أسماء البشر حدوتة شعبية طويلة، بدأت من آدم وحواء، وستمتد إلى يوم الدين. بعض الأسماء لها جمالها وندرتها وغرائبيتها وتشابهها وتطابقها، وبعضها به شجن يتردد في الأغاني الغرامية، وتسبب السهد، والشوق، والوجد، وأخرى تشيع الابتسام، وغيرها يثير الفضول للتعرف على معناه، والمؤكد أن لكل إنسان اسم. هناك أسماء لها معنى، وأخرى بلا معنى، وغيرها ليس لها تفسير، وأسماء مشتركة بين الذكور والإناث، ومنها المشتق من المهن والحرف، وبعضها يحمل أسماء البلاد، ومنها الأرمني، واليوناني، والبييزنطي، والإسلامي، والمسيحي، واليهودي، وأخرى تركية وإيرانية، ومملوكية، وعثمانية، وجركسية، وبعضها يشتق من الشهور، أو الفصول، أو الطيور والحيوانات، والأشجار والألوان، أو تشبها بالمشاهير، والقادة. والمرتبط منها بأسماء الله الحسنى، والأنبياء والرسل والصحابة يتصدر الأسماء عادة، وتليها أسماء القادة والمشاهير عبر التاريخ، تضاف إليها أسماء الشهور وفصول السنة، وغيرها الكثير. وإذا كان الاسم غير محبب لصاحبه قد يبادر لتغييره، عبر إجراءات كثيرة ومعقدة من السجلات المدنية، إلى القضاء، ونشر الاسم بالصحيفة الرسمية، لما يترتب على ذلك من أوضاع قانونية، ومؤخرا منعت الحكومة الأسماء المُركَّبة، وبعض الدول الإسلامية ترفض منح تأشيرة لأسماء «عبد الرسول» و«عبد النبي»، لأن العبودية لله وحده، والأصح هو اسم «عبد رب النبي». وهناك شركات لألبان الأطفال توزع كتيبات بالأسماء مع منتجاتها لمساعدة الأسر في اختيار أسماء أولادهم الجُدد. ويدخل الناس لفظ الجلالة في أسمائهم مثل (عبد الله، ونصر الله، وعوض الله، وشكر الله، وبهاء الله) وتنتشر الأسماء المقترنة بأسماء الله الحسنى مثل ( عبد الموجود، وعبد الصمد، وعبد القدوس، وعبد الرحمن، وعبد الملك). ويتبركون أيضا بأسماء الأنبياء والرسل، وهي منتشرة في مصر بكثرة، مثل (موسى، وعيسى، ومحمد، وآدم، وإبراهيم، وهارون، ويحيى، ويونس)، وكذا أسماء زوجات وأبناء والرسول مثل (خديجة، وعائشة، ورقية، وسكينة، وفاطمة، وزينب)، ويتبرك آخرون بأحفاد الرسول (الحسن، والحسين)، وأسماء الصحابة ( أبو بكر، وعثمان، وعمر، وعمرو، وعلى)، وبلال مؤذن الرسول (صلى الله عليه وسلم ). وفي المسيحية يتبركون بتلاميذ المسيح (يوحنا، ومتى، وبولس، ولوقا)، وللشهور القمرية نصيب من الأسماء مثل (رجب، وشعبان، ورمضان، ومحرم)، وأيضا أسماء المهن والحرف مثل (الجنايني، والخضري، والحصري، والنجار، والحلواني، والكبابجي، والبقال، والفوال، والسماك، والشيال، والنقلي، والمزين، والساعاتي، والميقاتى، والقهوجي). وأشار المبدع الراحل «توفيق الحكيم» إلى اسم الجرَّاح الشهير «عبد الله الكاتب» مازحاً: «البلد دى الحكيم فيها كاتب.. والكاتب فيها حكيم». وبعض الآباء يهتمون بتكرار الحرف الأول من اسم الجد في الأبناء والأحفاد، مثل ( ناجي، ونبيل، وناشد)، وآخرون يكررون اسم الأب