أسعار الخضروات اليوم الاربعاء 29-5-2024 في الدقهلية    رئيس غارب يشهد افتتاح وتشغيل محطة طاقة الرياح بجبل الزيت    عاجل| قمة مصرية صينية ببكين اليوم    المستشار الألماني يطالب الحكومة الإسرائيلية بضمان وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين بغزة    شوبير يكشف حقيقة تفاوض الأهلي مع بغداد بونجاح لتدعيم هجومه في الصيف    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص على الطريق الإقليمى    تجديد حبس 3 متهمين بترويج المواد المخدرة فى التجمع 15 يوما    مصر تشارك في اجتماعات مجموعة بنك التنمية الإفريقي لعام 2024 بكينيا    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    أستاذ اقتصاد: هناك طفرة اقتصادية في العلاقات بين مصر والصين في عهد السيسي    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على مخيمات النازحين فى رفح الفلسطينية    القوات الروسية تدمر أحد أكبر مخازن استلام الأسلحة الغربية فى أوكرانيا    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    نجم الأهلي يصدم الزمالك في الميركاتو الصيفي بسبب مارسيل كولر (خاص)    مواعيد مباريات الأربعاء 29 مايو - كأس مصر.. ونهائي دوري المؤتمر الأوروبي    دوري المحترفين، القناة يجدد الثقة في أحمد العجوز للموسم الجديد    كأس مصر، موعد مباراة الجيش وبورفؤاد والقناة الناقلة    الحكومة توضح موعد وقف خطة تخفيف الأحمال نهائيًا    بنمو 83.1%.. بنك التعمير والإسكان يحقق 2.4 مليار جنيه صافي ربح بالربع الأول من 2024    «تعليم بني سويف» يحذر الطلاب من اصطحاب التليفونات في امتحانات الدبلومات الفنية    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي سبل التعاون بين البلدين بالقطاع الصحي    الصحة تناقش مع وزير الصحة السعودى الموقف التنفيذى لمشروعات التعاون المشترك    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 29 مايو 2024: تحذير ل«الأسد» ومكاسب ل«الجدي»    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    بعد مجزرة المخيم.. بايدن: عملية إسرائيل في رفح الفلسطينية لم تتخط الخطوط الحمراء    عاجل| إعلام فلسطيني: مروحيات إسرائيلية تنقل جنودا مصابين جراء معارك غزة لمستشفى ببئر السبع    الري تتابع الموقف التنفيذي لمشروع تحديث أنظمة وأجهزة التشغيل والتحكم في قناطر إسنا الجديدة    توريد 223 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    وزارة الصحة تكشف نصائح لمساعدة مريض الصرع على أداء مناسك الحج بأمان    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024.. موعد إعلانها وطريقة الاستعلام    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناهضة الختان وعى الصغيرات يقاوم عادات الجدات
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 02 - 2015

" أنا طفلة صغيرة..أنا شمس منورة.. أنا وردة مفتحة..بس ليه ..بس ليه تخطفونى من طفولتى..تحرمونى من أنوثتى..اذا كانت عيلتى جاهلة..فأنا بتعلم وها أتعلم.. وهاوصل كلمتى للناس. وأصرخ واقول تستفادوا ايه ..ها تستفادوا إيه بجرح بنت وأحاسيسها.. وحرمانها من عواطفها و أنوثتها..
..ها أصرخ بأعلى صوت وها أقول..لا لختان الإناث.." بهذه الجمل التى نظمتها ساندى سمير ذات الاثنى عشر عاما على هيئة مقطوعة شعرية عبرت عن رؤيتها للأضرار النفسية و الجسدية التى تصيب الفتيات بسبب الختان ورفضها لهذه الممارسة المتوارثة . ساندى هى واحدة من عدد كبير من الفتيات اللاتى حضرن هن وأسرهن تكريم نظمه المجلس القومى للسكان، بالاشتراك مع جمعية تنمية المجتمع بنجع الحجر، إحدى قرى محافظة أسوان، للأسر التى تخلت عن عادة الختان.
تجربة بدأها المجلس منذ عدة سنوات بالشراكة مع الجمعيات الأهلية فى قرى الصعيد لتوعية الفتيات الأصغر سنا فى المدارس و كذلك الجيل الوسط من الأمهات باضرار عادة الختان المتأصلة الجذور فى تقاليدهن والتى مازال البعض يعتبر الحديث فيها من " التابوهات". لكن تبدو النتيجة اليوم مبشرة مع جيل جديد يتشكل وعيه بطريقة مختلفة وصغيرات قررن التمرد على أخطاء العادات ومقاومة التشوهات. ريبورتاج بمناسبة اليوم العالمى لمناهضة ختان الاناث فى السادس من فبراير.
ساندى وفاطمة وسارة ومريم، فتيات تتراوح أعمارهن ما بين عشرة واثنى عشر عاما يقفن بثقة وجرأة أمام عدد كبير من الجمهور من أهالى القرية والقرى المحيطة وكذلك الزائرين من أعضاء المجلس، فى مشهد يبدو غريبا وغير معتاد فى قرى الصعيد. فى منزل ريفى بسيط تزينه بعض الاعمال اليدوية لأهل أسوان، ويتدافع اليه عدد كبير من أهالى القرية وأيضا الصغار ليروا ما يحدث بالداخل، يتحدثن عن مواقفهن من الختان وعن تجاربهن الشخصية." أنا اتختنت.. بس ندمت.. ومش ها أختن ولادى.. أنا شفت بنات نزفوا وتعبوا أوى بسبب الموضوع ده وبنات تانية ماتت بسببه. و كمان فى الجمعية بيكلمونا ويفهمونا أضراره.".. كلمات رددتها فاطمة مصطفى 15 سنة، التى تحمل قسمات وجهها علامات الألم والمرارة بسبب ما عاشته ورأته من أوجاع نفسية وجسدية، لتعلن اليوم رفضها للعادة المتوارثة.
أما فاطمة محمد ذات الاثنى عشر عاما فعلا صوتها قائلة :" الختان يشوه الفتاة ويصيبها بعقدة نفسية وبيخليها متعصبة وناقصة حاجة عن بقية البنات"
لكن ساندى كانت قد قررت أن تبحث وتقرأ على الانترنت عن العادة وعن آثارها الصحية و النفسية - فرصة لا تتاح للجميع فى قرى الصعيد النائية - لتفاجئنا بترديد جملة «أن الختان يشوه الاعضاء التناسلية للأنثى»، وتفخر امام الجميع بأنها «مش مختونة»، معلومة تثير تعجب كثير من قريناتها فى المدرسة اللاتى يتباهين «بالطهارة» كما يسمونها..لانها لا غنى عنها للبنت «المؤدبة العفيفة» وهو ما استفز ساندى لترد عليهن متسائلة «تقبلوا حد يقطع لكم ايديكم.. انتو عارفين انتو ليه اصلا بتتختنوا؟ هاتوا دليلا واحد بيقول إن عادة الختان دى صح. الأخلاق بالتربية ..وليست بقطع جزء من الجسد».
فهم ووعى بالأخطار تعلمتها ساندى وأختاها سيمون وإنجى من الأم ايفون التى تعرضت لتجربة ختان قاسية وقررت عدم تكرارها مع بناتها رغم اصرار الجدة، لكنها حسمت أمرها فى النهاية لحمايتهن. لتصبح اليوم الفتيات الثلاث مناهضات من أجل انتزاع حقوق الفتيات فى عدم تشويه أجسادهن ونفسياتهن. يواجهن كل رأى مخالف بمحاولة اقناع جديدة وذكية. وهو ما جعل سامية وأحلام الصغيرات اللاتى أصرالوالدان على ختانهن يقفن عاجزات عن الرد وإن قالت أحلام بصوت خفيض «هما علمونا كده، أن البنت المؤدبة لازم تتختن».
جمل مؤيدة تتكرر على لسان بعض الفتيات والأمهات تعتبر عدم الختان وصمة عار، وتربطه بعفة الفتاة.. وحمايتها فى مجتمع شديد المحافظة.. أو يرددن معلومات مغلوطة عن أن عدم ممارسته حرام وهو ما أكدته هالة محمد من قرية المحمودية من أن ختانها لبنتيها ضرورة وتقاليد «تربينا عليها».
لكن تعلو أصوات ساندى وفاطمة وريتاج بالرد: «ليه نشوه البنت ..ليه نعرضها لأى أّذى..ها تحس ناقصة أمام زمايلها.. لما تكبر ها نحرمها من أنوثتها..هى طفلة وربنا خلقها كده..ليه نشيل لها عضو.. زى ما نقطع ايدينا.. نحس ناقصين..لازم نقاوم الشر ده».
جدل.. ونقاشات مستمرة..حكايات وقصص عن بنات وسيدات تعرضن للتجربة وأخريات نجون من أن يسقن للذبح على يد داية أو طبيب يسمح بانتهاك حقوق الفتيات.. هبة الله سعد، 27 سنة، ميسرة من المتطوعات فى مجال التوعية مع الجمعية والمجلس، تعترف أنها لم تكن تتخيل يوما أنها سوف تستطيع الحديث دون خجل، فى هذه القضية الشائكة. هبة تلقت تدريبا فى الجمعية واليوم تساهم فى التوعية عن طريق جمع البنات والسيدات ومنحهن فرصة لتداول التجارب. «سيدات كثيرات يروين كيف أثر الختان على حياتهن الزوجية وأدى بهن إلى الطلاق بسبب البرودة الجنسية». تجارب الهدف منها التأثير على الأمهات لحماية بناتهن. ثم اتجهنا نحو الصغيرات فى المدارس من سن 8 سنوات نؤهلهن ليكن مناهضات للختان.
