مرة أخرى وليست أخيرة تبرهن بعض الفضائيات والصحف من المسماة بالمستقلة على أن القائمين عليها إما أنهم يعانون قصورا فى الفهم أو يعملون ضد المصلحة العليا للبلاد وهو أمر لم يعد مقبولا فى ظل الحرب الوجودية متعددة الأطراف التى يتعرض لها المصريون حاليا وتتخذ من سيناء ميدان قتال رئيسيا ولذلك فإن أى خطأ يرتكبه بعض الإعلاميين على شاكلة وصفهم لخطة تأمين منطقة الحدود مع قطاع غزة بأنها عملية تهجير قسرى لايجوز أن يمر مرور الكرام لأنه يؤدى إلى نتائج عكسية على المستويين المحلى والدولي. فلو فكر أى محلل سياسى من جهابذة الفضائيات والصحف فى خطة توسيع المنطقة العازلة على حدود غزة لمدة ثوان وليس دقائق سيكتشف أن الأمر لايعدو مجرد تحريك لعدة آلاف من السكان لمسافة كيلو مترات معدودة وأنهم سيبقون فى مناطقهم ولن يخرجوا منها وأن الأمر لا علاقة له بأى شكل من الأشكال بكلمة تهجير قسرى حيث ارتبط عبر التاريخ بإجبار شعوب بعينها مثل الأرمن فى الدولة العثمانية والقوقاز فى الإتحاد السوفيتى السابق. ولو دققنا النظر فى عملية توسيع المنطقة العازلة بين غزة ومصر سنجد أن عدد الذين سيتم نقلهم سيكون محدودا للغاية ولن يتجاوز 15 الف مواطن بينما من سيستفيد من هذا النقل هو ال 90 مليون مواطن مصرى الذين سيشعرون بتحسن كبير فى اوضاعهم الأمنية نتيجة إغلاق الانفاق نهائيا ووقف عمليات تسلل الإرهابيين من غزة والعكس لأن بعض القوى المتشددة فى القطاع تقدم ملاذا للتكفيريين وتتيح لهم الاختباء والهروب من مطاردات الأمن المصرى حتى تسنح لهم فرصة أخرى للقيام بعملية إرهابية جديدة. والشيء المهم الأخر الذى يجب أن يدركه المتفذلكون والمتحذلقون من الإعلاميين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان هو أن عملية النقل المحدودة العدد والمساحة لسكان المنطقة المتاخمة لغزة لن تتم بين ليلة وضحاها وإنما سيسبقها لقاءات مع أهالى المنطقة لكى يحددوا بأنفسهم المكان الذى يفضلون الإنتقال إليه كما سيحصلون على تعويضات كبيرة تغطى تكلفة السكن الجديد ونفقات العيش وقبل كل ذلك لكى يتم أقناعهم بأسباب هذا الأجراء وفى مقدمتها الحفاظ على أمنهم بعد أن أصبحت الحياة لاتطاق فى هذا المكان نتيجة ممارسات التكفيريين ومن يدعمونهم من غزة . ومن المؤكد أن الغالبية العظمى من سكان منطقة الحدود مع غزة كانوا يتمنون ومنذ فترة طويلة مغادرة المنطقة بعد أن تحولت بفضل تجار الأنفاق إلى جحيم، حيث كان السكان لايستطيعون شراء معظم السلع وخاصة الوقود ومواد البناء لارتفاع أسعارها، حيث كان هؤلاء التجار يفضلون تهريبها لغزة وازداد الطين بله فى السنوات الأخيرة بعد أن انتشر الفكر التكفيرى المقبل من الانفاق فى المنطقة وأصبح الموت جزاء من يخالف شريعة الغاب المستحدثة بين سكان شمال سيناء الذين يعرفهم بقية المصريين ببساطتهم وسماحتهم وخلال الشهور الماضية قتل المتطرفون العشرات من السكان بزعم أنهم عملاء للموساد أو الأمن المصري، كما هدموا العديد من المنازل وفرضوا إتاوات على الأقباط وانتشرت ظاهرة تجارة الرقيق وتهريب الأفارقة لإسرائيل وكل هذا يعنى أن الحياة فى تلك المنطقة باتت كابوسا للجميع عدا المهربين والتكفيريين. ويشكل وجود منطقة أمنية عازلة على حدود مصر وغزة أداة ضغط على إسرائيل أيضا، حيث كانت ترفض خلال السنوات القليلة الماضية المطالبات برفع الحصار عن القطاع مبررة ذلك بأن جميع السلع المسموحة والممنوعة تصل للغزيين عبر الانفاق وهو التبرير الذى لن تقوم له قائمة بعد إقامة المنطقة العازلة وهدم الانفاق نهائيا. والخلاصة هى أن توسيع المنطقة العازلة لن يضر بسكان الحدود فى شمال سيناء وإنما سيحسن من مستوى معيشتهم ويوفر لهم ولكل المصريين جانبا كبيرا من الأمن ويطلق يد الجيش لإجتثاث الإرهابيين كما سيفيد أهلنا فى غزة الذين يعطيهم القانون الدولى الحق فى الحصول على جميع السلع والخدمات وحرية الحركة والتنقل والسفر غبر سلطات الاحتلال.