لا يمكن لأى متابع للتطورات العراقية أن يغفل الدور الذى قام ويقوم به المرجع الشيعى الأعلى فى العراق السيد على السيستانى ، وهو الدور الذى كان فاصلا وحاسما فى العديد من الاشكاليات والأزمات العراقية المتلاحقة دور السيد السيستانى كان ومازال متواصلا منذ عهد الرئيس العراقى الراحل صدام حسين حتى الان ،والجميع يعرف مواقفه ويدركها جيدا ، والتى كان آخرها العزوف عن لقاء رئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى، واى مسئول حكومى فى حكومته، لانه كان مع عدم التجديد له لولاية ثالثة بسبب اخفاقاته فى جميع المجالات، وعلى رأسها الفساد المالى والادارى ،وجاءت أحداث الموصل، وظهور تنظيم «داعش» الارهابى وتوحشه ليعلن السيد السيستانى موقفه بالرفض للمالكى، ومع التهديدات المباشرة من «داعش» لبغداد وإعلانه بعد سقوط الموصل فى يونيو الماضى عن نيته التوجهه الى كربلاء والنجف بعد بغداد ، لم يجد المرجع الدينى الا إعلان الجهاد الكفائى للدفاع عن المقدسات الشيعية وبغداد ، دعوه السيد السيستانى كان لها ما يبررها وقتها ،وتجسدت فيما بعد بقيام " داعش" بتفجير ونسف المراقد جميعها، سنية كانت، ام شيعية فى المناطق التى استولى عليها فى نينوى، حيث فجر معلما دينيا وتارخيا هو مسجد مرقد نبى الله يونس وغيره من المراقد فى صلاح الدين وديالى والانبار ، إضافة الى الجرائم التى ارتكبها ضد الجميع بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم ،والآن ومع حكومة العبادى، ومع بدء تهاوى "داعش" فى ظل التحالف الدولى والداخلى ، فان دور السيد على السيستانى كما هى العادة هو المطلوب لوقف الكثير من الجرائم التى ترتكب باسم "الحشد الشعبى " وفتوى الجهاد الكفائى الذى اصبح بعد الكثير من الجرائم كلمة حق تستخدم للتهجير والقتل، حيث اصبح عدد المهاجرين داخل العراق اكثر من مليونين، اما القتلى فلا توجد أرقام دقيقة لحصرهم رغم ضخامة عددهم ، إن الجميع داخل العراق وخارجه يدركون ان التطرف والممارسات الطائفية كانت هى السبب وراء ظهور "داعش " فى المناطق العربية السنية، بعد ان تم القضاء على القاعدة من قبل أبناء تلك المناطق ،إما ان تستمر هذه الممارسات فى هذه المناطق بعد طرد هذا التنظيم الارهابى فتلك هى الكارثة بعينها ، خاصة ان الميليشيات التى ارتدت الزى العسكرى تلبية لفتوى المرجعية ارتكبت من الجرائم ما يندى له جبين الانسانية فى الكثير من المناطق ،وآخرها ما حدث فى جرف الصخر ومناطق (دويليبة والرفوش وقسم من منطقة المحاسنة والسعدان، ومنطقة صدر اليوسفية) فى قضاء (أبى غريب) غرب بغداد، وفى قضاء (بيجي) بمحافظة صلاح الدين، وناحيتى (جلولاء والسعدية) بمحافظة ديالى، حيث قامت العناصر المنحرفة بحرق وتدمير كلى أو جزئى ل20 مسجدا، هى : (جامع أبى حنيفة، ومحمد رسول الله، ورياض الصالحين، والمستقيم، والتواب الرحيم، والشهيد الكروي) فى ناحية جلولاء، و(جامع النقشبندى الجديد، والنقشبندى القديم، ومحمود باشا الجاف، وأم سلمة، والمهيمن، وخديجة الكبرى) فى ناحية السعدية، و (جامع الفتاح، والصمد، والرفاعي، والنور، والمصطفى، والطعمة، وسيد أحمد) فى قضاء بيجى بمحافظة صلاح الدين ،وغيرها من الجرائم فى حزام بغداد وبابل . هذه الجرائم وعمليات حرق وتفجير المنازل والقتل العشوائى الجماعى الانتقامى لابد من وقفها ،وأن تعلن المرجعية موقفها الواضح منها بإصدار فتوى جديدة توقف نزيف الدم وتنزع الغطاء عن هذه الميليشيات وتعيد الامر للدولة ، إن الجميع يدرك ويعى الجرائم التى ارتكبها " داعش " بحق الجميع ، الا أن ذلك ليس مبررا لان تكرر نفس الجرائم، ويظل العراق يدور فى حلقة تنتهى من الانتقام ، بل إن استمرار تلك النتائج سيعنى بالنهاية تقوية الارهاب ايا كان اسمه ،وسيزيد من حالة عدم الثقة بين المكونات العراقية ، التى لم يكن يتصور أحد أنها سيتعين بالقوات الامريكية، بدلا من القوات العراقية لقصف "داعش"، هذه الامور للاسف هناك من يعمل على تصعيدها فى العديد من المواقع التى مازال يستحوذ عليها أنصار المالكى فى الكثير من مؤسسات واجهزة الدولة العراقية ، بل ان هناك من يذهب الى ان ما يحدث هو لإسقاط العبادى داخليا وخارجيا، وتمتد المخاوف الى حياة العبادى نفسه ، خاصة انه اتخذ الكثير من الخطوات والاجراءات التى حجمت مراكز المالكى فى الاجهزة الامنية، وعلى رأسها وزارة الدفاع ،والداخلية ... إن المسئولية الملقاة على عاتق العبادى كبيرة وجسيمة والرهان عليه عراقيا وإقليما عال جدا فى ان ينجح فى لجم التطرف ايا كان مصدره ، خاصة ان الامور لا تحتمل اى تسويف او تراخ ، والجميع يتابع ما يحدث على الارض التى تركها المالكى محروقة اجتماعيا وانسانيا واقتصاديا، وهو الامر الذى دفع ايران الحليف والداعم والراعى الاول للمالكى الى تحميله المسئولية، ففى تصريح هو الاول من نوعه ولم يصدر من اى مسئول عراقى، اتهم مستشار وزارة الخارجية الإيرانية، محمد على سبحاني، المالكي، باتباع سياسات طائفية خلال فترة رئاسته للحكومة، ما أدى إلى تشكيل حاضنة لتنظيم «داعش»،وأضاف سبحانى أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى يشهدها العراق، بالاضافة إلى السياسات المذهبية التى اتبعها المالكى أدت إلى تشكيل قاعدة شعبية لظهور داعش فى المنطقة،وأن داعش استفادت من ضعف سلطة الدولة للظهور فى العراق، مضيفاً أنه «لولا سياسة حكومة المالكى الإقصائية ضد السنة فى البلاد، لما وَجَدَ التنظيم حاضنة شعبية له بين أهل السُنّة»، مستذكراً سيطرة تنظيم داعش على مدينة كبيرة، كالموصل ومناطق واسعة فى فترة قصيرة، وأرجع سبب ذلك للمظالم التى تعرض لها أهل السُنّة، وتحولهم إلى دعم داعش.... التصريح الايرانى لا يعنى أن ايران التى شاركت وتشارك بقوات فى العراق ليست على علم بما دار ويدور فى العراق، لانها صانعة له ،وفاعلة فيه بقدر ما هو رفع للغطاء عن المالكى الذى يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، او تلويح بذلك كى يتوقف عن ممارساته لأن ادارة الامور اختلفت ،او فى طريقها لذلك ،رغم ان طهران وقائد فيلق القدسالايرانى شارك ويشارك فى المعارك التى تدور فى العراق تحت شعار قتال "داعش"،وهى إشارة واستجابة فى ملف ضمن الملفات العربية الكثيرة التى أصبحت لايران اليد الطولى فيها ضمن سلة التفاوض الامريكى الايرانى فى الملف النووى ... على اى الاحوال يبقى الملف العراقى بتعقيداته الداخلية وتشابكه الاقليمى مفتوحا ، الا ان هناك الكثير من الرسائل التى لابد ان ترسل للداخل قبل الخارج لتبدأ بلاد الرافدين طريقها الى الاستقرار، وأولى هذه الرسائل هى تقوية مؤسسات الدولة ،واعتماد المواطنة، ووقف عمليات القتل والاقتتال باسم الدين والمذاهب التى جعلت لتسهيل وتيسيرعبادة الله على البشر،لا أن تستخدم كسيف لقطع رقابهم من مختلفين اتفقوا على شئ واحد هو قتل العراقيين الابرياء، وهو الامر الذى لابد ان تتصدى له مرجعية النجف الاشرف، وعلى رأسها السيد السيستانى، لان التجربة برمتها شاء من شاء، او أبى من ابى محسوبة على الشيعة بغض النظر عن توجهاتهم السياسية وتحالفاتهم الخارجية .