تشكيل هيئة مكتب نقابة أسنان القليوبية    نقيب الفلاحين يعلن دعمه لاتحاد القبائل العربية بقيادة العرجاني    إحتفاء بذكرى ميلاده..محافظ الشرقية يؤدى صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبدالحليم محمود في بلبيس    الملتقى الأول لشباب الباحثين العرب بكلية الآداب جامعة عين شمس    إزالة حالة تعدي على أرض زراعية بقرية الفاوية في قنا    أسعار البصل اليوم بالمحافظات.. انخفاض في سعر الكيلو وتوقعات بالمزيد    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    محافظ كفر الشيخ: انتهاء أعمال رصف شارع المعهد الديني ببلطيم بطول 600    «المشاط»: 117 مشروعًا لدفع مشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا    وزيرة التخطيط: 7.7 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الأقصر خلال 23-2024    وزيرة الهجرة تشهد احتفال «يوم أوروبا» وتؤكد: علاقات متميزة وتعاون وثيق بمختلف المجالات    محافظ بني سويف يوجه بمتابعة استمرار التسهيلات في تلقى طلبات التصالح بالقانون الجديد 187    تحذير شديد من الأمم المتحدة بشأن الأوضاع في غزة    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم على مباني الأونروا في القدس الشرقية    أوكرانيا: روسيا بدأت هجوماً برياً في منطقة خاركيف    قصة غلاف| «تايم» ترصد انتفاضة الجامعات الأمريكية ب«عدسة الصحفيين الطلاب»    فانتازي.. أفضل 4 لاعبين ذوي ملكية منخفضة للجولة المزدوجة (DGW37)    أعضاء مجلس الزمالك يستقبلون المنسق الأمني لمباراة نهضة بركان    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    بيرسي تاو يحصد جائزة أفضل لاعب في اتحاد دول جنوب إفريقيا    ضبط 40 شيكارة دقيق مدعم في السوق السوداء بقنا    إصابة 6 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الأوسطي    تشييع جثمان عقيد شرطة ضحية تصادم سيارة مع جمل ببني سويف    مشاجرة بين عائلتين بالأسلحة البيضاء وإصابة شخصين بالفيوم    ضبط لحوم وكبدة غير صالحة للاستهلاك البشري بأحد المطاعم في الفيوم    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    ما حكم إيداع الأموال في البنوك وأخذ الفوائد؟ مفتي الديار المصرية يجيب    بالصور- جامعة المنيا تحصد 4 مراكز متقدمة في منافسات مهرجان "إبداع"    أحمد العوضي.. "ياسمين خير حبيبة وزوجة"    سنوات الجرى فى المكان: بين التلاشى وفن الوجود    خطيب الجمعة ب "الأزهر": الحضارة الإسلامية حوربت عبر تشكيك المسلمين في تراثهم    الأدلة 60 صفحة.. توضيح مهم لمفتي الجمهورية بشأن التعامل مع البنوك    الرعاية الصحية: تقديم 16 مليون خدمة طبية بالمستشفيات والوحدات التابعة    عادات يومية للتحكم في نسبة السكر بالدم.. آمنة على المرضى    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    الكشف الطبي بالمجان على 1282 مواطنًا في قافلة طبية بدمياط    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قلعة المدابغ..تراث ينتظر المستقبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 09 - 2015


أزمة جلود مجرى العيون .. هل يحلها الروبيكى؟
كتب: فاطمة محمود مهدى
يشهد قطاع صناعة الجلود منذ فترة ازمات عدة اثرت بشكل مباشر على اركان هذه الصناعة العملاقة،حيث يبلغ إجمالي عدد منشآت الجلود العاملة بمصر اكثرمن 17 ألف منشأة، ولقد تعرض نحو 5الاف مصنع منها للاغلاق وتم تسريح اكثرمن 150 الف عامل، حتى مصانع الأحذية والمصنوعات الجلدية تعمل حالياً بنسبة 10% فقط من طاقتها الإنتاجية.
