فى خطوة مفاجئة ،خالف البنك المركزى كل التوقعات سواء على مستوى السوق المحلى او المؤسسات المالية العالمية ، برفع سعر الجنيه – لاول مرة منذ 5 سنوات – حيث استرد الجنيه النسبة التى فقدها امام الدولار الشهر الماضى. وبلغت نحو 2.6 % بواقع 20 قرشا فى البنوك – فقد الجنيه نحو 11 % هذا العام - وذلك قبل ان يتخذ المركزى قراره المفاجئ برفع سعر الجنيه ، وادى ذلك الى اصابة السوق الموازية بحالة ارتباك وقلق هبط على اثرها الدولار الى 8.40 جنيها بعد ان كان وصل الى 8.70 جنيها . وعلمت الاهرام ، ان الدولار مرشح لمزيد من الهبوط فى السوق الموازية خلال الايام المقبلة ، وذلك فى ضوء القرارات والاجراءات التى سيتخذها البنك المركزى خلال الايام القليلة القادمة، والتى يتوقع ان تشمل اعادة تنظيم شامل لسوق الصرف ، واعادة النظر فى الحد الاقصى للايداع بالنقد الاجنبى بالبنوك ، مع تقنينه ، بحيث يتضمن تقديم ما يثبت مصدره ، وان يقتصر تدبيره من شركات الصرافة ، وتقديم ما يثبت ذلك وسعر الشراء مع رفع هامش الربح لشركات الصرافة الى 10 قروش فى البيع والشراء كما يشمل تقنين فتح الايداع بالنقد الاجنبى تقديم صاحبه سبل استخدامه، سواء فى فتح الاعتمادات المستندية او بوالص الشحن ومستندات التحصيل . واستندت التوقعات فى اقدام المركزى على خفض الجنيه الى الاتجاه الهبوطى الذى انتهجته السياسة النقدية خلال الفترة الماضية ، وكذا رفع سعر الفائدة على الاوعية الادخارية خلال 3 سنوات بالبنوك العامة، حيث قرأها عدد كبير من المحللين الماليين على انها خطوة تمهيدية لرفع سعر الدولار . واستقر سعر الدولار عند 7.83 جنيها فى البنوك ،بعد ضخ البنك المركزى نحو مليار دولار بالإنتربنك، غطت 25 %من التسهيلات الدولارية المؤقتة التى منحتها البنوك للمستوردين من فترة مقابل تغطيتها بالجنيه المصرى ، وهو ما ساهم فى تحويل ربع مديونية هؤلاء المستوردين بالدولار الى الجنيه ،وهو ما يؤشر على استمرار البنك المركزى فى تغطية كامل المديونيات الدولارية على المستوردين لدى البنوك تدريجيا خلال الفترة المقبلة ووفقا لسعر الصرف الرسمى ، مع تحمل البنك المركزى اعباء هذه الديون بالعملة الصعبة من على كاهل المستوردين ،ولاشك ان هذه الخطوة سوف تحرر سوق العملة من ضغط كبير ويؤدى الى تراجع أسعار العملة وارتياح المستوردين والصناع وقدرتهم على تسعير السلع والمنتجات باسعار الصرف الرسمية بالبنوك ، بدون خوف او قلق ازاء احتمالات عدم توافر العملة الصعبة او ارتفاع اسعارها جراء تدبيرها من السوق الموازية ، ويلغى الزيادات السعرية المبالغ فيها بفضل تجنيب المستوردين مخاطر اسعار الصرف ، وهو ما يصب فى صالح المواطن الذى سيحصد نتيجة ذلك ، اضافة الى تعظيم العائد على مدخراته بالجنيه بعد رفع الفائدة على شهادات الادخار الثلاثية الى 12.5% بزيادة 3.5 % ، ليفوق معدل التضخم حاليا بنحو 2.25%. لاسيما و ان البنك المركزى قام بتغطية هذه النسبة من التسهيلات الدولارية المؤقتة بالقيمة الجديدة