رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 9-6-2024 في البنوك    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    زعيم المعارضة الإسرائيلية: على حزب جانتس الانسحاب من حكومة نتنياهو الفاشلة    لابيد: حكومة نتنياهو تسمح بإرسال شاحنات المساعدات إلى غزة ثم يرسل الوزراء ميلشياتهم لاعتراضها في خروج كامل عن القانون    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    ردا على إطلاق بالونات القمامة.. كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي عبر مكبرات الصوت    «أبرزها إهانة إمام وجائزة القرن».. 9 قضايا أشعلت ظهور ميدو والقيعي    القنوات الناقلة لمباراة السنغال ضد موريتانيا في تصفيات كأس العالم    فرش وتجهيز لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. صور    «الأرصاد»: انكسار الموجة الحارة على محافظات شمال ووسط الصعيد    إصابة شخص بسبب حريق شقة سكنية فى حلوان    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    «مجدى يعقوب» و «السبكى» يشهدان توقيع بروتوكول تعاون لتدريب الأطقم الطبية بالهيئة    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    أسعار الفراخ والبيض اليوم 9 يونيو "خيالية".. الكل مصدوم    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الروح و غيبة الوعى!
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 11 - 2014

مازالت التفرقة بين مفهوم الثورة ومضمون الإصلاح غير واضحة لدى الأغلب الأعم من المعنيين بالحياة السياسية والشأن العام، ولقد طرح الموضوع نفسه على شخصيًا منذ سنوات
وعندها أصدرت كتابى «من نهج الثورة إلى فكر الإصلاح» لأعالج فيه بوضوح الفروق الموضوعية بين الظاهرتين وخلصت بنتيجة مؤداها أن «الثورة» يجب أن تؤدى إلى «الإصلاح» وأن تهدف إليه وإلا أصبحت مجرد تغيير فى جهاز السلطة القائمة أو انقلاب على رموز الحكم وإنهاء سيطرة جماعة على مقدرات الشعب، فإذا كانت «الثورة» هى المظهر فإن «الإصلاح» يجب أن يكون هو الجوهر، ولعل مشكلتنا الحقيقية تكمن فى أننا نستهلك الوقت فى تجميل المظهر دون أن نهتم بالمخبر أى أننا نستغرق فى الوسيلة دون أن نحقق الغاية، ولنا فى هذا السياق بعض الملاحظات أهمها:
أولاً: إن الثورة مثل العلاج الجراحى الذى يقوم على نظرية »البتر« والتخلص من مصدر الألم، أما الإصلاح فهو »علاج على البارد« دون تدخل جراحى اعتمادًا على »عقاقير« إصلاحية تقاوم الداء بصورة مضمونة وإن كانت على مسافات زمنية أوسع، وليس ثمة ما يمنع اللجوء إلى الأسلوبين معًا أى «الثورة» و«الإصلاح» إذ تتكفل الأولى بإنهاء الأوضاع القديمة وإسقاط النظم البالية، بينما يركز الثانى على بناء المستقبل وتشييد معالمه مع التخلص من آثار الماضى وتلافى خطاياه.
ثانيًا: إننى أرى أن الثورة هى تلك الروح البريئة التى تتقمص جسد الأمة لتدفعها نحو الخلاص، بينما يكون «الإصلاح» بمثابة «العقل» الذى يفكِّر ويخطط وينفذ وهو أيضًا الذى يصنع «الوعيى» الذى يتيح لأصحابه أن يروا الصورة من خارجها وأن يدركوا ما تحقق على أرض الواقع من خلال الإنجازات الملموسة، ومن هذا المنطلق فإن العلاقة الوثيقة بين الروح والجسد هى التى تشكل ما يمكن أن نسميه «وجدان الأمة» فإذا كانت الأحداث توحى بصدام أو مواجهة بين القوى الأصلية والجماعات الوافدة فإن الإصلاح كفيلٌ باستعادة الانسجام الاجتماعى وانصهار طبقات الأمة وفئاتها المختلفة نتيجة الإحساس المشترك بمعاناة الماضى وتطلعات المستقبل.