وذلك نتيجة لاسباب متشابكة يأتى فى مقدمتها الاستيراد – ارباح المستوردين تصل الى 200% من عمليات استيراد المنتجات الجلدية الصينية - وكانت وزارة التجارة والصناعة أصدرت قرارا لحماية صناعة الجلود المصرية تضمنت إعادة النظر في المواصفة القياسية المصرية، الخاصة باستيراد الأحذية، ووضع قائمة أسعار استرشادية على ما يتم استيراده من المنتجات الجلدية والأحذية بوجه خاص، بما يضمن الحماية الجمركية التي تضمنتها التعريفة الجمركية، وإلزام إدارة مكافحة التهريب بمصلحة الجمارك بمراجعة أعمال المستوردين للمنتجات الجلدية للوقوف على أي مستندات لا تمثل الحقيقة واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وإعادة النظر في القواعد المنظمة للرقابة على مستلزمات الإنتاج للمصانع المنتجة للجلود الطبيعية والصناعية ومستلزماتها ولكننا نحتاج الى تفعيل ذلك على ارض الواقع ، كما ان أبرز المشكلات التي تواجه صناعة الجلود هي المنافسة غير العادلة التي تواجهها المنتجات المصرية، نتيجة سياسات الإغراق وتحول عدد كبير من المنتجين إلى مستوردين. هذا الى جانب ارتفاع أسعار الجلود الخام نتيجة فتح الباب لتصديرها،حيث إن كل المصدرين يقومون بتصدير الجلد بالمرحلة الأولى"الوايت بلو " فقط رغم مخالفتها للقانون، اعتمادا على ضعف الرقابة والغرامة المالية التي لا تتعدى ألف جنيه للطن في حالة كشف المخالفة.
وعلى الجانب الاخر وفى اطار تطوير هذه الصناعة تم انشاء معهد دباغة الجلود فى 1944 وتخرج فيه عدد كبير من العمال، وكان يعطى شهادة معهد فنى صناعى بعد الشهادة الإعدادية، وكان يهدف إلى تطوير صناعة الجلود ولكنه اغلق منذ سنوات واصبح البديل تشغيل عمالة من الهند كفنيين لدباغة الجلود والإشراف على العمالة فى المدابغ وتعليم العمال أساليب جديدة فى الصناعة!!
ويرى البعض ضرورة إصدار تشريعات جديدة للسيطرة على اسواق الجلود، وذلك من خلال تحديد الحصص التصديرية لكل منتج، وإتاحة الكميات المناسبة للسوق المحلية والتي تمكنه من منافسة المنتج المستورد،لإحداث توازن في الأسعار وإتاحة الفرصة للمصنّعين للحصول على جلود بجودة عالية وبأسعار طبيعية
ولقد اثار قرار نقل منطقة المدابغ بمصر القديمة التى تحتوى على ورش ومصانع لدباغة الجلود ومخازن لتمليح الجلود بالإضافة إلى مصانع الغراء والجلاتين يصل عددها إلى 1100 ورشة، كثير من الجدل مابين الرفض والقبول ،وتقدرحجم استثمارات المشروع بمليار و600 الف جنيه قابلة للزيادة، ويؤكد المسئولون أن المشروع يهدف إلى تطوير قطاع دباغة الجلود وتعظيم دوره للوصول إلى انشاء مدينة صناعية للجلود تستطيع ان تنافس المنتجات الاوربية، بالاضافة إلى دور المنطقة الصناعية فى تدعيم قدرات مصر التنافسية فى هذا المجال ، بما يحقق زيادة الصادرات منها، ويتيح المزيد من فرص العمل الجديدة، فضلا عن الحد من التلوث الناتج عن نشاط الدباغة بمنطقة مجرى العيون بمصر القديمة، المشروع مقام على مساحة 517 فدانا، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل
وعن الخطة الموضوعة للنهوض بصناعة الجلود يقول محمد حرب - رئيس مجلس ادارة مدينة الروبيكى بمدينة بدر – ان صناعة المنتجات الجلدية من اعرق قطاعات الصناعة ومن المنتظر ان تشهد نقلة صناعية من خلال مشروع مدينة الروبيكى والتى تبلغ مساحتها نحو 533 فدان اى ما يقرب من مليونين و 200 الف متر مربع ، وهذه المساحة الكبيرة حتى تستوعب المدينة خطط التطوير التى تستهدف زيادة حجم الانتاج وحجم الصادرات ،ويبلغ انتاجنا فى السوق المحلية الان حوالى 200 الف قدم جلود ونقوم بتصدير الجلود بحوالى 2 مليار جنيه و من المتوقع بعد الانتهاء من المشروع سوف نقوم بالتصدير الى جميع الدول العربية و الاوروبية بمبالغ تتراوح ما بين 5 و 6 مليارات جنيه كمرحلة اولى .
ان جميع الصناع فى المدينة الجديدة قاموا بضخ استثمارات ضخمة من اجل التطوير، وتحديث ورشهم ومصانعهم باحدث التقنيات التكنولوجية ولقد قامت الغرفة و الجمعية العمومية بالتعاون مع وزارة الصناعة بايقاف مرحلة " الوت بلو "و هى عبارة عن دبغ الجلود فقط دون المراحل بعد ذلك وهى "الكرفت و الفنش " وهذه المرحلة تستلزم تقنية عالية جدا ولذلك قام الصناع بتطوير معداتهم وماكيناتهم للقيام بعمل كل هذه المراحل ، وبدأت المدينة تستوعب الجلود السورية و السودانية و الاثيوبية والعراقية بعد ان تم تصدير المراحل الاولية من الجلود للخارج
ويؤكد محمد حرب - انه سوف يحدث فى مصر طفرة كبيرة فى التصنيع ، وسوف تشهد المدينة طفرة هائلة للاستثمارات الاجنبية خاصة من الجانب الصينى والايطالى والاماراتى ، وان امامنا 20 شهرا حتى نتمكن من الانجاز وسوف تتولى الادارة الهندسية بالقوات المسلحة انهاء جميع الاعمال .
وقد واجه المشروع العديد من المعوقات مثل سكن العاملين وصغر المساحات المخصصصة لبعض المصانع و التى كانت عبارة عن 80 مترا فقط وتلك المساحة لا تكفى لانشاء المصنع بالمواصفات المطلوبة فكان مطلب اصحاب المصانع هو مضاعفة هذه المساحات من اجل انشاء مصانع على مستوى جيد فكانت الاستجابة الفورية للمطالب حيث تم توفير شقق فى مدينة بدر كسكن للعاملين فى مدينة الروبيكى ولن يسمح بتسكين العمالة الاجنبية فالعامل المصرى هو الذى سيكون له حق السكن فى المدينة الجديدة فبدلا من الانتقال يوميا من مجرى العيون الى مدينة الروبيكى فى مدينة بدر سوف يكون اسهل كثيرا عندما يكون السكن فى نطاق العمل
وعن كيفية تنمية صناعة الجلود ودباغتها - يقول الدكتور عادل قاسم مدير مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية إن سور مجرى العيون، هو قلعة صناعة دباغة الجلود، وكانت المنطقة في بادئ الأمر بعيدة عن الحيز السكني مما سمح للورش والمدابغ بالانتشار من حولها، ومع التوسع العمراني باتت تلك المدابغ في قلب الكتلة السكنية بالقاهرة حيث تضم منطقة المدابغ في منطقة مصر القديمة نحو خمسة آلاف عامل يتوزعون على 540 ورشة ومصنعا صغيرا، يعملون يوميا فى دورة عمل متكاملة ومراحل متتابعة تبدأ مع استلام جلود الحيوانات بمجرد ذبحها وسلخها وتنتهى بتحويلها إلى منتجات من الجلد الطبيعي بين حقائب ومعاطف وأحذية وحافظة نقود وأحزمة.
وهناك منتجات تتم صناعتها خصيصا وفقا لرغبات الزبائن حيث يحرص بعضهم على أن تحمل بعض المنتجات الجلدية رموزا تراثية وتاريخية من مراحل الحضارة الفرعونية والإسلامية والرومانية في مصر، ويتفنن الصناع بنقشها على الجلود لتحاكي ذلك الإرث التاريخي. إن قطاع الصناعات الجلدية ودباغتها من القطاعات العريقة والمهمة في مصر، وتتمتع هذه الصناعة بمقدرة تنافسية ومستقبل واعد والطلب على منتجاتها في تزايد ولكنها تحتاج إلى نقلة نوعية حيث إنها تعاني مشاكل هيكلية. وقد تم رصد 10 ملايين جنيه لإنشاء مركز التكنولوجيا داخل المدينة الصناعية للجلود ،كما سيتم لأول مرة في مصر إقامة مركز اختبارات لمنتجات الجلود وسوف يكون بمثابة صمام أمان ضد المنتجات الرديئة التي تأتي من الخارج فضلا عن اختبار جودة المنتجات المصرية.
ويؤكد الدكتور عادل عامر - انه مع مرور الوقت ونتيجة لفوضى الاستيراد تختفي صناعات ومهن عديدة كونها غير مدعومة حكوميا ويؤثر عليها الاستيراد العشوائي للبضائع والمواد بل إن قطاعات كانت مشهود لها بالجودة مثل صناعة الجلود كانت قد تختفى نهائيا بسبب أسعار المنتجات الجلدية المستوردة ، فالسوق المحلية فيها المنتج الصيني الذي ينافس الجميع بسعره الرخيص ويتصدر المبيعات وكذلك المنتجات ذات الماركات العالمية المرتفعة الثمن التى تفرض نفسها بجودتها العالية ، حيث اعتمد التاجر سياسة إغراق السوق حتى لايتسنى للمصنع المصري أية فرصة للمنافسة لهذا أغلقت بعض مصانع الجلود أبوابها وتم تسريح ألاف العمال إجباريا الذين كانوا يعتمدون على هذه الصناعة في رزقهم اليومي
وهناك مطالبات بإلغاء الرسوم الخاصة على الجلود المصدرة حيث أنها تمثل عبئا على المنتجين بنظام المناطق الحرة وهو مايؤثر سلبا على مناخ الاستثمار ويمثل عائقا أمام انسياب الاستثمارات الأجنبية،كما أن الاستيراد هو السبب الرئيسي لانهيار صناعة الأحذية والمنتجات الجلدية المصرية، وليس سعر الجلد الخام، خاصة أن الجلد الخام لم يكن في أي فترة المشكلة الرئيسية في صناعة الجلود، فهى موجودة بوفرة وتساعد المصنعين علي زيادة الانتاج ، وبالتالي تقليل تكلفة المنتج النهائي، كما أن المشكلة لو كانت في سعر الجلد الخام، ما كنا صدرناه للصين، التي تصدره كمنتج نهائي لدول العالم المختلفة .
ومن الاسباب الرئيسية لتدهور صناعة الأحذية والمنتجات الجلدية الباعة الجائلون ، لأنهم يشجعون الاستيراد من الصين، كما أنهم قنبلة موقوتة لمختلف الصناعات الأخرى وليس المنتجات الجلدية فقط،.
إن صناعة الأحذية والمنتجات الجلدية فقدت السوق المحلي وإن كان حجم مبيعاتها فيه يصل لنحو 7 مليارات جنيه سنويا، بينما نسبة حصة الأحذية من المنتجات الجلدية المحلية لا تزيد عن 30% من حجم مبيعات السوق المحلية، بعد أن كانت تبلغ 100% منها في الماضي، بخلاف التصدير للدول العربية وروسيا، ولذلك يجب أن ننتبه للسوق المحلية وأن نغطي حاجتها من الأحذية والمنتجات الجلدية بقدر الإمكان، مع وضع أسعار استرشادية للجلد الخام وكذلك للأحذية والمنتجات الجلدية المستوردة، وإنشاء معارض جملة لبيع المصنوعات الجلدية، وتوفير الجلد الخام بسعر مناسب من خلال إنشاء بورصة للجلد تتمثل في افتتاح محلات لبيع الجلد الخام.
مدينة الجلود.. متى ترى النور؟
تحقيق : غادة عبد الله
صناعة الجلود في مصر صناعة عريقة لها أصالتها وقيمتها المحلية والعالمية حتى أن الحكومات السابقة حملت على كاهلها تطوير هذه الصناع بعمال مهرة فأنشأت معهدا لتخريجهم على أعلى مستوى في عام 1944 رغم ظروف الحرب العالمية الثانية التي دارت بعض أحداثها على أرض مصر.
وقد تطورت صناعة الجلود لما اكتسبته من سمعة عالمية فصار عدد مصانعها يتجاوز ال 17 ألفا لكن مع مرور مصر بأحداث متلاحقة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، فقد واجهت هذه الصناعة مشاكل كبيرة ، حتى إن أكثر من 5 آلاف مصنع أغلقت أبوابها وتم تسريح نحو 150 ألف عامل ، ومن المفارقات أنه عندما احتاجت بعض المصانع لعمال لم تلجأ اليهم ، بل استعانت بعمال من الهند وكأن ثروة مصر من عمالها قد انتهت ، بل إن الجلود المحلية ذاتها بدأ تصديرها وهي خام دون تصنيعها ليتم استيراد منتجات جلدية من الخارج ، وكثير منها ليس بذات الجودة ، ومع وجود جهود لانشاء مدينة مصرية للجلود لحماية هذه الصناعة وتنميتها ، فقد كانت هناك مشاكل أخرى رصدناها في هذا الملف .

