وسط نذر انتفاضة فلسطينية ثالثة، وفى تطور سريع لمواجهة سلسلة الاعتداءات والاقتحامات للمسجد الأقصى قررت القيادة الفلسطينية أمس التوجه إلى مجلس الأمن الدولى ضد التصعيد الإسرائيلى فى المسجد الأقصى، وفق ما أعلنت الرئاسة الفلسطينية. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، إن "القيادة قررت التوجه إلى مجلس الأمن فوراً وبدأت الاتصالات السريعة بهذا الشأن". وذكر أبو ردينة أن "الحكومة الإسرائيلية وبسابق إصرار وضمن خطة ممنهجة تواصل انتهاكاتها لحرمة المسجد الأقصى وتدفع بالمستوطنين لاقتحام المسجد منتهكة كل الأعراف والشرعية الدولية والإجماع الدولى". وأضاف أن الممارسات الإسرائيلية تؤكد أننا أمام حكومة تريد تصعيد الأمور من أجل تقسيم المسجد الأقصى، الأمر الذى حذرنا مرارا من أنه خط أحمر سيؤدى إلى أوضاع لا يمكن السكوت عليها داخلياً وإقليمياً، وسيدفع بالأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى اتخاذ مواقف وقرارات خطيرة. جاء ذلك فى الوقت الذى واصلت فيه قوات الاحتلال الاسرائيلى أمس اعتداءاتها على المسجد الأقصى والمصلين مما أسفر عن اصابة عشرات الفلسطينيين بجروح وحالات اختناق. وأوضحت مصادر فلسطينية أن مواجهات عنيفة اندلعت أمس فى ساحات المسجد الأقصى بين شبان فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية بعد إعلان جماعات يهودية متطرفة خططها لزيارة المسجد بكثافة للتعبير عن دعمهم ليهودا غليك، أحد قادة اليمين المتطرف الذى أصيب فى إطلاق نار من راكب دراجة نارية فى القدسالغربية، واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلى ساحات الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة وحاصرت الجامع القبلى. وقال مدير المسجد الأقصى عمر الكسوانى فى تصريح له، إن أكثر من 300 جندى اقتحموا الأقصى وبدأوا بمحاصرة المعتكفين بداخل الجامع القبلى وإطلاق الأعيرة المطاطية تجاههم فيما يرد الشباب بالحجارة. وتشهد القدسالشرقيةالمحتلة منذ بضعة أشهر وخاصة منذ أسبوع، أعمال عنف تثير مخاوف من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلى، ويمثل ملف المسجد الأقصى إحدى أبرز نقاط التوتر بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى. وذكرت صحفية بوكالة الأنباء الفرنسية فى الموقع أن المواجهات امتدت إلى بلدة القدس القديمة المحاذية لساحة الأقصى، وبعد أن منعت الشرطة الإسرائيلية الشبان من الخروج واحتجزتهم داخل المسجد، تمت إعادة فتح الساحة أمام الزائرين، ودخل نحو 108 يهود، بالإضافة إلى 200 سائح أجنبى. وشنت قوات الاحتلال مساء أمس الأول حملة دهم واسعة للمنازل فى القدسالمحتلة اعتقلت خلالها عددا من المواطنين، وطالت الاعتقالات قيادات فى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى بلدة "أبو ديس" جنوب شرق القدس. وفى حى الثورى ببلدة "سلوان" جنوب المسجد الأقصى، اعتقلت قوات الاحتلال عددا من الفتيان، كما اعتقلت مواطنا من مخيم بلاطة بمدينة "نابلس" بالضفة الغربية، واقتحمت أيضا بلدة "تقوع" شرق "بيت لحم" وداهمت عدة منازل فيها. وذكرت قناة "القدس" الفلسطينية أمس أن قوات الاحتلال اعتدت على وزير شئون القدس عدنان الحسينى واعتقلت شابا من باب "السلسلة" أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، مضيفة أن قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز عند باب الحطة فى الأقصى، وأشارت القناة إلى أن حركة "حماس" أطلقت دعوة لجماهير مدن الضفة الغربية للمشاركة فى مسيرة نصرة الأقصى المقررة يوم الجمعة المقبل. وذكرت القناة أن شرطة الاحتلال تحاصر أعضاء الكنيست العرب حنين زعبى وطلب أبو عرار وإبراهيم صرصور وتمنعهم من التقدم نحو المصلى القبلى وأن عشرات اليهود اقتحموا المسجد الأقصى من بينهم عضو الكنيست الإسرائيلى "شولى معلم". ومن جهته، قال محافظ القدس عدنان الحسينى "هذه أول مرة يقومون فيها بالتغلغل وصولا إلى المنبر"، وأضاف "الوضع صعب، منعونا من الدخول بينما يتمكن اليهود والسياح من التجول براحة وهذا وضع القدس اليوم وهذه هى الديمقراطية الإسرائيلية". وأوضح الحسينى أنه خلال الاشتباكات فإن قنبلة صوت ضربت نقاط الكهرباء داخل المسجد، مما أدى إلى اندلاع حريق صغير تمكن الموجودون داخل المسجد من إطفائه، وعند باب الأسباط أطلقت الشرطة قنابل صوتية وغازات مسيلة للدموع على الحشود المجتمعة وبينها عشرات الأطفال الذين كانوا ينتظرون للتوجه إلى المدارس المجاورة، وبعد ذلك قامت قوات الشرطة التى نشرت مئات من أفرادها فى البلدة القديمة التى تحلق فوقها المروحيات، بإبعاد الحشد عن ساحة الأقصى التى أغلقت كل مداخلها. وفى السياق نفسه اقتحم قائد سيارة فلسطينى جمعا من المارة فى شارع مزدحم بالقدس وهاجم عددا من المارة الإسرائيليين بقضيب معدنى قبل أن تقتله الشرطة الإسرائيلية بالرصاص، وأدى الحادث لمقتل شرطى إسرائيلى من حرس الحدود أمس متأثرا بجروحه، ووصفت الشرطة الحادث بأنه هجوم فلسطينى متعمد. وذكرت الشرطة أن قائد السيارة اقتحم جمعا من المارة فى طريق رئيسى يربط بين القدسالشرقية ذات الأغلبية العربية وحى ملاصق يقطنه يهود متشددون. وقال متحدث باسم خدمة إسعاف إسرائيلية إن ثمانية أشخاص أصيبوا بينهم اثنان إصابتهما شديدة، وهذا ثانى حادث من نوعه خلال أسبوعين.