من الأمور المزعجة فى مجتمعنا ارتفاع نسبة الطلاق بين المتزوجين حديثا، فلقد وصلت النسبة إلى 84% خلال السنوات الثلاث الأولى من الزواج، ولاشك أن «بريد الأهرام» بما يملكه من إمكانيات وانتشار واسع يضع يده على العديد من أسباب هذه المحنة، وفى رأيى أنها ترجع الى ثلاث مجموعات كبيرة. الأولى متعلقة بطرفى العلاقة الزوجية، والثانية تخص المحيطين بهما من أهل وأصحاب، والثالثة تمثل الظروف المادية والاجتماعية، وأسجل هذه الكلمة بخصوص عامل خفى دفين يتعلق بالمجموعة الأولي، وهى «الزوج والزوجة» وما له من أثر كبير فى العلاقة بينهما، فمنذ مطلع القرن الحالى بدأت أبحاث علوم المخ والأعصاب وعلم النفس التركيز على الفوارق المخية والعقلية بين الذكور والإناث، وتوصلت بالفعل الى ان هناك العديد من الفوارق بين الجنسين، سواء فى بنية المخ وطريقة أدائه وظائفه، أو فى الجوانب السلوكية والعقلية والنفسية، وأطلق على هذه الفوارق «الثنائية الجنوسية» تمييزا لها عن «الثنائية الجنسية» الخاصة بالفوارق فى البنية الجسدية بين الجنسين، واهتم استاذ علم النفس والطب النفسى بجامعة كمبردج بانجلترا، سيمون بارون كوهين بهذه الفوارق بين الجنسين، وخرج من أبحاثه بتصنيف مثير، إذ وصف مخ الرجل بانه «مخ ذكورى تنظيمي» ووصف مخ المرأة بأنه «مخ أنثوى تعاطفي»، ويعنى كوهين بذلك التصنيف غلبة الملكات التنظيمية على تفكير الرجل وسلوكه، وغلبة الملكات التعاطفية على تفكير المرأة وسلوكها. ولا شك أن كلا من الجنسين يمتلك قدرا من ملكات الجنس الآخر، فلو حرم الرجل تماما من الملكات التعاطفية لتحول الرجال الى أمثال هولاكو وهتلر وستالين، ولتحولنا نحن الجراحين الى جزارين، ولو حرمت المرأة تماما من الملكات التنظيمية لتحولت حياتها الى فوضى لا يقوم معها بيت ولا أسرة. لقد أصبحت هذه الفوارق من الثوابت العلمية، حتى صارت كتب علوم المخ والأعصاب والطب النفسى الحديثة لا تخلو من فصل عن الفوارق الجنوسية بين الذكور والإناث، وبذلك قضى العلم الحديث على أكذوبة التماثل أو التشابه بين الذكور والإناث، وأثبت أن الجنسين مختلفان ولكنهما متكاملان. إن عدم إدراك وجود هذه الفوارق الجنوسية بين الزوجين هو السائد الآن، حتى اننا كثيرا ما نسمع الرجل يقول قاصدا زوجته «أنا لو مكانها ما اعملش كده»، وتردد الزوجة الكلام نفسه!! مما أفرز نسب الطلاق المزعجة التى نراها الآن، وغاب عن كليهما أنه لا أحد منهما يمكن أن يحل مكان الآخر، بل إنهما مختلفان تماما، وكأن النساء من كوكب الزهرة، والرجال من كوكب المريخ، كما يشير عنوان الكتاب المشهور. وعلينا أن نربى أبناءنا على أن كلا منهم سيحيا مع شريك مختلف عنه تماما، وأنه يجب أن يفهم هذه الاختلافات. د. عمرو شريف رئيس أقسام الجراحة الأسبق بطب عين شمس