عندما انتفض العالم منذ عامين ماضيين ليشن حربا ضارية وشرسة ضد مرض الالتهاب الكبدى فيروس «سي»، قدمت أكثر من 30 شركة أبحاثها فى مراحل مختلفة لإنتاج عقاقير للقضاء على الفيروس فى مدة لا تتعدى 6 أشهر فى أصعب الحالات، ومنذ إعلان اكتشاف علاج فعال بالفم من دون الإنترفيرون للقضاء على فيروس سى فيما يعد تحولا تاريخيا لعلاج المرض، لم تتوقف الدراسات والأبحاث.. لتظهر أجيال جديدة من العقاقير تتنافس على رفع نسب الشفاء الى أن وصلت 100% خلال مدة تتراوح ما بين 8 إلى 12 أسبوعا طبقا للحالة المرضية وبقرص يضم مركبين يتم تناوله بالفم.. ودون حقن الإنترفيرون.. وقد تحقق ذلك بظهور علاج جديد من الجيل الثانى للأدوية يدعى «فيكيرا» وهو الوحيد الذى لا يعتمد فى تركيبته على «سوبوسبوفير».. وخلال مؤتمر الجمعية الأوروبية للكبد فى فيينا.. كان اللقاء والحوار مع الدكتور بارى بيرنشتاين مخترع العقار ورئيس وحدة الابحاث بشركة أبفى الأمريكية، ورئيس وحدة الابحاث والتطوير.. وإلى تفاصيل الحوار: بداية كيف تم التوصل إلى المادة الفعالة للعقار الجديد.. ولماذا اختلفت عن المجموعات الأخرى فى الجيل الأول؟ أفضل طريقة للاجابة عن السؤال هو اطلاعكم على ما يتم إجراؤه، فقد بدأ العمل على فيروس سى عام 2006، وبدأت التجارب على الأدوية الجديدة من العقاقير التى تضاف على الانترفيرون والريبافيرون، ثم اكتشفت أن الأدوية التى نعمل عليها يمكن أن نجمعها سويا للاستغناء عن الانترفيرون، ولكن فى هذا الوقت لم يكن أحد متاكدا من أنه يمكن الاستغناء عن الانترفيرون، وبدأنا تجارب على الفئران، وبعد ذلك وجدنا النتائج جيدة، وبالتالى بدأ العلاج على 11 شخصا، 9 منهم شفوا تماما من فيروس سي، وبدأنا من هنا المرحلة الثالثة للابحاث وشملت التركيبات مع بعضها، وكنا نستهدف المرضى ذات الطبيعة الخاصة مثل من لديهم مرحلة متاخرة من التليف الكبدي، أو بداية التشمع الكبدي، وبدأنا نكتشف النوع الجينى الرابع، وبدأت التجارب عليه من خلال العلاج بمركبين فقط بدلا من 3، نتيجة ضم المركبين فى المرضى دون ريبافيرون النتائج وصلت 90% ومع وضع ريبافيرون بلغت النتائج 100%. وهذه النتائج شملت المرضى الذين لم يتلقوا علاجا بالانترفيرون من قبل، وكما شملت المرضى الذين تلقوا علاجا بالانترفيرون من قبل، وحاليا بدأنا دراسة للمرضى المصابين بالنوع الجينى الرابع ولديهم تشمع بالكبد. وفى مصر بدأت دراسة جديدة مكونة من 160 مريضا وهى دراسة ضخمة، من بينهم 100 مريض بفيروس سى دون مضاعفات، و 60 آخرين لديهم تليف بالكبد، وتلك الدراسة لمصر فقط، وال 100 مريض تلقوا العلاج لمدة 12 اسبوعا، وال 60 تلقوه اما 12 اسبوعا، واما 24 حسب درجة التشمع، وستعلن النتائج قريبا بعد انتهاء الدارسة. كما أن لدينا دراسة «بيرل» التى نشرت عن النوع الجينى الرابع، وبناء على دراستنا تم اعتمادنا كدواء مؤثر وفعال على علاج النوع الجينى الرابع فى هيئة تسجيل الدواء الأوروبية، وحاليا ننتظر نفس الاعتماد من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ماهو تفسير ظهور أكثر من 30 شركة فجأة وفى الوقت نفسه لتقدم اكتشافاتها لعقاقير علاج فيروس سى الجديدة؟ أول اكتشاف للفيروس كان عام 1989، وبدأنا نشتغل لمعرفة نوع الفيروس وطرق تكاثره وما هى الأجهزة الذى يستخدمها الفيروس للتكاثر، واول ما اكتشفنا كيفية تكاثر الفيروس، كانت تلك الثورة لكل الشركات لإيجاد علاج، وفى التسعينيات بدأت ثورة الأبحاث التى أدت حاليا لوجود العقارات الجديدة لعلاج فيروس سى من الجيل الأول والثاني. وكل العقارات والطفرة العلاجية سوف تؤدى إلى شفاء معظم المرضى فى العالم وتشمل النوع الرابع المنتشر فى مصر. هل هناك تاريخ يمكن تحديده لاختفاء فيروس سى من العالم؟.. وهل سوف نحتاج إلى جيل ثالث من الأدوية للوصول إلى هذا الهدف؟ لدينا حاليا مجموعة من العقاقير بنسب شفاء كبيرة، ونعمل على تطويرها، لتناسب نوعيات خاصة من المرضي، مثل المرضى المصابين بأمراض الكلى وفيروس سى فى نفس الوقت وغيرها من الأمراض المشتركة، وبالتالى نكون غطينا معظم أنواع المرضي، ولذلك نأمل أن يتم التخلص من فيروس سى ونرى ذلك قريبا. نحن نأمل أن نصل بكل الدراسات التى نجريها على مختلف أنواع المرضى لأكبر عدد من المرضى وبالتالى نحقق هدفنا للقضاء على الفيروس تماما من العالم. ولكن ليس لديك تاريخ معين؟ لا يمكن أن أحدد لأنه لا يعتمد على الدواء فقط، ولكن القدرة الإنتاجية للدواء ووصول الدواء لمختلف أنحاء العالم، وكلها عوامل لا يمكن التحكم فيها. ولكننا نحاول أن نصل بدوائنا لجميع أنحاء العالم. وفى أثناء الرحلة لاكتشاف العقار المعالج لفيروس سي، هل تم اكتشاف عقارات لأمراض أخري؟ هذا العقار لعلاج فيروس سى متخصص جدا لأنه فيروس صعب جدا، وكل جهودنا كانت موجهة لذلك. لماذا لم يتم اكتشاف أو تصنيع مصل للفيروس بعد التوصل إلى علاج يمكنه القضاء عليه؟ فيروس سى من أكثر الفيروسات المتحورة بسرعة شديدة، وسرعة تحوره تمنع من الوصول إلى مصل، والفيروس مماثل لبعض الفيروسات الأخرى شديدة التحور التى تمنع من أن نجد لها مصلا، وهو شبيه لفيروس نقص المناعة. ولكنكم توصلتم لاكتشاف علاج فتاك للفيروس.. فكيف لم تتوصلوا إلى مصل للوقاية! نعم لأن الطريقة الذى يهاجم بها العقار الخلايا الفيروسية تختلف عن الطريقة التى يهاجم بها المصل، ولسرعة الفيروس فى التحور استخدمنا أكثر من عقار مع بعض للقضاء عليه لمنع مقاومته للعقار المهاجم له، ولذلك نحن فى شركة ابفى نستخدم تركيبات من العقاقير لتفادى وجود مقاومة من الفيروس. معظم الأطباء الحاضرين للمؤتمر يتحدثون عن أن فيروس سى أصبح من الماضي.. وسمعنا أكثر من مرة تعليقاتهم عن بدء تركيز الجهود على الكبد الدهني.. فهل هناك حل لديكم للكبد الدهني؟ نعم هو واحد من المجالات التى نهتم بها، ولكن لا يمكننى التأكيد إذا كنا سوف ندخل فى هذا المجال أم لا، ولكنه مرض خطير، والباحثون منذ سنوات يحاولون اكتشاف عقار للكبد الدهني، وهناك بعض عقاقير فى مراحل الدراسات والتطوير، ولكن لم يحصل أحد منهم على موافقة حتى الآن. باعتبارك عالما بماذا تقيم قيمة الاكتشافات الأخيرة للقضاء على فيروس سى من إنجازات العلم ومسيرة الاكتشافات؟ أنا أعمل على الأمراض الوبائية ويمكننى القول إن مرض فيروس سى ليس مثل كل الفيروسات الوبائية، وبالتاكيد اكتشاف عقار شافى بنسب مرتفعة مثل هذا العقار، يعتبر من الإنجازات المعدودة فى العلم، ويمكننى تشبيهه بحقبة اكتشاف المضادات الحيوية التى غيرت مجرى الطب والعلم. ووجه التشابه، أن المضادات الحيوية تمكنت من شفاء أمراض قاتلة، ونحن هنا نتعامل مع مرض قاتل وصامت، ومرض وجوده داخل الأسرة يحول حياتها إلى مشكلة تصل إلى انتظار الموت، والآن أصبح هناك عقار يشفى منه وبالطبع هذا يعد إنجازا علميا، وأنا فخور جدا بأننى جزء من الطاقم الذى عمل على تطوير هذا العقار، ولا يمكنى التعبير عن مدى فخرى بالاكتشاف الذى نقدمه. هل يسهم العقار الجديد فى تحجيم الإصابة بسرطان الكبد؟ نعم العقار الجديد سوف يخفض نسبة الإصابة بسرطان الكبد، نظرا لأنه يرفع نسب الشفاء التام وبالتالى سوف تنخفض نسب التعرض للسرطان.