بعد مرور أكثر من 4 سنوات على ما اعتقده البعض بأنه ثورة سورية ضد النظام فى إطار ثورات الربيع العربي، تحول الأمر إلى حرب بالوكالة عن قوى إقليمية ودولية على الأراضى السورية ، يدفع ثمنها الشعب السورى وحده الذى فقد 220 ألف قتيل وأكثر من 4 ملايين لاجئ خارج سوريا فى أضخم مأساة إنسانية فى العصر الحديث، وأكبر تحد يواجه الأمن القومى العربى .. فما العمل ؟!. فى سوريا الآن توجد 4 مكونات رئيسية مسلحة تقوم بفرض الأمر الواقع على الأرض، هي: النظام السورى برئاسة الرئيس بشار الأسد ، والذى يلقى دعما إقليميا سياسيا ولوجستيا وعسكريا من إيران وحزب الله، ودوليا من روسيا والصين، ويهيمن على المناطق الممتدة بطول ساحل البحر المتوسط والحدود اللبنانية عدا مناطق الشمال الشرقى التى وقعت تحت سيطرة جبهة النصرة والمعارضة المسلحة. ولا يزال يسيطر على عدد من أبرز المدن منها العاصمة دمشق ومدن حمص وحماة واللاذقية وطرطوس والقصير. ثم الأكراد الذين يتمركزون فى أقصى شمال شرق سوريا ويتميزون بتواصلهم عبر الحدود مع أكراد العراق، ويتمركزون أيضًا فى منطقة عين العرب كوبانى والقرى المحيطة بها، لكنها محاطة من جميع الجهات بتنظيم داعش عدا الحدود الشمالية مع تركيا. أيضًا يوجد الأكراد فى منطقة عفرين والقرى المحيطة بها فى شمال مدينة حلب، وتحيط جبهة النصرة بهذه المنطقة من الجانب الشرقى والجنوبى ، بينما الحدود التركية تحيط بها من الشمال والغرب، وأبرز المدن الخاضعة لهم تتمثل فى القامشلى والمالكية وتل معروف. ثم المعارضة السورية بمختلف توجهاتها المدعومة خارجيا وعلى رأسها جبهة النصرة ، والجيش السورى الحر وبعض المجموعات الصغيرة الأخري، وهؤلاء يقودون العمليات المسلحة ضد النظام من جهة وضد تمدد تنظيم داعش من جهة أخري، ويحظون بدعم سياسى وعسكرى ومالى ضخم من قطر والسعودية وتركيا. وتسيطر المعارضة السورية بمختلف توجهاتها على مدينة حلب وريفها بشكل شبه كامل، بالإضافة لسيطرتها على مدن سراقب وجسر الشغور وإدلب، ومناطق واسعة من محافظة درعا فى أقصى جنوب غرب سوريا. وأخيرا تنظيم الدولة الإسلامية أو داعش، الذى يسيطر على المساحة الأكبر من سوريا والتى تصل إلى نصف مساحة الدولة تقريبًا. وأبرز المدن التى يهيمن عليها تتمثل فى دير الزور والرقة والبوكمال وتدمر، وجميع المناطق التى يسيطر عليها تنظيم الدولة فى سوريا هى مناطق ذات غالبية سنية، ومع سيطرة التنظيم على معبرى البوكمال والوليد الحدوديين مع العراق فإن التنظيم يسهل عليه الآن ربط المناطق الخاضعة لسيطرته فى كل من سورياوالعراق. وقد اثبتت الأزمة السورية خلال سنواتها الأربع عدة حقائق مهمة منها: أولا: أنه لا حل عسكريا للأزمة، ولا يملك أى طرف حسم المعارك على الأرض بشكل كامل لمصلحته والسيطرة على الدولة السورية، وأنه لا بديل عن حل سياسى وتسوية توقف نزيف الدم وتحافظ على وحدة الأرض والشعب السوري. ثانيا: إن النظام السورى برئاسة بشار الأسد نجح رغم خسائره الفادحة فى الصمود بشكل لم يكن يتوقعه أحد، ومازال طرفا أساسيا فى أى حل للأزمة السورية. ثالثا: إن الأمر لم يعد انتقاضة شعب ضد نظام، لكنه حرب بالوكالة من أطراف إقليمية ودولية على الأرض السورية لا يدفع ثمنها سوى الشعب السوري. رابعا: أن تنظيمات إرهابية ضخمة مثل داعش استغلت الفرصة لتسيطر على مايقرب من نصف الأراضى السورية، لتهدد بعد ذلك أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وسط علامات استفهام حول نشأة هذا التنظيم ومصادر تمويله و الأسلحة المتقدمة الموجودة لديه، وعلاقاته مع بعض أجهزة المخابرات العالمية، ولغز استقطابه المقاتلين الأجانب وخاصة الأوروبيين، ومدى جدوى الغارات التى يشنها التحالف الدولى ضده فى سورياوالعراق. وعلى ضوء تلك الحقائق، ومع فشل كل المحاولات التى جرت لحل الأزمة سلميا بسبب التدخلات الإقليمية والدولية، وبعد أن اصبحنا أمام خلل حقيقى فى الأمن القومى العربى نتيجة تداعيات الأزمة السورية، لم يعد هناك بديل من تدخل عربى دولى مشترك من الدول التى لم تتورط فى دعم أى من الأطراف السورية مباشرة، وتؤمن بالحل السياسى للأزمة مثل مصر والإمارات وفرنسا وألمانيا، للتوصل إلى تسوية تفصيلية محددة تضمن إنهاء الأزمة وتحقق هدف الحفاظ على وحدة الأرض والشعب والمؤسسات السورية الأساسية مثل الجيش العربى السورى حتى لا تنهار الدولة تماما، على أن يصدر ذلك بقرار من مجلس الأمن وفقا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لضمان تنفيذه. هذا القانون لا يمثلنا الأنباء التى تسربت عن اجتماعات ماتسمى باللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية لا تبشر حتى الآن بالخير، فاللجنة تجاهلت تماما توصيات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، والمطالب التى أبداها الصحفيون خلال لجان الاستماع، والاتفاق الذى تم بين مجلس النقابة ورابطة أعضاء مجالس الإدارات والجمعيات العمومية بالمؤسسات الصحفية، وخاصة مايتعلق بسن التقاعد للصحفيين وعدم الجمع بين منصبى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وتشكيل مجالس الإدارات والجمعيات العمومية وضمان حقوق أخرى كثيرة خاصة بالصحفيين. وبذلك فإن هذا القانون لا يمثل الجماعة الصحفية، ويتم تفصيل بعض مواده لأشخاص بعينها، وعلى رابطة أعضاء مجالس الإدارات والجمعيات العمومية بالمؤسسات الصحفية أن تبدأ فى اجتماعها غدا تحركا عاجلا لدى جميع الجهات المسئولة بالدولة لحفظ حقوق الصحفيين. لمزيد من مقالات فتحي محمود