بدأ النواب الفرنسيون أمس مناقشات يتوقع أن تكون صاخبة، لمشروع تعديل دستورى مثير للجدل يهدف لمحاربة الإرهاب، ولكنه أدى إلى استقالة وزيرة العدل وانتقادات دولية وانقسام فى الأغلبية الحاكمة. وكان الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند قد أعلن بعد ثلاثة أيام من اعتداءات باريس فى 13 نوفمبر الماضى نيته إدراج حالة الطواريء فى الدستور وإسقاط الجنسية الفرنسية عن مزدوجى الجنسية الذين يتورطون فى أعمال إرهابية. ونظم العديد من الفرنسيين مظاهرة أمس أمام مقر الجمعية الوطنية اعتراضا على التعديل المقترح، وكان قد تظاهر آلاف الأشخاص السبت الماضى أيضا فى باريس وعدة مدن أخرى ضد التعديل. ويرى مؤيدو التعديل أن إدراج حالة الطواريء فى الدستور من شأنه ان يرسخ أكثر هذا النظام الاستثنائى بمنحه إطارا دستوريا، بينما يرى معارضوه أن هذا التعديل لا جدوى منه بل وخطر على الحريات العامة. وتلقى هؤلاء دعم المجلس الأوروبى الذى اعتبر أن هذا النظام شهد "تجاوزات من قبل الشرطة" ويساهم فى "تعزيز ازدراء المسلمين". لكن مع ذلك، يظل الجدل الأكبر حول مسالة إسقاط الجنسية، حيث يشار إلى أن القوانين الفرنسية تتيح إسقاط الجنسية عمن حصل عليها منذ أقل من 15 عاما فى حالة الإدانة فى جريمة إرهابية. ويهدف مشروع التعديل إلى توسيع هذا الإجراء ليشمل مزدوجى الجنسية المولودين فى فرنسا، وهو ما يعنى أنه لن يشمل عددا كبيرا. لكن وزيرة العدل المستقيلة كريستيان توبيرا اعتبرت منذ ديسمبر الماضى حين كانت لا تزال فى مهامها أن هذا الأمر "يطرح مشكلة جوهرية بشأن مبدأ أساسى هو الحق الناجم عن الولادة على أرض الوطن. وفى محاولة لتهدئة المعارضة خصوصا فى معسكرها، اقترحت الحكومة صيغة جديدة للنص لا تنطوى على اى اشارة الى الجنسية وتحيل صلاحية اسقاط الجنسية الى القاضي. غير ان ذلك لم يقنع العديد من نواب اليسار كما ان المعارضة اليمينية ليست موحدة بهذا الشأن. وفى الوقت نفسه، تسببت مظاهرة لسائقى سيارات النقل السياحى بفرنسا أمس فى شل الحركة المرورية عند مطار "شارل ديجول"، بعد اعتراض السائقين على قرار الحكومة بتشديد الرقابة على نشاطهم. وبالرغم من أن الحكومة وعدت - من خلال وسيط - بإيجاد حلول فى الأيام القادمة، فإن المتظاهرين يطالبون بلقاء رئيس الوزراء مانويل فالس، مؤكدين اعتزامهم مواصلة التظاهر فى ميدان "ناسيون" بباريس للتنديد بالتدابير التى تهدد نحو 10 الآف وظيفة.