نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    تراجع أسعار العقود الآجلة للنفط مع جهود الوصول لهدنة بين إسرائيل وحماس    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    «السجيني» و«رحمي» يعرضان خُطتهما في الرقابة والسيطرة علي الأسواق بالغربية    حملة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: حملتنا نجحت في تخفيض الأسعار    واشنطن: 5 وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    ولي العهد السعودي وبلينكن يبحثان التطورات في قطاع غزة    وفد حماس يغادر القاهرة.. وهذا مصير الهدنة مع إسرائيل    زيلينسكي: الأسلحة الأمريكية الحيوية بدأت في الوصول إلى أوكرانيا بكميات صغيرة    عبدالجليل: كهربا لن يشارك أساسيًا مع الأهلي.. وسامسون لا يصلح للزمالك    جوميز يرحب برحيل أشرف روقا.. وأوباما يطلب المساواة مع شيكابالا للتجديد.. تفاصيل    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024| إنفوجراف    حازم إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية.. ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    حملات تفتيشية مفاجئة على المخابز والمطاعم بالغربية    السجن 10 سنوات لمسن هتك عرض طفلة في بني سويف    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    نقيب الممثلين يترأس لجنة الحكم ومناقشة لرسالة دكتوراه بجامعة المنصورة    رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم يشهد الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    ما هو مصير من حصلوا على لقاح أسترازينيكا؟.. المصل واللقاح توضح    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    «جامعة القناة» تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    كوافيرة لمدة 20 سنة حتى الوصول لمديرة إقليمية بأمازون.. شيرين بدر تكشف التفاصيل    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    ندى ثابت: مركز البيانات والحوسبة يعزز جهود الدولة في التحول الرقمي    موسم مبشر.. حصاد 14280 فدان بصل بالوادي الجديد (صور)    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    "قارئ شفاه" يكشف ما قاله صلاح لكلوب خلال اشتباكهما بمباراة وست هام.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تراجع مبيعات هواتف أيفون فى الولايات المتحدة ل33% من جميع الهواتف الذكية    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحل السحرى للقضاء على داعش
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 11 - 2014

لأنه صاحب رؤية حدسية وعزم لا يلين على تفكيك بنية الأصولية فى العالم العربى على وجه الخصوص، ولإيمانه الشديد بأن الصدام الدائر باسم الإرهاب بين مختلف طوائفه هو صدام جهالات لا حضارات ..
ولإسهامه لأكثر من نصف قرن فى إثراء الحياة الفكرية والفلسفية بالقيم التنويرية والتحذير المستمر من ظلال المسميات والمصطلحات، ونظراً لأننا نجابه إرهاباً كثيراً ما تصدى لجذوره الأصولية بالحل الأمثل وهو العلمانية .. والتى لا تعنى بالنسبة له هذا الفصل الساذج بين الدين والدولة كما تتراءى للأكثرية ولكنها أسلوب تفكير ونمط حياة..
ذهبت استطلع أسلحة د. مراد وهبة الفكرية لمواجهة إرهاب مستحدث ليس لديه ما يخشى عليه من الخسارة .. أصحاب قلوب متحجرة .. فقدت الإحساس بكل مباهج الحياة .. فالفلسفة ليست أحلاما أو خيالات .. ولكن كل الأحداث الكبرى كانت أفكاراً مجردة .. لن تمنحنا الفلسفة يقيناً .. لكنها لن تتوقف عن تجاوز المشكلات وإعادة صياغتها بصورة أكثر وضوحاً.. عن أثر الفلسفة فى تكوين وتغيير الذهنية وتنمية القدرة على التجريد للكشف عن الحقائق ورد الظواهر إلى أصولها .. فلسفة القرن الحادى والعشرين قد لا تعطينا مذهبا ولكنها حتما ستخبرنا بأسس حل المشكلة لأنها اعتادت أن تنبش الجذور.
وفى دقائق قليلة اقتحم المفكر الكبير د. مراد وهبة معقل داعش فى سوريا والعراق فكريا،ً وبدأ بوصف أسباب ظهورهم نتيجة انتشار الفوضى والتشرد الفكرى بين الصغار والكبار .. فرأى أنه لا توجد بوصلة فكرية ويوجد فراغ مغر بالإملاء .. فأقدمت على ذلك باصطناع بطولات، ولأنهم أكثر ذكاء من القاعدة وأكثر تنوعاً وتحديداً لرسائلهم الإعلامية فقد استطاعوا حشد مقاتلين أصوليين من كل دول العالم، بعضهم نشأ فى الغرب وتحول إلى الإسلام، وهكذا أصبح العالم أجمع يعش فى «سجن الإرهاب» فالشرق الأوسط كما ذكرت فى مؤتمر كوبنهاجن محكوم بأصوليات يهودية ومسيحية وإسلامية، واقترحت تأسيس تيارعلمانى .. فى الحال هاجمنى أحد أعضاء الليكود، وعضو آخر من حماس وقالا الفكرة مرفوضة وسنطالب بإعادة صياغة بيان كوبنهاجنلحقنه بمزيد من الجرعات الدينية ! واذكر أننى سألت الإمام موسى الصدر عن رأيه فى العلمانية فقال أنها مقبولة .. لم يكن أصولياً ولكن بدأت الأصولية فى إيران عام 1979 وتمت تصفية موسى الصدر الذى كان يتحكم فى جنوب لبنان ليحل محله حزب الله.
دخل د. مراد المطبخ الفلسفى وشاهد كيف نشأت فلسفات أبعدت الإنسان عن عملية التغيير الإيجابى .. وحدثنى قائلاً : الوضعية المنطقية نشأت عام 1924 فى فيينا وهو تؤمن بأن معارفنا كلها مستمدة من الحواس وهذا هو الإطار العام الذى يعيش فيه الإنسان، أى معرفة حسية فى إطار واقع خارجى وكانت النتيجة أننا ممنوع أن نتجاوز هذه المعرفة الحسية وهبط العقل لمستوى الحس .. واسأله عن البراجماتية التى تعتنقها الولايات المتحدة والحداثة التى فشلت فى إنقاذنا من التخلف ولم توقف تفجر العنف المتوالى .. يمضى مفسراً بالترتيب النسبى للأشياء فهو من صك هذه الكلمات القليلة العميقة مثل: تعريف العلمانية بالتفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس مطلقا.. ويستطرد مفسراً أسباب غموض موقف أمريكا من داعش والإرهاب عموماً بالنسبة للعرب قائلاً : البراجماتية تعنى أنها فلسفة ليست مغلقة لا تعطى نتائج قطعية عن الأشياء، ولكنها طريقة ونهج لرصد الظواهر فى الواقع واختبارها .. فإذا وجد ما يناصرها من هذا الواقع يتم تأييدها والعكس صحيح .. وهذا ما فعلوه إزاء الإرهاب العالمى .. يرصدون ظواهره ونتائجه ثم يقررون كيفية التعامل معه، لذلك تأتى قراراتهم متأخرة كثيراً، فكاميرون رئيس وزراء بريطانيا طلب دراسة عن فلسفة الإخوان فى عام 2014 .. فهل يعقل هذا وهم ماضون فى طريقهم منذ عام 1928 .. البراجماتية أفضت إلى ترعرع الإرهاب.
أكثر الدول زيارة لمواقع ومنتديات داعش على الإنترنت
مصر: 21.7%
الكويت: 17%
الجزائر: 10.5%
المغرب: 5.8%
السعودية: 4.3%
الولايات المتحدة: 2.5%
ألمانيا: 2.4%
العراق: 2.3%
أكثر الدول بحثا عن معلومات عن داعش
تونس
الأردن
الجزائر
العراق
المغرب
فلسطين
اليمن
مصر
السعودية
الإمارات


أمريكا لم تأت بالعفريت
يختلف د. مراد مع من يعتقد أن أمريكا أتت بالعفريت وعليها أن تصرفه وفقاً لشرحه السالف للبراجماتية .. ويضيف أن هذا التوجه هو الغاية الكبرى للإرهابيين فى العصور الحديثة، فهم يسعون لصرف الأنظار عنهم وعن أفعالهم وتوجيه الشعوب للاشتباك نفسياً وفكرياً مع أمريكا، وهم بذلك يتصفون بعبقرية لا تنكر، لابد أن نحلل الأصل ولا يصح أن ننسب كل شئ لأمريكا هى بالفعل أخطأت أخطاء قاتلة بالطبع وكانت تصلهم تقارير مخابراتية قبل أحداث 11 سبتمبر لكنهم لم يتصوروا أبداً أنها ستقع داخل أراضيهم، أمريكا نفسها تعانى من الأصولية الدينية والصهيونية المسيحية وريجان كثيراً ما تحدث عن معركة هرمجدون وعودة المسيح وفى إحدى المرات قال : أن عودته تأخرت كثيراً .. لقد تغلغل الإخوان المسلمون فى مؤسسات الدولة فى أمريكا بنعومة شديدة حتى وصل عددهم إلى ستة مستشارين لأوباما .. وقاموا بدور محورى بتضليلهم فى كل ما يحدث فى المنطقة زاعمين أن الإسلاميين يتعرضون لعمليات قهر وديكتاتورية وعلمانية ضد الدين منذ عهد مبارك، وهكذا تحالف الإخوان والغرب عموماً للتخلص من الأنظمة بالشرق الأوسط وتم تشويش المصطلحات أى استخدامها لمعان أخرى مضللة.
