رغم الجو الأقصري شديد الحرارة في قلب الصعيد الجواني، تراهم يروحون ويجيئون بين صروح معبد الكرنك.. يبدون كأنهم جزء أساسي منه وهم يسيرون في جلابيبهم الصعيدية الواسعة تحت عمائمهم البسيطة. يحفظون كل مكان في المعبد الممتد على أكثر من 160 فدانا، كحفظهم لأركان بيوتهم، بل يعرفون قصة كل نقش على كل جدار وكل عمود وحجر ومسلة وتمثال يبهرونك وأنت تسمعهم يرطنون بكل اللغات، يشرحون الغامض والخفي من أسرار أكبر وأروع معابد العالم وهم يتبادلون الضحكات مع أفواج السائحين. قال الدكتور مصطفي وزيري مدير آثار الأقصر وهو يشير إليهم: لا تستهون مظهرهم البسيط فالواحد من هؤلاء يمتلك خبرة ترميم يندر أن تجدها بين أكبر خبراء الترميم في العالم ولديه من المعلومات عن الفراعنة ماليس لكثير من الدارسين المتخصصين!. أحدهم أسند رأسه على جزء من مسلة حتشبسوت المكسورة الملقاة منذ قرون على ضفاف البحيرة المقدسة وابتسم للكاميرا فخرجت ضحكته وكأنها تطل من قلب قطعة الجرانيت العملاقة .. الثاني يبدو وكأنه يتلقى إشارات سرية من كهنة المعبد الأصليين.. والآخر يقف غير بعيد يضع يديه على صدره ممثلا في تلقائية الوضع الأوزيري لتماثيل الملوك. إنهم تراث مصر الحقيقي الذي اخترق آلاف السنين مؤكدا أن ميراثنا من الفراعين ليس حجارة صماء صامتة، فهو ذا قد جاء حيا نابضا يشكل جدلية مستمرة للخلود فيما بين الحجر والبشر. عدسة: السيد عبد القادر