1 - لا أحد يعرف على وجه اليقين ماذا وراء إقدام تنظيم داعش على هدم التماثيل وتدمير الآثار فى العراق وسوريا ؟ إن أحدا لا يصدق ما يقول به تنظيم داعش من أن تحطيم التماثيل يستهدف وقف عبادة الأصنام مثلما أجرمت حركة طالبان بهدم المعابد البوذية فى أفغانستان لأن تاريخ الإسلام على مدى أكثر من 14 قرنا من الزمان يؤكد أنه لو بقيت هذه التماثيل برءوسها لسنوات وسنوات فإن أحدا من المسلمين لن يعبدها.. والدليل على ذلك أن هذه التماثيل قائمة وموجودة فوق أرض المسلمين فى شرق الدنيا وغربها منذ ما يزيد على ألفى عام ومع ذلك لم يعبدها أحد هناك! إن من الظلم للإسلام أن يتحدث تنظيم داعش عن جريمتهم فى هدم التماثيل وتدمير الآثار, وكأنهم ينفذون تعاليم الإسلام.. لأن الإسلام دين حضارة ودين ثقافة ودين استنارة ودين يقوم على إعمال العقل! فهل ما أفتى به علماء هذا التنظيم المشبوه يمت للإسلام بصلة أم أن الحقيقة أنهم وفروا أفضل الأجواء لخصوم الإسلام لكى يلصقوا به من التهم ما ليست به, وأن يشوهوا صورة الإسلام التى ارتبطت أخيرا فى أذهان الكثيرين ببعض ما يمارس من تصدير للإرهاب وتقييد لحقوق المرأة وتدمير الآثار التاريخية ؟!. إن المسلمين الأوائل فى شتى بقاع الأرض ومن تبعهم من العلماء الأجلاء والحكام الشرفاء والمفكرين العباقرة لم يلتفتوا إلى هذه التماثيل سوى على أنها جزء من التاريخ والتراث الإنساني... فهل يعتقد أولئك الخوارج أنهم أكثر علما بأمور الدين وأكثر التزاما بتعاليم الإسلام من هذه الأجيال الرائدة التى نالت شرف نشر الإسلام وتثبيت قواعده ! إن أى نظرة منصفة على تاريخنا تؤكد وبما لا يدع مجالا لأى شك أنه منذ فجر الدعوة الإسلامية وحتى اليوم لم يقدم أحد من الفاتحين الأوائل ومن تبعهم من الحكام المسلمين على تدمير أى أثر من الآثار التاريخية فى أى أرض وصلت إليها دعوة الإسلام. إن عظمة الإسلام تكمن فى أنه تعامل مع شعوب الدول التى وصلت إليها الدعوة من خلال مناقشة العقل واستمالة القلب ولو لم يكن المسلمون الأوائل فعلوا ذلك لما كان الإسلام قد حقق ما حقق من انتشار دق أبواب أوروبا الشرقية بأكملها ووصل بفتوحاته المظفرة إلى الأندلس وكذلك الحال على امتداد قارة آسيا فى الصين أو الهند أو إندونيسيا أو الفلبين. وغدا نواصل الحديث خير الكلام : خير لك أن تنزع الشر من صدرك قبل أن تسعى لانتزاعه من صدر غيرك! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله