يراقب المواطنون بحذر تبعات حلول زيادات شهر يوليو من كل عام، حيث يتم بعده رفع أسعار الكهرباء والتى يبدأ المواطن فى الشعور بها فعليا فى فواتير أغسطس ومايليها، تماما مثلما حدث فى نفس الشهر من العام الماضى وهذه الزيادة تكون نسبية تختلف من شريحة لاخرى وتقدر بنحو 20% وفقا لخطة الدولة فى السنوات الخمس الحالية، ويأتى ارتفاع التعريفة هذا مع ذروة فصل الصيف والذى يؤدى أيضا الى ارتفاع استهلاكهم بنحو شريحتين مما يؤدى لزيادة كبيرة فى قيمة الفواتير، يصرخ معها المواطن من دخله الذى صعقته ارتفاعات فواتير الكهرباء وأحرقته أسعار الخضراوات واللحوم المجمدة التى ترتفع تلقائيا بارتفاع أسعار الكهرباء. تروى محاسن ، ربة منزل ، قصتها مع فاتورة الكهرباء ، قائلة ارتفعت خلال عامين من 30 جنيها الى 70 جنيها فى متوسط العام الماضى حتى قفزت فى أغسطس الماضى الى 150 جنيها ، هذه الفاتورة تأتى فى شقة لا يوجد بها تكييفات ولا حواسب آلية ، وكل ما لدينا فقط هو تلفاز ومروحتان ولمبات لإضاءة الشقة ، وتتساءل ماذا عسانا ان نفعل فى ظل هذه الزيادات التى يترتب عليها زيادات أسعار الخضراوات واللحوم وكل شيء ، وفى ظل دخول منخفضة وأعباء كبيرة؟. وتستطرد هويدا ،ربة منزل ، فتقول : كنت أدفع العام الماضى فاتورة الكهرباء 90 جنيها ، لكنها ارتفعت بحلول صيف هذا العام إلى 300 جنيه ، لكن هذا الشهر قفزت الفاتورة إلى 900 جنيه، وتضيف: لم أستطع دفعها للمحصل ، ولا أعرف كيف يمكن لأسرة تتكبد إرتفاع تكاليف المعيشة الحالية فى شتى مناحى الحياة ، أن توفر من دخلها 900 جنيه قيمة فاتورة كهرباء ، وتقول ، دفعنا موجة الحر الشديدة لشراء جهاز تكييف ،اقتنيناه «بالتقسيط» هروبا من جحيم الحر بعد وصول درجات الحرارة الى 45 و 50 فى بعض الأيام، ولكن بعد أن تسلمنا الفاتورة وجدنا أنه كان علينا ان نفكر فى الأمر فالهروب من حر أفضى لموت المئات هذا العام، لم يعد الخيار الأكثر حكمة بعد ارتفاع أسعار الكهرباء بهذا الشكل ، والذى قد يفضى بنا الى الاستدانة او السجن لدفع مثل تلك الفواتير الباهظة. أما ليلى ،موظفة، فتقول فوجئت هذا الشهر بفاتورة الكهرباء 1000 جنيه، والذى علله قارئ العداد بوجود تكييف بالشقة ، مضيفة أن هذا التكييف ليس جديدا على شقتى هذا الشهر فلماذا ارتفعت الفاتورة هذا الشهر من 500 جنيه إلى 1000 جنيه ؟، وهل تظن الوزارة ان بإمكاننا دفع مثل هذه الفواتير لمرفق الكهرباء وحده! .. فماذا عن أعبائنا الحياتية الاخرى فى مقابل دخولنا؟!. بينما عزا الدكتور محمد اليمانى المتحدث باسم وزارة الكهرباء ارتفاع فواتير الكهرباء الى عدة أسباب تختلف من مشترك لآخر وفقا لحجم الاستهلاك، يضاف إليها ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف الحالى بدرجات غير مسبوقة؛ مما أدى لزيادة استهلاك الطاقة فى المكيفات والمراوح الكهربائية، خاصة فى ظل بدء رفع الدعم تدريجيًا عن بعض الشرائح بخلاف الشرائح الثلاث الأولى المستثناة ، مؤكدا أنه من الوارد أيضا أن يكون ارتفاع قيمة الفاتورة بسبب خطأ بشري، وهو ما يحفز المواطن العودة لشركة الكهرباء التابع لها للتأكد من سلامة فحص العداد فى حين تشككه فى صحة القراءة. وفى هذا المشهد العسر .. ماذا لو قرر المواطن المصرى الاستغناء عن الطاقة الكهربية التى توفرها الحكومة ، وقرر السير على خطى تجربة قرية فيلدبولدزريد الألمانية ، هذه القرية التى تخطت حد الاكتفاء الذاتى من انتاج الطاقة الكهروضوئية ، بل وباتت تبيع فائض طاقتها للحكومة الألمانية ذاتها ، لتصبح المانيا فى 2030 على موعد مع تحقيق اكتفاء كامل من الطاقة المتجددة.. توجهنا بهذا السؤال لدكتور صلاح الحجار استاذ العلوم البيئية بالجامعة الأمريكية ، والذى أخبرنا أنه يتمنى أن تفعلها الطبقة فوق المتوسطة والتى تستطيع أن تفعلها فعلا. مضيفا أنه لو تمكن كل بيت من توليد 10 كيلو وات فقط على أسطح منزله ، فسيتمكنون من توفير 20% من احتياجهم من الطاقة ، ولكى يقبل الناس على ذلك ينبغى أن توفر الدولة لهؤلاء حافزا ، تماما مثلما فعلت الحكومة الالمانية لتشجيع المواطنين للإقبال على تلك الخطوة حتى ولو بتخفيض قيمة الفاتورة بنسبة معينة فى مقابل الانتاج. ويعود بالقصة د. صلاح جودة الى فبراير عام 2014 ، وبالتحديد بعد ان بدأت أسعار البترول على مستوى العالم تنخفض وبالتالى ينخفض كل ما هو مرتبط بالبترول مثل وسائل النقل، الطيران وأسعار الكهرباء والخضراوات والفواكه والحديد والاسمنت والاسمدة والسيراميك،، لكن فى مصر نجد جميع الاسعار فى ارتفاع... ويتساءل جودة عن نتائج المؤتمر الاقتصادى الذى انعقد فى مصر فى مارس الماضى والذى تقدمت إليه بعض شركات الطاقة على مستوى العالم حتى تقوم بالاستثمار فى محطات توليد الكهرباء وأعلنت ذلك الحكومة، ولكن بعد مرور قرابة 3 أشهر لم يتم تفعيل أى شىء بسبب البيروقراطية. والحل كما يراه الخبير الاقتصادى يبدأ عندما تفتح الحكومة الباب للشركات العالمية لعمل محطات كهرباء فى مصر وتشغيلها بمعرفة الشركات الاجنبية ، وأن يصل دعم الحكومة الى الفقراء ومحدودى الدخل فقط ، وتترك الحكومة العلاقة بين شركات الكهرباء وأصحاب المصالح ليتم الاتفاق عليها بمعرفتهم، وأن يتم إلغاء الدعم عن كامل الفنادق والسفارات والقرى السياحيه ليتم ترشيد الطاقة .