لماذا تصر هوليوود علي تشويه صورة العربي في عيون الشعب الأمريكي؟ بالقطع لا يمكننا فصل هوليوود عن بقية الأدوات التي تتحكم في عقلية الرأي العام الأمريكي، ومنها المحطات الإذاعية، والتلفزة، والصحف، والمنتديات الفكرية، عطفا علي مراكز الأبحاث، لماذا العودة الآن إلي الحديث عن هوليوود وصورة المواطن العربي؟ قبل الجواب ربما يتحتم علينا أن نسترجع ما قاله المؤرخ الأمريكي الذي يطلق عليه مؤرخ الشعب هوارد زين ضمن سطور كتابه التاريخي قصص لا ترويها هوليوود مطلقا، إذ يكتب لقد شاهدنا أفلاما عن كريستوفر كولومبس، ولكنني لا أذكر أي فيلم كشف صورة كولومبس الحقيقية، ماذا عن تلك الصورة؟ انه رجل تحكمه الأخلاق المتوحشة يعمل علي قتل الناس من أجل الذهب . تعيد هوليوود إنتاج التاريخ بروايات تعزز من كراهية الأمريكيين للعرب والمسلمين.. هل أتاك حديث دراكولا الذي لم يسمع به أحد Dracula untold.؟ الفيلم لا يخلو من دلالات سياسية سلبية، تسترجع من أوروبا القديمة وعصورها الوسطي، صورة المسلمين، والصراع الذي حدث مع الإمبراطورية العثمانية، ولهذا فإن إعادة إحياء تلك الذكريات اليوم، أمر لا يخلو من إسقاطات سياسية سيئة.في هذا الفيلم نري دراكولا يحارب ضد جيوش السلطان العثماني محمد الثاني، مع استخدام عريض في الحوارات لمصطلح الترك وهذا أمر مفهوم لدي صناع الأفلام العالمية، إذ يجذب انتباه المشاهدين إلي فكرة ارتباط العقيدة الإسلامية بقبيلة أو جماعة بشرية بعينها وربطها بالقوي الأجنبية التي كانت تمثل العدو المشترك. هل هناك في أمريكا من يعمل علي إذكاء نيران الكراهية عبر استخدام شاشات هوليوود وتسخيرها لهذا الغرض؟ يحدثنا الراحل الكبير الدكتور ادوارد سعيد في كتابه تأملات في المنفي ومقالات أخري، أن: اليمين في أمريكا، ومؤسسات الفكر والرأي التابعة للمحافظين الجدد، وصناع السياسات في واشنطن، يخفون الحقائق التاريخية والسياسية، مثل الطموحات الإمبريالية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط عن طريق تصوير الحرب علي الإرهاب، بأنها صراع الحضارات، الذي يعتبر المرحلة الأخيرة في تطور النزاع في العالم الحديث... هل هذا ما رأيناه في فيلم دراكولا؟ الواقع أن ذلك كذلك بالفعل، فصناع هذا الفيلم بنوع خاص، قد استغلوا أسوأ استغلال حالة الفوضي والإرهاب في الشرق الأوسط، ، وتوقفوا بشكل خاص عند داعش، وممارساتها الدموية الوحشية، البعيدة كل البعد عن الإسلام الحقيقي السمح المعتدل. في فيلم دراكولا نري تكتيكات سينمائية في الحروب تؤصل لفكرة وحشية المسلمين، حيث يقوم جيش محمد الثاني، السلطان العثماني بأعمال مشابهة لما تقوم به القاعدة وداعش اليوم، من قتل عشوائي للرجال وذبح للأطفال، واغتصاب للنساء من الأعداء. هل أفسدت هوليوود من قبل صورة العرب وها هي تمضي من جديد في نفس الطريق؟ الجواب نجده عند البروفيسور جاك شاهين أفضل من أخرج فيلما وثائقيا في هذا الإطار، وقد كان عنوانه كيف يبدو العرب: كيف تشوه هوليوود الناس، وفيه يوضح كيف أفسدت أو عالجت هوليوود صورة العرب في السينما والتليفزيون. فالعرب، هم ضحايا ما يسمي متلازمة، أل B الثلاثة، حيث يتم تصويرهم علي أنهم مفجرون ، وراقصات ومليارديرات . والأهم من ذلك هو صورة البندقية في يد العرب الإرهابيين كما يشرح الفيلم الدوافع وراء نشر هذه الصور النمطية عن العرب، وتنميتها في الوعي الأمريكي، ولماذا يعتبر ذلك من المهم جدا اليوم... هل من مشهد بعينه في فيلم دراكولا يرسخ صورة العربي والمسلم الإرهابي بالفعل؟ ضمن مشاهد الفيلم هناك مشهد يصور السلطان محمد الثاني وهو يستخدم ختما من الدم، وهو المشهد قبل الأخير، مع ما للدم من دلالة تاريخية تتصل بالتوحش والدموية، والرغبة في إيذاء الإنسانية، وفي المشهد النهائي يظهر إبهام السلطان علي المرسوم الإمبراطوري، جنبا إلي جنب مع ختم يحمل اسم الله في الكتابة العربية، ليوحي بأن قسوة السلطان كانت تمثل إرادة الله الذي يعبده المسلمون. ولعل السؤال الواجب طرحه، هل مثل هذه الأعمال الفنية المغشوشة لها تأثير بالفعل علي عقلية المشاهد الأمريكي العادي غير المؤدلج، وليس سرا أن النسبة الغالبة من الأمريكيين رقيقو الحال فكريا ولا دالة لهم علي الثقافة الرصينة أو الفكر العميق ؟ الثابت أنه أقل من 4% من الأمريكيين يسافرون إلي الخارج، وعليه فإن غالبية الأمريكيين شكلوا ويشكلون آراءهم حول الشرق الأوسط علي أساس الدعاية التي يعمل علي نشرها الجناح اليميني، والمحافظون الجدد، ومؤسسات الفكر والرأي، المؤيدة لإسرائيل، وهوليوود، أو مزيج من الاثنين معا، حيث تتيح هذه الآراء مساحات لصناع السياسة الأمريكية للمضي فيما يسمي الحرب علي الإرهاب، نيابة عن أولئك الذين يمولون الحملات الانتخابية لصانعي السياسات في الولاياتالمتحدة، مثل شركات الأسلحة، والمقاولون العسكريون، وشركات النفط، واللوبي الإسرائيلي. هل سيكون فيلم دراكولا الأخير ضمن سلسلة أفلام هوليوود التي تصور تاريخ العرب والمسلمين، والشخصيات التاريخية العربية والإسلامية بشكل مغلوط والشخصيات بنية مبيتة، مع سبق القصد والترصد؟ حينما تظهر تلك الأفلام السلطان المسلم بشكل الرجل الدموي والطاغية المختل نفسيا، في حين يظهر دراكولا في هيئة البطل التراجيدي، فإن هذا يدلل علي أن هوليوود سادرة في غيها، ويبقي السؤال ما الذي يمكن للسينما العربية أن تقدمه في مواجهة هذه الهجمة الهوليودية غير المبررة، إلا بنوايا الكارهين والحاقدين تاريخيا علي العرب والمسلمين؟. لمزيد من مقالات اميل أمين