تظل القناطر الخيرية شاهدة علي عظمة وجمال مصر المحروسة, تحمل ببنيتها وبأسرار بنائها وجهود من شيدوها رائحة الماضي الجميل الذي حنت إليه وأقامت معه بهية حلاوة حالة من الوصال لا تنقطع في مجلة ديوان التي ترأس تحريرها, وتصر في عددها الثاني الصادر مطلع هذا الشهر عن الأهرام علي أن تظل ذاكرة مصر تاريخا لا يهمله التاريخ ولا يسكت صداها ولا تجف لها صحف ولا ترفع أقلام. القناطر الخيرية القناطر الخيرية المجيدية سابقا هي موضوع العدد الذي تصدرت صوره غلاف المجلة, حكاية طويلة لا يحسب عمرها بالسنين التي جاوزت العشرين في البناء فقط, ولا بالألف ميل مربع مجمل مساحتها المائية, قدر ما يحسب بالأهداف الكبري التي شيدت من أجلها, والرجالات الذين بذلوا الجهد في التصميم والانشاء والتقوية, وآلاف السواقي التي وفرها المشروع وعددها25 ألف ساقية وشادوف, والملايين الثلاثة ونصف المليون التي تكلفها الانشاء. سميت القناطر الخيرية بالمجيدية نسبة إلي السلطان العثماني عبدالمجيد خان الأول(1839 1861) والذي شهد عهده بداية الإنشاء. إلا أن أمر تنفيذ البناء جاء في عهد محمد علي عام1833, ومع هذا لم يبدأ المشروع إلا في12 مايو1843 أي بعد10 سنوات كاملة من صدور أمر التنفيذ, أما حجر الأساس فوضعه محمد علي باشا عام1847 أي بعد43 عاما من حكمه. المكان محافظة القليوبية, علي بعد22 كيلومترا من العاصمة القاهرة, وبالتحديد بموقع فريد علي فرعي دمياط ورشيد, أما الحدث فهو إنشاء واحدة من أعظم أعمال الري المصري بطول8400 ميل, وبسواعد فرنسية إنجليزية مصرية بنيت القناطر الخيرية. تقفز من ذاكرة التاريخ أسماء المهندس الفرنسي لينان دي بلفون بك والمهندسين: الفرنسي موجيل بك وبهجت باشا ومظهر باشا وأسماء المهندسين الانجليز السير جون فولر, مستر راندول, مستر ولكوكسي, مستر فونكريف. جاء تصميم القناطر الخيرية وقرار إنشائها علي مراحل, أما الهدف فكان رفع مستوي النيل وراءها, حتي يمكن لثلاث ترع كبري هي: الرياح التوفيقي لري شرق الدلتا والرياح المنوفي لري وسط الدلتا ورياح البحيرة لري غرب الدلتا ولتأخذ مياهها زمن التحاريق. وقف وراء المشروع الضخم المهندس الفرنسي لينان دي بلفون بك يساعده1200 عامل مصري واجنبي ويخدمه خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتي نهر النيل وتوالت المراحل إلي أن تم البناء وتمت التقوية لتبقي القناطر الخيرية واحدة من أعظم وأشهر متنزهات مصر حتي الآن. ديوان الأهرام الذي صممه سامح الكاشف بذوق رفيع ابحار واسع بعرض التاريخ المصري, تقرأ فيه تاريخ شارع كلوت بك, وقصر التحرير هدية الأميرة المتصوفة لوزارة الخارجية كما تستعيد شخصيات مصر التي لا تسقط من الذاكرة بالتقادم نبوية موسي رائدة تعليم البنات, نجمة إبراهيم ملكة الرعب, روز اليوسف, كما تستمتع بزهور أعياد الربيع ومدائن صالح وملحمة العرب الخالدة السيرة الهلالية.