ولكن كيف السبيل للعيش السلمى فى عالم عربى يعج بالطوائف والمذاهب فى لبنان والعراق على وجه الخصوص ؟ بحزم شديد أجاب : لا توجد طوائف تعيش فى سلام .. لابد من صراعات .. «ولأن كلا يؤخذ من كلامه ويرد» كما يقول الإمام مالك استفسرت عن سبب علو الموجات التكفيرية فى عالمنا العربى وازدياد الإلحاد أيضاً ؟ وشرح د. مراد معنى الدين الأصولى بهذه الطريقة المختزلة العميقة : كل إنسان له إيمان وتعاطف مع رسالة سماوية يؤمن بها، وفى المرحلة الثانية يعمل عقله فى النص الدينى وينتهى إلى رؤية محددة تمثل إيمانه والدين بالنسبة له كمعتقد .. ومسألة مطلقة لا يحيد عنها أبداً ويغلق العقل بصورة متزمتة أمام أى اختلاف لا يضاهى هذه الصورة .. والتكفير يحدث فى هذه المرحلة الثانية .. ثم تأتى الطامة الكبرى حين يريد هذا الشخص فرض إيمانه المطلق على الآخرين كحقيقة مطلقة وبالقوة.
واتذكر مقال عالم الاجتماع الفرنسى الشهير بودريار عقب أحداث 11 سبتمبر وكتابه «روح الإرهاب» الذى أوضح فيه أن الإرهاب ليس ظاهرة إسلامية فقط ولكنها تظهر حيثما وجدت أسبابها، واستخلص أن أى نظام يسعى للسيطرة والهيمنة أو العولمة كما تفعل الولايات المتحدة لابد أن يجابه عدوه الإرهابى .. وأن هذا الأمر يسير بطريقة آلية ولا علاقة له بدين أو استراتيجية. وأعود لأسأله عن أسباب تدهور الفلسفة وأثر الفكر عالمياً فى هذه المرة؟ يتطرق د. مراد للحديث عن مدرسة فرانكفورت الألمانية .. ويسترسل فى شرح مغزى أفكارها وكيف أنها تؤمن بأن الاسطورة من صميم تكوين العقل البشرى ولا يستطيع التخلص منها بل إنه يعطى دائماً تبريرا عقلانيا للأصولية .. وبناء على ما تقدم .. فهذه المدرسة ترى أن التنوير هو السبب فى نشأة الفاشية والنازية .. فالعقل بالغ فى التغنى باستقلاله وسلطانه على نفسه وتحول إلى معتقد أفرز نقيضه (اللاعقل) وخلصوا إلى أن التنوير لا يجب أن يصل إلى عقل مغلق .. وبالتالى اضعفوا العقل البشرى والفلسفة عموماً فى القرن العشرين وفتحوا المجال أمام الأصولية الدينية.. فالأصوليات أقوى من التنوير عالمياً.
ويسترسل قائلاً : الاتحاد الدولى للفلاسفة مخترق أيضاً .. الفيلسوف لابد أن يصل للجذور .. وبدون استئصال هذه الجذور ستظل داعش وأخواتها منتعشة وهم يعانون عموماً من تدنى معارفهم فى العلوم الإنسانية .. والمشكلة المزمنة سببها التعليم .. فالأصولية الدينية حين نناقشها ونقول لها أن الدنيا تتغير لكن الدين ثابت يأتينا الرد إذن فلنثبت الدنيا .. وهكذا نجد أنفسنا وكأننا نعيش فى القرن الثالث عشر الميلادى بهذه الذهنيات فتأليف الكتب لابد أن يخضع لقاعدة التغيير والتطوير وتصريحات البابا فرنسيس تشير إلى أنه مع تطور العلم ولا يقف ضده، فيما يتعلق باعترافه بنظرية دارون.. لابد أن تكون هناك إرادة سياسية لتدريس العلوم برؤية علمانية.
واسأله عن أفضل دولة عربية تتمتع بتيار علمانى .. فيجيب : تونس بالطبع .. وماذا عن مصر ؟ فى أدنى المستويات وممنوع إعمال العقل .. وماذا عن داعش وكيف نجابه هؤلاء المغول ؟ الحل متوقف على قرار سياسى بالاستعانة بالفلاسفة والمفكرين ولو بصورة غير معلنة .. بهذه العبارة الجامعة يختتم د. مراد وهبة حديثه، ولكن ماذا نفعل إزاء هذا العالم الافتراضى الذى يتلاشى فيه الواقع مع الوهم، وكيف يتم إقناع الشباب بأن نصرة الدين تكون بالقتل وجز الرؤوس وتفجير قبور الأنبياء وبيع سبايا النساء.

العنف والقتل والموت بدلالات جديدة

بكلمات محددة ودراسة إحصائية حديثة ورصد للاتجاهات يتحدث د. خالد الغمرى أستاذ اللغويات والتحليل الآلى للمضمون بجامعة عين شمس عن داعش والإرهاب العالمى قائلاً : صعدت داعش استخدامها للإنترنت للدرجة التي أدركت معها الحكومات إن «الانتصار» على داعش في جبهة العالم الافتراضي أمر ضروري في حربها ضد الإرهاب على أرض الواقع. ففي الشهر الماضي التقى مسئولون حكوميون أوروبيون في لوكسمبورج مع رؤساء بعض الشركات في مجال التكنولوجيا من بينها تويتر وفايسبوك وجوجل لمناقشة كيفية إدارة الحرب على الإرهاب على شبكة الإنترنت.
استخدام هذه الجماعات للإنترنت ليس جديدا، فتنظيم القاعدة يستخدمها منذ ما يقرب من 20 عاما، وبدأ مؤخرا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كان التنظيم يعتمد أكثر على المنصات التقليدية من مواقع ومنتديات. لكن تنظيم داعش جعل من الحضور في العالم الافتراضي بقنواته المختلفة ركنا أساسيا في حربه النفسية والمعلوماتية وفي التجنيد وفي محاولته لرسم هوية مستقلة ومختلفة في الأداء عن غيره من التنظيمات المشابهة. فحسب دراسة حديثة لشركة «ريكوردد فيوتشر» الأمريكية هناك حوالي 60 ألف حساب على تويتر فقط بين مؤيد ومتعاطف مع داعش (أغلبهما في السعودية والكويت وباقي دول الخليج). (ويبين الجدولان المرفقان قائمة أكثر الدول زيارة لمواقع ومنتديات داعش، وأكثر الدول بحثا عنه على شبكة الإنترنت). فتويتر أسهل في الاستخدام وأسرع في تنفيذ ما يعرف بالإغراق المعلوماتي لخلق انطباع بالكثرة والحضور الكثيف. لذلك بعد قيام الموقع بإغلاق حسابات تابعة لداعش قام تابعون للتنظيم بإرسال تهديدات بالقتل لرئيس مجلس إدارة تويتر (ديك كوستولو) وموظفين في الشركة. وحضور التنظيم على مواقع التواصل أكبر بكثير من حضوره على أرض الواقع، لذلك يلجأ التنظيم إلى استخدام وسائل الإعلام التقليدية كحصان طروادة لتوصيل رسالته إلى جمهور أكبر.
