أقيم مؤخرا أسبوع سينما أحمد فؤاد درويش التشكيلية بمركز الجيزة للفنون و سوف يواصل خلال الشهر المقبل عرض مجموعة من أفلامه الخاصة بفنون العمارة ، كما سيتم يوم 15 فبراير المقبل عرض 9 أفلام لأول مرة من فرعونيات درويش. يمثل درويش حالة خاصة فى السينما المصرية فهو رائد من مبدعى الجيل الثالث فى سينما الجماليات. يؤكد درويش سعادته بإقامة أسبوع عن افلامه التشكيلية حيث أسهم هذا فى خروج تلك الأعمال للناس بعد سنوات طويلة رفض خلالها التعاون مع وزارة الثقافة بسبب البيروقراطية السابقة فى التعامل. ويضيف درويش أن السينما الوثائقية المصرية لها أربعة اتجاهات كبرى فى رأيه : رائد الجيل الأول المخرج المؤسس سعد نديم ، ورائد الجيل الثانى المخرج شادى عبد السلام ومن أهم مخرجى الجيل الثالث داود عبد السيد وخيرى بشارة وعلى بدرخان ، أما مخرجو الجيل الرابع فيبرز منهم محمد شعبان وجمال قاسم وآخرون وشدد درويش على أن هناك فرقا بين الفيلم التسجيلى والوثائقى حيث إنه ليس كل ما هو تسجيلى وثائقيا لأن الفيلم الوثائقى هو تقديم موضوع من الواقع برؤية فنية إبداعية فى حين أن الفيلم التسجيلى مجرد فيلم إخبارى أو تقديم موضوع من الواقع دون وجهة نظر تنحاز للإنسان. أما بالنسبة للسينما الوثائقية فيوجد داخلها نوع يسمى سينما الفنون التشكيلية وهى أكثرها تعقيدا وأكثرها إبداعا إذا توافر للمخرج حس بالأعمال التشكيلية التى يقدمها وإذا توافر للمخرج حرفية سينمائية غير عادية وإذا توافر له أيضا رؤية تقدمية ذات طابع إنسانى. وتحدث قائلا: قدمت أفلام فنون تشكيلية بالإضافة إلى فرعونيات درويش وهى عبارة عن 30 فيلما وثائقيا ذات طابع جمالى تقدم الحياة اليومية فى مصر القديمة من جميع النواحى بمعنى االصيد والرقص والرياضة وتصفيف الشعر - البيطرة والطب والهندسة والكيمياء وبالإضافة للمهن والحرف والصناعات، ويعتبر هذا المشروع طبقا لتقدير إدارة الثقافة بمنظمة اليونسكو بباريس هو من أهم المشروعات التى أنتجها ووثقها وكتبها وأخرجها فرد واحد، كما تم الاحتفال بفرعونيات درويش داخل مقر المتحف البريطانى بلندن لمدة أسبوع فى أكتوبر عام 2008 وأوضح درويش أن سينما الفنون التشكيلية هى أعقد نوعيات السينما على الإطلاق لأن اللوحة التشكيلية ساكنة حتى وإن كان بداخلها حركة، أما السينما فإن خاصية التعبير الجمالى فيها هى الحركة سواء داخل اللقطة الواحدة أو من خلال اللقطتين، ولذلك فالتعبير فى السينما هو العكس تماما من التعبير الساكن بالتكوين والألوان فى الفنون التشكيلية، وهنا مكمن التحدى لمخرج السينما وهو أن يحيل السكون التشكيلى إلى حركة سينمائية، وقد عرضنا فى هذا الأسبوع 6 أعمال فقط من أعمالى ،وذلك بناء على طلب من قطاع الفنون التشكيلية وبالنسبة لفيلم أوغندا الذى تم عرضه خلال فعاليات هذا الأسبوع فقد قمت عام 2013 بالسفر إلى هناك وقمت بالذهاب لبحيرة فيكتوريا باعتبارها أحد منابع النيل وقمت باختيار مجموعة من اللوحات رسمتها الفنانة التشكيلية زينب عبد العزيز التى كانت قد سبقتنى فى السفر لأوغندا ورسمت 28 لوحة تظهر جمال الطبيعة هناك ، فقمت بالمزج بين لقطات حية وبين هذه اللوحات حيث ان هذا العمل يقوم على أسس الترابط بين دول حوض النيل وكشف درويش عن أول أفلامه «الوثائقية» وجوه فى القدس قائلا هو فيلم فنون تشكيلية قدمته فور تخرجى فى أكاديمية الفنون وأنجزته عام 69 وكانت مصر والأردن وسوريا وفلسطين لها أراض تحت يد العدوان الإسرائيلى بعد هزيمة 67 حتى أن جولدا مائير رئيسه وزراء إسرائيل قالت إنه لا يوجد شىء اسمه الشعب الفلسطينى ، وكان لابد أن نرد على صعيد الثقافة والفنون لأننا مهزومون عسكريا، ففكرت عام 69 فى جمع أعمال فنانين تشكيليين فلسطينيى المولد وتقديم أعمالهم باعتبار أن الوجود على صعيد الثقافة أكثر عمقا من الوجود السياسى والعسكرى، وقمت بجمع أعمال النحات العالمى الفلسطينى مصطفى الحلاج ورسومات الرسام إسماعيل شموط وإخترت أيضا فنانة فلسطينية أخرى هى تمام الأكحل حتى يدرك العالم مدى تحضر المرأة الفلسطينية ، وأنجزت هذا الفيلم فى 14 دقيقة فقط، وكان فيلما بالموسيقى فقط بدون كلمة ورغم أن الموضوع رسومات ذات بعد سياسى، فإن الفيلم فى النهاية أصبح علاقات جمالية ما بين السينما والحفر والنحت والرسم وصوت البيانو فقط الذى عزفته مارسيل متى وألف الموسيقى جمال عبد الرحيم ، كما اخترت مصورا جديدا أنذاك يكبرنى فى العمر هو على الغزولى وهكذا شكل هذا الفيلم أساس المدرسة الجمالية فى السينما المصرية، وسار على نهجه أجيال معاصرة لدرويش وأجيال قبله واجيال بعده. ويجب أن نذكر أن وجوه فى القدسب وجد فى مكتبة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يوم وفاته وكان قد أهداه إليه العلامة ثروت عكاشة الذى كان يشغل منصب وزير الثقافة فى ذلك الوقت وأكد درويش أن الأفلام التسجيلية مظلومة ولا تأخذ حقها من العرض مشيرا إلى أن ثروت عكاشة ومن بعده يوسف السباعى أصدرا أمرا وزاريا بضرورة عرض فيلم تسجيلى قبل عرض الفيلم الروائى فى اى دار سينمائية لكن حدث تراجع عن الاهتمام بالسينما أيام مبارك وقد شمل هذا التراجع كل شىء وكان مما شمله انحسار صناعة السينما الروائية والغياب الكامل للدولة عن دعم السينما الوثائقية رغم وجود المركز القومى للسينما، وكانت المبادرات الفردية للتلمسانى اخوان وفرعون فيلم هى محور النشاط الوثائقى خلال ال 30 سنة الاخيرة وحتى ظهور السينما المستقلة.