يحتل رغيف الخبز أو "لقمة العيش "بالمعنى الدارج مكان الصدارة بلا منافس فى قائمة أولويات المواطن أيا كان انتماؤه الطبقى ..فهى تمثل أول أبجديات الحياة بالنسبة له التى لامجال للتفاوض حولها ,ومن أجلها قد تقوم الثورات وتتعاقب الحكومات. ويبقى الأمل معقودا لدينا فى منظومة الخبز الجديدة التى بدأ تطبيقها فى عدة محافظات ,عايشنا التجربة وتطبيقها على أرض الواقع فى محافظتى الدقهليةوالشرقية، ورصدنا عن قرب كل أوجه المعاناة التى يصطدم بها المواطن ،وأبرزها وزن الرغيف وجودته.. وبالفعل حملنا حقيبة الشكاوى وتوجهنا بها إلى المحافظين ووزارة التموين باعتبارها المسئول الأول عن رغيف الخبز, ليتضح لنا أن كلا الطرفين يعزف لحنا منفردا بعيدا عن الآخر! التفاصيل تكشفها السطور التالية .. معاناة الغلابة.. عرض مستمر رغيف العيش.... الضيف الأول وربما الأهم على كل الموائد المصرية رغم اختلاف المستويات الاجتماعية والتى تحدد حاجة كل أسرة منه ولكنه فى النهاية مطلوب للجميع, ولكن بالنسبة للفقير هو أساس الطعام اليومى فمنهم من يتناوله بمفرده بلا طعام وهؤلاء كثيرون وربما يمثلون الغالبية العظمى من المصريين وما يؤكد هذا هو الزحام المستمر أمام المخابز رغم كل الأنظمة التى تطل علينا باستمرار من الحكومات المتعاقبة فتارة يتحدثون عن فصل الإنتاج عن التوزيع وتارة يمنون المصريين بمنظومة لن تحرم أحدا من رغيف الخبز فيما يعرف بمنظومة الخبز الجديدة التى اعتقدت مثل غيرى أنها ستحل المشكلة ولكن بعد عدة جولات فى محافظات طبقت المنظومة مثل القاهرةوالدقهليةوالشرقية اكتشفت أن عذاب المواطن تضاعف ليحصل على هذا الغائب الحاضر وهو رغيف الخبز. ولنقف على حقيقة الوضع كانت البداية بفرن بلدى باحدى القرى المصرية أما الزمان ففى الرابعة صباحا وقبل أن نتجه إلى المخبز اعتقدنا أن هذا التوقيت مبكرا جدا لنفاجأ بان هذه الوجوه السمراء البسيطة جلست منذ الثانية صباحا تنتظر رغيف الخبز لأن من يحضر أولا يحصل على حقه ومن يتأخر لا يحصل عليه, لدرجة تجعل الجميع يحصلون على الكمية المقررة لثلاثة أيام متتالية ويأكله باردا حتى لا يعود إلى هذه السهرة المؤلمة فى جنح الظلام يوميا . سيدة على محمد الفلاحة البسيطة أمسكت يدى بيدها الأشبه بقطع الثلج من شدة برودتها مشيرة إلى المدافن التى تسير منها كل يوم فى هذا الظلام الدامس فى الواحدة صباحا متجهة إلى المخبز لتتسلم بطاقتها وتجلس لتنتظر الإنتاج الذى لم يكن قد خرج إلا بعد أن دقت الساعة الخامسة ليبدأ التوزيع مؤكدة أنه بعد السابعة لا يوجد خبز والكلمة التى نسمعها" الماكينة شطبت" ليعود من يأتى متأخرا بلا خبز . أما على صلاح موظف فأكد أن الانتظار ليس هو كل المشكلة فالرغيف يخرج فى منتهى السوء والوزن من 80 إلى 90 جراما رغم أنهم أعلنوا أن الوزن 110 جرامات ,ناهيك عن سوء حالة الرغيف فيما يعرف بالمواصفات والتى لا يوجد لها عقوبة فى المنظومة الجديدة كما يؤكد أصحاب الأفران قائلين لنا (اشتكونا) ..ولكن فى النهاية نمتثل إليهم لأنه لا بديل وإذا ذهبنا للمسئولين يقولون اتركوا هذا المخبز واشتروا من غيره ... كيف وجميع المخابز تنتهج نفس النهج؟ وهنا يقاطعه علاء السيد موظف مؤكدا أن أصحاب المخابز يخرجون الخبز أقل وزنا ليوفروا الدقيق ويتم خبزه وبعد انتهاء حصة الماكينة يقومون ببيع الثلاثة أرغفة بجنيه قلاتجد مفتش تموين واحدا يراقب هذه المنظومة وهم لا يأتون إلا ليأخذوا خبز صنع خصيصا لهم. أستغلال الجهل صرخات الحاجة فهيمة التى جاءت تأخذ حصة سبعة أفراد تقطع الحديث لتجد البطاقة تقول أنها حصلت بالأمس على حصة الثلاثة أيام فى حين أنها لم تشتر بالفعل سوى حصة يوم واحد حيث أخبرها القائم بصرف الخبز أن هذه هى الكمية المتاحة وامتثلت لتأتى فى صباح اليوم التالى ليبلغها بأنها حصلت على خبز ثلاثة أيام !وأخذت تصرخ مؤكدة أنها لا تذهب لأى مخبز آخر وهذا المخبز هو الوحيد الذى تتعامل معه ليخرج صاحب المخبز بعد تدخلنا ويستعمل ما يسمى بالكارت الذهبى ويعطيها ما طلبت من خبز رحمة بسنها على حد تعبير صاحب المخبز, ليتدخل حفيدها خالد سعد طالب جامعى مؤكدا أن معظم أصحاب المخابز يستغلون جهل الكثيرين وعدم قدرتهم على قراءة الورقة التى تخرجها ماكينة التسجيل. وبالنسبة للزحام الذى اعتقدت فى البداية انه غير مبرر على بعض المخابز فقد شرحت أميرة محمد – ربة منزل سببه مؤكدة أن نزوح أهل الريف من القرى لشراء الخبز من المدينة هو سبب الزحام فى بعض الأفران وهو المبرر أيضا لعدم وجود زحام فى أفران القرية التى تصنع رغيف خبز سيئ للأهالى لينصرفوا عنها وتقوم ببيعه إلى المطاعم بنصف جنيه للرغيف .. وبذلك يحقق مكسبا أكثر أما هذا المخبز فالزحام والتكدس كان له سببا آخر.. فقد رفعت السيدات بطاقات ورقية مختومة من إدارة التموين لإثبات المواليد الذين زاد عمرهم عن ثلاث سنوات حيث إن المخابز ترفض استقبالهم ويتنقلون بين مخبز وآخر دون جدوى رغم أن كل مخبز به كارت ذهبى يتجاوز قوته ال1300 رغيف اعد خصيصا لمثل هذا الغرض حيث تقول علية إمام ربة منزل إنها تأخذ 15 رغيفا لستة أفراد فى أسرتها لان بطاقتها غير مسجل بها سوى ثلاثة فقط وفى المنظومة الجديدة لكل فرد خمسة أرغفة ومعها بطاقة ورقية بالثلاثة الباقين ولا تريد المخابز الاعتراف بها , وتتساءل لماذا لا تفرض إدارة التموين عددا معينا من البطاقات على كل مخبز بدلا من أن تقذفنا هكذا بين المخابز! بطاقات ذكية مؤقتة وهنا يقاطعها صاحب المخبز الذى رفض ذكر اسمه مشيرا إلى أن البطاقة الورقية تحتاج مجهودا وعناء حيث انه لابد من أثباتها فى الدفتر ويتم توقيع الشخص المستفيد بنفسه عليها ويتم هذا للآلاف بشكل يومى .. ونحن لا نتهرب من المشكلة ولكن نطالب بإخراج بطاقات ذكية مؤقتة لصرف الخبز للمواطنين لحين إضافتهم على البطاقة التموينية ليتم تسجيلها مباشرة على الماكينة. وأضاف أن هناك مشكلة أخرى تواجهنا إذا سقط النظام الخاص بالماكينة فيما يعرف ب (وقوع السيستم ) نجد أنفسنا مقيدين ولا أدرى لماذا لا يتم إصلاحه سريعا بل نجد أنفسنا مضطرين للانتظار منذ الساعة 6صباحا مثلا حتى يستيقظ الموظفين ويصلحوها فى التاسعة وربما العاشرة صباحا لتجد الزحام وصل لذروته نتيجة لتكدس الأهالى فى انتظار الخبز وإصلاح الماكينة, ونفس الزحام يتكرر يوم السوق لأن الناس تجدها فرصة للحصول على خبز جيد من المدينة حيث توجد الرقابة علينا و تغيب تماما عن القرى والنجوع والزحام خير دليل على ذلك. أما الحاج احمد عفيفى –صاحب مخبز يقول أن رصيد الماكينة محدد ب1200 رغيف للجوال والجوال يمكن أن يخرج أكثر من هذا فلماذا لا يتم رفع إنتاج الجوال من 1200 إلى 1300 رغيف مما سيوفر الخبز للمواطن ويوفر أموالا على الدولة ؟ كما اعترض على وزن جوال الدقيق الذى يأتى ناقصا أى ما بين 48 إلى 49 بدلا من 50 كيلو.. كما أن أجور العمال فى المنظومة الجديدة زادت بدرجة قد تصل للضعف فالفران يحصل على 13 جنيها فى الجوال للمنظومة الجديدة بدلا من 7 للقديم والخراط مثله والعجان يحصل على 6 جنيهات للجوال بدلا من 3 ونصف وعامل الترحيل 5 جنيهات للجوال بدلا من 3 وباقى العمالة مثله, وهذه الزيادة ترجع إلى طول المدة التى تتم فيها صناعة الخبز طبقا للمنظومة الجديدة .