ويعتمد هذا الإغراق على صور وفيديوهات تتسم بالعنف الزائد لتحقيق حضور دائم وصادم يخيف الأعداء وينال إعجاب المؤيدين، ويرسخ مكانة التنظيم بين جماعات العنف الأخرى. فبالإضافة لصور الذبح والرؤوس المقطوعة ينشرون أيضا صورا لأطفال وهم يلعبون الكرة برؤوس الضحايا. وقد لجأ التنظيم إلى الذبح بعد أن فقدت السيارات المفخخة قيمتها الصادمة وسوف يلجأ إلى تكتيك جديد – ربما الحرق – بعد أن يفقد الذبح تأثيره الصادم. صحيح ان هناك كثيرين ينفرون من وحشية الصور والفيديوهات، لكن هذه الوحشية في الوقت نفسه «مصدر إلهام» للمئات من الشباب، وخاصة من لديه رغبة في الانتقام، ومن يروق لهم هذا العنف ويجدون له بريقا كالعنف في أفلام هوليوود. وهؤلاء من يحاول التنظيم الوصول إليهم وجذبهم. فمن يأتي عن طريق هذا النوع من الدعاية لديه التركيبة النفسية المطلوبة. وخطاب المؤيدين على مواقع التواصل الاجتماعي يزداد عنفا بعد كل عملية قطع رقبة! .
وما يميز داعش عن غيرها هذا التنوع الواضح في تركيبة المقاتلين في صفوفه من حيث التعليم والحضور الدولي والعمر. فأحد قاطعي الرؤوس مثلا في فيديو حديث لداعش في سوريا من أصل فرنسي درس الرسم والديكور. وتقرير حديث للمخابرات الأمريكية يقول إن عدد الأمريكيين الذي التحقوا بالتنظيمات المتحاربة في سوريا تضاعف منذ يناير الماضي، وأعمارهم بين 18 و19 و20 عاما. هؤلاء تم تجنيدهم بالأساس عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات التي يحرص التنظيم على ترجمة معظمها إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية، «فتصيد» نوعا من الشباب والمراهقين مصابا بنوع من الإحباط وخيبة الأمل، وجاهزا لتقبل الأفكار الراديكالية التي تعطيه إحساسا بالانتماء ومتنفسا للإحباط والغضب المكبوت. وهؤلاء يصبحون بدورهم منابر دعائية تخاطب الشباب الغربي، حيث الوجوه غربية واللغة غربية فيكون التأثير أقوى بكثير من التأثير المعتاد للوجه العربي المسلم الذي استراح الغرب إلى ربطه بالعنف والإرهاب، فاللغة لها جاذبيتها في الإقناع. ومن ناحية أخرى يمكن أن يتحول هؤلاء إلى خلايا نائمة «وذئاب منفردة» –lone wolf- في الغرب يمكنها القيام بعمليات عنف هناك. والنتيجة خلق انطباع بأن التنظيم في كل مكان وأنه لم يعد قضية داخلية أو إقليمية وأنه ليس لديه خطوط حمراء ولا حدود للعنف ولا قيود ولا محاذير ولا أحد بعيد عن العنف: صحفيون غربيون ومدنيون غربيون وسوريون. ويتم معه عولمة العنف. وعمر التنظيم وغيره من التنظيمات المشابهة وقدرته على البقاء والاستمرار يعتمد على هذا التنوع: فكلما كان الأعضاء أصغر سنا ونسبة من درس منهم علوما إنسانية من أدب وفلسفة وإعلام وغيرها أكثر زادت حيوية التنظيم وقدرته على صياغة «خطاب مقنع» وإدارة حرب نفسية مؤثرة، تطيل عمره.
والخطاب الأيديولوجي لداعش يقوم على ما أطلق عليه عالم الاجتماع الفرنسي هنري دسروشيه «سوسيولوجيا الأمل» في كتاب له بنفس الإسم صدر في 1979. وداعش يعتمد في ذلك على خطاب الخلافة، فهناك دولة بالفعل يمكن لم يريد «الهجرة» إليها. هذا الخطاب مرتبط بإنجاز على أرض الواقع، وكأن لسان حال التنظيم يقول «نحن لا نتحدث عن الخلافة بل نقيمها بالفعل».
وهذا الخطاب تجسيد لرموز ومفاهيم تاريخية لها جاذبية قوية لدي قطاعات عريضة في العالم الإسلامي، تربطها بمجد قديم من ناحية، وبمؤامرة غربية على الإسلام من ناحية أخرى. وفي هذا الخطاب يتم تفريغ مصطلحات مثل العنف والقتل والموت من دلالاتها القديمة لتصبح جهادا وجنة ومجدا!
أطفال هتلر وداعش
ومن خلال رصده الدائم لكل ما يتعلق بالأطفال والمراهقين وإطلاعه على دراسات خاصة بداعش يرصد أديب الأطفال الرائد يعقوب الشارونى أساليب اجتذاب «داعش» لأعمار مازالت فى سن الطفولة لم تتجاوز السابعة عشرة واسأله السؤال الذى تبادل إلى معظم الأذهان هل سبب سفرهم إلى سوريا والعراق هو ميلهم للعنف والعدوانية التى تربوا عليها من خلال أفلام الكارتون والفيديو جيم ؟ لكنه ينفى هذا الافتراض على إطلاقه ويربطه بوجود ميول واستعدادات خاصة للعنف وهذه الأفلام تستثيرها فقط .. تماماً شأن الميكروب الذى يصيب البعض وينجو منه البعض الآخر .. فالأفكار والتوجهات شأن الفيروسات قد تعيش وتنتعش أو تموت وتختفى وفقاً لدرجة المناعة والتحصين الذاتى الخاص بكل فرد .. ولكنه يؤكد أن الصبية والمراهق الصغار خاضوا حروبا فى بلدان إفريقية أثناء الحروب الأهلية وهذه ليست المرة الأولى التى يستخدم فيها الأطفال فى الحروب .. فهتلر حين ضاقت عليه دائرة الحرب لجأ لتجنيد الصغار من سن 15 سنة .. ولكن معظم مراهقين داعش من هواة خوض غمار التجارب المثيرة والغامضة .. شأن من يتسلق الجبال الشاهقة وهم يدركون تماماً احتمال سقوطهم وهلاكهم .. فهذا الجمع القاتل من صغار دول العالم يشتركون فى معاناتهم من «الساديزم» أى الرغبة فى إيذاء الآخرين .. أما الآلة الإعلامية لداعش فهى فى منتهى البراعة فمن خلال شعارات محفزة تخاطف نزعة التمرد لدى شباب يعانى انحرافا نفسيا تدعوهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى لتغيير العالم للأفضل والقيام بعملية إصلاح كبرى لهذه المجتمعات الفاسدة التى انفصل عنها معظم هؤلاء الشباب بحكم ظروفهم الاجتماعية ومعاناتهم النفسية وتعرضهم لنظرية إثارة الرعب والفزع لدى رؤيتهم فمشاهد الذبح وبعد عملية غسيل مخ متقنة .. يبدأ حلم «التغيير» فى مداعبة خيالهم الخصب ولا ننسى أن أوباما نجح فى الانتخابات الأمريكية بسبب وقع هذه الكلمة الساحرة على نفوس الشباب لكنهم لا يعرفون شيئاً عن الخلافة .
من هنا نفهم لماذا تمتنع بعض الدول عن منح تأشيرتها لبعض الشباب فيما بين 16 و25 سنة فى أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص .. بعض الشباب يراجعون أنفسهم يعودون بعد تجربة مريرة صادمة .. وأمريكا بها صهيونية مسيحية وانفلات دينى يسمح بهامش حرية متسعة تسبب حالة من الفوضى والارتباك المذهبى أحياناً وأذكر بالواقعة التى انتحر فيها 1100 شخص فى ليلة واحدة.
يجب الا نفزع .. واسأله هل شاهد العالم ما هو أفظع من مشاهد داعش ؟ يجيب : نعم . فبعض الحروب فى إفريقيا بلغ عدد الجثث فى الأنهار التى تصب فى بحيرة فيكتوريا بما يقدر مليونى شخصاً .. وبسبب اضطهاد الكاثوليك للبروتستانت هاجروا إلى أمريكا وترعرعت بذور الإرهاب فى العقود الأخيرة فى كل دول العالم .. ولكن ليطمئن الجميع : فلا توجد دولة أو سلطة تستطيع أن تعيش على العنف والقتل مدة طويلة لابد أن تنتهى ..
وختاماً يقول الأديب الشارونى : المشكلة ليست فى الخلافة .. فربما لا يعلم الكثيرون أن مصطفى كامل كان يدعو للخلافة ولكن – بالحسنى – ولم يدع يوماً لفرضها بالعنف كما نشاهد الآن .. ومصر تسير فى طريقها المرسوم ولن ترهبنا كل هذه الأحداث التى تشكل تحديات أمنية وسياسية .. لأننا اعتدنا أن ننهض من عثراتنا وداعش وأمثالها مآلهم فى كتب التاريخ التى يعلوها غبار الزمن.
