بعد يوم واحد من مجزرة هور رجب جنوبي بغداد التي ذبح فيها أكثر من25 شخصا بينهم نساء وأطفال بيد قوات ترتدي زي الجيش وتستخدم سيارات لاتمتلكها إلا أجهزة الدولة. جاءت التفجيرات الإجرامية التي استهدفت مقارا دبلوماسية لمصر وألمانيا وقرب السفارة الإيرانية لتحصد أرواح عشرات الأبرياء من العراقيين في أحد دام جديد تشهده بغداد من أيامها الدموية التي يبدوأنها لن تنتهي قريبا لأسباب كثيرة. قد تكون أسباب التفجيرات الإجرامية في بغداد والموصل وديالي وصلاح الدين وبابل وغيرها متعددة وكذلك منفذوها إلا أن نتيجتها واحدة وهي المزيد من القتلي من أبناء الشعب العراقي الذي أدي دوره في السابع من مارس الماضي وانتخب. كثيرون ممن أتت بهم الديمقراطية الأمريكية يبدوأنهم لا يقتنعون باختيارات العراقيين إلا عندما تكون في صالحهم فقط لقد كان الكثيرون هنا يترقبون الوضع ويراقبونه ويقولون إنه سيشتعل قريبا بسبب الخلافات بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة ورفض تسليم السلطة وهوما حدث بالفعل وكما تقول بعض المصادر فإن الأجهزة الأمنية العراقية شهدت الكثير من عمليات التصفية الوظيفية والجسدية للكثير من كبار الضباط والكوادر قبل إجراء الانتخابات بفترة وجيزة وتم تركيز الوظائف والرتب الأمنية علي أسس ليست طائفية فقط بل علي أسس حزبية وولاءات بعيدة عن الوطن وخدمة أبنائه ويضيف أحد المصادر أن الدولة العراقية بشكلها الجديد مسئولة عن صناعة الكوارث وتفريخها نتيجة لمنهجها في إدارة المؤسسات الجديدة والأمن ويؤكد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: أن صفحة جديدة من الدماء في العراق قد بدأت وسط حالة من الجمود الذي وصل حد الانسداد في مجال التفاوض السياسي بشأن الحكومة الجديدة والتحالفات بين الفائزين. فمن المعروف أن الفترة التي أعقبت إعلان فوز القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي بأعلي الأصوات والمقاعد(91 مقعد) نشطت الكثير من الجهات لمواجهة هذا الفوز وتم استصدار فتوي بأن الكتلة البرلمانية الأكبر وليس الكتلة الفائزة هي التي يجب أن تشكل الحكومة. ورغم أن الأمر بات شبه واضح في العراق الآن وأن الصراع فيه هوصراع علي الحكم والمميزات إلا أن الجديد فيه هوتوظيف جهات ومؤسسات من المفترض أنها لكل العراقيين ضد العراقيين أنفسهم وككل انفجار يتساءل العراقيون عن جدوي الأجهزة المخصصة لنقاط التفتيش والعدد الكبير من السيطرات والتفتيش الذي لم ولن يمنع وقوع التفجيرات وفي أماكن حساسة من العاصمة العراقية وغيرها من أعمال القتل المنظم ولعل هذا ما يدفع بالكثير من العراقيين الي اتهام الحكومة والأحزاب والكتل بالوقوف وراء التفجيرات في ظل عدم التنسيق بين الأجهزة الأمنية حتي علي مستوي التصريحات بشأن أسباب التفجيرات الأخيرة وكيفية حدوثها ففي البداية أعلن عن أنها بسيارات مفخخة مركونة قرب مواقع التفجير ثم القول بأن انتحاريين يقودونها دون الإشارة إلي كيفية وصولها إلي الأماكن التي فجرت فيها ويطرح البعض هنا أن التفجيرات وعمليات القتل والذبح الأخيرة جزء منها ياتي ضمن تصفية الحسابات وتصفية الصحوات والجزء الآخر هوللضغط علي الكتل السياسية للاستمرار والقبول في مقاعد المعارضة في البرلمان دون التطلع إلي