ثالثًا: إن جزءًا كبيرًا من المخاوف التى تنتاب الإصلاحيين تجاه الفعل الثورى إنما تصدر من الإحساس بحجم العواطف المكبوتة والمشاعر المضغوطة التى قد يؤدى انطلاقها فجأة إلى تلك الهزة العنيفة التى تكاد تصل إلى درجة «الزلزال»، ولعلنا نتذكر عظمة الشباب المصرى الثائر فى الثمانية عشر يومًا الأولى فى ثورة 25 يناير وكيف تحدث العالم كله باحترامٍ شديد عن «الشعب المصري» وحضارته ومكانته وثورته، ونتذكر أيضًا كيف تغير الموقف وتبدَّل الحال حينما ظهر الانفلات الأمنى وغاب الاستقرار السياسي، لهذا فإن الثورة برغم شرف مقصدها ونبل أهدافها يمكن أن تتحول إلى حالة من الفوضى غير المتوقعة التى تطيح ببرامج الإصلاح بل وتعطل مسيرة الحياة حتى يتوقف الإنتاج وتتراجع معدلات النمو وتتراكم المشكلات الاقتصادية، فرغم أن «الجراحة» علاج جذرى لكن نجاحها الكامل ليس مضمونًا فى كل الحالات، أما منطق «الإصلاح» فيقوم على حسابات دقيقة وبرنامج زمنى مدروس لا يكون معرضًا لهزات عنيفة أو تقلباتٍ مفاجئة، ورغم أن نتائجه قد تكون بطيئة إلا أنه يعبر فى النهاية عن ضمير الأمة ووعى الشعب.
رابعًا: إن دور «القوات المسلحة» المصرية تاريخيًا له خصوصية مميزة على اعتبار أن الجيش المصرى هو امتداد طبيعى لروح القرية والمدينة، وهو جيش وطنى شارك عبر التاريخ فى نهضة البلاد ورقيها ولكن له فى الوقت ذاته حساسية خاصة تعطيه درجة من التميز خصوصًا فى الحياة السياسية، لذلك فإن ضمانات الإصلاح كفيلة بإيجاد التوازن المطلوب للدور العسكرى فى الدولة المدنية، وسوف يظل الجيش هو الرقم الصعب فى الحياة المصرية ربما لعقودٍ قادمة، ولقد كان دور الجيش المصرى فى 1882 و1952 و1973 ثم 2011 و2013 دورًا حاسمًا انحاز فيه لصفوف الجماهير وشارك فى إصلاح الأوضاع ومواجهة الفساد والتخلص من الاستبداد.
خامسًا: إن الإصلاح هو عملية مستمرة تعيد إنتاج الوعى الوطنى وإحياء التراث الجمعي، أما الثورة فهى اندفاع شريف لتحقيق إرادة شعبية ولا يتصور أحد أننا ننتقص من قدر الثورة بل إننا نراها أحيانًا أمرًا لا يمكن تفاديه بل نشعر بأن غيابها كان يمكن أن يؤدى إلى انتكاسة وطنية لا يعلم مداها إلا الذين يدركون انفعالات الشعوب والفوران الشعبى الذى يطيح أحيانًا بكيان الدولة ويشدها سنواتٍ طويلة إلى الوراء، وبينما يعتمد الإصلاح على التعليم والبحث العلمى فإن رصيد الأمة منه يتحدد بعقول أبنائها وخبراتهم فى المجالات المختلفة ذلك أن من يحاولون الإصلاح إنما يعتمدون بالضرورة على صياغة مشروعٍ وطنى يقوم على رؤية بعيدة ويتصور مجتمع المستقبل ويحدد الأهداف المطلوب تحقيقها على المدى القصير والمدى الطويل أيضًا، أى أن عنصر الزمن وحالة التدرج يدخلان معًا فى جانب كبير من تحديد قيمة السياسات الإصلاحية وكسر الحلقة الشريرة للتخلف السياسى والتدهور الاقصادى والتراجع الثقافي.
.. ليس فى هذه الملاحظات التى سبقت شبهة فى اتجاهٍ معين دون غيره كما أننا لا نستطيع أن نقلل من قيمة الثورات وتأثيرها فى حياة الأمم والشعوب بل أننا لا نغالى إذا قلنا أن بعض الثورات قد تركت أثرًا ضخمًا فى التاريخ الإنسانى كله، وهل ينكر أحد تأثير «الثورة الفرنسية» فى الفكر السياسى المعاصر؟ وهل يخفى علينا ما تركته «الثورة الروسية» على القارة الأوروبية بل والعالم كله؟ إننا مطالبون وفقًا لذلك بإدراك المضمون الفكرى للثورات وأهميته فى دفع المجتمعات إلى الأمام، إننا إذا كنَّا نتحمس للإصلاح بصورة شاملة فإننا لا نختلف مع منطق الثورة وقدرتها على تحريك المسيرة الوطنية إلى المستقبل فى مجالاته المختلفة، إننا نقول ذلك ونحن ندرك طبيعة الأوضاع فى مصر حاليًا بعد ثورتين شعبيتين تحتاجان إلى تعزيز قوى يتأتى بمسيرة إصلاحٍ ظافرة تحمى الثورة وتدافع عن مصالح الشعب وتصون الأمن القومي، فإذا كانت الروح قد عادت إلى الجسد المصرى بعد 25 يناير 2011 فقد حان الوقت لعودة الوعى للعقل المصرى بعد طول غياب!
لمزيد من مقالات د. مصطفى الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.