إذا كانت جميع الدول تحرص على رعاياها فلماذا لا نحافظ نحن على أبناء مصر، رأينا الضجة الكبرى التي أثارتها إسرائيل حفاظًا على شاليط الجندي الذي أسر لدى حماس، ورأينا كيف أنها أبدلته بما يزيد عن ألف أسير فلسطيني، فلماذا نتهاون نحن في حق أبنائنا، وها نحن أيضا رأينا أمريكا كيف قلبت الدنيا حفاظا على رعاياها المتهمين في التمويل الأجنبي وكيف أنها أصرت على موقفها إلى أن خرجوا من مصر، بطريقة مخزية لولاة الأمور، وبشكل يندى له الجبين، ألا نتحرك أوليست عندنا كرامة مثل هؤلاء؟؟! لماذا هذا الصغار الذي نعيشه اليوم، إذا كان الرئيس المخلوع السجين قد أسلم أبناء مصر، وفرّط في حقهم، وضيع شخصية المصري خارج بلاده، وأهدر كرامته، فهل ما زلنا مصممين على مجاراة هذه السياسة المهينة؟! الدكتور عمر عبدالرحمن أولى بالخروج والعودة إلى بلاده من هؤلاء الرعايا الأمريكان الذي جاءتهم طائرة خاصة مخترقة جميع القيود والحدود وحملتهم إلى بلادهم، وقد شن أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب هجومًا عنيفًا على الحكومة والمجلس العسكري بعد واقعة رفع حظر السفر عن المتهمين الأمريكيين في قضية تمويل منظمات المجتمع المدني، لقد لاحظنا أن إسرائيل هبت للدفاع واستنقاذ جندي واحد وسلمت مكانه 1027 أسيرا، ونحن نفرط في حق عالم كبير من علماء الأزهر معتقل في سجون أمريكا منذ 18 عاما؟! الدكتور عمر عبد الرحمن في سطور وُلِد الدكتور عمر عبد الرحمن بمدينة الجمالية بالدقهلية عام 1938، فقد البصر بعد عشرة أشهر من ولادته، حصل على الابتدائية وكان ترتيبه فيها الثاني على الجمهورية، وحصل على الثانوية الأزهرية عام 1960 وكان ترتيبه فيها الأول على الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة ودرس فيها حتى تخرج منها في عام 1965 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وتم تعيينه في وزارة الأوقاف إمامًا لمسجد بالفيوم، ثم حصل على الماجستير، وعمل معيداً بالكلية مع استمراره بالخطابة متطوعًا، وفي عام 1969، أوقف عن العمل في الكلية وفي أواخر تلك السنة رفعت عنه عقوبة الاستيداع، لكن تم نقله من الجامعة من معيد بها إلى إدارة الأزهر بدون عمل، حتى تم اعتقاله في الثالث عشر من شهر أكتوبر عام 1970 بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في سبتمبر من العام نفسه. بعد الإفراج عنه، واصل د.عمر عبد الرحمن طلب العلم، فتمكن من الحصول على الدكتوراه في الجهاد الإسلامي وكان موضوعها "موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة"، وحصل على "رسالة العالمية" بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، إلا أنه مُنع من التعيين حتى صيف عام 1973 حيث استدعته الجامعة وأخبرته عن وجود وظائف شاغرة بكلية البنات وأصول الدين، واختار مدينة أسيوط، ومكث بالكلية أربع سنوات حتى عام 1977، ثم أعير إلى كلية البنات بالرياض بالمملكة العربية السعودية حتى عام 1980، ثم عاد إلى مصر. اعتقل الدكتور عمر مرة أخرى في سبتمبر عام 1981 ضمن قرارات التحفظ التي أصدرها الرئيس أنور السادات، فتمكن من الهرب، حتى تم القبض عليه في أكتوبر 1981 وتمت محاكمته في قضية اغتيال السادات أمام المحكمة العسكرية ومحكمة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين وخرج من المعتقل في الثاني من شهر أكتوبر عام 1984. سافر إلى الولاياتالمتحدة ليقيم في ولاية نيوجرسي، واعتقل هناك بتهمة التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993 وفي عام 1997 أعلن تأييده لمبادرة وقف العنف التي أعلنتها الجماعة الإسلامية في مصر، والسبب الحقيقي في سجنه هو هجومه الشرس على حسني مبارك بسبب ظلمه وفساده فأرسل حسني مبارك ضابطا من المخابرات لكي يوقع بالشيخ عمر ويزج به في السجن وكل ذلك بالاتفاق مع أمريكا وهو مازال معتقلا في سجون أمريكا حتى الآن وأصبحت حالته الصحية متدهورة. أفلا يتحرك ولاة الأمور في مصر لإنقاذ هذا الشيخ الضرير والأزهري الأسير؟ أم ما زلنا نحيا حياة الصغار والذل والمهانة إلى الآن؟!! المزيد من مقالات جمال عبد الناصر