قطع المياه عن مدينة منوف لمدة 5 ساعات    تأكد مقتل نائب رئيس مالاوي وتسعة آخرين بعد العثور على حطام طائرتهم    منتخب اليابان يفوز على سوريا بخمسة أهداف دون مقابل ... كوريا الجنوبية تفوز على الصين بهدف مقابل لا شي    أخبار الأهلي: قرار هام من كولر في الأهلي بسبب المنتخب الأولمبي    طارق العريان يكشف عن جزأين رابع وخامس من "ولاد رزق"    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    مدبولي ونائب رئيس جمهورية غينيا الاستوائية يترأسان جلسة مباحثات موسّعة.. صور    البورصات الخليجية تغلق على تباين.. والمؤشر القطري يصعد للجلسة التاسعة على التوالي    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    مدرب بلجيكا: دي بروين يتلقى إشارات في الملعب من طائرة دون طيار    السجن المشدد 6 سنوات وغرامة 500 ألف جنيه لمتهم بالاتجار في المخدرات ببورسعيد    اندلاع حريق في قصر فرساي ورجال الإطفاء يخمدونه بسرعة    أسعار الخضروات اليوم الثلاثاء الموافق 11/6/2024 في سوهاج    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    تعرف على أهمية يوم عرفة في الإسلام    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    "التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن القبول المبدئي للمتقدمين في 3 مسابقات    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    قبل أولى جلسات المحاكمة.. مفاجأة بشأن قضية اتهام عصام صاصا مطرب المهرجانات    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    روسيا: تدمير مقاتلتين أوكرانيتين من طراز سو-27 و سو-25 في مطاراتها    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    مسرح العرائس يطرح أفيش مسرحية «ذات.. والرداء الأحمر».. العرض ثاني أيام العيد    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    الأعلى للإعلام يستدعي الممثل القانوني ل أمازون مصر    هل عمر الأضحية من الإبل والبقر والغنم محدد أم مطلق؟.. «الإفتاء» توضح الشروط    هيئة الرعاية بالأقصر تكرم 111 فردا من قيادات الصف الثاني بالمنشآت التابعة لها    أهم النصائح والإرشادات للحاج للمحافظة علي صحته خلال تأدية المناسك    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس هيئة الدواء: حجم النواقص في السوق المصري يصل ل7%    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    مجد القاسم يكشف تفاصيل ألبوم بشواتي ومواعيد طرحه    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توابع انفجار عقد الغاز‏!‏
مصر تحتاج الغاز‏..‏ وإعادة التصدير خط أحمر
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 04 - 2012

طبيعي جدا أن ينزعج الإسرائيليون من قرار وقف تصدير الغاز المصري‏,‏ فهم يريدونه بلا ثمن أو بثمن بخس‏..‏ لا فرق في الحالتين‏,‏ لكن من غير الطبيعي أن يحاول المتعصبون الإسرائيليون لي عنق الحقيقة‏, وتعبئة الرأي العام الاسرائيلي, من خلال ربط قرار وقف تصدير الغاز إليها بخرق معاهدة السلام مع مصر, ثم يتراجع المسئولون الإسرائيليون عن تلك التصريحات فيما بعد, واعترفوا بأن القرار لا يعدو كونه خلافا تجاريا بعد أن تقاعست شركة شرق المتوسط المصدرة للغاز إلي إسرائيل, عن الوفاء بالتزاماتها المالية لمصر لمدة4 أشهر متتالية!
وفيما بين الغضب الإسرائيلي, والارتياح الشعبي المصري, تراوحت المواقف في قرار فسخ عقد تصدير الغاز!.. حيث أكدت الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي انه لا مانع لدي مصر من التوصل الي عقد جديد بشروط جديدة وأسعار جديدة لإعادة تصدير الغاز.. لكن الشعب يرفض إعادة تصدير الغاز في أغلبه, والخبراء في مجال الغاز والبترول يحذرون من نقص شديد في الغاز والمنتجات البترولية حيث وصل الدعم نتيجة استيراد منتجات بترولية بديلة للغاز إلي115 مليار جنيه سنويا.
ويبقي السؤال: كيف يري الخبراء والقوي السياسية قرار فسخ العقد؟.. وكيف تفاعلوا مع تصريحات وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الدكتورة فايز ابو النجا التي أفسدت فرحة المصريين فهو مطلب شعبي.. وأخيرا هل يؤثر قرار فسخ العقد علي العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل؟.. في هذا التحقيق نرصد لكم التفاصيل..
قرار تجاري وليس بطوليا!
وبشكل عام, يري النائب أبو العز الحريري أن قرار فسخ العقد هو قرار تجاري وليس سياسيا, والحقيقة أن القرار لم يصدر استجابة للرأي العام المصري- الذي كان ولا يزال- يرفض- وبشكل قاطع- اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل لانخفاض أسعار تصديره عن الأسعار العالمية, فضلا عن عمليات تفجير خط الغاز والتي وقعت14 مرة, مما خلق قناعة لدي المجلس العسكري و لدي الجانب الإسرائيلي بوجود صعوبة في تنفيذ اتفاق تصدير الغاز, والعجيب أن الشركة المصدرة للغاز لإسرائيل لم تسدد ثمنه منذ عام2008 وطلبت مهلة سماح لسداد المتأخرات بعد4 سنوات, وتقسيط المبلغ علي10 سنوات, ومع ذلك كان الإسرائيليون يرغبون في استمرا ضخ الغاز, ومع ذلك عندما صدر قرار فسخ العقد- الذي لم يكن في رأيي موقفا وطنيا ولا بطوليا- فوجئنا بالدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي تقول انه لا مانع لدي مصر من التوصل الي عقد جديد بشروط جديدة وأسعار جديدة لإعادة تصدير الغاز الي إسرائيل, لكني سأتقدم بطلب إحاطة إلي مجلس الشعب حول القضية, إذ كيف يباع الغاز المصري بما يتراوح بين75 سنتا و3 دولارات للمليون وحدة حرارية في حين يقدر السعر العالمي بما يتراوح بين13 و14 دولارا للمليون وحدة حرارية.
القضاء صاحب الكلمة
كان للدكتور إبراهيم زهران خبير البترول الدولي دورا كبيرا في قضايا تصدير الغاز لإسرائيل فسألته: هل يمكن إعادة الغاز بشروط جديدة؟ فيشير زهران إلي أن المحكمة الإدارية العليا كان لها حكم واضح في قضية تصدير الغاز لإسرائيل يوم27 فبراير عام2010 حيث تداولت القضية في المحكمة3 سنوات فكان الحديث علي أن قضية التصدير من أعمال السيادة, وأن المحكمة ليس لها أن تنظر في أعمال السيادة, علي رغم أن القانون حدد السيادة في إعلان الحرب أو الهدنة أو إنهاء الحرب وليس تعاقدا بتروليا, وللأسف توسعت الحكومة السابقة في عهد الرئيس المخلوع مبارك في استخدام كلمة سيادية لدرجة أنه أصبح هناك وزارات سيادية وجهات سيادية وغيرها وعلي ذلك يجب أن يطيع الشعب السيادة فنحن لسنا في عصر عبيد لأن النظام البائد أمعن في إذلال الشعب, وخلال السنوات الثلاث للقضية لم تتقدم الحكومة بمستند واحد يثبت أن التصدير للغاز من أعمال السيادة, ولذلك جاء في حكم المحكمة أن التصدير من أعمال السيادة وبالتالي لن تنظر المحكمة فيه, لكن المحكمة في البند الثاني ألغت القرار100 وهو القرار الصادر من وزير البترول بتفويض محمد إبراهيم طويلة رئيس الشركة القابضة للغاز وإيراهيم صالح محمود رئيس الهيئة العامة للبترول في التعاقد مع حسين سالم وتحديد الكميات والأسعار ومدة التوريد فإذا ألغي هذا القرار سقط كل ما يترتب عليه أي التعاقد مع حسين سالم, والبند الثالث في الحكم: إن كان هناك عملية لتصدير الغاز يجب أن تخضع للآتي: أولا دراسة احتياطيات السوق المحلية وإن كان هناك فائض يمكن التصدير منه, ثانيا دراسة أسعار الغاز في الأسواق المجاورة لتحديد سعر التعاقد, ثالثا أن يكون التعاقد بحد أقصي عامين. ومن هنا إذا طبقنا هذا الحكم علي ما تقوله الوزيرة فايزة أبو النجا بإمكانية إعادة الغاز لشركة شرق المتوسط بشروط جديدة, فأولا السوق المحلية المصرية يحتاج بشدة للغاز الطبيعي وليس لدينا فائض للتصدير كما كان يدعي سامح فهمي, كمحطات توليد الكهرباء والمصانع والمنازل وصناعة السماد وغيرها, فمصر تمر بأزمة طاقة طاحنة, كما أن خطط التنمية أحق بكل قدم غاز, أما السوق المجاورة, فمتوسط السعر في منطقة البحر المتوسط الشهر الماضي كان12.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية وهي تساوي ألف قدم مكعب, وبذلك حسمت المسألة فيجب أن تعلم الوزيرة فايزة أبو النجا أنه لايوجد فائض للتصدير, كما أن إسرائيل لن تشتري بهذا السعر علي الإطلاق خصوصا أن إسرائيل علي وشك استخراج الغاز من البحر المتوسط, وتكلفته عليها أقل بكثير من السعر العالمي.
