أعدَّ الدكتور عبد العزيز صلاح سالم، الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، والخبير الدولى فى التراث، دراسة علمية حول رؤية استراتيجية جديدة لحماية الأمن المائى فى مصر، والحد من الأخطار التى يتعرض لها نهر النيل، وتراثه الثقافى والطبيعي، من جراء بناء «سد النهضة» الأثيوبي، بهدف الاستفادة من بنودها سواء فى ملف المفاوضات الجارية حول أخطار السد على الأمن المائى المصري، أو فى حماية التراث الثقافى والطبيعى للنهر بدول حوض النيل، من خلال تعزيز التعاون المشترك بينها وبين مصر. تسعى هذه الرؤية الاستراتيجية الجديدة إلى إبراز تفاقم المخاطر المحدقة بنهر النيل وتراثه الثقافى والطبيعى فى دول حوض النيل كافة، سواء من جراء بناء سد النهضة فى أثيوبيا، أو من إنشاء سدود جديدة بدول منابع نهر النيل، مما يستلزم مواكبة التحديات الحالية من خلال اعتماد استراتيجيات جديدة فاعلة للحد من خطورة السد على المواقع التراثية والطبيعية، وفق نصوص الاتفاقيات والمواثيق الدولية الهادفة إلى حماية مواقع التراث العالمى من الأخطار، وتوفير الحماية القانونية الدولية لنهر النيل، ومواقعه الثقافية والطبيعية، بالإضافة إلى التوسع فى عقد الاتفاقيات الثنائية مع دول حوض النيل فى مجالات متعددة. وتأتى أهمية هذه الاستراتيجية فى اعتمادها على القانون الدولى والنصوص الأساسية للاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافى والطبيعى المعرض للأخطار بدول حوض النيل، والعمل على تعزيز التعاون المشترك بينها فى مجالات حماية التراث الثقافى والطبيعى بدولها، وتسجيله فى قائمة التراث العالمى باليونيسكو، والتوسع فى إقامة متاحفه المتخصصة على ضفتى النهر فى دول حوض النيل كافة. ويقول الدكتور عبد العزيز إن استخدام الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافى والطبيعى العالمى المعرض للأخطار من جراء بناء سد النهضة سيكون ورقة رابحة وملفا إضافيا فى تعزيز فرص مصر فى المفاوضات الجارية مع أثيوبيا، وبخاصة فى العمل على الحد من مخاطر السد سواء فى مصر أو على دول حوض النيل، وكذلك الحد من إنشاء سدود مستقبلية فى دول الحوض، لتأثيرها المباشر على تدمير المواقع الأثرية والطبيعية، وبخاصة فى دول منابع نهر النيل. ويشير إلى أن أهمية هذا المشروع تكمن - على وجه الخصوص - فى ضوء الصعوبات التى تواجه المفاوضات الحالية مع أثيوبيا، لذا يستوجب الأمر إشراك المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية العاملة فى مجال حماية التراث الثقافى والطبيعي، وبخاصة منظمة اليونيسكو، ولجنة التراث العالمي، ومجلس الأمن، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية النيل وتراثه الثقافى والطبيعى من الأخطار، والحد من إنشاء سدود مستقبلية فى دول منابع نهر النيل، وهو ما من شأنه تعزيز موقف مصر عند اللجوء إلى التحكيم الدولى الذى بات وشيكا فى هذا الشأن، وفق قوله. ويؤكد الباحث أن الإرث الثقافى والطبيعى بدول حوض النيل فى حاجة شديدة إلى استراتيجية جديدة لتقويم الوضع الراهن لتراثها الثقافى والطبيعى وحمايته، وحصر المعالم والمواقع الأثرية والتاريخية والثقافية والدينية المعرضة للأخطار فيها، وكذلك دراسة سبل المحافظة على خزائن الذاكرة على ضفاف نهر النيل، من خلال جمع التحف والوثائق الخاصة بنهر النيل فى جميع دول الحوض، وتصنيفها، ووضعها فى متاحف نوعية متخصصة على امتداد النهر، علاوة على تشجيع إقامة الأماكن السياحية وتهيئة المواقع التراثية على ضفاف النهر، لتعزيز الحوار والتعاون المشترك بين دول الحوض لحماية حقوق الأجيال القادمة، وتقديم مقترحات عملية لمساعدة دوله المحتاجة إلى النهوض بمسئولياتها فى الحفاظ على نهر النيل وتراثه الثقافى والطبيعي، والمحافظة عليه، ووضع الحلول الناجعة لمواجهة الأخطار الحالية، وتعزيز التعاون المشترك بين مصر ودول حوض النيل كافة انطلاقا من الاتفاقيات الحاكمة فى هذا الإطار، وتقديم جميع أشكال الدعم المادى والتقنى لدول حوض النيل لتسجيل مواقعها الثقافية والطبيعية بقائمة التراث العالمي.