والجد، مثل (محمد محمد محمد )، وهو أكثر الأسماء انتشارا، وتكرارا في مصر، أو (على على على)، ولا ننسى حرص الأسرة العلوية في عهد الملك فاروق على اختيار أسماء كلها تبدأ بحرف «الفاء» تيمنا باسم الملك فؤاد، وشقيقات فاروق هن الأميرات فوزية وفوقية وفريال وفادية، وحين تزوج الملك فاروق كان اسم زوجته فريدة، وبناته حملن أسماء عماتهن، وعندما أنجب فاروق ابنا أسماه أحمد فؤاد. ولا يزال لآلهة وملوك مصر القديمة نصيب من أسماء المصريين إلى الآن، (أوزوريس، وإيزيس، وآمون، ورمسيس، ومينا، وأحمس، وتحتمس، وكليوباترا، ونفرتيتي، وأبو الهول). ومن أكثر الزعماء والمشاهير انتشارا (هتلر، وغاندي، ونابليون، وجاجارين، والقذافي، وجيفارا، ومانديلا، وأكثرها انتشارا في مصر هو جمال عبد الناصر، بتنويعاته مثل جمال، وناصر، والناصر). ومن الألوان اشتق الناس أسماء (الأبيض، والأحمر، والأسمر، والأشقر، والأسود، والقمحاوي)، وهناك أسماء مقترنة بالدين مثل (عز الدين، وبهاء الدين، ونصر الدين، وشهاب الدين، وتقي الدين). وفى بداية الدراسة عادة يتعرف المدرس على أسماء الطلاب، فإذا ذكر أحدهم اسماً غريباً سأله المدرس عن معناه، ومنها مثلا (وهمان، والعو، وشلهوب، وبرويل)، ولا تخلو بعض الأسماء من غرابة، وبهجة مثل (قمر الدولة، وعز الدولة، وأبو دولة، وغنِّيوة، وجار النبي الحلو). وهناك أسماء رقيقة مثل «ميرال» أى غزالة بالفارسية، و« شيرويت » قطرات الندى على الزهور، و«لورين» أي الملكة المتوجة، و«جودى» الجبل الذي رست عليه سفينة نوح، و«لوما» أي الغزال الشارد. ولا يخلو الأمر من أسماء طريفة مثل (السكران، وفايق، والأحول، والأشول، وبرىء، ومظلوم، وصالح، ونافع، وثائر، وهادي، وشوق، وهجر، وإخلاص، وناقص، وزايد، والسايس، والسائق، والفوَّال، والزيَّات، وقابيل وهابيل، والصغير والطويل، وقنديل، وظلام، ومقيت ومجيب، وحدَّاد وخرَّاط، وبنَّان، والأقرع، وشعراوي)، وهكذا. والبعض يحب الأسماء الافرنجية مثل مونيكا، وجون، ومايكل، وسام، وبيتر، وصوفي، وإليزابيث، وكارولين، وجاكلين، وكلير، ومارك. وليس عجيبا تشابه الأسماء أو تطابقها في الاسم الأول والثاني، وأحيانا الثالث، مثل محمد أحمد، وعلى أحمد محمد، وبعضها يتطابق إلى الاسم الرابع، وهذا قد يُعرِّض أصحابها لمشاكل في الجرائم والضرائب والميراث، وفي قوائم الانتظار بالمطارات. وهناك أسماء من مجال المعمار، مثل عمارة، والرملى، والحجرى، والحجار، والطوبي، والجيَّار، وزلط، والنقاش، والحفار، والجباس والترابى، ودبشة، وغير ذلك. وبعضها مسبوق بكلمة (أبو) مثل أبو سديرة، وأبو علي، وأبو تريكة، وأبو سنة، وأبو ستيت، وأبو الليل، وأبو النيل، وبعض العائلات في الصعيد والدلتا لا يحبون ذكر اسم السيدات فيقولون أم أحمد وأم على، وما إلى ذلك. وثمة أسماء من جسم الإنسان مثل (ظافر، وعُقلة، وأبو العيون، والحاجب، والكاحل)، وغيرها لها معنى إنساني مثل (سامي، ونبيل، وأمير، وسامح، وكريم، وأمين، وتقي، وسعيد)، وأخرى لها معان رومانسية مثل (هيام، وغرام)، وأخرى تعكس معاني الاشتعال والنار مثل (غازي، ولهب، وشعلة، وولعة، ونار)، ويذكر أن «عمر بن الخطاب» سأل احدهم عن اسمه فقال : «صخر بن لهب بن حرب» فضاحكه قائلا : «أدرك بيتك فقد احترق». وأسماء مشتقة من الأقمشة مثل (حريري، وصوفي، وقمَّاش، ونسَّاج، وقُمصان، ومناديلي). وهناك الأسماء الملكية مثل (سلطانة، وملك، ودولت، وأميرة، وسنية، وعلوية، وعظيمة)، وتكثر الأسماء المنسوبة للمناطق والبلاد مثل القناوي، والأسواني، والمنياوي، والفيومي، والقليوبي، والشرقاوي، والبحراوي، والإسكندراني، والمعداوي، والديروطي، والتونسي، والمغربي، والشامي، والبغدادي، واليمني، والسوري، والقبرصي) وما إلى ذلك. وثمة أسماء تُنسب للحيوانات مثل (الأسد، والسبع، والفيل، والبغل، والشبل، والفار، والوحش، والضبع، والديب، والقط، والجمل)، وهناك عائلات اشتهرت بأسماء حيوانات لكنها تجلب لها الشهرة، مثل (الحيوان، والجحش، والبغل، أبو جاموس، والتعلب، والديب، وأبو كلبة، وغيرها)، وكانت تنتشر في الريف بشكل ملحوظ. وأيضا أسماء الطيور مثل (عصفور، وحمامة، وصقر، والهدهد، والغراب، والبطرىق، وبلبل، وكتكوت، ونحلة، وبطة، ووزة)، وحتى أسماء (القرش ، والحوت، وسمك، وبلطية، وبحرى). وظلت عائلات تعتز بالأسماء التركية والمملوكية والعثمانية والإيرانية مثل (شاهيناز، وصافيناز، وشيريهان، وماهيتاب، ونورهان، وشكيب، وخيرت، ونيرمين، وباهيناز، وشاهينار، ومهريمار، وورد شاه، وورد شان، وشاهندا، وشوكت، وعصمت). وهناك أسماء تعبر عن الإعاقات والصفات والأحاسيس مثل (الأطرش، والأخرس، والعريان، ونشوة، وسمعان، وطاهر، والساكت، وسراج، ومنير، والحلو، والمر)، وللنباتات نصيب مثل ( قوطة، وحشيش، وخضرة، ونخلة)، ومن الأزهار (نرجس، وياسمين، وروز، وفلة، ووردة، وسوسن، وفيوليت، وبسنت، وأزهار، وسندس، وتيوليب، وزهرة، وسوسنة). ومن الأسماء الملتبسة التي تطلق على الذكور والإناث معا مثل (عصمت، وعفاف، وعفت، ووسام، ووئام، ورجاء، وولاء)، ويفسرها البعض بأن الأسرة تخاف على المولود الذكر من الحسد فتطلق عليه اسما يبدو لأنثى. وهناك أسماء الأحجار الكريمة مثل (مرجان، وياقوت، وزمردة)، وأسماء المعادن مثل (دهب، وفضة، ولؤلؤة، وحديد، وألمظ)، ومن أسماء الطبيعة (سما، وبحر، وجبل، ونهر، ومطر، وميسون)، ومن أسماء الكواكب (عطارد، وشمس، وقمر، وهلال، ونجم، وبدرة، وشهاب). والأسماء القديمة في الثلاثينات وما قبلها مثل (زغلول، وبقطر، وتفيدة، وعزيزة، ونعيمة، وفلة، وحكمت، وزليخة، وبهلول، ودحروج، وسعدية، وروحية، وتحية، ونجفة)، إن لم تكن اختفت، فقد أصبحت محدودة جدا، وظهر بدلا منها أسماء عصرية مثل (مها، وسها، وهنا، وجومانا، وجودي، وملك، وتمارا، وشيري، وكرمة، ومي، ومرح، وشهد، وروان، وجنى) وما إلى ذلك.