أما زينة حسن، متطوعة من 2003 تؤكد أن المشروع بدأ بزيارات منزلية ومساعدات اجتماعية وقوافل طبية قائلة: «عانينا كثيرا فى البداية لكن اليوم الأمور تسير بشكل أفضل خاصة مع الصغيرات».
كان المجلس القومي للسكان قد أطلق قبل شهور خطة خمسية لخفض معدلات ممارسة ختان الإناث، بنسبة 15%، بين الفتيات في السن من 10-18 عاما، بالتعاون مع الهيئات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية.
يذكر أن نسبة ممارسة ختان الإناث بين السيدات المتزوجات من سن 15-49 قد وصلت الى 91% في آخر مسح صحي سكاني أجرى عام 2008، وتشير مؤشرات المسح الجديد الذى سوف يعلن قريبا إلى أن نسبة الممارسة إنخفضت بين الفتيات في السن من 15 18 إلى 50% في المتوسط على مستوى الجمهورية.
وتقول د. فيفيان فؤاد، مسئول التدريب بالبرنامج القومى لتمكين الاسرة ومناهضة الختان بالمجلس القومى للسكان إن الخطة تهدف إلى خفض نسب ممارسة ختان الإناث وسط الأجيال الجديدة على المستوى الوطني، من خلال دعم مناخ سياسى واجتماعى وثقافى لتمكين الأسرة المصرية، لاتخاذ قرار بعدم ختان بناتها.
وتعتمد الخطة التى تنفذ على مدى السنوات الخمس المقبلة، على وجود مؤشرات علمية وإجتماعية على انخفاض ممارسة ختان البنات وسط الأجيال الجديدة، وعلى إنفاذ قانون تجريم ختان الإناث، وتفعيل القرارات الوزارية التى تمنع ممارسة هذه الجريمة، والدعم الثقافي والإجتماعى لحقوق الطفل والمرأة والأسرة، بالتعاون مع الوزارات المعنية، وهيئات الأمم المتحدة المعنية بالمرأة والطفل والسكان والتنمية، والاتحاد الأوروبى ووكالة التعاون الألمانية، والمجتمع المدني.
وكانت قرية بنبان جنوب أسوان قد أعلنت رفضها لختان الاناث منذ 9 سنوات فى وثيقة شعبية و تبعتها 13 قرية أخرى حتى عام 2010.وفى عام 2015 تعود تلك الأصوات الرافضة لختان البنات الى المشهد من جديد بعد السنوات الصعبة التى أعقبت الثورة وما تلاها من صعود التيارات الدينية المتشددة الى المشهد السياسى.
وتؤكد د.فيفيان فؤاد، أن الهدف فى المرحلة القادمة هو الجيل الجديد. فالفكر الاسطورى الذكورى الذى يسيطر على المصريين لا يمكن مقاومته الا بالعلم. وفى السنوات الماضية انتقلت حركات مناهضة الختان من النخب الى الطبقات المتوسطة. وما نراه اليوم من صغيرات محجبات يرفضن الممارسة بل ويتبنين القضية، فهذا مؤشر مهم للتغيير الاجتماعى.
لكن التغيير أيضا يجب أن يشمل الرجل لا المرأة فقط. ففى قرى الصعيد من المعروف أن الرجل يحرص على أن تكون عروسه مختنة كدليل على عفتها. وهو أيضا شريك للمرأة فى قرار ختان الإبنة. لذا تشير منى أمين، منسق البرنامج القومى لتمكين الاسرة ومناهضة ختان الاناث بالمجلس القومى للسكان، إلى أن الخطة المقبلة سوف تشمل الشباب أيضا بالتوعية، وذلك عن طريق جذبهم بالمشاركات الرياضية والكروية فالتنمية يجب أن تشمل عنصرى المجتمع بالتوازى.
خاصة حين سألنا الصغيرات ماذا لو رفض زوجك قرارك بعدم ختان ابنتك، فردت بعضهن بثقة سوف اصمم حتى لو «اتطلقت»، فى حين وقفت أخريات حائرات أمام السؤال.
حالة مقاومة و محاولات اقناع مستمرة تبشر بجيل جديد قد تنتهى على يديه هذه العادة الفرعونية المتوارثة. فالكثيرات أصبحن يرفضن التشوهات وما تسببه من صدمات ومخاطر. وهو ما تؤكده كلمات نانسى:
«ها تخطفونى..مش ها تقدروا..ها تشوهونى .. لو تقدروا.. دعونى ده أنا ورده لسه بتفتح.. القضية مش ها تموت..طالما لينا صوت.. نقوم بثورة ..نقوم بحرب.. لا لا للختان..لا لا لختان الإناث».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.