ولأن الوطن ليس حكرا على طائفة أو جماعة بعينها، ولأن الوطن ليس ملكا لتيار ملكية خاصة أو لفئة ملكية منفعة، ولأنها مصرنا جميعا فقد لاقت مجموعة القرارات التى أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى يوم الشباب المصرى صدى طيبا فى نفوسنا جميعا ليس فقد لأنها بهدف تمكين الشباب سياسيا وثقافيا ورياضيا واقتصاديا، وانما لأنها فى المقام الأول تستهدف إنفاذ القيم الوطنية الأصيلة فى نفوسهم بل والعمل على غرس هذه القيم فى النشء الجديد من الأجيال المقبلة. وفى هذا السياق لا يمكن تصور مدى ما تحققه المسابقات الثقافية والرياضية فى نفوس البراعم الصغيرة من تلاميذ وتلميذات المراحل الدراسية الأولى فى المدارس المصرية الحكومية منها والخاصة، ولنا تجربة سابقة حققت نجاحا مبهرا كانت تقودها المدارس القومية فى الستينيات من القرن السابق، حيث دأبت على إجراء مثل هذه المسابقات المتعددة والتى ضمت مسابقات رياضية وثقافية فى يوم واحد تلتقى فيه مدارسها فى المناطق التعليمية خاصة منطقة شرق القاهرة والتى تبوأت مركز الرياضة فى ذلك اليوم، وبالطبع كان ذلك اليوم يمثل تتويجا لنشاط كبير داخل المدارس التى حرص المعلمون بها، خاصة معلمو اللغة العربية على اكتشاف المواهب الصغيرة من التلاميذ فى مناحى الخطابة والقاء الاشعار الوطنية والعمل على التقدم بهم فى هذا اليوم فى ظل مناخ تنافسى يسعد به الجميع، ويشعر معه كل تلميذ تم اختياره بالتميز الشديد وبالقدرة على بدء مشواره بدعم كبير لا يقتصر فقط على دعم معلمه ومدرسته بل ودعم كبار الكتاب والأدباء الذين يقتطعون من وقتهم الثمين للاستماع لهؤلاء التلاميذ وتقديم الجوائز لهم والتى تستقر فى نفوس هذه البراعم مع كلماتهم الغالية فى صورة قيم وطنية لا يمكن انتزاعها منهم وإن طال الزمن، بل وتحفزهم على المزيد من التقدم فى الدراسة والسعى لتدعيم هذه الموهبة والتى تستمر المدرسة بمعلميها فى رعايتها، ومن أبرز الكتاب الذين حرصوا على الوجود فى هذه المسابقات الثقافية كان الأستاذ صالح جودت والذى لم يكتف بالحضور والتحكيم بل كان يكتب مشيدا بهذه المواهب فى الصحف، ولنا أن نتصور النتيجة الايجابية لذلك الاهتمام فى نفوس النشء الجديد من الثقة بالنفس فقد كان الأمر يتطور بهم عقب ذلك إلى التقدم للترشح لانتخابات اتحادات الطلاب بمدارسهم، كما كانوا يدفعون للالتقاء فى اجتماعات دورية باتحادات الطلاب فى مدارس المناطق التعليمية ثم باتحاد طلاب الجمهورية مما كان يدعم قدراتهم على الحوار واحترام الرأى الآخر والاهتمام بقضايا وطنهم، بل وقضايا الوطن العربي، حتى أن بعض هذه الاجتماعات كان يحضرها ممثلون لاتحاد طلاب فلسطين والذين كانوا يحرصون على إلقاء اشعارهم الوطنية وطرح قضيتهم بما يمس القلوب الصغيرة والنفوس النقية التى لا يمكنها بعد سنوات طويلة ان تنسى هذه المأساة والدور إزاءها، وبالطبع فإن كل هذه الثقافة الوطنية كانت تنتقل معهم إلى الجامعات وتأخذ طريقها فى قنوات مختلفة من خلال أنشطة الأسر الطلابية. وقد نجحت المسابقات نجاحا غير مسبوق وساهمت فى غرس القيم الوطنية التى بقيت محفورة فى أفئدة ذلك الجيل حتى الآن. ونستطيع أن نعتبر هذه المسابقات بمثابة «سنة أولى سياسة» وبمثابة جرس ينبه الوعى الوطنى لدى أجيال المستقبل ويدفعهم إلى المزيد من الرغبة فى المشاركة فى قضايا الوطن وهمومه، بل ويعمق الانتماء الصحيح لمصر بصورة قوية بما يشكل شخصية المواطن المصرى فى موقعها المستقبلى والتى تعمل على أن تحمل نصيبها فى خدمة الوطن، ويسهم فى ذلك بقدر عظيم الاهتمام بكتابة وتدريس تاريخ مصر الحديث بما يحقق دعم الوعى الوطنى لدى الأجيال الجديد وحتى لا تكون هناك ثغرات ينفذ منها من يكرهون هذا الوطن ويحملون إليه معاول لهدمه. ندعو الله أن يوفقنا إلى البناء الصحيح لأبنائنا حتى تبقى مصر عزيزة أبية على الدوام. لمزيد من مقالات نهال شكري