1 - أظن أننا بحاجة لعملية جرد ومراجعة لحصاد السنوات الخمس الماضية لكي نعرف بدقة ما إذا كان ما يسمي «الربيع العربي» قد أفرز نعمة ملموسة علي أوطان الأمة أم أنه جاء في إجماله نقمة مدمرة تحت رايات العنف والفوضي. خسرت أوطان الأمة ما يقرب من مليون ونصف المليون قتيل وانهار الإنتاج المحلي إلي أدني مستوياته في السنوات العشرين الأخيرة وتراجعت أرقام السياح الوافدين إلي شواطئ منتجعات وآثار بلادنا إلي نسب متدنية للغاية وبلغ حجم الدمار مدي لم تعرفه بلادنا في سلسلة حروبها طوال ما يزيد على مائة عام وانهارت البنية الأساسية انهيارا مريعا يحتاج إصلاحه وترميمه إلي مئات المليارات من الدولارات وتعاظمت نسبة هروب الاستثمارات الأجنبية لدرجة مخيفة ومقلقة وهبطت أسعار البترول إلي أدني مستوياتها مما أحدث خللا كبيرا في منظومة المال العربية. واكتشف الذين هللوا للربيع العربي أنهم غرقوا في بحور التفاؤل ولم يتحسبوا للعواقب التي حملت في طياتها بذور الفتن الطائفية والمذهبية وزيادة الأعباء والمخاطر الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل هذه الأجواء التي وفرت الفرصة السانحة لأصحاب نظرية الفوضي الخلاقة انتعشت فصائل العنف والإرهاب وتراجعت درجة الاهتمام بقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. هكذا بين يوم وليلة لم يعد أحد من المحيط إلي الخليج يسمع شيئا عن الوحدة العربية أو التكامل الاقتصادي أو الحدود المفتوحة وإنما جري استبدال لغة الخطاب العام لتسيطر عليه مفردات التقسيم والتفكيك وبعد أن كان التدخل الأجنبي في الشئون العربية رجسا من عمل الشيطان بات في ظل الربيع العربي مطلبا رسميا وشعبيا في بؤر الصراع الملتهبة مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا. ولأن كل ما جري في السنوات الخمس الماضية جاء بالمخالفة الصريحة لكل قواعد العقل والمنطق والحساب السياسي الصحيح فإن التنبؤ بما هو قادم مع بداية عام 2016 يظل هو الآخر خارج الحسابات ويحتاج إلي معجزة إلهية... قولوا جميعا يارب! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: من اعتبر مما يري في الحياة من متناقضات قويت بصيرته ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله