مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بصاروخ كروز والطيران المسير    سالم حنيش يكشف نقاط القوة في الترجي قبل مواجهة الأهلي    أسرار «قلق» مُدربي الأندية من حسام حسن    أتالانتا يتأهل لنهائي الدوري الأوروبي بثلاثية أمام مارسيليا    "الناس بتضحك علينا".. شوبير معلقًا على أزمة الشحات و الشيبي    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    التنمية المحلية: 9 آلاف طلب تصالح على مخالفات البناء خلال يومين    عيار 21 يتراجع لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة 10 مايو 2024 بالصاغة    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    أشرف صبحي يكشف ل«أخبار اليوم» تحديات وزارة الرياضة منذ توليه المهمة    مصرع عقيد شرطة في تصادم سيارة ملاكي بجمل بطريق الزعفرانة ببني سويف    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    كريم السبكي: عمرو يوسف باع قلبه في فيلم شقو    حركة حماس توجه رسالة إلى المقاومة الفلسطينية    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    الاحتلال يسلم إخطارات هدم لمنزلين على أطراف حي الغناوي في بلدة عزون شرق قلقيلية    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    بمناسبة يوم أوروبا.. سفير الاتحاد الأوروبي ينظم احتفالية ويشيد باتفاقية الشراكة مع مصر    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    تصل ل40 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة المتوقعة باكر    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    لمناقشة الموازنة.. مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الإجتماعي بمجلس النواب    بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 10 مايو بالبورصة والأسواق    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    الفوائد الصحية للشاي الأسود والأخضر في مواجهة السكري    محافظ مطروح يشارك في المؤتمر السنوي لإحدى مؤسسات المجتمع المدني    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    مرادف «قوامين» و«اقترف».. سؤال محير للصف الثاني الثانوي    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان وطني موجود ومشهر وحاصل على ترخيص    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    اليوم.. قطع المياه لمدة 8 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة اليوم    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    لمواليد برج العذراء والثور والجدي.. تأثير الحالة الفلكية على الأبراج الترابية في الأسبوع الثاني من مايو    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    حدث بالفن| فنانة تكشف عودة العوضي وياسمين ووفاة والدة نجمة وانهيار كريم عبد العزيز    فيديو.. ريهام سعيد: "مفيش أي دكتور عنده علاج يرجعني بني آدمه"    سعود أبو سلطان يطرح أغنيته الجديدة الثوب الأبيض    الدفاع الأمريكية: نريد إزالة حماس من رفح بشكل ملائم.. وقدمنا أفكارنا لإسرائيل    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهديدات خطيرة تواجه الأمن القومى المصرى
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 01 - 2016

جغرافيا مصر وديموجرافيتها وضعتها محط أنظار وأطماع العالم كما فرضت عليها دور الدولة المحورية فى منطقتها مدافعة عن حقوق شعوبها، وتبدو مصر منذ ثورة 30 يونيو فى مواجهة شاملة مع مصادر تهديد متعددة لأمنها القومى يقع العبء الأكبر على القوات المسلحة المصرية التى هى فى الاساس المدافع الاول عن الامن القومى المصري،
ولا يمكن لصانع القرار المصرى أيا كان أن يغفل حقائق الجغرافيا وتراكمات التاريخ التى تفرض عليه تبنى مفهوم للأمن القومى يشمل مجموعة اجراءات لحماية مصالحها الداخلية والخارجية من أى تهديد ، وبما يضمن تحقيق أهدافها وغاياتها القومية، وقبل كل ذلك تحديد الأخطار أو مصادر التهديد لأمنها القومى ومنها عدة أخطار اقليمية ودولية .
تمثل إسرائيل الخطر الأول على مصر خلال المرحلة المقبلة بسبب توجهات الأحزاب والقوى اليمينية المسيطرة على صناعة القرار الاسرائيلى التى لا تؤمن بعملية السلام مع العرب ولا حقوق الشعب الفلسطينى فى دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية , خاصة أن هذه القوى هى الفاعلة حاليا ومستقبلا فى المشهد السياسي. كما أن الحصار الاسرائيلى لغزة سيجعل من الصعوبة على مصر ضبط حدودها ومواجهة تجارة الأنفاق ومخاطرها خاصة ما يتعلق منها بتهريب السلاح والإرهابيين ومن ثم زيادة حدة المخاطر فى سيناء المرتبطة بالتنظيمات الارهابية هناك التى تقوم قوات الامن والجيش بعمليات واسعة النطاق ضدها.