تمر صناعة الأحذية والمنتجات الجلدية بمرحلة فاصلة و باستثناء عدد قليل من المصانع فإنها تعاني تخلف التقنيات المستخدمة في الإنتاج وتخلف قدراتها التنافسية وميزاتها النسبية علي مستوى السوقين الخارجية والمحلية ويتضح ذلك في ضعف الصادرات المصرية وإلي الزيادة الكبيرة في الواردات من الأحذية والمنتجات الجلدية.
لذا فإن إنشاء مدينة للجلود المصرية بمدينة العاشر من رمضان كان ضرورة ملحة قام بها كثير من أعضاء غرفة صناعة الجلود للنهوض بهذه الصناعة ومنافسة المنتجات الأجنبية بل وتصدير المنتجات المحلية لكن مع الأسف تواجه مدينة الجلود الكثير من العقبات التي تقف حجر عثرة أمام هذه الصناعة القومية الكبرى.
"تحقيقات الأهرام" تجولت في مدينة الجلود بمدينة العاشر من رمضان والتي تبعد عن القاهرة 50 كيلو مترا لتقف على أهم المشاكل والعقبات التي تواجه هذا الصرح الصناعي العملاق.
في البداية يقول يحيي سعيد زلط عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الجلود ونائب رئيس الاتحاد العربي للجلود إنه نظرا لدور الغرفة المتميز بالاشتراك في المعارض الدولية ودعوة أعضائها للمشاركة فيها مما كان له الأثر الكبير للقائمين على هذه الصناعة في تطوير مصانعهم نتيجة لما شهدناه من تطور صناعة الجلود بالعالم وظهور فكرة إنشاء تجمع صناعي متطور يستخدم الأسلوب العلمي والمعدات الآلية التي شاهدناها في دول متقدمة في صناعة الجلود مثل أسبانيا وتركيا وايطاليا ، مما يساعدنا علي فتح أسواق جديدة في الدول العربية ودول الخليج وأفريقيا لتسويق منتجاتنا وتقديم منتج متميز للسوق المحلي مع فتح فرص عمل للشباب للقضاء علي البطالة حيث إن المصنع يحتاج إلي 100 عامل في المتوسط لتشغيله ، وبالتالي فإن المشروع سيوفر 10 آلاف فرصة عمل تقريبا كما أنه سيقضي علي المنتجات الصينية التي تستنفذ موارد الدولة ، في حين أن دولا مثل البرازيل وتركيا وفيتنام والهند والصين وماليزيا تطورت الصناعة فيها وبدأت في تصدير الجلود الطبيعية والصناعية لمصر التي لها قاعدة صناعية منذ 100 عام ، في الوقت الذي وصلت فيه صناعة الجلود في مصر إلي مرحلة من الاحتضار نتيجة الصعوبات البالغة التي يعانيها الصناع من هجوم المستورد ، وسوء حالة المصانع وتهالك وسائل الإنتاج من ماكينات وآلات ، في وقت تشتد فيه وطأة الصراع علي البقاء مع الدول الصناعية المنافسة والتي تتطور صناعة الجلود فيها بقوة وبدعم من حكوماتها ، لذا كان لابد لنا من وقفة واتخاذ خطوات جادة للنهوض بصناعتنا في مصر ، لذلك اتخذت غرفة صناعة الجلود حينما كنت رئيس مجلس إدارتها خطوات قوية أهمها سرعة البدء في تنفيذ إنشاء مدينة الجلود في مدينة العاشر من رمضان وتتكون من 100 مصنع متطور بكل التقنيات الحديثة في الصناعة وتراعي متطلبات السوق الخارجية في الموضة وفي الوقت نفسه تعيد الأيدي العاملة المدربة لصناعة الجلود وتتيح آلاف فرص العمل للشباب ، ويسهم في تحقيق صادرات منتجات جلدية بحوالي 150 مليون دولار سنويا عند اكتمال إنشاء المصانع وتشغيلها بكامل طاقتها بالإضافة إلي انخفاض أسعار المنتجات الجلدية بالسوق المحلية لصالح المستهلك المصري وخفض واردات السوق المحلية من هذه المنتجات ، وبدأنا في دراسة الجدوى مع مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة الصناعة وتم إدراج مشروع إل 100 مصنع ضمن خطة الوزارة 2010 – 2013.
كيان قانوني
ونظرا لاستحالة تقدم 113 صاحب مصنع كل بمفرده للحصول علي 113 قطعة أرض في تجمع واحد كان لزاما وجود كيان قانوني من بين أصحاب المصانع ينوب عنهم ويتولي إعداد ومتابعة الأعمال التنفيذية للمشروع لذلك أنشئنا شركة مركز صناعات الجلود المتطورة برأس مال قيمته 100 مليون جنيه من العاملين في صناعة الجلود لتنفيذ المشروع ، وقد بدأت أولي الخطوات التنفيذية للمشروع بتقدم شركة مركز صناعات الجلود المتطورة ممثلة لأصحاب المشروعات بطلب لهيئة التنمية الصناعية لتخصيص أرض تغطي إنشاء 113 مصنع وفقا لدراسة الجدوى فوافقت الهيئة علي تخصيص حوالي 178 ألف متر مربع لإقامة المشروع بسعر المتر المربع 150 جنيها سدد منه 10% دفعة مقدمة وقسط الباقي علي 7 أقساط سنوية يبدأ أول قسط في منتصف 2011 ، ومنذ استلام الأرض بتاريخ 2 أغسطس 2008 ومركز صناعات الجلود المتطورة يبذل كل جهده لإعداد الرسومات الهندسية والإنشائية والكهرومغناطيسية والتصميمات النهائية للمشروع من خلال مركز استشاري للدراسات التخطيطية والمعمارية وبدعم من مركز تحديث الصناعة واستخراج التصاريح وتنفيذ بناء المصانع فتم تأسيس 34 مصنعا وتم بناء وتشطيب 22 مصنعا جاهزة للتشغيل.
طلبات انسحاب
ولكن ظروف 25 يناير 2011 وما تلاها من تبعات أثرت علي كل مناحي الاقتصاد المصري بما فيها صناعة الجلود لدرجة أن بعض أصحاب المصانع تقدموا بطلبات انسحاب من المشروع لعدم قدرتهم علي سداد أقساط الأرض والإنفاق على بناء وتشطيب المصانع في آن واحد ناهيك عن الأعباء المالية الكبيرة التي سيتحملها أصحاب المصانع بعد إنشائها سواء قبل بدء التشغيل بتزويدها بآلاّت وخطوط إنتاج ومستلزماتها بما يكلف المصنع الواحد ما يربو على مليون جنيه أو بعد التشغيل من تدريب القوي العاملة وتوفير وسائل مواصلات لها.
ويضيف يحيي زلط: بالرغم من الصعوبات بدءاً من تخصيص الأرض على 8 قطع مساحية متلاصقةِ بالمنطقةA6 بدون مرافق ليتحمل أصحاب المصانع 12 مليون جنيه تكلفة البنية التحتية وإدخال المرافق بالإضافة إلي تحملهم لتكلفة مساحات الشوارع والخدمات العامة كالدفاع المدني والإسعاف والمطافئ وغيرها مما يشكل 50% من المساحة الكلية المخصصة للمشروع ، وبالرغم من قيام بعض المستثمرين ببيع المتر المربع من الأرض ب 700 جنيه بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأرض في المنطقة إلا أن الشركة رأت أنه لا سبيل أمامها إلا رد الجزء غير المستغل من الأرض ومساحته حوالي 75 ألف متر مربع إلي هيئة التنمية الصناعية لإعادة تسويقه لصناعات أخري ليدخل أي إيراد من فروق الأسعار إلي خزينة الدولة ، وقد أرسلنا أول خطاب إلى الهيئة بتاريخ 30 مايو 2012 أي قبل حلول أجل القسط الثاني وأثر وصول خطاب الهيئة بتاريخ 9 أبريل 2012 بمنح المشروعات مهلة مجانية لمدة 3 أشهر تنتهي في 30- 6- 2012 لاستئناف التعامل مع جهاز مدينة العاشر من رمضان لاستكمال تنفيذ المشروع ، وتلا ذلك إرسال مخاطبات إلي كل من وزير الصناعة والتجارة الخارجية ورئيس هيئة التنمية الصناعية وأخرها إلي رئيس جهاز مدينة العاشر من رمضان بتاريخ 13- 2- 2013 للموافقة علي إعادة المساحة غير المستغلة وعمل التسويات المالية لتحديد الأقساط المستحقة علي المشروع ، ولما لم يرد إلي الشركة أي رد من الهيئة أو الجهاز بالموافقة علي رد باقي الأرض وبالتوجه إلي جهاز مدينة العاشر من رمضان فوجئت الشركة بالجهاز يفرض عليها حوالي 337 ألف جنيه مقابل حق انتفاع لمدة 6 سنوات علي الأرض المطلوب ردها والأقسى من ذلك فرض غرامة علي الأقساط غير المسددة حوالي 939 ألف جنيه.
ويؤكد المهندس يحيي زلط أن الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي آنذاك وعدت بتخصيص مبلغ 15 مليون جنيه لدعم المشروع متمثلة في المرافق والخدمات والمشروع ، كما وعدت وزارة الصناعة والتجارة الخارجية ممثلة في قطاع التنمية التكنولوجية بدعم المشروع ولكن لم نجد أي دعم فعليا !
دراسة الجدوى
ومن جهته يؤكد محمد إبراهيم المدير المالي والاقتصادي للمشروع أن دراسة الجدوى تضمنت إنشاء حوالي 100 مصنع مساحة كل منها 1000 متر وتم التعاقد علي 44 مصنعا منها كمرحلة أولي يتم البناء علي 600 متر منها ، حيث تستوعب المدينة 8- 10 آلاف عامل من جميع التخصصات وتسهم في صادرات سنوية تقدر ب 100 مليون دولار في حالة اكتمال المشروع، ولكن واجهت المشروع الكثير من المعوقات علي المستوي الإنتاجي والتمويلي مما تسبب في عجز بعض المستثمرين من الذين لم ينسحبوا حتى الآن عن سداد الأقساط المستحقة سواء لقيمة الأرض أو لاستكمال الإنشاءات الأمر الذي يؤثر بالسلب علي التزامات المشروع تجاه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مدينة العاشر من رمضان التي بلغت حتى الآن حوالي مليونين و200 ألف جنيه مع العلم بأن الدولة التزمت سابقا بإدخال المرافق مثل الكهرباء والصرف الصحي والمياه للمشروع.
ويشير المحاسب صفوت مصطفي مدير عام المشروع إلي أن مدينة الجلود تشمل وحدات إنتاجية ومراكز مبيعات والتسويق المركزي ومعلومات الموضة وتدريبا متطورا ومبني لبيع مدخلات الإنتاج ومخزن اتحاد المصدرين ومصنعا للنعال ووحدة تصنيع الفرش الداخلي وأخري لصناعة سكاكين تقطيع عمل الباترون ووحدات إطفاء مركزية و إسعاف تخدم المجمع الصناعي بالكامل وكافيتريات ومساجد وحضانة وسكنا إداريا واستراحة لكبار الزوار.
غرامات تأخير
ويؤكد صفوت مصطفي أنه لايوجد ردود من أي جهة حكومية تم مخاطبتها بشأن المعوقات التي تواجه المشروع ، حتى غرامات التأخير والفوائد تم إخطارنا بها شفويا وحينما توجهنا إلي جهاز مدينة العاشر من رمضان أفادونا أن هناك غرامات تأخير نتيجة للتأخير في سداد القسط ولم يكن لنا ذنب في هذه الغرامات لأنه أساسا جاء من عدم رد هيئة التنمية الصناعية أو المجتمعات العمرانية أو وزارة الصناعة ولو تم الرد علينا في عام 2012 لم تكن تحتسب علينا أية غرامات أو فوائد تأخير لذا نطالب برفع هذه الغرامات حتى يكتمل هذا المشروع العملاق.
استيراد من الصين
ويؤكد ماجد مكرم عضو مجلس إدارة شركة مركز صناعة الجلود المتطورة وجود فجوة استهلاكية للمنتجات الجلدية فقد استغل كثير من التجار هذا الوضع حيث يقومون باستيراد كميات هائلة من الأحذية والشنط والأحزمة من الخارج خصوصا الصين والطامة الكبرى قيام هؤلاء بتقديم فواتير متدنية القيمة وغير حقيقية لتسديد رسوم جمركية هزيلة فتضيع مليارات الدولارات على خزينة الدولة مما يسبب كوارث منها أننا نواجه كمصنعين منافسة غير شريفة ، لذا فإن مشروع مدينة الجلود سوف يقضي على الصعوبات التي تواجهها صناعة الأحذية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.