بين الاستجابة « الإعلامية « وبين الواقع الرسمي مساحة شاسعة تسقط فيها معالم الجمال و ملامح التاريخ وتنتهي معاركنا الصغيرة بالهزيمة .. قبل اقل من ستة أسابيع تبنت «الأهرام «حملة لإنقاذ بيت مدكور الأثري بعد أن كادت معاول الهدم تقضي عليه وكانت استجابة محافظ القاهرة دكتور جلال السعيد سريعة ومؤثرة. صرح المحافظ وقتها بأنه اتخذ قرارا بإيقاف جميع قرارات الهدم بمنطقة الدرب الأحمر بعد ان تم هدم العشرات من البيوت التاريخية وعلي رأسها بيت المهندس الذي أحيل بسببه رئيس حي وسط للنيابة . هدأت الضجة واطمأن الجميع ان البيت قد نجا لكن مفاجأة صادمة ظهرت قبل أيام قليلة المحافظ نفسه وقع قرار تنفيذ هدم البيت والمدهش أن التوقيع تم منذ يوم 26 ديسمبر الماضي أي بعد اقل من أسبوعين علي تصريحاته التي تؤكد ان البيت لن يهدم وانه بصدد تشكيل لجنة موسعة من كبار الخبراء والمتخصصين لدراسة كافة قرارات الهدم والإزالة التي صدرت بحق بيوت الدرب الأحمر التاريخية . بالتأكيد أن اللجنة التي كان من المفترض أن تدرس الملف الهام لم تشكل ولم يصدر عنها أي قرارات كما تقول لنا أمنية عبد البر منسقة حملة أنقذوا القاهرة التاريخية والتي تضيف :» فوجئنا بقرار هدم رسمي موقع من المحافظ بناء علي خطاب رفع له من اثنين من موظفي المحافظة يعتمدان فيه تماما علي تقرير حي وسط عن البيت, وهو ما يؤكد انه لا توجد لجنة أو أنه تمت مراجعة قرار الهدم أو حتي معاينة المكان وبناء عليه فقد عدنا لنقطة ما قبل تعهدات المحافظ ,وعاد موظفو الحي للتلاعب كما كان يحدث دائما عند هدم أي بيت اثري في المنطقة لتظهر بعده مباشرة عمارة قبيحة المنظر مخالفة لطابع المكان ولكل قوانين البناء « علي ارض الواقع فإن إجراءات الهدم الرسمية قد بدأت بالفعل حيث يتم ما يعرف بالدراسة الأمنية عن طريق قسم شرطة الدرب الأحمر وهو إجراء روتيني يسبق عمليات الهدم وهو ما يعني أن المنزل قد صدر بالفعل قرار إعدامه رسميا علي الجانب الأخر لم تعلن وزارة الآثار والمنوط بها حماية تلك المباني حيث كان المنزل بالفعل مسجلا لديها كطراز معماري مميز أي رد فعل يمكن الرجوع اليه واكتفي السادة كبار المسئولين بالوزارة بتوجيه اللوم لمديري آثار وتفتيش منطقة الدرب الأحمر اللذين تحركا بكل قوة لمنع هدم البيت منذ قام الأهرام بالنشر عنه بل وصل الأمر لنقلهما لمكان أخر خارج المنطقة بأكملها كما علمنا بعد ان اتهما بأنهما يتحدثان فيما لا شأن لهما به مبرر قرار السادة المسئولين حول هدم بيت مدكور هو أن البيت قد خرج من تصنيف الطراز المعماري المميز بقرار من رئيس الوزراء عصام شرف رقم 960 لسنة 2011 وسارع وقتها الحي بإصدار قرار الهدم وذلك بعد أن تم حرق واجهته وتخريبها وهو نفس الكلام الذي جاء في مذكرة محافظ القاهرة الأخيرة التي وافق بناء عليها علي تنفيذ قرار الهدم فالمسئولون لدينا لا يعرفون ان هناك شيئا اسمه الترميم