فى الأوراق والوثائق القديمة حكايات وقصص عن أناس عاشوا وماتوا ولكنهم تركوا وراءهم قصصاً عن عصر مضى كان للإنسان فيه قيمة عالية، وكانت كل أجهزة الدولة تهتم بآدمية المواطن وتسعى للتأكد من حصوله على كافة حقوقه، وبالتالي حصول الدولة على كافة حقوقها ، لتضرب هذه الوثائق والأوراق القديمة الصفراء للناس ولأجهزة الدولة والوزارات فى العصر الحالى أمثلة يُحتذى بها فى قيمة الإنسان وأهمية أن يقوم كل إنسان بعمله بدقة وأمانة ، ووثيقة هذا الاسبوع من هذا النوع ، فهى وثيقة إجتماعية إنسانية بالرغم من كونها رسمية فهى تحمل عنوان « أمر خصوصى « أو مخصوص صادر من بوليس مدينة الإسكندرية بتاريخ 19 أبريل 1928 - أى فى عهد الملك فؤاد - عبارة عن لائحة جزاءات صادرة فى حق أربعة من ضباط مدينة الإسكندرية لتقصيرهم فى أعمالهم بشكل من الأشكال وتحمل إمضاء الاميرالاى . غوردون انجرام حكمدار مدينة الاسكندرية ، وكما هو واضح من الاسم يتبين أن حكمدار المدينة أو أعلى سلطة فى البوليس وقتها كان إنجليزيا حيث كانت مصر خاضعة للإحتلال الانجليزى وتقول الوثيقة : « جوزى - تم مجازاة - حضرة الصاغ نور الدين حسن مظهر أفندى من قسم مينا البصل بخصم ماهية يوم لإثباته بنداً غير صحيح بتقرير الدورية وذلك أنه عندما كان يمر بمركز قنا يوم 15 / 7 / 1926 أثبت فى تقرير الدورية ان المُراقب - الذى يخضع للمراقبة - شلقامى محمد من الحميدات فى منزله وقت مرور الدورية رغم أنه تبين أن هذا المراقب هرب فى 7/ 8 / 1925 وتحرر ضده محضر نمرة 1194 جنح 1925 ولم يتم ضبطه حتى الآن . - جوزى الملازم أول سيد حسنين أحمد أفندى بقسم محرم بك بخصم ماهية يومين للسلوك المغاير ذلك أنه بالإسكندرية فى يوم 31 / 1 / 1928 عندما كان قائماً بأعمال ضابط نوبتجى بقسمه حضر للقسم المسيو ريميجيو باردا وشكا أحد موظفى محطة سيدى جابر فأهانه وضربه . - جوزى الملازم ثانى كمال جميعى أفندى بقسم المنشية بخصم ماهية يومين للإهمال فى الخدمة وذلك إنه بالإسكندرية فى يوم 7 / 3 / 1928 حرر ورقة تشبيه بإسم السيد عبد الله عبد الرحيم ولم يبين بها أن كان للمذكور وشم فى ذراعه الأيمن وترتب على ذلك عدم إمكان الاستدلال على سوابق المذكور مخالفاً بذلك منشور المحافظة نمرة 24 لسنة 1927 الذى يقضى بالاعتناء التام فى تحرير أوراق التشبيه المتهمين واستيفاء بياناتها بكل دقة. - إنذار الكاتب درجة ( ج ) عبد العزيز احمد أفندى بقلم قيودات الضبط للإهمال فى الخدمة وذلك إنه فى الإسكندرية فى يوم 23 / 12 / 1927 عندما كان يؤدى أعمال كاتب قيودات وسلمه الجاويش أحمد محمد لولح خطاباً موصيا عليه واردا من وزارة الخارجية بداخله شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان خاص بعثمان أفندى سعودي لتسليمها اليه فسلم الخطاب المذكور لعامل بوستة قسم محرم بك الذى رده لبوستة إسكندرية بدلاً من تسليمه لرئيس قسم القيودات (الضبط) لعرضه ضمن البوستة لعرضه على صاحب العزة وكيل المحافظة . وفى نهاية الوثيقة ملحوظة تقضى بأن يطلع على هذا الأمر مأمورو الأقسام والضباط ورؤساء الأقلام والكتبة فقط ويحفظ بمعرفة المأمور ، وعندما يشتمل الجزاء على غرامة يبلغ المأمور ذلك الى بلوك أمين القسم لإدراجه فى كشوف الماهية« . ومن هذه الوثيقة يتضح أنه كانت هناك جهة ما أو إدارة تقوم بمراقبة أداء الضباط لإعمالهم داخل الأقسام وفى الشوارع وتقييم أدائهم للأعمال المكلفين بها وكان يتم مجازاة المقصر منهم مما كان يضبط أداء العمل ويمنع التجاوزات فى حق المواطنين ومثال ذلك ما ورد فى الوثيقة من خصم ماهية يومين لاحد الضباط لتجاوزه فى حق أحد المواطنين بالضرب والاهانة حال توجهه لتحرير محضر ، مما يعنى أن تجاوزات بعض الضباط كانت موجودة منذ اختراع جهاز الشرطة ولكنها كانت تقابل بالحسم والتحقيق ومجازاة المخطئ مما كان يضبط أداء العمل ويشعر المواطن بالأمان لأنه متأكد من أنه سوف يحصل على حقه إذا تعرض لأى نوع من الظلم أو التعدى من قبل احد رجال الشرطة ... فما أحوجنا فى هذه الأيام الى مثل هذه الأجهزة الرقابية لمتابعة أعمال رجال الشرطة وردع المخالفين منهم (وهم قلة فيما أعتقد) لإعادة الطمأنينة والثقة الى المواطن المصرى فى جهاز الشرطة ونحن نبدأ مرحلة جديدة فى بناء الوطن ... والله على مصر و بوليسها زمان.