كما تمثل القدرات العسكرية الاسرائيلية الضخمة بامتلاكها جيشا قوامه 168 ألف جندى بالإضافة إلي أكثر من 400 ألف من جنود الاحتياط، خطرا محدقا بمصر، حيث وضعت تل أبيب خططا متتالية أخطرها الاستعداد لاشعال حرب محتملة مع مصر فى أى وقت استنادا الى الدعم الأمريكى غير المحدود لها وامتلاكها أكبر ترسانة عسكرية فى الشرق الأوسط بتكنولوجيا متقدمة، فلديها أكثر من 3930 دبابة من صنع أمريكى وإسرائيلى ونحو 5500 مدرعة و أصناف متقدمة من المدفعية، و1400 طائرة عسكرية قتالية بالاضافة إلى طائرات استطلاعية وبدون طيار وسفن وزوارق بحرية وأربع غواصات وقدرات صاروخية يبلغ مداها من 500 الى 1300 و 1500 و4000 كيلومتر. و مجموعة صواريخ آرو 1 وآرو 2، بالإضافة إلى صواريخ أريحا (1-2-3) وشافيت، طويلة المدى وبإمكانها حمل رؤوس نووية حيث تمتلك منها 300 رأس نووي. كما يمثل المصريون فى إسرائيل (40 ألفا) ناقوس خطر يهدد الأمن القومى المصرى من حيث امكانية تجنيدهم فى أعمال التجسس على مصر ومعظمهم متزوج من إسرائيليات ويتركزون فى مدن الناصرة وبئر سبع وحيفا ويافا .
وفى إطار نظرية «شد أطراف» مصر والدول العربية، أقامت اسرائيل علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية واستخباراتية مع اثيوبيا واريتريا وكينيا وأوغندا وغيرها من دول حوض النيل لتطويق مصر والسيطرة على البحر الأحمر وضرب المصالح العربية فى القارة الافريقية، وتم ذلك من خلال المشروعات الزراعية والصناعية فى هذه الدول بالاضافة الى مراكز المراقبة وجمع المعلومات ومهابط للطائرات ومحطات لرصد ومتابعة السفن فى جزيرتى (فاطمة) و(حالب) بالقرب من مضيق باب المندب لاستخدامها من جانب القوات الإسرائيلية عند الضرورة ومرفأ فى جزيرة رأس سنتينان لاستقبال السفن الحربية الإسرائيلية ، وآخر فى جزيرة موسى جنوب عصب ، وإلى الجنوب منه رادار على قمة جبل سوركين، وذلك لمراقبة السفن التى تمر عبر باب المندب عند مدخل البحر الأحمر، ، مع العمل على تهديد أمن الدول العربية المعتمدة على نهر النيل (مصر والسودان) حيث نجحت اسرائيل بفرض اتفاقية عنتيبى التى تضر بحقوق مصر والسودان المائية وبما شكل تهديدا لأمنها المائى كما تستخدم إسرائيل نفوذها فى اثيوبيا وأوغندا وكينيا واريتريا للضغط على السودان وصولاً الى تقسيمه وضمان انفصال دارفور بعد النجاح فى انفصال الجنوب فى سياق إعادة ترتيب الخارطة الإقليمية .
أزمات قادمة من الجنوب
ومن الجنوب، تأتى الأخطار الحقيقية التى قد تدفع مصر إلى ساحة الحرب، وتتمثل أولا فى إقامة إثيوبيا عددا من السدود على منابع نهر النيل ومنها سد النهضة المتوقع الانتهاء منه فى 2017 والذى يعتبر أكبر سد فى افريقيا على الإطلاق وواحدا من أكبر عشرة سدود على مستوى العالم وسيخزن نحو 74 مليار متر مكعب من المياه بما يسبب أزمة كبرى لمصر حيث سيؤثر على تدفق المياه اليها خاصة فى ظل تجربة بناء سد تانا عام 2010 الذى أدى إلى التأثير على تدفق المياه الواردة لمصر .
