ب«الرأسي والأفقي».. التضامن: ربط 2600 وحدة مميكنة ضمن منظومة الشكاوي لتقديم أفضل خدمة    بعد ارتفاعه.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 29-5-2024 مقابل الجنيه المصري في البنك الأهلي    «المشاط» تبحث مع وزير التنمية البريطاني التعاون بمجال الزراعة والأمن الغذائي    منها مبادرة الحزام والطريق.. السيسي ونظيره الصيني يشهدان توقيع اتفاقات تعاون    كريم فؤاد: كورونا سبب انضمامي للنادي الأهلي.. وهذه نصيحة معلول لي    «شمال سيناء الأزهرية» تستعد لاستقبال امتحانات الشهادة الثانوية    جمهور السينما يتجاهل أفلام بيومي فؤاد في دور العرض,, ما القصة؟    لماذا أسلم البروفيسور آرثر أليسون؟    محافظ الدقهلية يشهد استلام مليون و250 الف ذريعة سمكية من اسماك البلطي    بغداد بونجاح ينضم لصفوف الأهلي.. شوبير يكشف الحقيقة    ليكيب: مبابي لم يحصل على راتبه من باريس منذ شهر إبريل    لصرف معاشات شهر يونيو| بنك ناصر الاجتماعي يفتح أبوابه "استثنائيًا" السبت المقبل    مصرع شخص إثر حادث انقلاب موتوسيكل في الشرقية    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخطف شاب في التجمع    "تعليم الجيزة" يكرم أعضاء المتابعة الفنية والتوجيهات وأعضاء القوافل المركزية    حريق يتسبب في تفحم محتويات شقة سكنية في منطقة الحوامدية    تحليل CNN: كشف المواقع والتفاصيل للغارة الإسرائيلية على مخيم النازحين الفلسطينيين    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    جوتيريش يدين بشدة محاولة كوريا الشمالية إطلاق قمر صناعي عسكري    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    جيش مصر قادر    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحانات الدبلومات الفنية 2024    سؤال برلماني بشأن آلية الدولة لحل أزمة نقص الدواء    كأس مصر، موعد مباراة الجيش وبورفؤاد والقناة الناقلة    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    وزير الإسكان يبحث وضع خطة عاجلة لتعظيم دور الهيئة العامة للتنمية السياحية    رئيس جهاز 6 أكتوبر يتابع سير العمل بمحطة مياه الشرب وتوسعاتها    إدعى إصدار شهادات مُعتمدة.. «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا في الإسكندرية    ورش تدريب على ضوابط ترخيص البيوت الصغيرة لرعاية الأطفال في الدقهلية    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    اليوم.. انطلاق أول أفواج حج الجمعيات الأهلية    الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 جنود وإصابة 10 في معارك رفح    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    السبت | «متحف الحضارة» يحتفي برحلة العائلة المقدسة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم الأربعاء    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    60% للشركة و25% للصيدلية، شعبة الأدوية تكشف حجم الاستفادة من زيادة أسعار الدواء    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    مقترح إسرائيلي جديد لحماس لعقد صفقة تبادل أسرى    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    «شمتانين فيه عشان مش بيلعب في الأهلي أو الزمالك»..أحمد عيد تعليقا على أزمة رمضان صبحي    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهاء طاهر للأهرام :‏ لا أحد يستطيع تقسيم مصر‏..‏ الملك مينا عمل لها تميمة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 04 - 2012

هذا رجل لا يعرف الكذب‏...‏ اسمه يجمع البهاء بالطهر‏.....‏ عالمه غني ممتد‏..‏ استطاعت أعماله أن تصبح علامة بارزة في ساحة القص المصري والعربي‏ وأن يواصل مسيرة أدباء مصر العظام محمد حسين هيكل والعقاد ونجيب محفوظ ويحيي حقي ويوسف إدريس. بهاء طاهر صاحب قالت ضحي, الحب في المنفي, واحة الغروب, نقطة نور, أنا الملك جئت, خالتي صفية والدير
بهاء طاهر مبدع, مثقف, روائي, مترجم, اذاعي عريق, خبير بشئون السينما والدراما.. يعرف الصعيد الذي يسكن روحه, ويعشق الصحراء التي يعتبرها بستان الله, ويعيش في القاهرة بعد أن خبر مدن العالم..
ذهبنا إليه لنسأله عن أحوالنا في عيون الأديب.. نسأله عن العلاقات المتشابكة علي الساحة السياسية, عن الرئيس الجديد, عن الربيع العربي الذي يكاد يتسمم, عن مصر ومخاوفها, عن الصحراء وعلاقته بها, عن الوحدة الوطنية, والمواطنة, عن المقاومة السلمية, وحبه لغاندي, عن الحب والحزن والوصول إلي الأرض الحلم التي يطلق عليها راحة البال وإليكم الحوار:
هل أنت منحاز فعلا للمجلس العسكري؟
لست منحازا.. أرجعي إلي المقالات التي كتبتها سابقا في الأهرام منتقدا المجلس العسكري, لا يمكن أبدا أن أنحاز للمجلس العسكري إلا إذا غير سياسته في الفترة القليلة المقبلة, وأعتقد أن اللبس الذي حدث في العنوان الذي ظهر في الصحف, مصدره الرغبة في الإثارة أو لفت النظر بشكل غير سليم وغير صحيح, وكل كلامي في هذا الحوار ينصب علي انتقادي للمجلس العسكري والإخوان المسلمين وأنتقد أيضا العلاقة بينهما.. لست منحازا للمجلس العسكري.
ما تعليقك علي ترشح اللواء عمر سليمان للرئاسة؟
لا أعرف حقيقة العلاقة بين المرشح الرئاسي المشكلة وبين المجلس العسكري.. المجلس العسكري يقول أنه ليس له مرشحا, وفي نفس الوقت ظهر المرشح العسكري بزفة عسكرية أثناء تقديم أوراقه!! ولكن أي كانت الحقيقة, فأنا أرفض هذا المرشح رفضا تاما, وأرفض عودة أي من رموز النظام السابق..
إشكالية جنسية والدة الشيخ حازم أبو إسماعيل, أليس أمرا غريبا أن يتحول أمر بسيط إلي قضية معقدة لا نهاية لها, رغم بساطة الأمر؟
الشيخ حازم هو الوحيد الذي يستطيع قول الحقيقة!! إذا أراد, وإذا كانت والدته لم تتجنس بالجنسية الأمريكية فعليه أن يثبت ذلك وفي الحقيقة أنا أصلا أرفض هذا الشرط للترشح.. لا يجوز للمرشح الترشح إذا كان أحد والديه يحمل جنسية غير الجنسية المصرية, الإنسان لابد أن يحاسب علي نفسه وعلي أفعاله فقط وليس علي أسلافه وأفعال أسلافه, وفي رأيي الذي يملك المعلومات هو الشيخ حازم والحكومة المصرية والحكومة الأمريكية والقاعدة الذهبية تقول البينة علي من أدعي واليمين علي من أنكر
برؤية الأديب والمواطن كيف تري العلاقة وتطورها بين التيار الإسلامي والمجلس العسكري الآن باعتبارهما أكبر قوتين الآن علي الساحة السياسية المصرية.. وهل العلاقة ستسير في اتجاه الصراع أم الصدام أم التحالف أم ماذا؟
لو فكرت من خلال الأرض التي يقف كل منهما عليها, فمن مصلحتهما ألا يحدث صراع, وأن يتوافقوا علي المباديء الأساسية, لكن إذا وقع بينهما صراع ففي رأيي أن كليهما خاسر, لكن بالرؤية التاريخية الصراع بين التيار الإسلامي والمجلس العسكري صراع حتمي إن عاجلا أو آجلا, وفي رأيي أنه حتمي لأن الاثنين يتنافسان علي أمر واحد وهو حكم مصر..
وتتوقع بالرؤية التاريخية لمن الانتصار؟
لا أعلم الغيب, ولا أستطيع التكهن به.. وإذا سألتي ما الذي أريد؟ فستكون اجابتي لا هذا ولا ذاك..
أتمني أن تحكم مصر قوة ثورية, كل من شاركوا في الثورة من شباب, وبعضهم ينتمي للتيارات الإسلامية, منهم من الإخوان المسلمين ومنهم من شباب السلفيين.., لكن القيادات التي كانت تفتي بأن الثورة حرام لا أتمني أن تشارك في حكم مصر..
