مع حلول شهر أكتوبر فى كل عام تحتفل مصر بذكرى غالية على نفوسنا جميعا وهى ذكرى الانتصار العظيم الذى حققته القوات المسلحة المصرية بمساندة شعبها العظيم على العدو الصهيونى الغاشم، واسترداد مصر لأرض سيناء الطاهرة التى كان احتلالها مقدمة للسيطرة على أرض العرب من النيل إلى الفرات، إلا أن الله كتب النصر لمصرنا الغالية ليحفظ للأمة كرامتها وأرضها، ويحطم أسطورة الجيش الذى ظن أنه لا يقهر. وهو الأمر الذى أفزع القوى الكبرى التى صنعت إسرائيل وغرستها فى أرض العرب كشوكة وسد يمنع العرب من امتلاك قوة ردع تهدد مصالحهم وتقف حائلا أمام مطامعهم التاريخية فى خيرات المنطقة، ومن يومها وخطط إضعاف قوة العرب وتقوية إسرائيل «الطفل المدلل لأعداء الأمة» والسماح لها بامتلاك أسلحة الدمار الشامل ومنع العرب من مجرد التفكير فى امتلاكها، بل وافتعال وشن الحروب بمزاعم كاذبة بامتلاك بعض دول المنطقة لها كما حدث فى العراق وليبيا. والقارئ لتلك الأحداث والأفكار الخبيثة يدرك أن أحد أهم أهدافها النيل من جيوشنا العربية خاصة تلك التى وقفت موقفا مشرفا مع جيشنا المصرى العظيم لقهر الاحتلال الصهيونى المتغرطس فى السادس من أكتوبر، وللأسف الشديد نجحت تلك المخططات فى النيل من الجيش العراقى والسورى والليبى واليمني. وبعيدا عن تلك الحروب المجيشة التى لا تخدم إلا مصالح أصحاب مصانع السلاح، عمد هؤلاء إلى استخدام أسلوب جديد، وهو الحرب الفكرية التى تعتمد على التضليل وتزييف الحقائق واستغلال الأديان خاصة الدين الإسلامى السمح بمحاولة الوقيعة بين السنة والشيعة تارة، وبين المسلمين وغير المسلمين فى بلادنا تارة أخري، لتنفيذ مطامعهم ومآربهم الخبيثة. ومما ساعد هؤلاء وأولئك على تحقيق خداعهم ومكرههم بمنطقتنا العربية والإسلامية استغلال بعض المتشددين فكريا من جميع الأديان والطوائف فصنعوا لنا أعداء من بنى جلدتنا يتمثل فى تبنى جماعات متطرفة وتحويلها إلى جماعات مسلحة تتعدد مسمياتها ولا تختلف كثيرا فيما بينها، وبفضل عنف هذه الجماعات المسلحة ودائرة العنف والتصدى له فى بلاد العرب أصبح المستعمر الصهيونى أكثر أمنا منا، وتدرك ذلك جيدا حين لاترى تنظيما واحدا من هذه التنظيمات المسلحة أطلق طلقة واحدة تجاه الكيان الصهيونى القابع على جزء عزيز من أرض العرب ومقدساتنا. ومن وجهة نظرى فإن ظهور داعش حلقة من حلقات سلسلة طويلة من وسائل النيل من أمتنا ومعاقبتها على مافعلناه فى طفلهم المدلل فى حرب العزة والكرامة والنصر التاريخى الذى تحقق على أيدى رجال قواتنا المسلحة الباسلة التى أذهلت العالم بمساندة قوية من الدول العربية خاصة التى تمتلك البترول حيث قطعته عن الدول التى تساند الكيان الصهيوني، مما تسبب فى أزمة طاحنة فى إمدادات البترول للغرب الداعم للكيان الصهيوني، فقد أفاق هؤلاء على امتلاك العرب عدة جيوش ليس من المناسب استمرارها، وكذا امتلاكها سلاح البترول الذى تعتمد عليه الآلة الصناعية الغربية مما يصعب ويتعذر معه القضاء على تلك الجيوش حتى من خلال شن حروب جماعية جربوها من قبل فى العدوان الثلاثى على مصر. ومع هذا فإن اليأس ليس فى قاموس هؤلاء الأعداء فعمدوا إلى تغيير استراتيجياتهم وتحويلها إلى استخدام الذرائع المرعبة للعالم من خلال ادعاء امتلاك العراق وليبيا لأسلحة دمار شامل، فنجحوا من هذا المدخل للقضاء المبرم على الدولتين بعد فشلهم من قبل فى تدمير العراق من خلال حربين مع إيران وتحرير الكويت، ولما كانت سوريا شريكا فى قهر العدو الصهيونى فى حرب أكتوبر فليكن تدميرها وقد كان، أما جيش الكنانة فهو الجسد والقلب النابض المستهدف بعد قص ما ظنوا أنها أجنحته من الجيوش العربية الشقيقة، فلتكن داعش عونا عليه كما أعانت على سورياوالعراق وليبيا، ولكن فات هؤلاء قراءة التاريخ لمعرفة أن مصر نهاية مشوار كل الغزاة، وأن جيش مصر ليس كغيره من الجيوش وإنما هو قلب وجسد ويملك أجنحة لا يضعف بقص أخري، لأنه فوق قوته يمتلك عقولا واعية لا تنخدع بمعسول الكلام وتبحث بين سطوره عن مكمن الخطر، فأوعزوا إلى هذا التنظيم الإرهابى أن يقترب من أرض سيناء الطاهرة بدعم ومساندة إعلامية غربية قوية لنشر الفوضى كما حدث فى بعض البلاد العربية التى تعانى التفكك والضعف مثل سورياوالعراق، بترويج الشائعات بأن قوات داعش احتلت تلك المحافظة، متوهمين أن يفلح هذا الأمر فى النيل من جيش مصر العظيم، إلا أن قواتنا المسلحة الباسلة استطاعت التعامل مع الشائعات قبل الإرهاب، وقضت على الاثنين معا، ولقنت داعش وأنصارها درسا لن ينسوه على مر الزمان. عاش جيش مصر العظيم درعا وسيفا للعروبة والإسلام، ودامت مصر مقبرة للغزاة. لمزيد من مقالات د. عباس شومان