كما يواجه مصر خطر تقسيم السودان الشمالى مرة أخرى فى ظل الحرب الأهلية الدائرة فى دارفور, كما يمر السودان باضطرابات عديدة بين دولتى الشمال والجنوب فى ظل الصراع الدموى على الحدود خاصة منطقة أبيى الغنية بالنفط , كما زادت احتمالات عودة الحرب الاهلية لجنوب السودان فى ضوء الصراع بين رياك مشار وسيلفا كير بما يزيد من مخاطر تهريب السلاح الى مصر ومن مخاطر تهديد تدفق مياه النيل اليها .
كما تمثل منطقة القرن الافريقى مصدر تهديد للأمن القومى المصرى فى ظل غياب دولة قوية فى الصومال وتفتيت هذه الدولة لعدة أقاليم منفصلة عن بعضها البعض ومتحاربة منذ بداية تسعينيات القرن العشرين وحتى الان , ويتمثل هذا التهديد فى عرقلة الملاحة فى البحر الاحمر وقناة السويس بما يؤثر بالسلب على مصر من خلال عمليات القرصنة، كما ان الوجود العسكرى المباشر لأمريكا وفرنسا من قواعدها العسكرية فى جيبوتى أو فى قاعدة دييجو جارسيا وأساطيلها فى المحيط الهندى يمثل تهديدا خطيرا لأمن مصر والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، كما أن التحرك الصينى الجديد فى هذه المنطقة والذى يعتمد على فكرة التغيير الناعم مقابل هيمنة الاقتصاد والمصالح النفعية البحتة هو الدافع الرئيسى للموقف الراهن ضد مصر من قبل دول مثل كينيا واثيوبيا وأوغندا فيما يتعلق بحقوق مصرفى نهر النيل.
الجبهة الغربية.. سلاح وإرهاب
لاشك أن الوضع الحالى فى ليبيا يمثل خطرا كبيرا ليس فقط على أمن مصر وانما على مستقبل ليبيا كدولة حيث أصبحت التنظيمات المسلحة المنتشرة خاصة فى شرق وجنوب غرب البلاد بارتباطاتها بتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب والصحراء الكبرى تحكم قبضتها على الأرض الليبية فى ظل ضعف الدولة المركزية هناك، ولتلك التنظيمات معاقل فى درنة وبنغازى فى شرق البلاد ويتراوح عدد أعضاء كل جماعة بين 1500 و3500 مقاتل, وورثت ترسانة ضخمة من مخازن أسلحة نظام العقيد الراحل معمر القذافى يتجاوز تعدادها عدة ملايين من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وأخطرها مستودعان كبيران للأسلحة بمدينة درنة بها الآلاف من قطع أسلحة فردية وثقيلة وعربات مدرعة ومدافع هاون ومضادات الطائرات والدبابات مثل أر بى جى وصواريخ مختلفة الطرز مثل سكود وجراد واستربلاه فضلا عن سيطرتها على العديد من القواعد والمطارات العسكرية وقامت تلك التنظيمات ببيع وتهريب 100 ألف قطعة سلاح فردية و20000 رامية قذائف مختلفة الطرز للجماعات الإرهابية فى الشرق والجنوب الغربى لليبيا، ومن أخطر الميليشيات الليبية المسلحة، الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة وجماعة أنصار الشريعة التى أنشأت فى شرقى ليبيا 4 معسكرات هى (الملاحم فى درنة، والنوفلية جنوب سرت، وخليج بردة والجبل الخضر) لتجهيز وتدريب المسلحين من دول مختلفة منها مصر. كما تنسق مع نظيرتها فى مصر لإنشاء ما يسمى بالجيش المصرى الحر لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر بالتنسيق مع الإخوان وجماعات أنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر فى سيناء والدلتا ضد الجيش والشرطة.واتضح هذا فى العمليات التى استهدفت وزير الداخلية ومديريتى أمن الدقهلية والقاهرة وبعض الكنائس. كما أن هناك خطورة تقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات هى برقة، وفزان، وطرابلس، أو تغيير تركيبتها الجغرافية والسكانية فى ضوء إعلان بعض الجماعات فى ليبيا عن توجهات انفصالية بما سيكون له نتائج اجتماعية سيئة على مصر وخاصة أن قبائل أولاد على تعيش فى المناطق الحدودية بين مصر وليبيا ويتوزعون بين الدولتين مما يعرض مصر وليبيا على حد سواء لعدم الاستقرار.كما أن وجود دويلات ضعيفة على أنقاض ليبيا يعطى فرصة للتدخل الأجنبى فى شئونها وتهديد أمن مصر واستقرارها, لذا فالتوجه الاستراتيجى لمصر خلال المرحلة المقبلة هو ضرورة دعم عملية الكرامة التى يقوم بها اللواء خليفة حفتر باعتبارها مطلبا شعبيا ليبيا عكسته المظاهرات الشعبية فى مدن ليبية عدة وكذا دعم تأسيس جيش ليبى موحد وقوى قادر على مواجهة التنظيمات الإرهابية وضبط الحدود والعمل على منع تقسيم ليبيا بكل الطرق من خلال تأسيس نظام حكم وطنى يشمل كل الليبيين
محاولات استهداف الجيش المصري
أخطر ما يواجه الأمن القومى المصرى التهديد الامريكى الغربى على مصر ومنطقة الشرق الاوسط بعد ان استطاعت ثورة 30 يونيو إيقاف المخطط المعروف بالشرق الاوسط الموسع،وهو الامر الذى جعل الولايات المتحدة الامريكية فى حالة تخبط، ومهاجمتها المستمرة للثورة، وإيقافها المعونة العسكرية عن مصر.