أي حكم. لقد سرت في الشارع العراقي موجة من التفاؤل بشان المستقبل ولكن هذا الأمر تم وأده بتزايد مستويات العنف عقب إعلان النتائج والتي بدأت بالعبوات اللاصقة في السيارات ثم بالاغتيال بكواتم الصوت ثم الذبح الجماعي والتفجيرات حيث بلغ معدل تفجير العبوات اللاصقه خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من5 عبوات يوميا و3 عمليات اغتيال بمسدسات كاتمه للصوت استهدفت أعضاء بالمجالس البلدية وموظفين وضباط ومواطنين هذا في بغداد فقط أما في بقية المدن العراقية فلا توجد أرقام لغياب الإعلام والمتابعه ويشير البعض إلي أن تصريحات إياد علاوي قبل عدة أيام والتي قال فيها( إن تحالف الأحزاب الشيعية الكبري سيؤدي لتهميش كتلته التي تضم طوائف مختلفة وبشكل قد يعيد العراق إلي أعمال العنف الطائفية وأن هذا الأمر سيسبب انتكاسة خطيرة وشديدة للبلد وسيعيدنا إلي نقطة البداية) علي حد قول علاوي تم استغلالها من قبل خصوم علاوي السياسيين الذين يخشون من أن يتمكن بخطابه البعيد عن الطائفية والعرقية من الحكم فقاموا بالعمليات الأخيرة إما لإلصاقها بعلاوي الذي يتهم بأن قائمته بعثية وأنها قامت بالعمليات الأخيرة أوبالقاعدة( السنية) وهي محاولة لإعادة الأمور إلي المربع الأول بمعني أوضح فإن حساب الأرباح لمن يصب من هذه العمليات خاصة وأن الأهداف التي استهدفتها تمثل دولا ولكن الضحايا عراقيين وقد يتساءل القارئ عن المغزي من مهاجمة مبني القنصيلة المصرية أومقر إقامة السفير الألماني أوالسفارة الإيرانية( التي قال السفير الإيراني إنها لم تكن مستهدفه) والإجابة هي رسائل واضحة وقوية وهي إرهاب جديد ومحاولة متكررة من جهات معروفه تحاول استئصال العراق من العرب وإبعاد العرب عنه بإرهابهم مثلما حدث مع السفير إيهاب الشريف الذي اختطف واغتيل غدرا قبل خمس سنوات وإرباك للوضع الأمني ضمن التعجيل بقبول حكومة أي حكومة وغض الطرف عن المفاوضات التي جرت في العاصمة الإيرانية طهران بشأن التحالف بين الكتل السياسية الشيعية التي أثمرت عن وضع خطوط عامة أهمها المصالحة وعدم ترك الحكم تحت أي سبب وهوما أثمر عن مصالحة بين الجعفري والمالكي رغم الخلافات العميقه بينهما وكذلك الاتجاه إلي التأكيد علي التحالف المقدس الذي يرعاه الرئيس جلال طالباني لبقاء الأمر علي ما هوعليه تحقيقا لمصالح الأكراد والمتابع للتصريحات واللقاءات والتحالفات خلال الأيام الماضية يجد أن الكارثة الحقيقية هي أن الكثير من القادة العراقيين لا يؤمنون بالمواطنة أوالمواطن الذي انتخبهم وأنها تأتي في المرتبة الدنيا من اهتماماتهم, يقابل ذلك أن عدم الثقة هوالمسيطر الآن بين الكثير من القوي السياسية خاصة التي كانت خارج الحكم للأن الوعود التي قطعت من قبل لم ينفذ أيا منها سواء علي مستوي التعديلات الدستورية أوعلي مستوي المشاركة في صنع القرار واتخاذه وحتي توزيع الوظائف الدنيا وتحقيق التوزان وهوالأمر الذي شكا منه الجميع حتي حلفاء الحكومة المقربين أما في الشارع العراقي فان الخوف هوالمسيطر سواء شكل هذا الطرف أوذاك الحكومة لأنهم دائما وأبدا الضحايا. علي أي الأحوال تبقي الأمور في العراق عالقه ومعلقه وهناك فجوة كبيرة بين سياسييه ويكفي أننا لم نشهد أي لقاء يجمع المالكي مع علاوي حتي الآن.