رفض جماهيري
الشعب المصري سعيد بوقف اتفاق الغاز.. فهل إعادة الغاز بأسعار جديدة وشروط جديدة ترضي الجمهور المصري أم الفرحة سببها أن الشعب المصري يرغب في وقف التصدير لإسرائيل؟
أجاب الدكتور إبراهيم زهران أن الفرحة الشعبية بوقف إمداد إسرائيل بالغاز المصري لأنه رفض جماهيري دون النظر لسعر وشروط, وفي ظل هذه الفرحة يجب ألا نطفئها بإعادة ضخ الغاز الذي نحتاجه بدلا من استيراد البدائل ودعمها بعشرات المليارات من الدولارات سنويا, فمن الأفضل لوزيرة التخطيط أن تقول خيرا أو تلتزم الصمت علي حد قول الدكتور زهران لأن ذلك سيكون إهانة لمشاعر المصريين واستنزافا لثرواتهم ونحن في حالة ثورة, والمسئولون في اسرائيل يدركون ذلك.
ويشير إلي أن شركةEMG وهي غاز شرق المتوسط تشتري الغاز الطبيعي من مصر بنحو75 سنتا وتبيعه لإسرائيل في حدود3 دولارات مما ينتج عن ذلك عمولة يومية تقدر بنحو3 ملايين دولار في هذا السعر المتدني دون أن نتطرق لاسعار السوق, فوزير المستوطنات الإسرائيلي صرح بأن مكسب إسرائيل من الغاز المصري10 مليارات دولار في السنة علي حساب الفرص البديلة, وهذا ما تخسره مصر في الحقيقة بالإضافة للعمولة اليومية, وعند وقف تصدير الغاز للشركة المصدرة لإسرائيل يتوجه الغاز للسوق المحلية في توليد الكهرباء وتوفير البدائل المرهقة ماديا وكذلك استكمال مخطط توصيل الغاز للمنازل للتغلب علي أزمة أنابيب البوتاجاز ودعمها كما ان صناعة السماد في أشد الحاجة له وباقي الصناعات, وكل ذلك سيوفر استيراد جزء كبير من المنتجات البترولية البديلة التي يتم دعمها علي حساب المواطن المصري.