والولايات المتحدة كانت تسعى مع جماعة الاخوان الى تغيير العقيدة العسكرية للقوات المسلحة، بحيث تتحول من عقيدة قتالية إلى مكافحة الإرهاب والشغب، ورصدت لها مبلغ 500 مليون دولار من المعونة العسكرية للبدء فى ذلك التحول، ولم تكن ترغب فى أن تكون لمصر قوة عسكرية تخوض أى معارك أو تهدد أمن إسرائيل، الامر الذى جعلها تأخذ موقفا ضد الثورة وما تلاها، لأن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على خططها التى بدأت فى تنفيذها فى مصر، ومن ثم استكمالها الى باقى دول المنطقة، فالجيش المصرى الآن مستهدف من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
وإذا نظرنا بعمق إلى توجهات الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الاوسط نجد أنها تنفذ خططا طويلة الأجل، بهدف تدمير القوة العربية كاملة، وتفتيت الدول لدرء أى مخاطر عن مصالحها بمساندة بعض دول المنطقة، وبخاصة تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الموسع، والقضاء على محور الشر الذى أعلن عنه من قبل الرئيس الامريكى السابق جورج بوش الأبن فى عام 2001 بعد احداث11 سبتمبر، وكان يقصد وقتها العراق وايران وسوريا.
واستطاع البنتاجون الامريكى ان يضع خططه من اجل الوصول لذلك الهدف من خلال تدمير الجيوش العربية وجعلها بلا قوة قد تعمل على مواجهة اى خطط ترغب فى تنفيذها، وجاءت البداية فى عام2003 وبعد الاحتلال الأمريكى للعراق، ومع تعيين بول بريمر كأول حاكم أمريكى للعراق قام باتخاذ قراره الأول بحل الجيش العراقي. وهو الامر الذى لم يحدث فى اى دولة فى العالم من قبل. فالجيش يعنى هوية الدولة. كما يعنى الاستقرار لها ومواجهة اى عمليات داخلية او خارجية, وحتى لو كان منكسرا بعد حرب لا يمكن ان يتم حله الا لو كانت هناك اسباب تهدف الى ذلك, وهى اسباب تصب جميعها فى مصلحة الولايات المتحدة، وأهمها جعل العراق بلا هوية لإعادة تشكيلها من جديد والعمل على تقسيمها دون اية مقاومة. إلا أن المخطط الامريكى ازداد شراسة مع دخول تنظيم القاعدة فى الاراضى العراقية وتم تدمير ما تبقى من كيان وهوية الدولة العراقية. مما جعل العراق تبتعد عن الصورة الاقليمية بعد أن كانت قوة مؤثرة بشكل كبير فيها.
لم يتوقف المخطط الامريكى الجهنمى عند. هذا الحد فقط بل إن الولايات المتحدة قامت فى عام2004 بإقرار مشروع الشرق الاوسط الموسع فى قمة الثمانى ثم من بعدها فى قمة اسطنبول لحلف الناتو بحيث جعلت للحلف مهام أمنية وإستراتيجية داخل المنطقة من اجل ان يكون له الغلبة من خلال إعادة نشر قواته فى مواقع استراتيجية مثل البحر الاحمر والخليج العربى وقواعد عسكرية فى دول اخري.
