فى الوقت الذى كان يتقدم فيه حزب الله مع قوات الأسد وإيران وروسيا محققين انتصارات على أرض المعارك فى سوريا ضد داعش وشبيهاتها ، كان ثلاثة انتحاريين - فلسطينيان وسوري- على موعد بعد غروب شمس الخميس الماضى مع حصد أرواح 43 لبنانيا وإصابة أكثر من 200 آخرين بتفجيريين انتحاريين فى برج البراجنة بالضاحية الجنوبية معقل الشيعة وحزب الله فى لبنان، باعثين رسالة دموية المحتوى على استمرار حزب الله فى حربه لصالح الأسد داخل سوريا. وبالرغم من الاحتياطات الأمنية التى يتخذها حزب الله فى الضاحية الجنوبية والمناطق الشيعية الأخرى بإقامة الحواجز الأسمنية والأمنية ،استطاع الانتحاريون أن يفاجئوا الأبرياء أمام المحلات التجارية فى مساء نهاية الأسبوع الحالى عند المسلمين فى لبنان. وبمجرد حدوث التفجيرين الانتحاريين أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن التفجيرين. وقال بيان للجيش اللبنانى إن الانتحاريين فجرا نفسيهما بواسطة حزامين ناسفين زنة عشرة كيلوجرامات فى منطقة مكتظة بالسكان المدنيين،بينما قتل إرهابى ثالث قبل أن يفجر نفسه. وكان الانتحاريان قد ترجلا على أقدامهما حتى وصلا إحدى الحسينيات الشيعية وانتظرا حتى خروج من فيها وقاما بتفجير نفسيهما على مرتين تفصل بينهما دقائق معدودة. وفى أول رد فعل لحزب الله على التفجيرين قال حسين خليل المعاون السياسى للسيد حسن نصر الله إن ما جرى يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح وأن هذه المعركة مستمرة فى وجه الإرهاب وهذه المعركة ليست قصيرة،معركتنا طويلة بيننا وبينهم. ومن جانبها ،أعلنت الحكومة اللبنانية حداداً وطنياً بعد التفجيرين الانتحاريين ، وبادرت حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية إلى إدانة تفجير الضاحية الجنوبية واعتبرته استهدافا للمخيمات والأمن والسلم الأهلى للشعبين اللبنانى والفلسطيني،كما أدانت حركة حماس التفجيرات التى استهدفت الضاحية الجنوبية . وتعد هذه المرة الأولى التى يشارك فيها فلسطينيون فى تفجيرات تستهدف الشيعة فى لبنان،كما شارك أيضا شخص سورى ممن يحسبون على داعش. وكانت موجة التفجيرات التى تستهدف الشيعة فى لبنان قد تزايدت مع بدء معرفة مشاركة حزب الله فى الحرب الدائرة على الأراضى السورية ،خاصة بالسيارات المفخخة التى كانت تستهدف الضاحية الجنوبية ،مما جعل حزب الله يتخذ احتياطات أمنية غير مسبوقة بتفتيش السيارات الداخلة إلى الضاحية وكذلك الكشف عن أرقام السيارات ومعرفة هوية مالكيها، إذا تم الاشتباه فى أى منها، وبعد الإجراءات الأمنية لحزب الله والجيش اللبنانى والقوى الأمنية خفت حدة السيارات المفخخة بل وتكاد تكون اختفت مع وجود مراقبة دائمة للمشبهوين من بين العناصر السورية والفلسطينية المتعاطفة مع المعارضة السورية المسلحة وتعد بيئة حاضنة لداعش والنصرة فى لبنان. وبالرغم من الحادث المفجع الذى حصد عشرات الأرواح فإن القوى السياسية اللبنانية جميعها أدانته ،معتبرة أنه يستهدف السلم والأمن اللبنانيين بعيدا عن فئة أو طائفة بعينها. ومع محاصرة القوى الأمنية للمخيمات الفلسطينية ومخيمات اللاجئين السوريين فى لبنان – يوجد فى لبنان نحو مليونى نازح -،وكذلك القضاء على التمرد السنى فى باب التبانة بطرابلس كبرى مدن الشمال اللبنانى ذات الأغلبية السنية،أصبح الحديث عن عودة التفجيرات غير ذى جدوى فى ظل جهوزية أمن حزب الله والجيش اللبنانى ،ولذلك لجأ الإرهابيون لوسيلة جديدة يصعب كشفها وهى الأحزمة الناسفة كرسالة دموية المغزى لحزب الله، انتقاما على مشاركته فى الحرب السورية،ومع ذلك يصر حزب الله على الاستمرار فى سوريا، مراهنا على النصر القريب ومحاربة التكفيريين فى كل مكان سواء فى سوريا أو فى الداخل اللبنانى ،فهل ينجح حزب الله فى حربه ضد الإرهاب أم أن التفجيرات ستعود إلى حصد أرواح الأبرياء من جديد، فى مسلسل دموى لاتنتهى فصوله؟