الخطوة الأولي
ويحدد الدكتور إبراهيم زهران نقطة أخري محورية مهمة وهي أن وقف الغاز لشركة غاز شرق المتوسط التي تصدر الغاز المصري لإسرائيل يجب أن تكون الخطوة الأولي في عملية إصلاح شاملة في مجال تصدير الغاز كخام أو تصدير الدعم في شكل غاز مصنع أي سماد ومسيل, فإذا حصلت مصر علي السعر العالمي العادل في تصدير الغاز والغاز المصنع خصوصا كثيف استخدام الطاقة مثل السماد الذي يتكلف الطن منه30 دولارا في مصر ويصدر بنحو650 دولارا مع العلم أن أكثر من90% من خام السماد هو الغاز الطبيعي ومصر تعاني من أزمة في السماد, فسيتم إلغاء دعم الطاقة في مصر ونبدأ تنفيذ خطط التنمية وفقا لأصول سليمة ودراسات علمية مستفيضة ومحاسبة القائمين علي الدراسات والخطط حتي يعرف كل واحد دوره الصحيح ولا يخضع لضغط سياسي, ولايمكن أن يكون الإصلاح بأدوات الماضي, فكل من شارك في الاتفاقات المشبوهة في الغاز والبترول يجب أن يستبعد من خطة الإصلاح لما أحدثوه من فساد وإهدار لثروات مصر, ويجب محاسبتهم, ولن يأتي مستثمر جاد في قطاع البترول إلا إذا شعر بأن هناك شفافية ومحاسبة علي كل شئ ويجب ألا تكون هناك جوانب سرية في الاتفاقات لأنها السبب في تخريب الثروات, فكل اتفاق جعلوه في نظام مبارك صندوق اسود وتحول لأسرار مع أن أنها ثروات طبيعية ملك الشعب ويجب أن يكون علي علم بها وبما يدور من اتفاقات, فكل العلاقات الغامضة في الغاز والبترول يجب أن تطرح للرأي العام.
وينبه الدكتور زهران إلي أن فتح إعادة تصدير الغاز لإسرائيل بأي شكل أو شرط أو ظروف معينة هو تحد للإرادة الشعبية وإشعال فتيل ثورة جديدة بعد الفرحة الغامرة بوقف التصدير, فكان ملف تصدير الغاز لخدمة توريث الحكم وإرضاء اسرائيل عن مبارك الذي كان يدعم أبنه والآن وقد أغلقت القصة فلحساب من يتم إعادة التصدير بعد وقفه قانونا, وللعلم قام الدكتور إبراهيم بتقديم16 قضية في مجال تصدير الغاز في بلاغ واحد يوم16 فبراير العام الماضي والمتهم فيها سامح فهمي.
الحسبة الصعبة
كما قلنا إلغاء اتفاق تصدير الغاز المصري لإسرائيل عن طريق شركة شرق المتوسط لايعد أن يكون مجرد نزاع بين شركتين والحديث هنا للدكتور أيمن جاهين خبير اقتصادات البترول ومدير عام بالشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية, ويوضح أنه حدثت فرحة مصرية في الشارع بوقف تصدير الغاز ورحبت كل الأحزاب والقوي السياسية بهذا القرار, ولعل تصريح وزير الكهرباء الدكتور حسن يونس يعكس أهمية هذا القرار ومدي احتياج مصر لهذا الغاز عندما قال نحن أولي بهذا الغاز, خاصة مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع الحرارة حيث يزيد الطلب علي الكهرباء وكذلك لمقابلة الاستهلاك المتنامي في شهور الصيف الملتهبة ولايوجد عملة لاستيراد الوقود البديل لتشغيل المحطات, وبالفعل نحن في أشد الحاجة للغاز الآن, فالكميات المتوافرة من اسرائيل نوجهها محليا بدلا من الضغط علي حقول الغاز خاصة في الصيف لاستخراج كميات إضافية من الغاز كما حدث في السنوات السابقة وكان هناك أزمة بين وزيري الكهرباء والبترول من عامين وتدخل فيها الرئيس المخلوع, وتسبب ذلك في تناقص الانتاج في الحقول مثل حقل البرولس ومن ثم نقص الانتاج بنسبة30% حيث كان ينتج ملياري قدم مكعب يوميا ووصل إلي1.4 مليار قدم, وسببه سياسات انتهاج خاطئة.
لكن ما هو سعر الغاز المصري وكيفية تسعيره؟
يقول الدكتور أيمن جاهين: للأسف التسعير في مصر ليس له قاعدة, وأسلوب تسعير الغاز الصحيح المستقبلي, إذا أردنا تغيير العقود الظالمية يجب أن يخضع للقاعدة التالية: وهي التكلفة أي سعر شراء الغاز من الشريك الأجنبي بالإضافة للضرائب التي تدفعها مصر عن الشريك الأجنبي والاتاوة التي تحصل عليها الهيئة العامة للبترول ونسبتها10% تضاف تكلفة النقل عليها وعائد مقابل النضوب, وهذا إذا كانت مصر ليست في حاجة للغاز لكن للأسف يتم استيراد كثير من المنتجات البترولية التي وصل دعمها في الميزانية إلي115 مليار جنيه سنويا, في حين أصدر1.7 مليار متر مكعب لاسرائيل سنويا والمتر يساوي أكثر من35.3 قدم مكعب أي أكثر من60 مليار قدم مكعب سنويا, ونصدر كل ألف قدم لاسرائيل بأقل من دولار.