المهم أن تعود الثورة إلي أصحابها الحقيقيين وفي رأيي أنها ستعود, وأنا متفائل بعودتها في أقرب وقت.
ما ملامح الرئيس الذي تتمناه لمصر؟
هذا سؤال سابق لأوانه.. نحن لا نعرف عدد المرشحين بالضبط!! ولم يتم تحديد الدستور الذي سنحكم به.. ولا نعرف ما نية المسئولين الآن؟ البعض يتحدث عن أهمية اختيار رئيس توافقي, والبعض يتحدث عن رئيس تواطئي.., واعتقد أن هناك معلومات كثيرة محجوبة عن الشعب.. والمصريون لديهم حلم برئيس قادر علي صناعة نهضة للبلاد..
كيف تري محاكمة الرئيس المخلوع مبارك؟
كنت أتمني أن تكون محاكمته مثل أي محاكمة عقب أي ثورة, محاكمة سياسية وليس محاكمة علي فيلا حصل عليها بالواسطة.., هذه مسائل يحاسب عليها موظف صغير وليس رئيس جمهورية يحكم لمدة ثلاثين عاما, كان لابد أن تكون محاكمة سياسية ثورية ولكن هذا كان سيتم لو أن الثورة كانت لها الكلمة العليا!!, وأنا أري أن ثورة25 يناير في أزمة.. وأقصد هنا أن الثورة لا تحكم وشباب الثورة لا يتم التعامل معهم كما ينبغي.
وما توقعاتك للثورة في الفترة القادمة؟
علي المدي البعيد الثورة منتصرة, وأتوقع أن الثورة ستحقق أهدافها وستنتصر في مدي زمني أقل من خمس سنوات, لأن الزخم موجود ويتزايد لدي شباب الثورة.. وهم لن يتنازلوا عن الأهداف التي قامت الثورة من أجلها, وأيضا الواقع الذي أفرز الثورة مازال موجودا.. فالفساد مازال موجودا.. والعدالة الاجتماعية لم تتحقق بعد وكذلك الحياة الكريمة والحرية أيضا, وكنت منذ فترة قصيرة ضيفا في برنامج تليفزيوني قبل أن تظهر قضية التمويل الأجنبي وسألتني المذيعة درية شرف الدين عن الثورة وكان ردي.. أن هناك مبدأ مهما لم يناقشه أحد.. وهو الاستقلال الوطني عن الهيمنة الغربية, ومثلما بدأت النهضة الحديثة باستقلال مصر عن الامبراطورية العثمانية.., هذه الثورة أيضا ينبغي أن تحقق الاستقلال الوطني, وهذا الأمر يتحقق بالتدريج.. وعلينا أن نتذكر ما كتبه الدكتور جمال حمدان أن الامبراطورية العثمانية كانت تحلب مصر كما تحلب البقرة.., وكانت الخطوة الأولي لتحقيق الاستقلال هي استقلال مصر عن الامبراطورية العثمانية.. وبعد ذلك بدأت تحقق دولة المواطنة.. دولة لا تفرق بين الناس علي أساس الدين, وفي رأيي مادام هناك هيمنة أجنبية لن تتحقق المواطنة ولا العدالة الاجتماعية.., ومن المستحيل القفز علي مراحل التاريخ, بمعني أنه لابد أن تتحقق المرحلة الأولي وهي الوطن ثم استقلال هذا الوطن, بمعني أن شعب هذا الوطن هو الذي يحكمه, وتبدأ خطوات النهوض والتطور.
كتب الكاتب البريطاني روبرت فيسك مقالا مهما في الاندبندنت البريطانية منذ أيام.. يشرح فيه أن ما يعرف بالربيع العربي في عقب قيام الشعب التونسي بثورته أصبح الآن ربيعا مسموما في ظل تضييق الخناق علي الحريات.. هل توافقه الرأي أم ترفضه؟
أضم صوتي إلي صوت روبرت فيسك, وأعرف من هي العناصر التي سممت الربيع العربي في كل البلاد العربية..
من هي هذه العناصر؟
في رأيي الهيمنة الغربية هي التي سممت الربيع العربي في كل البلاد العربية.. وهذه الهيمنة لها أتباع تساند من الداخل.. وللأسف هناك أزمة كبيرة تواجه كل الثورات العربية..
