لأن مصر كلها تعيش هذه الأيام في حفل عرس القناة.. والأفراح والزينات تملأ كل مكان بالزغاريد والأغاني والرقص والسهر حتي الصباح.. فقد آثرت أن يصحبني في رحلة الفرح الكبير بافتتاح القناة الجديدة التي سوف يرفع العلم عليها في السادس من أغسطس الحالى رئيس البلاد الرئيس عبد الفتاح صانع الفرحة وصاحب العرس الكبير.. فقد آثرت أن يصحبني في رحلة الفرحة الكبري داخل مركب صياد فقير اسمه عبد القادر.. كان يصطاد السمك في القناة ساعة العصاري والسفن العملاقة من حوله في أول تشغيل للقناة الجديدة وعليها الحاويات التي تسد عين الشمس.. أقول آثرت أن يصحبني في رحلة الصيد هذه الخديو إسماعيل بجلالة قدره ومعه مهندس القناة ديليسبس بأناقته الفرنسية التي لا تفارقه أبدا.. وليلحق بنا الملك سيزوستريس أول ملك في مصر.. فكر في حفر قناة تصل النيل بالبحر الأحمر قبل الزمان بزمان.. ومعنا بالطبع صاحب المركب.. ذلك الصياد الفقير الذي يجري علي رزق عياله يوما بيوم.. وسط هذه الحوقة من الحركة التي لا تهدأ من حوله لإتمام هذا المشروع العملاق في الوقت المحدد تماما.. وهو السادس من أغسطس الحالى إن شاء الله .......... ........... كان الملك سيروستريس القادم من قلب التاريخ هو أول المتحدثين.. قال: لقد فكرت طويلا في ممر يصل النيل بالبحر حتي تبحر السفن من علي نيل منف إلي البحر قاصدة بلاد بونت الصومال الآن.. لكي تجلب لنا العطور والنباتات والأشجار والحيوانات والطيور التي لا نعرفها هنا في مصر العزيزة.. فأمرت المهندس ميرت حاكور بحفر هذه القناة.. فأتمها في عشرين عاما.. قلت له: ولكن قناتك يا مليكي ردمتها الرمال والاهمال علي مر العصور.. حتي جاء خليفة رسول الله عمر بن الخطاب.. فأمر بفتحها من جديد.. وقد استمرت قرنا من الزمان حتي عاد الاهمال والرمال معا ليتفقا علي اغلاقها من جديد.. ............... ............... يملأ هنا ديليسبس غليونه بالتبغ ويشعله في وجوهنا غير عابيء بوجود الخديو إسماعيل باشا بجلالة مقامه العلوي.. ويقول في أنفة وكأنه رسول الأمبراطورة أوجيني ملكة فرنسا أيامها: يا سيدي فقد استطعت أن أقنع الخديوي سعيد باشا باقامة هذا المشروع العظيم.. والحمد لله.. لقد نجحت في مشروعي هذا.. وخرجت القناة إلي الوجود وحضر حفل الافتتاح ملوك وأباطرة وملكات أوروبا كما شهد العالم وسمع وانبهر.. لتصبح القناة حقيقة علي أرض الواقع.. وليس مجرد حبرا على ورق او حلم شاعر.. أو فكرة في رأس ملك أو أمبراطور! يتدخل الخديو بدخول إسماعيل باشا: صانع مصر الحديثة والذي نقلها من أدران وظلمان الخلافة العثمانية التي أخرت ركب الحضارة المصرية من عام 1517 يوم غزا سليم باشا مصر لتركب ركب الجهل والجهالة ثلاثة قرون بحالها.. والحمد لله لقد كان افتتاح قناة السويس في القرن التاسع عشر إيذانا بحلول مصر عصر الدول العظمي.. ............. ............. قلت مقاطعا الخديو إسماعيل باشا يا مولانا.. أنت مازلت علامة مضيئة علي دخول مصر عصر الدول الحديثة.. ومازالت أعمالك المبهرة.. تبهر الدنيا كلها حتي الساعة.. ينظر إليَّ بدهشة وهو يقول: حتي هذه الساعة.. أنا أول مرة أسمع هنا هذا الكلام! قلت: ألست أنت يا مولانا الخديوي من أقام كوبري قصر النيل ليربط ضفتي النهر من الشرق إلي الغرب.. ودعني أحدثك أنه بالأمس فقط شاهدت أب يحمل طفله الصغير ويصعد به فوق أسد قصر النيل ليلتقط له صورة فوق هذا الأسد... أنت يا مولانا الخديوي مازلت تعيش معنا حتي الآن! ينظر إليَّ منتفخ الأوداج وهو يقول: أنسيت الأوبرا يا عزيزي؟ قلت له: للأسف لقد أحرقها اهمالنا.. ولم يعد لها وجود.. وإن كنا قد أقمنا غيرها غير بعيدة عن كوبري قصر النيل الذي أقمته أنت! قال: أنسيت انني حولت مدينة القاهرة إلي صورة طبق الأصل من باريس.. بالعمائر والشوارع والميادين والمقاهي والحدائق؟ ............ ............. يتكلم لأول مرة الصياد الشاب الذي نركب مركبه ويسبح بنا في القناة الجديدة قال: لماذا لا تتكلمون عن القناة الجديدة التي أقامها الرئيس السيسي وهو عمل يتحدث عنه العالم الآن.. وسوف يتم افتتاحه الخميس المقبل؟ قلت: عندك حق والله إن هذه القناة الجديدة سوف تضع قدم مصر علي حافة الدول الكبري اقتصاديا.. وسوف تزيد من دخل مصر ودخل الفرد أيضا وسوف تصنع انتعاشا هائلا في المنطقة كلها صناعيا وسياحيا.. وسوف تفتح أبواب الرزق للشباب المصري وقد زاد عدد العاطلين بين الشباب.. وقد جاء هذا المشروع العظيم في وقته تماما.. ليفتح أبواب العمل والرزق أمام شباب مصر الواعد.. قال الصياد الشاب: ثلاثة من أفراد أسرتي يعملون الآن في مشروع القناة الجديدة والبقية تأتي. ........... ............. يعود عمنا ديليسبس إلي الحديث بقوله: لقد كنت أتمني أن يكون تمثالي عند مدخل القناة موجودا وقائما.. كما كان يوم افتتاح القناة ولكنهم قالوا لي أن الناس قد أزالوه وحطموه.. أتعرف يا عزيزي أن تمثال الحرية الموجود الآن أمام جزيرة مانهاتن في نيويورك.. كان أصلا مخصصا لقناة السويس ولكن الأمريكان كعادتهم دائما سرقوه وسبقونا إليه وأقاموه أمام جزيرة مانهاتن! الخديوي إسماعيل يتكلم: الذي يستحق تمثالا عند مدخل القناة هو شعبكم العظيم ومعه رئيسكم عبد الفتاح السيسي بعد أن استطاع أن يقوم بهذا الحمل الرائع: قلت: الرئيس السيسي لا يحب أن يتحدث أحد عن أعماله ولا يريد مجدا شخصيا له يكفي أنه فتح أبواب الرزق والعمل والنمو أمام مصر والمصريين بهذا المشروع الجديد الذي اسمه القناة الجديدة وفي الطريق مشروعات اقتصادية وصناعية وشبابية سوف تفتح أبواب الرزق لكل الخلق في مصر.. وهذا يكفيه ويسعده كثيرا كما قال أكثر من مرة! ..... .......... قال الصياد صاحب المركب الصغير: مصر اليوم في عيد.. وعيد مصر الأكبر.. يوم أن تتحرر سيناء العزيزة من قبضة الارهاب.. ومن أعوان الشيطان من الجماعات الارهابية التي تحمل ألف أسم وتتخفي خلف ألف قناع! اسأل الخديوي اسماعيل باشا: هل ستحضر حفل الافتتاح الخميس القادم؟ قال: لم يوجه إلي أحد الدعوة.. ولكنني سأحضر بروحي.. لكي أكون أول المهنئين لرئيسكم بهذا الانجاز الاسطوري.. ............... ................ نصفق كلنا للكلام.. وتتسلل إلي آذاننا كلمات أغنية أم كلثوم التىلاتنسى ابدا.. يا سايق الغليون عدي القنال عدي.. وقبل ما تعدي خد منا وادي!{ لمزيد من مقالات عزت السعدنى