علي امتداد عقود, ظلت الدول الأوروبية مرتبطة بمبادلات اقتصادية وعلاقات سياسية بدول الحوض الجنوبي للبحر المتوسط, وأبرمت العديد من الاتفاقيات المنظمة لقطاعات مختلفة, لكنها بقيت بدون إطار عام شامل منظم لها, مما دفع الدول الأوروبية, الي خلق اطار ممركز لتنظيم العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها, فبدأت تحت ما يسمي مسار برشلونه الذي لم يحالفه الحظ كثيرا, وانتهي بما يعرف الآن بالاتحاد من أجل المتوسط.. الأهرام التقي بفتح الله السجلماسي سكرتير عام الاتحاد من أجل المتوسطي.. ودار هذا الحوار: برأيك ما الدور الذي علي الإتحاد القيام به من أجل المتوسط في منطقة الشرق الأوسط في ظل التغيرات السياسية والإقتصادية التي تشهدها المنطقة ؟ { إن المجتمع الدولي يتابع باهتمام بالغ التطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط, ولاشك أن دول الإتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط عليها أن تستثمر التغيرات التي تشهدها تلك المنطقة من أجل تعزيز الاتساق بين الأطر الأورومتوسطية القائمة, والعمل علي إيجاد حلول جذرية للتحديات التنموية للمنطقة, فضلا عن تكثيف الجهود المشتركة لتلبية الاحتياجات المشروعة للشعوب, وإدراكا مني للدور المحوري الذي تقوم به علي صعيد منطقة المتوسط والعلاقات الأورومتوسطية, فقد حرصت علي أن تكون مصر ضمن أولي الدول التي أقوم بزيارتها عقب تكليفي بمنصب أمين عام الاتحاد لأؤكد حرص أمانة الاتحاد علي القيام بدور إيجابي وفعال لمواكبة ومساندة عمليات التحول الديمقراطي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها منطقة المتوسط, وذلك من خلال وضع برامج ومشروعات تهدف إلي نقل التكنولوجيا وجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل جديدة في جنوب المتوسط, لإعطاء دفعة لعجلة الاقتصاد القومي بمختلف قطاعاته وتخفيف حدة البطالة والضغوط الاجتماعية. لكن البعض يري أن الاتحاد من أجل المتوسط يدعو إلي تنفيذ مشروعات مشتركة بين الدول العربية وإسرائيل.. ما صحة ذلك؟ { إن الاتحاد من أجل المتوسط لا يفرض أي شروط مسبقة علي الدول الأعضاء, ويتيح الحرية الكاملة لها في الدخول في المشروعات التي تتفق مع مصلحتها الوطنية وفقا لمبدأ السرعات المتفاوتة, الذي يعد من أبرز المبادئ التي استحدثها الاتحاد من أجل المتوسط, خاصة أنه يتيح لأي مجموعة من الدول تتفق علي الدخول في مشروع للتعاون فيما بينها الحصول علي دعم الاتحاد من أجل المتوسط بصرف النظر عن مشاركة بقية الدول في هذا المشروع, كما أن التجمعات دون الاقليمية تكتسب أهمية خاصة في ضوء ما تعكسه من أولويات ومصالح مشتركة تساعد شعوب كل منطقة علي تعزيز التكامل والتعاون فيما بينها. ما هي الأهداف وراء تنفيذ هذه المشروعات؟ { إننا نتطلع إلي أن يلبي الإتحاد من أجل المتوسط المطالب التنموية لدول جنوب المتوسط, وعلي رأسها توفير فرص عمل جديدة والتركيز علي المشروعات القادرة علي جذب رؤوس الأموال وتشجيع القطاع الخاص علي الاهتمام بقطاعات التعليم ومشروعات الطاقة المتجددة التي تسهم في نقل التكنولوجيا. ويتطلب الأمر وضع برامج ومشروعات تستهدف تنفيذ خطة الألفية بالنسبة لمنطقة المتوسط, خاصة فيما يتعلق بالحد من الفقر ورفع مستويات المعيشة, والحفاظ علي البيئة ودفع جهود التنمية المستدامة. ومن أين مصادر التمويل اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات؟ { لاشك أن تمويل مشروعات الاتحاد من أجل المتوسط يمثل أهم التحديات التي ستواجه الأمانة العامة, إلا أن هناك عدة مؤشرات إيجابية تعكس اهتمام مؤسسات التمويل الدولية والقطاع الخاص بتوجيه استثماراتها إلي المشروعات المقترح تنفيذها في إطار الاتحاد من أجل المتوسط, إدراكا منها بما تمثله من فرص واعدة لتحقيق أرباح, كما يهمني في ذات السياق أن أعبر عن سعادتي لبدء نشاط صندوقINFRAMED لتمويل مشروعات البنية الأساسية, والذي يطرح صيغة جديدة للتعاون تشارك فيها ثلاث مؤسسات تمويلية من الشمال, ومؤسستان من الجنوب إحداهما مغربية والأخري مصرية ويعد هذا الصندوق, الذي بدأ بتمويل مبدئي قدره400 مليون يورو ويستهدف الوصول إلي مليار يورو, نموذجا ناجحا للتعاون بين الشمال والجنوب في تمويل المشروعات الضخمة. ما هي المشروعات التي تم اعتمادها في إطار الاتحاد من أجل المتوسط؟ { أول مشروع يتم اعتماده هو إنشاء محطة لتوفير100 مليون متر مكعب من المياه العذبة لقطاع غزة بتكلفة قدرها310 ملايين يورو, كما اعتمدت الدول الأعضاء في الاتحاد مشروعات أخري في مجالات التعليم العالي والنقل والموضوعات الاجتماعية, وسوف تواصل الأمانة العامة جهودها المكثفة خلال المرحلة القادمة لتحقيق الأهداف المرجوة, لاسيما بالنسبة لبدء تنفيذ عدد من المشروعات تعكس احتياجات وأولويات الدول الأعضاء, وتحقق عائدا واضحا تلمسه شعوب منطقة المتوسط. هل تري أن الأوضاع في المنطقة الآن تسمح للاتحاد من أجل المتوسط بتحقيق المشاريع التي يسعي إليها؟ { علي الرغم من الصعوبات التي واجهها الاتحاد من أجل المتوسط منذ نشأته, امتدادا للمشكلات التي صادفت عملية برشلونة بسبب التوترات السياسية في المنطقة, تم تقديم واعتماد عدد من المشروعات التي تهدف إلي تحقيق تقدم علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي, وسوف تواصل الأمانة دفع التعاون الأورومتوسطي إلي الأمام والعمل علي تحقيق أهداف الاتحاد من أجل المتوسط, مع التأكيد علي أن تحقيق السلام الشامل والعادل بمنطقة الشرق الاوسط يظل أولوية مشتركة ومطلبا رئيسيا.ت