تقديري للزميل حافظ الميرازي يرجع إلي ما قبل عشرات السنوات.. وفي كل مراحل عمله, يضيف تقديرا علي تقدير عند مشاهديه.. فما بالكم إن كنت أعرفه منذ كنا طلابا بالجامعة.. فإذا برصيده عندي يزداد يوما بعد الآخر.. وفي إطار عزفه المنفرد إعلاميا شاهدت حلقته الأخيرة من برنامج بتوقيت القاهرة متناولا قضية النقابة العامة لضباط الشرطة. كشف الحوار عن جيل جديد داخل وزارة الداخلية.. شباب من الضباط يتميزون بالوعي والجسارة, مع عمق الرؤية والقدرة علي التصدي لجيل قديم يجب أن يتواري إلي الظلام.. فكل ما طرحه الضباط الشباب, كان موضوعيا ومحترما ويعكس وعيا بالظروف المحيطة بهم وبالوطن.. وربما كان ذلك سببا في ارتباك هذا اللواء الذي يدير ما يسمي بنقابة الضباط في سن المعاش.. ليس مهما اسم سيادة اللواء ولا تلك النقابة التي كان يتحدث عنها.. مع احترامي لكليهما.. فالمهم هو ما يتحدث عنه الجيل الذي قدمته لنا تلك الحلقة والأفكار الجريئة والرصينة التي طرحوها. أصارحكم بأن كلام الضباط الشباب أصابني بحالة من التفاؤل الشديد.. فقد أدركوا أخيرا أنهم يمثلون المستقبل.. وعكست أفكارهم مع اللغة التي طرحوها بها إصرارهم علي ترجمة أهداف ومبادئ ثورة25 يناير إلي واقع علي الأرض.. لذلك لم يصمد المتحدثون من الجيل القديم أمامهم. ضباط الشرطة من الشباب, يدفعون الثمن فادحا.. يقدمون أرواحهم فداء للوطن, وقد تابعنا استشهاد عدد كبير منهم أدمي قلوبنا.. وكنت أعتقد أنها جسارة فردية لأولئك الشهداء.. أما بعد أن استمعت إلي الذين يواصلون مشوار العطاء علي دربهم.. فتأكدت أن جهاز الشرطة بكل خير ويملك القدرة علي مقاومة كل الأمراض التي تجري محاولات نقلها إليهم.. فصحيح أن هناك شابا من هذا الجيل, يواجه اتهاما بأنه لعب دور القناص ضد عيون شباب الثورة.. وهذا لا يجعلني أقف ضد شباب جهاز الشرطة كلهم لأن هذا الضابط الشاب المغرر به سيدفع الثمن وهذا أضعف الإيمان.. أما الذين كانوا يتحدثون في برنامج بتوقيت القاهرة فقد تأكد لكل من شاهده أنهم يمثلون تيارا عاما داخل وزارة الداخلية.. وذلك يعني أن الوزير الحالي اللواء محمد إبراهيم يقف حائرا ما بين الجسم السليم للشرطة.. وبين الجهاز العصبي للوزارة وأعني بهم أولئك الذين يفرضون علي الوزارة بأكملها أن تمارس عملها وفق منهج ما قبل25 يناير.. وإذا كانت تلك الفرقة من القيادات قد أخذت اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية السابق إلي الهاوية.. فهي قادرة علي أن تطمس تاريخ الوزير الحالي.. لكنه يملك القدرة علي الفرز في تلك اللحظة فإن اختار الانحياز إلي جيل شباب الشرطة بما يملكون من قدرة وإرادة ورؤية.. فهو جاد في استعادة الأمن مع هيبة الشرطة.. وإن اختار إمساك العصا من المنتصف فسنودعه بعد أيام قليلة بالطريقة التي ذهب بها سابقه.. ولو أنه أراد أن يعيش طويلا بكل احترام وتقدير فعليه الانحياز لجيل الوسط والشباب في وزارة الداخلية. التحدي شديد الصعوبة.. لكن القدرة علي قبوله, أبسط مما يتخيل عقل ناضج.. فكل قضايا الوطن وأزماته وهمومه أصبحت مطروحة علي الهواء أمام الرأي العام.. وعندما تحدث الشباب من ضباط الشرطة فهمنا أن الصراع قائم ويدور في كل مكان.. وإذا كان ملتهبا إلي هذا الحد داخل جهاز الشرطة فهذا يعني أن الأمن البعيد جدا يمكن أن يتحقق في أسرع وقت.. ولو أراد وزير الداخلية فهم ما أقول أتمني أن يرسل لي مندوبا ليحصل علي دراسات معلومة بالضرورة سبق أن أمدني بها العالم المصري المرموق في مجال التنمية المستدامة الدكتور عدلي حسنين قبل نحو عام.. وكنت أندهش حين يقول لي إن تطبيق تلك الدراسات يعني استعادة قدرات الشرطة وإقرار الأمن خلال أيام.. فما أسعدني حين أري الشباب في بلادي يملكون تلك القدرة علي التحدي بالرؤية والفهم العميق. المزيد من أعمدة نصر القفاص