للجنيه امام الدولار 7.83 جنيها ،وقفل هذه النسبة من مديونيات المستوردين الدولارية وقفلها بهذا السعر، لاسيما ان نسبة تغطية المديونية الدولارية بالجنيه كانت بنسبة 110 % لدى البنوك عند فتح الاعتمادات، ولاشك ما يمثل رسالة بالغة الاهمية لاصحاب هذه المديونيات من المستوردين ، باهمية تسعير السلع والمنتجات المستوردة على اساس هذا السعر الجديد للجنيه، وذلك بعدما كانوا يتحملون مخاطر كبيرة فى عدم معرفة القيمة الحقيقة للدولار عند تسوية مديونياتهم الدولارية لدى البنوك ،وكان معظمهم يضطر – وربما يتنهز الفرصة – لتسعير منتجاته بالسعر المتوقع للدولار خلال الفترة المقبلة ومبالغ فيه عند 9 جنيهات، ويرفع بالتالى هامش الربح على السلع بشكل مبالغ فيه ., واصبح على المستوردين والتجار واجب والتزام بان يخفضوا اسعار السلع المطروحة بالاسواق فلم يعد هناك ما مبرر مقبول للمبالغة فى هامش الربح .. خاصة اذا اضيفت مكاسبهم التى تحققت جراء هذه الخطوة الى النتائج التى تحققت جراء تغطية كافة الطلبات المعلقة وقوائم الانتظار لدى البنوك فى فتح الاعتمادات وبوالص الشحن للافراج عن السلع بالموانئ ،والتى ساهمت فى تراجع اسعار السلع الاساسية ، والمواد الاولية من خامات ومستلزمات الانتاج .. وكذا السلع المهمة مثل علف الدواجن . رسالة البنك المركزى واضحة لجميع اطراف السوق لاسيما التجار والمستوردين بتحقيق هامش ربح معقول ،و خفض الاسعار لمرعاة محدودى الدخل تمشيا مع ما طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى.. وليس هناك عذر على الاطلاق فى المبالغة فى هامش الربح . المؤشرات خلال الايام القليلة الماضية، تعكس نجاح هذه الاجراءات فى تحقيق اهدافها حيث لاقت شهادات الادخار بالبنوك اقبالا كبيرا عليها بلغ ما يقرب من 30 مليار جنيه خلال الاسبوع الماضى منها 20مليار جنيه بالبنك الأهلى و8 مليار جنيه بنك مصر، فى حين بلغت 1.4 مليار جنيه ببنك القاهرة فى 3 أيام، وجذبت جانب كبير من السيولة بالسوق مما يسهم فى خفض معدل التضخم خلال الفترة المقبلة ، كما نجحت فى تشجيع الحائزين على الدولار لبيعه للادخار فى هذه الشهادات. والاهم هو ارتفاع الاحتياطى الاجنبى الذى شهد ارتفاعا ملحوظا خلال الايام الماضية ، وفقا لمعلومات من مصادر مطلعة . ولاشك ان هذه الخطوات التى اتخذها البنك المركزى على اهميتها والنتائج التى حققتها، فلكى تستمر فى ترسيخ اهدافها الاقتصادية على نطاق اوسع واشمل وتستمر على المدى الاطول، فانها تحتاج الى اجراءات تكميلية على مستوى السياسات المالية والتجارية بغرض ترشيد الاستيراد ، خاصة من السلع غير الضرورية ، مع وضع مواصفات ومعايير للجودة للسلع المستوردة ، يكفى ان نعرف ان حجم وارداتنا من الصين بلغت نحو 12 مليار دولار، معظمها من السلع الردئية، غير المطابقة لمواصفات الجودة ، ولا تخضع لمعايير السلامة الصحية والامان ، وتلحق اشد الضرر بالصناعة المحلية ،كما ان فاتورة التهريب تتجاوز 10 مليارات دولار وفقا لبعض الدراسات .