والاسعار المناسبة في حالة وجود فائض وهذا غير ممكن لكن نضرب مثلا بتصدير روسيا لأوكرانيا الغاز وبينهما مصالح متعددة لأنهما متجاورتنا ويمر الغاز الروسي المصدر لأوروبا عبر الأراضي الأوكرانية وبالتالي لابد أن أوكرانيا لها مميزات خاصة و علي رغم ذلك تصدر روسيا الغاز لأوكرانيا بأسعار تفضيلية وينص اتفاقهما في عام2009 وهو ليس سرا مثلما فعل النظام السابق في مصر أن تستورد أوكرانيا52 مليار متر مربع سنويا من روسيا بسعر يتراوح بين330 و450 دولار لكل ألف متر مكعب, أي ما يوازي من9.35 إلي12.75 دولار لكل ألف قدم مكعب وهذه أسعار تفضيلية تحكمها خدمات وروسيا تتمني رضا أوكرانيا.
ويوضح الدكتور أيمن جاهين الفروق التي ستعود علي مصر من استخدام الغاز بديلا لمصادر الطاقة الأخري, فالوحدة الحرارية للمازوت سعرها10 دولارات والسولار16 دولارا والبوتجاز18 دولارا, وللأسف نصدر الوحدة الحرارية للغاز الطبيعي بأسعار متدنية لاتذكر حول الدولار الواحد, فكلما استخدمنا وحدة حرارية من الغاز نوفر نحو10 دولارات, وللعلم أسعار الطاقة في تزايد, ولابد من الحفاظ علي ثرواتنا لعدم وجود البديل لعدة سنوات مقبلة.
الخلط المرفوض
والأمر كذلك في رأي الدكتور أسامه الغزالي حرب أستاذ العلوم السياسية والرئيس الشرفي لحزب الجبهة الديمقراطية, حيث يري أن تصدير الغاز لإسرائيل هو في قضية اقتصادية يفصل فيها الخبراء, وعليهم مسئولية تحديد مدي احتياجه للسوق المحلية, فإذا كنا نحتاجه فليمتنعوا عن تصديره, وإذا لم نكن في حاجة إليه فإنه يمكن تصديره سواء لإسرائيل او لغيرها, وإذا كنا نرتبط مع إسرائيل باتفاق سلام, فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أسعار تصدير الغاز المصري لها عادلة أم لا؟.. وهل تتوافق مع السعر العالمي أم لا؟.. وإذا لم تكن تتفق مع السعر العالمي فنحن أمام جريمة يجب أن يحاسب كل من ارتكبوها, وبالتالي يجب إعادة النظر في أسعار تصدير الغاز عند عقد اتفاق جديد. وفي كل الأحوال, والكلام مازال للدكتور أسامه الغزالي حرب- فإننا يجب أن نتسق مع أنفسنا في شأن اتفاقية السلام مع اسرائيل, وهل نرفضها أم نقبلها بعد تعديلها؟.. ومن حق الشعب المصري كله أن يقرر ذلك.. وإذا قبلنا اتفاقية السلام تبقي القضية ليست تصدير الغاز لاسرائيل أو لأي دولة أخري من عدمه, ولكن القضية المحورية هي أننا يجب أن نقرر مدي احتياجنا للغاز من عدمه, وهل اسعر الذي نصدر به يتوافق مع السعر العالمي أم لا, وكلها قرارات يجب أن يتخذها الخبراء والمسئولوين المعنيون بالامر, ذلك أن التصدير قرار اقتصادي فني, أما خلط القضايا السياسية والاقتصادية فهو أمر غير مطلوب, كما أن اتفاق السلام يجب أن يخدم الاقتصاد المصري كما يخدم الفكرة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.