تناسينا آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة نادت بضرورة إتقان العمل ومحاربة جميع أوجه الإهمال والتقصير الذي أصبح سببا رئيسيا في العديد من الكوارث التي أحزنت جموع الشعب المصري في الفترة الأخيرة. ولعل حوادث الطرق التي حصدت أرواح الطلاب الأبرياء في البحيرةوسوهاج، تعد نموذجا للتسيب وعدم مراعاة حرمة الطريق، والنتيجة دائما دماء وحزن وحداد. علماء الدين يطالبون بتغليظ العقوبة علي كل من يتسبب في مثل هذه الكوارث، وطالبوا بأن تقوم المؤسسات والجهات المعنية بمحاربة الإهمال والتسيب، فالشريعة الإسلامية تحمل الكثير من النصوص التي تحث علي الاجتهاد والإخلاص، لأن العمل عبادة وحب الأوطان جزء من العقيدة، أما التراخي والتسيب فهي ظواهر سلبية تتعارض مع تعاليم الإسلام . دروس دينية للتوعية ومن جانبها قامت وزارة الأوقاف بتنظيم الدروس الدينية في المساجد، للتحذير من جميع صور وأشكال التسيب والتراخي وعدم الانضباط، وذلك بهدف التوعية والتأكيد علي أن الشريعة الإسلامية تأمر المسلم بإتقان العمل والإخلاص وبذل الجهد، لأن الأوطان تبني بعرق المخلصين . وقال الشيخ محمد عبد الرازق وكيل أول الوزارة ورئيس القطاع الديني، إنه سيتم تناول هذه القضايا في الدروس الدينية بجميع مساجد الجمهورية، لبيان خطورة التسيب والإهمال في أمور عديدة، سواء من جانب الموظفين، وعدم القيام بالعمل علي أكمل وجه، وكذلك التسيب وعدم الانضباط في الشارع، الأمر الذي يؤدي لكثير من المشكلات، وكذلك الإهمال وعدم الانضباط في المصانع والمدارس والجامعات وغيرها، لأن هذه القضية قضية مجتمع بالكامل، ولابد أن يقوم كل إنسان بدوره للقضاء علي الظواهر السلبية، لأن مصر اليوم في حاجة للعمل والإخلاص والاجتهاد، ومحاربة التسيب أمر بالغ الأهمية، ولابد من محاسبة كل من يتسبب في هذه الكوارث، وذلك حتي ننهض بمصر، ونتجاوز كل الأزمات والمشكلات التي نتعرض لها، فالانضباط والجدية والإخلاص واجب وضرورة لبناء الأوطان. وقال الدكتور رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء، إن هذه الحوادث المؤلمة التي تضيع بسببها أرواح بريئة، تتسبب فيها أمور متعددة يجرمها الشرع، ويوجب عقوبة من كان له دور فيها، موضحا أن من أسباب هذه الجرائم، يتمثل في عدم الرقابة علي الطرق وعدم ضبط المخالفين، ولذلك لابد أن تكون هناك رقابة دائمة علي الطرق السريعة، واتخاذ اجراءات قاسية ضد كل من يخالف التعليمات، لحماية أرواح الناس ومواجهة الظواهر السلبية التي تنتشر حاليا، مطالبا بضرورة قيام الدولة بعمل تحاليل للسائقين الذين يقومون بهذه المخالفات، لأن أغلب هذه الحوادث تقع بسبب المخدرات، ومن يثبت أنه يتعاطي المخدرات، يتم حرمانه من القيادة طول الحياة، وذلك لردع الذين يتهاونون بأرواح الناس، كما يقترح بأن تكون هناك دورات في الإرشاد الديني والأخلاقي لسائقي السيارات الكبيرة، وأن تكون هذه الدورات من ضمن مسوغات تجديد الرخصة، ليكون لدي هؤلاء السائقين إدراك بمسئولياتهم في أثناء القيادة، وكذلك لابد أن تقوم وسائل الإعلام المختلفة بدورها في توعية وإرشاد السائقين، وبيان العقوبة التي سوف يتعرض لها كل من يخالف الضوابط والتعليمات في هذا المجال. عقاب المقصرين وفي سياق متصل طالب الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية، بأن يكون هناك عقاب شديد للمقصرين، مؤكدا أن الإهمال والتسيب والتراخي ظاهرة تتطلب المواجهة والعقاب، وذلك للحفاظ علي أرواح المواطنين الأبرياء، لأن تكرار مثل هذه الكوارث يدل علي أن هناك إهمالا، مشيرا إلي أن ما حدث في محافظة البحيرة، أمر يدعو إلي الحزن، لأن هذه الأرواح الطاهرة البريئة تضيع بسبب إهمال أشخاص مستهترين، لا يخضعون لقانون ولا ينفذون التعليمات التي تصدر إليهم من جانب الدولة، ومن هنا تحدث مثل هذه الحوادث التي تمثل كوارث للشعب، وبالأمس كانت حادثة مدينة سوهاج التي ضاع فيها عدد من الفتيات أيضا، نتيجة تسرع بعض السائقين وعدم مراعاة حرمة الدماء وحرمة الطرقات، ولذلك لابد من التشديد علي هؤلاء السائقين، لأن الإهمال والتسيب أصبح كارثة تهدد المجتمع، وهناك نماذج وصور عديدة للتسيب، وهذا يتطلب ضرورة قيام جميع المؤسسات المعنية بمحاربة الإهمال والتسيب بكل الوسائل الممكنة. الإخلاص في العمل وأضاف: أن الشريعة الإسلامية حملت لنا الكثير من النصوص التي تطالب المسلم بالاجتهاد والإخلاص في العمل، وكل إنسان عليه أن يتقن عمله، لأن النبي الكريم صلي الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه «، وعلاج هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية، يتمثل في الإخلاص في العمل، وحب الأوطان والجد والاجتهاد، وكل إنسان في مكان عمله، عليه أن يتقي الله عز وجل، ويبذل أقصي جهد، وخصوصا في الأعمال التي تتعلق بمصالح الناس، فالموظف عليه ألا يعطل مصالح الجماهير، وكل شخص يتحمل مسئولية في أي من الجهات التي تتعلق بمصالح الناس، عليه أن يسعي لمعالجة الأخطاء، وإعطاء التعليمات والتوجيهات، ومراقبة تنفيذ الأعمال بكل دقة، ونحن اليوم في حاجة للمخلصين المجتهدين، الذين يدركون قيمة الوقت وأهمية التخطيط، وأن نبادر بعلاج المشكلات قبل أن تقع الكوارث، ولا ننتظر أن تحدث المشكلة، وبعدها نفكر في علاج الأخطاء في هذا المكان أو ذاك، لكن لابد أن تكون هناك رؤية وفكر في تصحيح الأخطاء قبل أن تقع مثل هذه الكوارث.