حالة طوارئ مشددة.. تعيشها أغلب البيوت المصرية هذه الايام والسبب امتحانات الثانوية العامة.. التى فرضتها الأمهات بلافتات غير معلنة بحظر التجوال العائلى الكامل على الأبناء والزوج والجيران ومنع الزيارات العائلية. .فكل شيء مؤجل لحين انتهاء الامتحانات..أولياء الأمور يشتبكون فى المذاكرة مع أبنائهم وتستطيع الأم المصرية أن تعيد على مسامعك منهج التاريخ أو اللغة العربية كاملا.. ولم لا..! وهى التى تذاكر له وتقوم بتسميع المعلومات ليلا نهارا على ابنها طالب الثانوية العامة، الذى فى معظم الأحوال لم يتعود فتح كتاب.. ما لم تكن أمه إلى جواره «أو واقفة فوق رأسه» فى أحسن الأحوال.«الأم ديدبان» حتى لجنة الامتحان...فقد مضت الأيام التى كان دور الأم فيها ينحسر على كوب شاى وصينية ساندويتشات «وربنا معاكى يا حبيبي..بدعيلك».الأمهات على أبواب غرف الأبناء «ديدبان» حتى لا ينتهز الابن أو الابنة الفرصة ليمسك بموبايله يتصفحه أو يحادث أصدقائه، أو ليغلق كتابه ويفتح «اللاب توب».. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فالأمهات على أبواب اللجان يستقبلن الأبناء بالبكاء أو بالزغاريد ويصرخن أمام كاميرات التليفزيون «إحنا ذاكرنا المنهج كله.. وحلينا النماذج.. والاسئلة دى مش مقررة» فهل من المفيد حقا.. ما تفعله الأمهات مع أولادهن..؟ وهل هو شيء صحى ألا يستطيع الابن طالب الثانوية العامة الذى زاد سنه على 16 عاما أن يذاكر بمفرده..؟ أو أن تؤدى البنت امتحانها دون أن تنتظرها والدتها فى الخارج علاقة الابن بالمدرسة من أكثر الأمور تعقيدا والتى تشغل بال الآباء والأمهات، فنادرا ما تجد تلميذا يحب المدرسة أو يحب المذاكرة وهو دائم التهرب منها، والأسوأ هو وجود جيل كامل وربما أجيال سابقة لايمكن أن يجلسواأطفالهم على مكاتبهم بدون أمهاتهم أو آبائهم. د. هبة عيسوى تقول إنه من المفروض أن يكون طالب الثانوية قد وصل الى المرحلة العمرية التى تمكنه من المذاكرة بمفرده، من أجل تحقيق أهدافه وليس خوفا من الأم، فالطفل الصغير الذى لا يذاكر ربما يعانى مشكلة نفسية وفى أحيان اخرى قد يكون يسعى للفت انتباه أبويه ولكن الشاب يفترض أن يكون قد وصل الى المرحلة التى يعرف فيها معنى الالتزام. ولكن المزعج حقا أن البيوت المصرية تتحول فعلا الى معسكرات للمذاكرة فالابناء الذين لايذهبون فى معظم الأحوال الى المدارس لأنها لاتهتم فى هذه المرحلة الدراسية بالتدريس لهم أو تخصيص فصول دراسية لهم ..! ويتنقلون طول اليوم مابين «سناتر الدروس الخصوصية بدلا عنها» ويعودون منها فى نهاية النهار وربما فى منتصف الليل فى غاية التعب ومطلوب منهم المذاكرة للصباح، وقد فقدوا حبهم للعلم والتعليم وقد أصبح جل همهم النجاح وتحقيق رغبة الأهل فى التفوق –ليس الا- فالخطأ الكبير الذى تقع فيه معظم الأمهات أنهن أثناء محاولتهن الحرص على تفوق ابنائهن يعملن وفى نفس الوقت على كرههم للمذاكرة ليعتبروها أمرا يقومون به من أجل الآخرين وليس من أجل أنفسهم ومستقبلهم، وقد صدرت الأمهات لهم فكرة «انك لو مطلعتش الأول» أو لم تحصل على المجموع الذى نريده لك و يؤهلك لكلية سوف تصبح فاشلا ..! ومن الطبيعى أن يكون ردة أفعالهم التهرب من المذاكرة والمراوغة لعدم الاستمرار بجدية فيها، لأن –فى رأيهم- أن الحلم ليس حلمهم والهدف ليس هدفهم، وقد يدركون أن حلم آبائهم أكبر من إمكانياتهم فيصابون بالاكتئاب وكراهية المذاكرة. وتضيف د.هبة عيسوى أن الخطوة الصحيحة والأولى للتعامل مع الأبناء أثناء وقبل الامتحانات، هى التحدث معهم لتحديد الهدف من المذاكرة هل هو النجاح فقط أم إحراز التفوق؟، فلابد من وجود دافع قوى للأبناء حتى يجتهدون فى المذاكرة.. ومن المهم التحدث معهم عن هذا المستقبل باعتبار أن المذاكرة هى الطريق الطبيعى لتحقيق مستقبل مشرق زاهر لهم بإذن الله. وعليك تهيئة جو المنزل كله للمذاكرة ولا تخصصى مكانا واحدا لمذاكرة الأبناء لعدم الشعور بالملل وأتركى له الحرية فى اختيار توقيت المذاكرة المناسب له حيث تختلف درجة التركيز من شخص إلى أخر وتنظيم جدول يومى لمذاكرة المواد الهامة وتشجيع الأبناء على التفوق والنجاح وتحقيق أحلامهم وعدم إحباطهم بكلام مثل انت غير ناجح او انت شخص غير مسئول ولاتمانعى مذاكرة الأبناء مع الأصدقاء مع اشراف الام للتأكد من استغلالهم الجيد للوقت .. وفى دراسة حديثة اعدتها مؤسسة «تشايلد لانين» البريطانية عن افضل السبل لأداء جيد فى الإمتحانات أكدت الدراسة ان الأولوية لا تكون للمذاكرة قدر ما تكون للنوم الجيد والطعام الصحى فقد يذاكر الطالب جيدا لكنه يفشل فى الاجابة عن اسئلة الامتحان لان ذاكرته تخونه بسبب ضعف التركيز الناتج عن قلة النوم فلابد ان يحصل ابنك على ثمانى ساعات على الاقل من النوم العميق وكى يحصل على النوم العميق امنعى استخدامه لاجهزة التكنولوجيا الحديثة قبل النوم بساعة على الاقل وامنعى عنه طوال فترة الامتحانات المأكولات السريعة «التيك اواي» واطعمة الميكروويف ولابد الا تطول اى فترة متواصلة للمذاكرة عن 90 دقيقة فالعقل البشرى لا يتحمل التركيز اكثر من هذا الوقت ويحتاج الى استراحة لا تقل عن عشرة دقائق وممنوع خلالها منعا باتا التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى او اجهزة الايباد والتليفون المحمول حتى تكون استراحة حقيقة للعقل وليتناول خلالها ثمرة فاكهة او كوبا من العصير او الماء البارد مع ممارسة تمرينات الايروبك الخفيفة خلال مدة التسعين دقيقة اذا شعر ابنك بعدم القدرة على المواصلة اطلبى منه ان يخلع حذاءه ويضع قدميه العاريتين على الارض ويتنفس بعمق من البطن عدة مرات والاهم ان تتحدثى معه عما قد يحدث اذا اجتاز امتحانه بسلام واذا لم يجتازه واجعليه يحدد اهدافه بنفسه ويقرر ماذا يريد فلا طائل من المذاكرة الاجبارية أو ادعاء المذاكرة بدون تركيز لأنها معلومات لن يجدها فى عقله داخل لجنة الامتحان..