لم تعرف مصر على مدى تاريخها الطويل تفرقة بين مصرى مسيحى ومصرى مسلم فكلهم مواطنون يتمتعون بحق المواطنة التى نص عليها دستور مصر الحالى والدساتير المصرية منذ دستور 1923 م حتى الآن - عدا ذلك العمل المشوّه الذى أطلقت عليه عندما صدر «دستور غير دستورى» ومن المعروف انه الدستور الذى أصدرته جماعة الإخوان عندما حكموا مصر لبضعة شهور ثم أزاحتهم ثورة عارمة فى الثلاثين من يونيو عام 2013. واظن اننى واحد من ملايين المسلمين الذى حفظوا القرآن الكريم وقرأت فيه الآية الكريمة التى تقول «وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين» والاية الكريمة التى تقول «وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماَ». والاية الكريمة التى تقول ايضا «الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امنّ منهم بالله واليوم الاخر فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون» والاية الكريمة الاخيرة «لا تكتفى باصحاب الديانات السماوية من مسلمين ونصارى ويهود بل تجمع إليهم «الصابئين» ومن على شاكلتهم من ملل ونحل اخرى قريبة» . هذا هو الإسلام السمح الإسلام الذى لايعرف عدواناَ على إنسان لأن الإنسان مطلق الإنسان كرمه رب الخلق عندما قال «ولقد كرمنا بنى آدم». وأمامى فى هذه المناسبة كتاب قيم بعنوان «المسيحية والحضارة العربية» صادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2014. وفى الفصل الثانى من هذا الكتاب حديث علمى عن المبادىء المشتركة بين المسيحية والإسلام . يقرُ المسيحيون فى المزامير من أجزاء الكتاب المقدس «نؤمن باله واحد ضابط الكل خالق السموات والارض». ويستطرد ذلك الكتاب القيم فى الاشارة الى المبادىء المشتركة بين المسيحية والاسلام وتعدادها. ويقول الامام الغزالى فى كتاب «إحياء علوم الدين»: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». أما الإنجيل فيذكرنا على استمرار بأن الوصية الثانية شبه الأولى تماماَ «أحبب قريبك كنفسك» «متى 39:22»). وبأننا فى يوم الدينونة سنحاكم على مقدار الصالحات التى قمنا بها. وقد أستأذن القارىء هنا واظن ان الكل يعلم مدى العلاقة الوثيقة التى كانت بينى وبين قداسة البابا شنودة الثالث رحمه الله رحمة واسعة وأظن أن آخر ما نطق به قداسته كانت عبارته التى وجهها الى وقال فيها لك «محبتى». والتى مازلت أعتز بها حتى الآن. لقداسة البابا شنودة. عدد من القصائد الوطنية الرائعة سأقتصر هنا الى الإشارة الى بعضها. يقول فى قصيدة له باسم «الأبطال» وقد ألفها قداسته فى عام 1947 حيث يقول: لم تموتوا أيها الأبطال بل قد سكنتم فى سماء الخالدين تسلحتم بقلب طاهر ودعاء مستجاب ورجاء وبايمان قوى قادر يرجع الموتى ويشفى الضعفاء. ألهمونا بعض تقواكم فقد أظلم الكون وقل الأتقياء وبقينا كلما نذكركم يخفق القلب ويدعو فى حنين لم تموتوا أيها الأبطال بل قد سكنتم فى سماء الخالدين. وفى قصيدة عن السيدة العذراء يقول: إملئى الكون حنانا وحنينا حدثينا عن هوى الأم واذكرى العذراء فى عليائها كيف ناءت من شكوك مرة كيف حلت مذودا محتقرا كيف جاءت مصرنا هاربة كيف لاقت ابنها المحبوب إيه يا عذراء أنت يا أماه سر غامض. ولعلى أشير هنا الى انه لم يذكر فى القرآن الكريم اسم سيدة إلاّ السيدة مريم «يا مريم ان الله اصطفاك وطهرّك واصطفاك على نساء العالمين» ... ومازال يروادنى الامل فى ان اجمع قصائد قداسته فى ديوان واسعد بكتابة مقدمته. لمزيد من مقالات د. يحيى الجمل