////////////////
هرمجدون معركة نهاية الزمان

«هرمجدون» هو اسم معركة فاصلة بين الخير والشر طبقاً لمعتقدات الحركة الصهيونية المسيحية فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تمثل بؤرة الأصولية الدينية وسعيها الدائم لتحقيق كل نبوءات الكتاب المقدس سواء التى وردت فى رؤيا دانيال وحزقيال .. فالاعتقاد بمجئ المسيح المنتظر يشكل ركناً أساسياً فى الديانة اليهودية .. فمنذ بزوغ حركة الإصلاح الدينى التى تزعمها مارتن لوثر فى القرن السادس عشر .. حدث تغيير جوهرى فى الموقف المسيحى فى أوروبا وخاصة- انجلترا – تجاه اليهود بصورة أكثر إيجابية حيث أتاحت هذه الحركة الحق للجميع فى تفسير الكتاب المقدس وإلغاء احتكار الكنيسة ورجال الدين لذلك الحق والتعامل مباشرة مع النص الذى يمثل المسيحية النقية .. فاستعاض أصحاب هذا المذهب الجديد (البروتستانت) عن الأساليب الرمزية والمجازية التى تميز الكتاب المقدس ولجأوا للتفسير الحرفى دون تأويل فيما يتعلق بالنبوءات والوعود اليهودية وهكذا تسربت بعض الأدبيات والنصوص التى تم تفسيرها بتعسف من اليهودية إلى ما سيعرف بالأصولية المسيحية.. حيث الوعد الإلهى بعودة شعب الله المختار إلى أرض الميعاد فى البدء ثم تكون عودة المسيح لاحقة لهذا التجمع اليهودى فى فلسطين – من وجهة نظرهم – من هنا يمكننا فهم أسباب دعم اليمين المسيحى المتطرف فى أمريكا لإسرائيل على مدار تاريخها وتاريخ معظم رؤسائها .. فأمريكا هى أرض الميعاد الجديد التى هاجر إليها البروتستانت المضطهدون فى إنجلترا وقصة معركة هرمجدون تسلط الضوء على الانحياز الأعمى للسياسات الأمريكية إزاء إسرائيل .. وتفسر لماذا يختلف الشعب الأمريكى ببساطته وتسامحه الدينى الذى تقرره المادة الأولى فى الدستور مع ساسته الذين يأتون دائماً من جوف الصهيونية المسيحية .. وهرمجدون تعنى بالعبرية جبل مجدون وتقع شمال القدس وبمقتضى النبوءة التوراتية فالأرض الموعودة لإبراهيم ستعود وسيتجمع بها اليهود .. فى عام 1878 نشر ويليام بلاكستون كتاب «يسوع قادم» فباع أكثر من مليون نسخة وذكر فيه ان فلسطين هو وطن اليهود الذى طردوا منه بالقوة ودعا على إرسال اليهود إلى هناك انتظاراً لمجئ المسيح ثم جاء هرتزل بمشروعه الشهير ويقال أن بريطانيا طرحت آنذاك فكرة إقامة وطن قومى لليهود فى مدينة العريش لذلك اُعتبر قيام دولة إسرائيل عام 1948 علامة تسبق عودة المسيح ومن هنا نفهم ضغط اليهود الدائم والحالى لجعل القدس عاصمة لإسرائيل لأن المسيح سيحكم العالم من أورشليم ويترتب على ذلك إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى الذى يخططون لهدمه بحلول عام 2020 .. هرمجدون هى المعركة الأخيرة بين قوات الخير والشر لذلك يسعى المؤمنون بتلك الأصولية الدينية السياسية لدفع مسارات نشوب أى حرب نووية ويتزايد الإنفاق العسكرى وتتعثر خطى نزع السلاح النووى كما تقول الكاتبة الأمريكية جريس هالسل وتستشهد بمقولات ريجان الشهيرة فى هذا الصدد وأهمها «أننا قد نكون الجيل الذى سيشهد هرمجدون». . بعدها سيعيش العالم ألفية سعيدة مع المسيح المخلص الذى سيحكم العالم ومعه المسيحيين المولودين ثانية ألف عام بعد أن يقضى على الشر وخصوم اليهود .. فالأصولية لا تقتصر على الإسلام أو الديانات الوضعية والمذاهب الأيديولوجية فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.