انفصل جنوب السودان العام الماضي وجنوب اليمن في الطريق للانفصال ومخطط تقسيم ليبيا بدأ من الشرق.., والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل تقسيم مصر قادم أم مصر بعيدة, عن هذا المخطط؟
مصر لم تقسم علي مر التاريخ...
ومصر مختلفة عن البلاد العربية.. فمثلا ليبيا قبل الحرب العالمية الثانية كانت أربع دول وتم تقسيم سوريا في معاهدة سايكس بيكو, فقد انفصلت عن بقية الشام.. لكن مصر علي مر العصور لم تقسم أبدا.. منذ عهد مينا موحد القطرين مصر هي مصر..
لست خائفا من شبح التقسيم؟
أعوذ بالله.. لا توجد قوة في الأرض تستطيع تقسيم مصر وأكمل ضاحكا الملك مينا وحد مصر و عمل لها تميمة رصيد بعدم الانفصال أبدا!!
لا أحد يستطيع أن يقسم مصر أبدا..
لك علاقة خاصة بالصحراء.. ودائما تكتب عنها في رواياتك بعمق وبراح؟ لماذا وكيف تري الصحراء؟
وصفتها أكثر من مرة ببستان الله.. بستان الروح.. بمعني أن الروح تزدهر في الصحراء, وليس غريبا أن كل الأنبياء كانوا من أبناء الصحراء أو عاشوا في الصحراء.., ورغم انني لم أعش في الصحراء كثيرا.. إلا أنني أحبها كثيرا وعندما أذهب إليها أشعر بأن قلبي يرفرف بهجة وسعادة.., في الصحراء تشعر بأن نجوم السماء قريبة جدا لك.., أقرب لك من أي مكان آخر.., كما لو كانت السماء تقترب في الصحراء للأرض!!.. وهذا عن القرب المادي, أما القرب الروحي والمعنوي في الصحراء فأمر مدهش جدا..
وأنا كتبت رواية أنا الملك وأنا في أوروبا.. وأتذكر أن البلد مرت بعاصفة ثلجية كبيرة وتحولت المدينة إلي مساحات بيضاء بدون ملامح, مثلما تري الصحراء كلها رمال صفراء.. هذا البياض ذكرني بالرمال والصحراء وفي هذه اللحظة مسكت القلم وبدأت الكتابة.. خرج فريد بك إلي الصحراء... وبدأت في كتابة رواية أنا الملك.
ترجمة رواية الخيميائي للأديب باولو كويلو إلي العربية.. لماذا أطلقت عليها ساحر الصحراء هل حبا في الصحراء؟
قد يكون اختياري عنوان ساحر الصحراء حبا في الصحراء فعلا, وأيضا عنوان الخيميائي عنوان لا يشجع أبدا علي القراءة.., وعندما زار باولو كويلو مصر عام5002 كان سعيدا بترجمة الرواية إلي العربية وسعيدا بشهرته التي تحققت من خلال ترجمتي للرواية وقراءتها وقال لي أنا مدين بشهرتي لك., وهو حتي الآن يرفض اعادة طباعتها في مصر من جديد.
وهل أنت مؤمن بفلسفة الرواية التي تناقش قضية الأسطورة الشخصية وهي عندما يريد الإنسان شيئا ما بإخلاص.. تولد هذه الرغبة في روح العالم ويعمل الكون علي تحقيق ما تريد؟
لا أدري إلي أي مدي يمكن أن يسمح الكون بتحقيق كل الرغبات الصادقة, لو كان هذا الأمر حقيقيا ما كانت توجد خيبات أمل كثيرة في الحياة.. فهناك مئات الألوف من البشر لديهم آمال وطموحات ورغبات في تحقيق رغباتهم وأحلامهم..
واعتقد أن عنصر الإدارة البشرية مهم مع الإدارة الكونية لتحقيق الأمنيات.. ومهم لكي ينجح الإنسان في تحقيق أحلامه أن يقف بعد كل وقوع, حتي يصل إلي ما يريد..
تقول عن نفسك دائما انك ابن الوحدة الوطنية ورائعتك خالتي صفية والدير ضمت عمق التقارب بين الإنسان والإنسان مهما اختلفت الديانات.. في رأيك كيف نقاوم بذور وشراسة ما يسمي بالفتنة؟
المواطنة التي حارب من أجلها المصريون من أيام رفاعة الطهطاوي حتي الآن هي العمود الفقري لمصر.. والمواطنة قائمة علي عدم وجود فرق في المعاملة علي أساس الدين أو الجنس أو اللون أو الأصل الاجتماعي..
هذا المفهوم للمواطنة أساس بناء الدول العظيمة, والمثقفون المصريون رسخوا هذا المبدأ من002 سنة.. وهو التساوي بين كل أبناء الشعب الذين يعيشون فوق أرض واحدة بدون أدني تمييز قائم علي أي معايير أخري مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوي الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري ومنذ عدة أيام كان يتحدث كمال الهلباوي المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب والرئيس المؤسس للرابطة الاسلامية في بريطانيا( الذي تمت اقالته) في أحد البرامج التليفزيونية مع الكاتب سعد هجرس.. وسأل المذيع سعد هجرس عن مخاوفه من صعود التيار الاسلامي في مصر الان؟ فطلب كمال الهلباوي الرد بدلا من سعد هجرس وقال: أنا شخصيا متخوف من صعود التيار الاسلامي بهذا الشكل.. وهذا لا يعني أنني اتخلي عن ايماني, ولكن أكد أن التيار الإسلامي الموجود الآن عنيد.. ولو عدنا لبداية ظهور التيار الإسلامي بعد الثورة.. نجد أن الشعار الذي تعاملوا به مشاركة لا مغالبة, ثم انتهي الأمر بسحق الاخر..
وبدأ الحديث مؤخرا عن مشاريع قوانين بمنع مشاركة المدرسين والمدرسات في حجرة واحدة التي تسمي حجرة المدرسين منعا للخلوة!! ومنع المدارس المشتركة!!
وأنا أتساءل.. بدل ما يفكروا في اختلاط المدرسين والمدرسات والتلاميذ والتلميذات الأفضل أن يبحثوا في أهمية تطوير التعليم وتحسين العملية التعليمية ورفع مستوي المدرسين والمدرسات العلمي والاجتماعي..
للأسف هناك من يشعل نيران الفتنة في المجتمع.. فمنذ فترة قصيرة كان يتم مناقشة هل يجوز للمسلم أن يعيد علي المسيحيين في أعيادهم.. وتحول الأمر إلي قضية للنقاش!
وهل يجوز مصافحة المسلم للمسيحي؟؟
كل هذا خطأ رهيب وأزمة كبري ولذلك أنا متمسك بالاستقلال الوطني كما شرحته بعيدا عن الهيمنة الأجنبية الغربية أو الخليجية الوهابية.
وللأسف أري أن دولة المواطنة المصرية تتعرض الآن للتآكل.. وعلي المثقفين المصريين العمل من جديد علي تأكيد المواطنة المصرية.., وللأسف نحن عشنا فترات طويلة منذ عصر السادات ومبارك وهما يؤكدان أن الثقافة ليس لها أهمية داخل المجتمع وتم تحويلها لشيء ظاهري وتم إضعافها تدريجيا.. وكان هناك حرص علي ألا يعود للمثقفين المصريين قوتهم كما كانت في السابق..
طوال القرن ال19 وبدايات القرن العشرين.. وأتذكر هنا الدكتور طه حسين عندما اشترط علي النحاس باشا زعيم الأمة.. أن أول قرار يوقع عليه بعدما يصبح رئيس الوزراء هو إقرار مجانية التعليم للمصريين.. وهذا ما حدث بالفعل.
والآن للأسف بعد الثورة.. هناك من يقول أن أدب نجيب محفوظ منحل!!
وعندما يتم تصوير فيلم عن رواية صنع الله ابراهيم في احدي الجامعات المصرية فيتم منع التصوير!! ويتم تغطية التماثيل في الاسكندرية لأنها حرام!!
وتصدر فتوي من وزارة الأوقاف بمنع التصوير السينمائي داخل مسجد السيدة نفيسة لأن التصوير داخل المساجد حرام.. ومعني هذا أننا انتقلنا من مرحلة الاستغناء عن الثقافة إلي مرحلة الانقضاض علي الثقافة!!
وأنا أتمني أن يطيل الله في عمري لكي أوضح للمصريين وخاصة المثقفين أنهم هم الورثة الحقيقيون لرفاعة الطهطاوي وطه حسين وقاسم أمين وعليهم أن يحرصوا علي هذا الإرث ويحافظوا عليه.. وهذا ما كتبته في كتاب أبناء رفاعة وفي مقالاتي.. وفي المظاهرات التي شاركت فيها.. دفاعا عن الدولة المدنية, دفاعا عن الدولة الحديثة, دفاعا عن الدولة الديمقراطية..الدولة التي تقوم علي أساس المواطنة.. تتساوي فيها حقوق المواطنين, ولا يتم اقصاء لأي أحد فيها بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو المركز الاجتماعي..
هذه الفكرة هي التي انقذت مصر من براثن الامبراطورية العثمانية وهي التي ستنقذ مصر الآن من براثن الهيمنة الغربية والأمريكية والوهابية.
هل تتوقع ان تتحول مصر الي دولة دينية؟
لو استمرت الأمور والأفكار علي هذا النحو كما حذر كمال الهلباوي في حديثه, سنصبح باكستان آخريأو قندهار آخر... لكن الأمل الوحيد لإنقاذ مصر من الدولة الدينية هو أن مصر دولة متعددة الأعراق ومتعددة الديانات ومتعددة الهويات..
للسياسي والزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي مكانة خاصة لديكم..
وتعتبر دائما فكرة المقاومة السلمية أو فلسفة اللاعنف( السايتاغراها) فكرة ذهبية ومدهشة للإنسانية.. فسر لنا الأمر أكثر؟
المقاومة السلمية هي مجموعة من المبادئ تقوم علي فكرة الشجاعة والحقيقة واللاعنف.. وتهدف الي إلحاق الهزيمة بالمحتل أو المعتدي عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر, وتكوين قوة قادرة علي مواجهة هذا الخطر باللاعنف وفكرة المقاومة السلمية فكرة ذهبية, حتي للحياة داخل البيت وداخل الأسرة..
وأنا فعلا أحب غاندي منذ بداية حياتي.. لدرجة انني عندما قرأت قصة حياته تحولت الي انسان نباتي مثله.
وأيضا أحب فكرة غاندي عن الزهد واقناع الناس به, ونحن الآن في مصر في أشد الحاجة إلي اعتناق فكرة الزهد.. لأننا للأسف نعيش عصر الجشع المتخفي وراء فكرة الاستهلاك والحرية الفردية.. وهذا سبب رئيسي للمصائب التي تشهدها مصر الآن.. ومنذ ما كتب الأستاذ أحمد بهاء الدين عن مخاطر الانفتاح السداح المداح وهذا السلوك يتزايد في مصر.. وبهاء الدين لم يكن يقصد فقط الجانب الاقتصادي للفكرة بل كان يقصد أيضا الجانب الانساني لأن فكرة الانفتاح هذه حولت الناس إلي وحوش بمعني ياتاكلني يا أكلك وهذه الفلسفة المسعورة السعرانة هي التي تتحكم في العالم بأسره الآن, وكان غاندي ضد هذه الفلسفة تماما.. واللافت للنظر أن فكرة الزهد هذه كأسلوب حياة مازالت موجودة عند الناس في الهند.. وقد شعرت بها في زياراتي للهند, طبعا هناك مليونيرات كثيرون في بومباي لكن مازالت الشخصية الهندية العادية بها لمحات وومضات من فكرة الزهد والترفع عن النهم.. وهذا تلحظه بقوة.. فتجد مثلا المرتبات بشكل عام ضعيفة جدا.. والهنود تعيش حياة بسيطة جدا... وغير متزمرين ويتمتعون بالسلام الداخلي رغم قسوة الحياة أحيانا, وبوضوح تجد فرقا كبيرا بين التجربة الصينية والتجربة الهندية.. فالتجربة أو الثورة الصينية تحققت لكن بإهدار كثير من الدماء.. لكن التجربة الهندية تحققت بدون إهدار دماء رغم الفقر الشديد والجوع الذي قد يصل إلي الموت أحيانا.
