المستشرقة الألمانية "سيجريد هونكه" صاحبة كتاب (شمس الإسلام تسطع على الغرب) الذى بيع منه أكثر من مليون نسخة ، شهدت أن الإسلام أعظم ديانة على وجه الأرض ، وبالتميز للعقل العربى ، وذكرت فى شهادتها " أن الحضارة العربية الفريدة ، كان لها أبلغ الأثر فى ازدهار إسبانيا العربية ، تلك الجنة الفريدة التى صنعها أساتذة فن المعمار ، و المغنيين و الشعراء و العلماء " بينما الحضارة المسيحية الغربية ، كانت تثبت الكتب ب ” السلاسل ” فى الأديرة ، و فى الوقت الذى اعتبر فيه رجال الدين المسيحى أن طلب العلم ” كفر بالله ” بينما عاشت النصرانية فى ظل حكم إسلامى متسامح لقرون فى الأندلس ،فإذا بالآسبان يطردون المسلمين و اليهود منها عقب سقوط الحكم الإسلامى ، ويعرضونهم للتعذيب والإضطهاد ، بل وإكراههم على التنصير من قبل محاكم التفتيش ، وحرقهم بشكل علنى فى احتفالات رسمية ، بينما كتب بطريرك القدس ” تيودوسيوس ” فى أوائل القرن الحادى عشر تحت حكم المسلمين يقول : ” إن العرب هنا هم رؤساؤنا الحكام ، و هم لا يحاربون النصرانية بل على العكس من ذلك يحمونها ، و يذودون عنها ، ويوقرون قساوستنا و رهباننا و يجلون قديسينا ” ، على النقيض الآخر عندما أصدر كبير وعاظ الحروب الصليبية ” برنارد فوكس ” أمره إلى المحاربين الصليبين :” إما التنصير و إما الإبادة ” .للمسلمين . وترصد هونكه عبر التاريخ الاختلاف بين الصليبيين و المسلمين ، ففى الوقت الذى احتل فيه الصليبيون ميناء دمياط و أبادوا الجميع ، قام السلطان الكامل بعد انتصاره عليهم بإكرام أسراهم و لم يقتص منهم ، بل أرسل إلى جيشهم المتضور جوعا كل يوم ” 30 ألف رغيف ” و مواد غذائية أخرى ، وشهد على هذا عالم الفلسفة ” أوليفروس ” الذى كان ضمن الأسرى قائلا : منذ تقادم العهود ، لم يسمع المرء بمثل هذا الترفق و الجود ، و بخاصة إزاء أسرى العدو اللدود ، إن الرجال الذين قتلنا آباءهم و أبناءهم و بناتهم و إخوانهم و أخواتهم ، و أذقناهم مر العذاب ، لما غدونا أسراهم وكدنا نموت جوعا راحوا يؤثروننا على أنفسهم ، و كذلك فعل صلاح الدين الأيوبى مع الأسرى الصليبين عقب استعادة بيت المقدس ، بينما الملك ” ريشارد قلب الأسد ” الذى أقسم بشرفه لثلاثة آلاف أسير عربى أن حياتهم آمنة ، إذا هو فجأة منقلب المزاج ، فيأمر بذبحهم جميعا . ودحضت هونكه الدعايا التى نشرتها الحروب الصليبية و التى مازال يكرس لها حتى الآن بأن الإسلام تم نشره بالنار وبحد السيف ، مدللة بكلام الله تعالى ” لا إكراه فى الدين ” ، مؤكدة أن أتباع الملل الأخرى هم من سعوا لاعتناق الإسلام و ألحوا فى ذلك شغفا و افتتانا ، و قلدوا أسلوب الحياة العربية و تعلموا لغتهم و ارتدوا ثيابهم و نطقوا الشهادتين ، قائلة أن السحر الأصيل للكرم و المروءة و التسامح العربى كانت قوة جذب لا تقاوم لاعتناق الإسلام . وشهدت هونكه أن المرأة و الرجل فى الإسلام يتمتعان بالحقوق نفسها من حيث النوعية ، و إن لم تكن الحقوق هى ذاتها، نافية الأفكار التى ينشرها الغرب عن استعباد الإسلام للمرأة .وضربت مثالا بطاعة المرأة لزوجها فى الإسلام و قوامته عليها ، قائلة أن المرأة المسلمة كبرياؤها يمنعها الامتثال و الطاعة إلا لمن ترفع إليه بصرها إعجابا و تقديرا ، .وطالبت هونكه المرأة العربية بالتحرر من النفوذ الأجنبى ، فلا ينبغى أن تتخذ المرأة الأوروبية أو الأمريكية قدوة تحتذيها ، لأن هذا الفكر الدخيل يفقدها مقومات شخصيتها . وشهدت المستشرقة الألمانية للعقل الإسلامى بالتفوق ، واعترفت بفضله فى إنقاذ ما تبقى من التراث اليونانى القديم الذى تدمر الكثير منه بسبب التعصب المسيحى ، حيث نهل المسلمون من مصادر المعرفة حتى الوثنية ،واستطاعوا أن يصنعوا حضارة مزدهرة امتدت نحو 8 قرون ، وهم لم يكتفوا بالنقل عن المعارف اليونانية ، بل ابتكروا جديدا ، و أصبحوا المؤسسيين للكيمياء والفيزياء التطبيقية والجبر ، والحساب بالمفهوم المعاصر وعلم المثلثات الكروى ، وعلم طبقات الأرض ، وعلم الاجتماع وعلم الكلام ، وتحدثت هونكه بالتفصيل عن كافة اكتشافات و اختراعات العرب الذين سبقوا به الغرب ، و كيف أن الكتب التعليمية العربية قدمت أفضل مواد دراسية ، ليبرز دور الحضارة العربية الإسلامية في نهضة أوربا التي عاشت قرونا طويلة في ظلمات من الجهل والتخلف، كانت فيها الحضارة الإسلامية في أوج تقدمها وازدهارها. هذه شهادة غربية أهلت المستشرقة هونكة لتنال كثيرا من الأوسمة والأنواط، والتى توفيت فى نوفمبر 1999م عن عمر يناهز 83 عاما لمزيد من مقالات وجيه الصقار