وخلال تلك الفترة بدأت الإدارة الأمريكية فى فتح قنوات اتصال مع بعض القوى المعارضة فى بعض الدول العربية لتكون موالية لها فى حال تنفيذ أى ثورات بعد اعلان كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية فى الادارة الامريكية السابقة، عن مصطلح »الفوضى الخلاقة« الذى يجب ان يتم تنفيذه فى منطقة الشرق الاوسط والدول العربية، وحاولت الادارة الامريكية ان يكون لها حلفاء فى حال حدوث ثورات عربية وهو الأمر الذى كانت تخطط له الولايات المتحدة لاعادة تشكيل المنطقة كما ترغبها لحماية مصالحها وجعل اسرائيل هى القوة الوحيدة ومن ثم القضاء على القوة العربية المهددة لها.
وجاءت بعد ذلك ثورات الربيع العربى لتجد الولايات المتحدة دورا أكبر لها لتكون نصيرا للديمقراطية فى الشرق الاوسط، وهو الظاهر من خلال تصريحاتها التى دائما ما تطلقها القيادات فى الادارة، أما الخفى منها فيهدف الى تنفيذ مشروعها الكبير من خلال تدمير مؤسسات الدول، ثم تدمير الجيوش العربية، واضعاف الدول فى القدرة على تحديد مستقبلها منفردة، وتجعل من الولايات المتحدة وصية عليها تنفذ تعليماتها التى هى فى الغالب تدمير لكل ما هو قوى فى تلك الدول مثلما حدث فى النموذج العراقي، وهو ما يظهر جليا فى تعامل الادارة الامريكية مع الملف السوري، فبرغم ما يفعله النظام من قتل وذبح للمدنيين، فإن الولايات المتحدة جاءت لها فرصة ذهبية لتدمير الجيش السورى تماما من خلال تسليح المعارضة وادخال البلاد فى حرب أهلية وتتحول الثورة من سلمية الى دموية يقتتل فيه الجانبان، وفى النهاية تخرج سوريا مهلهلة بلا جيش ومدمرة اقتصاديا، وبها صراعات طائفية.
وقد فعلت ذلك من قبل مع ليبيا من خلال دور الناتو هناك وتسليح المعارضة، ثم بعد ذلك صراعات قبلية تدخل الدولة فى دوامة كبيرة يتم بعدها الاحتكام للولايات المتحدة وحلفائها فى الغرب ليتم تقسيم ليبيا إلى دويلات صغيرة.
أما بالنسبة الى مصر فهى نموذج مختلف بالنسبة لباقى الدول العربية، فمصر ليس بها خلافات إثنية، وليس بها خلافات قبلية فهى دولة متماسكة، حتى بعد الثورة، لان بها جيشا قويا قادرا على حماية الدولة وأركانها، برغم المحاولات العديدة من البعض لاقحام الجيش فى صراعات، فإنه استطاع أن يبتعد عن ذلك كله ويحمى الدولة مرة أخري.
خطر الإرهاب
إن اخطر ما يواجه مصر فى المرحلة الحالية الارهاب العابر للحدود الذى يؤثر بشكل مباشر على امن واستقرار الدولة، ولذا أخذت القوات المسلحة على عاتقها تطهير الاراضى المصرية من تلك الجماعات فى الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، ومحاصرة والقضاء عليه وخاصة فى سيناء والمنطقة الغربية.
مفهوم الأمن القومي
على الرغم من الأهمية القصوى لمفهوم «الأمن» وشيوع استخدامه، فإنه مفهوم حديث فى العلوم السياسية، وقد أدى ذلك إلى اتسامه بالغموض مما أثار عدة مشكلات.
فلا يعد اصطلاح«الأمن» هو أفضل المصطلحات للتعبير عن الأمن الوطنى للدولة المعاصرة من ناحية، كما لم يتبلور المفهوم لكى يصبح حقلا علميا داخل علم السياسة، منفصلا عن علوم الإستراتيجية، تطبق عليه قواعد تأسيس النظرية، بدءا من وضع الفروض وتحديد مناهج البحث الملائمة، واختيار أدوات التحقق العلمي، وقواعد الإثبات والنفى وإمكانية الوصول إلى نظرية عامة، وبالتالى «الوصول إلى قانون يحكم ظاهرة» الأمن الوطني.