وفي رأيي إذا استطاع الإنسان الاكتفاء بحاجاته الأساسية بدون التطلع إلي امتلاك واستهلاك كل ما حوله... هذا الإحساس والوصول إليه اعتبره غاية عظمي وهي خلاص للبشرية بأسرها.. لكن هذا يقنعني ألا تتوافر فقط العدالة الاجتماعية بل يقتضي أيضا توافر العدالة العالمية بمعني الا تتدخل دولة أجنبية لفرض نظمها علي الأوطان.
في رواية قالت ضحي كتبت علي لسان البطلة: لحظة واحدة من الحب الحقيقي بدلا من هذه الحياة الكذب.. بدلا من المشي بلا سبب والكلام بلا معني وفتح الأبواب والرد علي التليفون وقناع كاذب للحزن وقناع أكذب للضحك لمقابلة أقنعة الآخرين.. لحظة واحدة تبعث فيها الأرواح الميتة, ولكن كيف تبعث هذه الأرواح.
في رأيك مازالت الأقنعة سيدة المشهد أم توارت قليلا؟
طبعا لحظة واحدة من الحب الحقيقي تساوي عمرا كاملا من الكذب أو الحياة في الكذب, وللأسف كلنا نعيش بأقنعة مختلفة, وسعيد الحظ من لديه القدرة علي خلع قناعه!!
وفي رأيي عدد قليل جدا يعيشون بدون أقنعة!! خاصة في السنوات السابقة في عهد الرئيس المخلوع, وفي رأيي أن الرئيس المخلوع كان صاحب أكبر قناع في مصر.
نقلا عن الكاتب الروسي انطون تشيخوف كتبت علي لسان أحد أبطالك قائلا: أنا أكتب عن الأشياء المحزنة لكي تبكوا عليها.. ولكن لتغيروها في رأيك مازالت الكتابة قادرة علي تغيير الناس وأفكارها في المجتمع؟
هذه إحدي المشاكل التي تحققت نتيجة عصر الاستغناء عن الثقافة, وقد كتبت هذا المفهوم في كتابي في مديح الرواية وقلت ان كل انسان مازال يقرأ حتي الآن.. يستحق جائزة.. لأن التعليم لا يشجع علي القراءة ولا الاعلام ولا الأجهزة الثقافية أيضا تشجع علي القراءة.. ومن يقرأ حتي الان في هذا المناخ يستحق جائزة!! وأنا مؤمن أن الكتابة مازالت قادرة علي التغيير رغم كل شيء..
هل فكرت في الكتابة عن ثورة25 يناير بكل ما تحمله من أحداث ومواقف وحكايات؟
قرأت كل الأدب الذي كتب عن ثورة25 يناير, وفي الغالب الشباب هم الذين كتبوا تجربتهم ويومياتهم.. وهذا أمر طيب ومرحلة مطلوبة, لكن كتابة أدب كبير عن هذه الثورة أمر سابق لأوانه.
كل ما كتب عن ثورة25 يناير اعتبره مادة خاما للأدب القادم وإن لم أكتب بعد عن الثورة وأريد أن أكتب عن فكرة العدالة والعدل في رواية.. وقضية العدل تؤرقني دائما.. وعلي الإنسان عندما يفكر في تحقيق العدل أن يكون هو شخصيا عادلا, عليه أن يحقق العدل علي نفسه وفي محيطه وفي مجتمعه... وإذا كان الفرد عادلا فسيكون المجتمع عادلا أما إذا كان الفرد ظالما فهذا معناه أن المجتمع يعيش في ظلم فظيع, وأتمني ان يتربي الأطفال منذ الصغر علي ثقافة العدل.. وأتذكر كلمة للراحل ابراهيم أصلان دائما كان يقول: قبل ما نكتب عن العدل لابد أن نكتب بعدل, بدون مبالغة ولا كذب.
في رأيك أيهما أقدم وأقوي علي وجه الكرة الأرضية الظلم أم العدل؟
هناك حكاية قديمة تقول: إن العدل والظلم كانا يسيران في أحد الطرق, ثم وجدا ركوبة ما.. فحدث بينهما نقاش حاد من الذي يمتطي هذه الدابة؟
وبالصدفة مر جحا في الطريق.. فسأل العدل والظلم جحا عن من الذي يركب الدابة الظلم أم العدل؟
فكان رد جحا: العدل بالطبع هو الذي يمتطي الدابة
ومن ذاك الوقت العدل هو اللي راكب.. لكن الظلم هو اللي ماشي!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.