انتعشت آمال المصريين بعد ثورة25 يناير علي وقع الحديث عن مليارات نهبها رموز النظام السابق, وستتم استعادتها وضخها لإنعاش وترميم الاقتصاد المصري. وفي السطور التالية نحاول الاقتراب من تجارب دول أخري في إفريقيا وآسيا, وسبقتنا شعوبها علي طريق الديمقراطية والتحرر, وتخلصت من حكامها المستبدين, الذين استأثروا بخيراتها ونهبوا ثرواتها, لنكتشف أن الصورة واحدة, وأن الديكتاتوريات كلها ملة واحدة, ظلم وطغيان وفساد. لابد من الإقرار أولا أن هناك صعوبات حقيقية واجهت جميع الدول ربما اصطدمت بها مساعيها من أجل استرداد أموالها المنهوبة, حيث يؤكد الخبراء الماليون الدوليون أن الصعوبات تنجم بسبب الآليات التي يمكن من خلالها إخفاء هذه الأموال في صورة مشاريع مشروعة. ووجود مافيا متخصصة في عمليات التهريب وغسل الأموال وإخفائها. وبرغم الصعوبات استطاعت نيجيريا استرداد جزء من أموالها التي نهبها حاكمها الأسبق الجنرال ساني أباتشا وتقدر ب650 مليون دولار, يقول المحامي انريكو مونفريني الذي نجح في استرداد هذه الأموال:( عملت لمدة عشر سنوات, وبذلت جهودا مضنية لإثبات أن أباتشا سرقها وأخفاها في سويسرا), وفي الكونغو حكم الديكتاتور( موبوتو سيسي سيكو) اثنين وثلاثين عاما, تمكن خلالها من تهريب خمسة مليارات دولار من المال العام إلي حسابه المصرفي في سويسرا, وعقب إبعاده عن الحكم عاش في المغرب, وتوفي به, وباءت محاولات استرداد ثروته بالفشل. أما عمر بونجو الرئيس الجابوني السابق أو ديناصور الجابون, كما كان يلقب بعد أن ظل في الحكم42عاما فقد أكدت تسريبات البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي نشرها موقعة ويكيليكس أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حصل علي دعم مادي منه, وأنه أي بونجو وعائلته يملكون نحو40عقارا فاخرا في فرنسا. ولا تزال كينيا تسعي حاليا لاسترجاع ملياري دولار, ومن إفريقيا لآسيا, حيث حكم الرئيس الفلبيني السابق فرديناند ماركوس بلاده علي مدي واحد وعشرين عاما وأطيح به عام 1986, وهرب إلي هاواي خوفا من بطش شعبه, مات ماركوس في المنفي. الذي اختاره, وعادت زوجته إميلدا ماركوس الي الفلبين بعد عامين من وفاة زوجها, وألقي القبض عليها ولكنها برئت من جميع الاتهامات وألزمتها المحكمة برد مبلغ عشرة ملايين دولار إلي الحكومة الفلبينية. وفي إيران أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه محمد رضا بهلوي والذي بلغ حجم ثروته تسعة مليارات دولار أودعها الشاه في أحد البنوك الأمريكية, وبعد نجاح الثورة وهروب الشاه وعائلته جمدت الولاياتالمتحدةالأمريكية أرصدة الشاه ورفضت ردها إلي إيران. ومؤخرا أعلنت سويسرا أنها جمدت70مليون فرنك سويسري(81,45مليون دولار) تعود إلي رئيس ساحل العاج السابق لوران جباجبو ومقربين منه, كما أكدت في وقت سابق تجميد أموال تصل الي830مليون فرنك سويسري(965,8مليون دولار) تعود إلي الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيسين المخلوعين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي, وقال الخبراء إنه يتعين علي الديمقراطيات الناشئة ضمان أن تكون مطالبها متفقة مع قوانين المحاكمة السويسرية التي شددت قوانين غسل الأموال في السنوات القليلة الماضية, وفي هذا الشأن يؤكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي أن مصر لكي تسترد أموالها المنهوبة لابد أن يصدر حكم نهائي بات بأن رموز النظام السابق قد قاموا بتهريب أموال الي أي من دول الاتحاد الاوروبي ال27وتسليم حيثيات الحكم إلي السلطات القضائية المختصة لدي هذه الدول عن طريق وزارة الخارجية, لتقوم الدولة المعنية بتجميد الارصدة فيها إنشاء, وبعد سقوط أنظمة بن علي ومبارك والقذافي وفرض عقوبات علي نظام الاسد, تحدثت صحف غربية عن أكثر من خمسة مليارات دولار مثلا لبن علي وأربعين مليار دولار علي الأقل لمبارك, وربما أكثر من مئة وستين مليار دولار للقذافي كمبالغ موزعة في بنوك العالم أو علي شكل استثمارات, لكن استرجاعها من قبل الانظمة الجديدة, أمر لا يتوقف حسب صحيفة لونوفيل اوبسيرفاتور الفرنسية علي حسن نوايا الدول التي جمدتها بموجب قرارات مجلس الأمن. وفي مصر هناك سابقة واحدة في تاريخ مصر, وهي واقعة استرداد مبلغ180 مليون دولار من عبد الوهاب الحباك, رئيس الشركة القابضة للصناعات الهندسية, كانت مودعة بأحد بنوك سويسرا باسم نجله, وذلك بعد صدور حكم نهائي بات, بالحكم عليه بالسجن لمدة18سنة.