1 - من بين أكثر مظاهر الاستفزاز فى المشهد الإقليمى الراهن ذلك اللغز المحير فى رؤية وتعامل القوى الكبرى وعلى رأسها أمريكا مع مسألة الانتشار النووى فى الشرق الأوسط, خصوصا بعدافتضاح دور أمريكا فى إفشال مؤتمر نيويورك للأمم المتحدة قبل أيام وعرقلة مساعى مصر بدعم من الدول العربية ودول عدم الانحياز من أجل إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية مما دفع نيتانياهو لتوجيه رسالة شكر للرئيس الأمريكى أوباما على دوره فى إجهاض المؤتمر حتى تستمر التغطية على ترسانة إسرائيل النووية تحت دعوى أن إسرائيل لها وضع خاص, وأنها ليست مجرد استثناء مؤقت وإنما هى - كما يقولون فى قواعد اللغة العربية - أصبحت حالة لغوية خاصة لا يقاس عليها, أى أنها لا تخضع للقواعد التى تحكم لغة التعامل مع بقية دول المنطقة وربما دول العالم بأسره! والحقيقة إن دول وشعوب المنطقة ليست مطمئنة لما يتردد عن وعود أمريكية بالحيلولة دون امتلاك إيران السلاح النووى بينما هناك خطر حقيقى قائم وموجود فى الترسانة النووية لدى إسرائيل التى لم تخف يوما أن لديها أطماعا توسعية لا يعرف أحد مداها حتى الآن بدليل أنها لم ترسم حدودا نهائية لها منذ قيامها عام 1948, وأنها تواصل العمل بسياسة فرض الأمر الواقع, ومع ذلك لا تجد من يردعها ويطالبها بالالتزام بالشرعية الدولية. فما الذى يمكن فهمه واستخلاصه من هذه السياسات المستفزة التى تجاهر بها أمريكا والتى تروج لعدم حاجة العرب لامتلاك رادع نووى فى مواجهة إيران كما كشفت وقائع القمة الخليجية الأمريكية فى كامب ديفيد ودون أدنى إشارة للخطر الإسرائيلي! أظن - وربما يكون ذلك أقرب إلى اليقين - أن جزءا من أهداف ومقاصد السياسة الأمريكية فى المنطقة هو أن تضمن لإسرائيل حق احتكار السلاح النووى.. مع استمرار سياسة الضغط والابتزاز والتخويف لسائر الدول الأخرى التى تمتلك أو يشتبه فى امتلاكها أسلحة كيماوية أو بيولوجية فى إطار المساحة المحدودة بين إشارتى المرور الصفراء والخضراء فقط أما السلاح النووى فإنه الإشارة الحمراء المضاءة فى وجه دول المنطقة باستثناء إسرائيل! وربما يفسر ذلك بوضوح أن إسرائيل - بحماية أمريكية - تتمتع حتى اليوم بالاستثناء من الانضمام إلى المعاهدة الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية..! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: استشارة أهل الخبرة.. بئر يتدفق بماء الحكمة ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله