حدث للعالم العربى وكان حزينا لما حدث فى سوريا وكان متشائما امام القوى الأجنبية التى سطت على العالم العربى .. كان متحمسا لثورة يونيو ومحبا لثورة يناير وشبابها ويرى انها ظُلمت وكان يرى فى الرئيس السيسى اكبر فرصة تتاح لمصر من اجل الاستقرار وإعادة بناء الدولة وكثيرا ما تحدث عن تجريف العقل المصرى وكيف وصل بنا الحال الى ما نحن فيه.. وفى إحدى المرات قال هل تتصور ان العقل المصرى فى بداية القرن الماضى كان افضل منه الآن .. منذ مائة عام كان لدينا محمد عبده وطه حسين وهذا الفكر المتجدد وكنا نطرح من القضايا والاجتهادات مالا يستطيع احد طرحه او مناقشته الآن .. كانت زياراتى الدائمة وحواراتى مع الأستاذ هيكل لسنوات طويلة تمثل زادا فكريا وإنسانيا عميقا كان دائما يقبل الخلاف معه فى كل القضايا ولكنه كان عفا مترفعا فى اسلوبه واختيار كلماته ولم يعرف للترخص طريقا طوال مشواره ..
كان الأستاذ هيكل دائما حاضرا فى كل الأوقات والأزمنة وقيل بعد رحيل عبد الناصر ان نجمه قد خفت ولكنه ازداد بريقا و فى عهد السادات وبقى على خلافه معه حيا وميتا .. وكان قادرا دائما ان يحرك المياه الراكدة ويشعل الساحة حوله بحضوره الطاغى وفكره المتجدد .. كنت ترى حوله كل أصحاب الفكر من اقصى اليمين إلى أقصى اليسار وحين جمع فى الأهرام اكبر حشد من عقول مصر ومبدعيها لم يكن يفرق بين فكر وآخر بل كان قادرا دائما أن يحتوى الجميع بنبل وترفع كان يرفض ان يجتمع مع كتاب الأهرام فى مكتبه بل كان يذهب اليهم فى مكتب الراحل الكبير توفيق الحكيم، على المستوى المهنى فقدت أستاذا علمنى الكثير وعلى المستوى الفكرى فقدت الثقافة المصرية وصاحبة الجلالة واحدا من أصدق وأبرز وأعمق أبنائها ثقافة وحضورا ودورا .. وعلى المستوى الإنسانى فقدت صديقا كبيراُ عشت معه كل سنوات عمرى محررا مبتدأ فى الأهرام ثم اكملنا معا مشوار الحياة لأكثر من اربعين عاما ..
سوف أفتقد الأستاذ هيكل وكثيراُ ما كنت الجأ إليه فى الأزمات والشدائد أرى عنده القرار السليم والرؤى الصائبة .. سوف افتقد رمزا من رموز مصر التى صالت وجالت فى سماء هذا الكون قصة كفاح وعطاء ومسئولية .. كان مصريا حتى النخاع مؤمنا بقضايا امته العربية مدافعا عنها بشموخ وجلد .. كان إنسانا بكل ما حملت الكلمة من هموم العصر وازماته وكان يقول سوف اكون حزينا ان ارحل وقد تغير وجه الحياة والبشر بهذه الصورة الموحشة.
إن هيكل الآن فى رحاب خالقه لقد أخذ مكانه فى التاريخ رمزا كبيراُ ومضيئا ..وربما إختلف البعض معه فى حياته ولكن لا خلاف اليوم بيننا ونحن نودعه إننا خسرنا قيمة كبرى من رموز هذا الوطن ..
إن هيكل الإنسان مشعل الأفكار والرؤى والمعارك قد غاب ولكن هيكل التجربة والمسار والمشوار اكبر من الغياب .
أستاذى محمد حسنين هيكل سوف افتقدك كثيراُ.
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.