أولا: مفهوم الأمن
على الرغم من حداثة الدراسات فى موضوع «الأمن» فإن مفاهيم «الأمن» قد أصبحت محددة وواضحة فى فكر وعقل القيادات السياسية والفكرية فى الكثير من الدول.. وقد برزت كتابات متعددة فى هذا هذا المجال، وشاعت مفاهيم بعينها فى إطاره لعل أبرزها «الأمن القومى الأمريكي» و«الأمن الأوروبي» و«الأمن الإسرائيلي» و«الأمن القومى السوفيتي» قبل تفككه.
وفى مجال التوصل إلى مفهوم متفق عليه «للأمن» فإنه يجدر بنا التعرف على ذلك المدلول فى إطار المدارس الفكرية المعاصرة.
فالأمن من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعنى «حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية».
ولعل من أبرز ما كتب عن«الأمن» هو ما أوضحه روبرت ماكنمار وزير الدفاع الأسبق وأحد مفكرى الاستراتيجية البارزين فى كتابه «جوهر الأمن».. حيث قال: إن الأمن يعنى التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية فى ظل حماية مضمونه، واستطرد قائلا: إن الأمن الحقيقى لدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التى تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها، لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية فى كل المجالات سواء فى الحاضر أو المستقبل.
ولعل أدق مفهوم «للأمن» هو ما ورد فى القرآن الكريم فى قوله سبحانه وتعالى »فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف«. ومن هنا نؤكد أن الأمن هو ضد الخوف، والخوف بالمفهوم الحديث يعنى التهديد الشامل، سواء منه الاقتصادى أو الاجتماعى أو السياسي، الداخلى منه والخارجي.
وفى إطار هذه الحقيقة يكون المفهوم الشامل «للأمن» من وجهة نظرى هو القدرة التى تتمكن بها الدولة من تأمين انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية، الاقتصادية والعسكرية، فى شتى المجالات فى مواجهة المصادر التى تتهددها فى الداخل والخارج، فى السلم وفى الحرب، مع استمرار الانطلاق المؤمن لتلك القوى فى الحاضر والمستقبل تخطيطا للأهداف المخططة.
ثانيا: ركائز وأبعاد ومستويات الأمن
على ضوء المفهوم الشامل للأمن، فإنه يعنى تهيئة الظروف المناسبة والمناخ المناسب للانطلاق بالاستراتيجية المخططة للتنمية الشاملة، بهدف تأمين الدولة من الداخل والخارج، بما يدفع التهديدات باختلاف أبعادها، بالقدر الذى يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له أقصى طاقة للنهوض والتقدم. من هنا فإن شمولية الأمن تعنى أن له أبعادا متعددة.
أولها: البعد الاقتصادي.. الذى يرمى إلى توفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.
ثانيا: البعد الاجتماعي.. الذى يرمى إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذى يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.
ثالثا: البعد المعنوى أو الأيديولوجي
الذى يؤمن الفكر والمعتقدات ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم.
رابعا : البعد البيئي
الذى يوفر التأمين ضد أخطار البيئة خاصة التخلص من النفايات ومسببات التلوث حفاظا على الأمن.
وتتم صياغة الأمن على ضوء أربع ركائز أساسية :
أولا: أدرك التهديدات سواء الخارجية منها أو الداخلية.
ثانيا: رسم إستراتيجية لتنمية قوى الدولة والحاجة إلى الانطلاق المؤمن لها.
ثالثا: توفير القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية ببناء القوة المسلحة وقوة الشرطة القادرة على التصدى والمواجهة لهذه التهديدات.
رابعا: إعداد سيناريوهات واتخاذ إجراءات لمواجهة التهديدات التى تتناسب معها وتتصاعد تدريجيا مع تصاعد التهديد سواء خارجيا أو داخليا.
وللأمن أربعة مستويات:
أولا: أمن الفرد ضد أى أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته.
ثانيا: أمن الوطن ضد أى أخطار خارجية أو داخلية للدولة وهو ما يعبر عنه بالأمن الوطني.
ثالثا: الأمن القطرى أو الجماعي، ويعنى اتفاق عدة دول فى إطار إقليم واحد على التخطيط لمواجهة التهديدات التى تواجهها داخليا وخارجيا، وهو ما يعبر عنه بالأمن القومي.
رابعا: الأمن الدولى .. وهو الذى تتولاه المنظمات الدولية سواء منها الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولى ودورهما فى الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.