تشهد بعض الفضائيات تخبطا فيما تقدمه خلال الفترات الأخيرة، فتبحث عن المشاهد بأى ثمن، وتقوم بفرقعات إعلامية تضر بالمجتمع وبالدولة، وهو ما يتكرر فى البرامج التى تروج للسحر والشعوذة، وأخيرا أثار برنامج «المستخبى» على قناة "القاهرة والناس" استنكارا شديدا من جانب المشاهدين ومستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى بسبب ما تناولته مذيعته منى عراقى بحلقة عن الشذوذ، وكشفت كما زعمت فى الحلقة عن وكر لممارسة الشذوذ فى أحد الحمامات الشعبية بمنطقة رمسيس، وصورت لحظة القبض على حوالى 26 من الشباب الموجودين فيه، متهمة إياهم بالشذوذ قبل أن تفرج عنهم العدالة وينالوا البراءة من محكمة جنح الأزبكية، بعد إثبات الطب الشرعى براءتهم من التهمة الموجهة إليهم، بعد أن خسر أغلبهم وظيفته وسمعته، وأصيبت والدة أحد المتهمين بجلطة، إلى جانب الأضرار النفسية التى ستظل تلاحقهم لسنوات، خاصة أن جميعهم يسكنون بمناطق شعبية، وألصقت بهم تهمة أخلاقية بخلاف الحقيقة بحثا عن مجد شخصى اتضح أنه زائف بلا رقيب أو رادع، ودون وجود ميثاق شرف إعلامى يحكم العمل فى الفضائيات التى يقوم بعضها بالهدم بدلا من البناء، وحول ذلك يقول د.حسن على أستاذ الإعلام : العديد من مقدمى البرامج لم يدخلوا المجال الإعلامى من أبوابه الصحيحة، وقفزوا من فوق الأسوار، وبذلك فهم يفتقرون أسس العمل الإعلامى الصحيح، وأغلبهم لا يفرق بين الصحافة الصفراء التى يشتريها القارئ وهو يعى مابداخلها، وبين البرامج التى تقتحم البيوت، وسعيا وراء الشهرة وجذب المشاهدين، ومن بعدهم انساق كثير من المعلنين نحو الغريب الذى يجذب المشاهد، وأصبح الجنس والدين والجن وأخيرا الشذوذ هى طريقهم، وتحول أغلب المذيعين لمخبرين، وأضاف: وعلى افتراض أن مايقدمونه موجود جدلا فإن الأبحاث العلمية فى مجال الإعلام تجرم عرض مواد إعلامية عن الجنس، فمن يتعرض لهذه الموضوعات يخرق إن كانت صحيحة مواثيق الشرف، ويجرم فى حق المشاهد، فما بالنا وأن ماتم تقديمه خادش للحياء وأيضا غير صحيح، ومعلوماته مغلوطة، وتضر بالمجتمع وسمعة البلاد فى وقت حرج للغاية، وما حدث أخيرا فى برنامج "المستخبى" أضر البلد، وأضر أيضا بالقناة، لأن الناشر يتحمل كما الإعلامية مسئولية ماتم عرضه من محتوى، وهناك تعويضات محتملة للضحايا الذين تم تدمير سمعتهم والتشهير بهم، وأرجو أن يكون ماحدث حافزا للتعجيل بتشكيل المجلس الأعلى للإعلام، وظهور ميثاق الشرف الإعلامى للقنوات، وأن يعى المذيعون خطورة مايقدمونه من محتوى، ويراعوا المعايير الدولية فى التأكد من الخبر أو المادة قبل بثها. ويقول د.صفوت العالم أستاذ الإعلام: لايمكن للإعلام أن يكون بديلا للجهات الأمنية أو القضائية، وليس للإعلامى الحق فى توجيه التهم حتى لو كان هناك أفراد قائمون بفعل ما موضع اتهام، فليس من سلطة الإعلام أن يكون جهة تحريات على المجتمع، ولكن من حقه أن ينتقد الظواهر المعيبة ويشرحها للجمهور بأسلوب حميد، بعيدا عن التشهير والخروج عن الآداب العامة، ودون أن ينتهك خصوصية المواطنين، وإلا لحمل الإعلاميون الضبطية القضائية وأصبح المجتمع فوضويا، وماحدث فى برنامج "المستخبى" يجب أن يكون درسا مفيدا للإعلاميين بألا يتجاوزوا أدوارهم لحد يصل إلى اتهام مواطن أو التشهير به وتقمص شخصية المؤسسات الشرطية والقضائية فى الضبط والتحريات.
ويقول الخبير الإعلامى ياسر عبد العزيز : أخبار الجرائم والحوادث من الأخبار التى تجذب الجمهور نظرا لطبيعتها، وهناك قواعد إعلامية يجب أن تتبع عند مناقشتها، أولاها أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، كما لايحق للإعلامى أن ينتهك حرمة الحياة الشخصية للأفراد حتى إن كانوا محل اتهام، خلاف ذلك هو مخالفة مهنية صريحة كما حدث فى برنامج "المستخبى" ، والرغبة فى الحصول على الشهرة وإحداث فرقعة إعلامية يجب ألاتضر المجتمع أو أفراده .