رغم مرور ما يزيد عن ثمانمائة عام على صدور كتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» للعالم العربي الكبير أبو عبدالله بن زكريا محمد القزوينى مازال هذا الكتاب واحدا من أهم المراجع العلمية المتخصصة في علوم الكون والطبيعة حتى اليوم لغزارة محتواه حيث يتضمن عرضا وافيا للأرض وجبالها وأنهارها وعن كرة الهواء وعن الرياح ودوراتها وعن كرة الماء وبحارها وأحيائها... ثم عن اليابسة وما تنبت من نبات وأحياء. وأعظم ما في كتب ومؤلفات «القزوينى» أنها جميعا كانت بمثابة دعوة إلى التأمل في آيات الله ( في خلقه وفى بديع صنعه) تمشيا مع ما أمرنا به القرآن من ضرورة النظر والتأمل في الأرض والسماء. ويشرح القزوينى ذلك قائلا: إن المراد بالنظر ليس تقليب الحدقة في الموجودات فإن مثل هذا النظر تشارك فيه المخلوقات الأخرى كلها وإنما المراد بالنظر الدراسة والتفكير في «المعقولات» والنظر في «المحسوسات» والبحث عن حكمتها.. و كلما أمعن المرء النظر فيها ازداد من الله هداية ويقينا ونورا وتحقيقا. فلننظر إلى الكواكب وكثرتها واختلاف ألوانها ونرى كيف أن بعضها يميل إلى الحمرة وبعضها يميل إلى البياض وبعضها إلى اللون الرصاصي.. ثم هذه الشمس التي تدور في فلكها مدة سنة وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار ومعرفة الأوقات.. ثم إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه للنور من الشمس ثم امتلائه وانمحاقه ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر ثم إلى ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعود والصواعق والأمطار والثلوج والرياح والعواصف. إن المسافة الشاسعة بين السماء والأرض التي تسبح فيها الطائرات مليئة بالمتغيرات التي يصعب على الإنسان أن يتنبأ بها قبل وقوعها لأنها متغيرات تحدث في ثوان معدودة ومازال علمها عند الله وحده! هكذا يجب أن نتعامل مع الكوارث التي نعجز عن تفسير أسبابها بدقة والتي قد تكون لها أكبر فائدة في العودة إلى رحاب الإيمان وتعزيز اليقين بقدرة خالق هذا الكون وصاحب الأمر والنهى الوحيد فيه.. وهكذا يجب أن نسترد ثقتنا فى أمتنا التى سبقت الدنيا كلها فى العلم والمعرفة !. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: ما تراه العيون ينسب إلى العلم وما تحسه القلوب ينسب إلى اليقين ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله